01 يناير 2017 م

لا تغضب

لا تغضب


 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» رواه البخاري.

الغضب من الأمور التي تضر بصاحبها أشد الضرر، يوقع بينه وبين إخوانه، وينشر العداوة والشحناء بين الناس، ويعكر مزاج الغاضب، ويمنعه من القيام بواجباته على النحو الذي ينبغي، فهو يخرجه من اعتدال حاله ويدفعه ليتكلم بالباطل ويشتم ويسب ويكذب، ويرتكب الأشياء المذمومة، نعوذ بالله من الغضب.

وفي هذا الحديث الشريف يطلب رَجُلٌ من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصيه وصية وجيزة جامعة لخصال الخير؛ ليحفظها عنه؛ فوصَّاه النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يغضب، ثم ردَّدَ هذه المسألة عليه مرارًا، والنبي صلى الله عليه وسلم يردِّدُ عليه هذا الجواب؛ فهذا يدُلُّ على أن الغضب جماع الشرِّ، وأن التحرُّزَ منه جماع الخير.

وهذا النهي عن الغضب يحتمل أمرين كما يقول الإمام ابن رجب:
"أحدهما- أن يكون مراده الأمر بالأسباب التي توجب حسن الخلق من الكرم والسخاء والحلم والحياء والتواضع والاحتمال وكف الأذى، والصفح والعفو، وكظم الغيظ، والطلاقة والبِشْرِ، ونحو ذلك من الأخلاق الجميلة، فإن النفس إذا تخلقت بهذه الأخلاق، وصارت لها عادة؛ أوجب لها ذلك دفع الغضب عند حصول أسبابه.

والثاني- أن يكون المراد لا تعمل بمقتضى الغضب إذا حصل لك، بل جاهد نفسك على ترك تنفيذه والعمل بما يأمر به، فإن الغضب إذا ملك ابن آدم كان الآمر والناهي له.. فإذا لم يمتثل الإنسان ما يأمره به غضبه، وجاهد نفسه على ذلك، اندفع عنه شر الغضب، وربما سكن غضبه، وذهب عاجلا، فكأنه حينئذ لم يغضب، وإلى هذا المعنى وقعت الإشارة في القرآن بقوله عز وجل: ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ [الشورى: 37] ، وبقوله عز وجل: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 134]".

قال عمر بن عبد العزيز: قد أفلح من عصم من الهوى، والغضب، والطمع. وقال الحسن: أربع من كن فيه عصمه الله من الشيطان، وحرمه على النار: من ملك نفسه عند الرغبة والرهبة والشهوة والغضب.

ومن تأمل مفاسد الغضب وآثاره القبيحة عرف مقدار ما اشتملت عليه هذه الكلمة اللطيفة من قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَغْضَبْ» من الحكمة وتحقيق المصلحة ودرْء المفسدة.

وفي عوامل مقاومة الغضب والتغلب عليه يقول الطوفي: "أقوى الأشياء في دفع الغضب: استحضار التوحيد الحقيقي، وهو أن لا فاعل إلا الله، وكل فاعل غيره فهو آلة له، فمن توجه إليه بمكروه من جهة غيره فاستحضر أن الله لو شاء لم يمكن ذلك الغير منه اندفع غضبه؛ لأنه لو غضب والحالة هذه كان غضبه على ربه جل وعلا، وهو خلاف العبودية".

وإذا كان الشيطان هو سبب الغضب، الذي يزينه ويغري به الناس، كانت الاستعاذة بالله منه من أقوى السلاح على دفع كيده، وهذا من توجيهه صلى الله عليه وسلم، حيث أمر من يغضب أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن يتوضأ أو يغتسل حتى تهدأ نفسه ويبعد الغضب عنها.

المصادر:
شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد.
جامع العلوم والحكم لابن رجب.
فتح الباري شرح صحيح البخاري.

فأما البر: فهي اللفظة الجامعة التي ينطوي تحتها كل أفعال الخير وخصاله، وجاء تفسيره في الحديث بأنه حسن الخلق، وعُبَّر عنه في حديث آخر لوابصةَ بأنه ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، وهذا الاختلاف في تفسيره لبيان أنواعه. فالبرُّ مع الخَلْق إنما يكون بالإحسان في معاملتهم، وذلك قوله: «البرُّ حسن الخلق»، وحسن الخلق هو بذل الندى، وكفُّ الأذى، والعفو عن المسيء، والتواصل معهم بالمعروف، كما قال ابن عمر رضي الله عنه: "البرُّ شيء هيِّن: وجه طليق، وكلام ليِّن".


عن أبي الحوراء السعدي قال: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ» رواه الترمذي. هذا الحديث الشريف الذي بين يدينا في هذه الأسطر القليلة، يمثل أحد تجليات الرؤية النبوية لما ينبغي أن يكون عليه حال المسلم من صفاء نفسي وثقة كبيرة بما يقوم به، واقتناع بتصرفاته وسائر أعماله. في


عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ: «إِذْ أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ».


عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، رواه البخاري ومسلم.


عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» رواه البخاري. وجاء أيضًا أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ قال: «مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلَا يَحُلَّنَّ عَهْدًا، وَلَا يَشُدَّنَّهُ حَتَّى يَمْضِيَ أَمَدُهُ أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ» رواه الترمذي وأبو داود.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31