01 يناير 2017 م

"في بادية بني سعد"

"في بادية بني سعد"

استقبلت قريش الحبيب صلى الله عليه وسلم بالبِشر والسرور وكانت حاضنته أم أيمن وهي جاريةُ أبيه واسمها برَكة، وأول مرضعاته صلى الله عليه وسلم هي ثُويبة جاريةُ عمِّهِ أبي لهب وكانت قد أرضعت قبله عمه حمزة بن عبد المطلب وبعده أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد فهم إخوة في الرضاع.

ولما كانت عادة العرب إرضاع أبنائهم في البادية لينشئوا في أجواء نقية ويتمتعوا برحابة الصحراء بعيدًا عن الحواضر وضجيجها وملوثاتها انتقل صلى الله عليه وسلم مع حليمة بنت أبي ذؤيب إلى بادية بني سعد ليتم فيها رضاعه، وكان له صلى الله عليه وسلم مع حليمة وأسرتها شأن خاص؛ فعندما عُرِض عليها أول الأمر رفضته لما علمت أنه يتيم ثم قبلته في النهاية لأنها لم تجد غيره، وكأن العناية الإلهية شاءت لها أن تنال من البركات وخلود الذكر مالم يخطر لها ببال، وفي هذا الموقف ما يؤكد أن اختيار الله للعبد أفضلُ من اختياره لنفسه وإن بدا خلاف ذلك قال تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

 

لقد أصابت حليمةُ –بحقٍّ- نَسَمةً مباركة ظهرت آثارها على كل شيء لديها فهذه أتانها (دابتها) الهزيلة التي كانت تمشي بصعوبة في الرحلة إلى مكة انقلب حالها في رحلة العودة فصارت تمشي مُسْرِعَة، وهذا صدر حليمة يمتلأ باللبن بما يكفي وليدها -الذي كان يبكي مُرَّ البكاء من قلة لبنها قبل ذلك- ويكفي معه الحبيب المبارك صلى الله عليه وسلم.

لقد وجدت حليمة وزوجها وأولادها عجبًا من السعة في الرزق والبركة في المعاش بسببه صلى الله عليه وسلم، ومما يدل على ذلك قول حليمة: "قدمنا أرض بني سعد، وما أعلم أرضًا من أرض الله تعالى أجدب منها، فكانت غنمي تسرح ثم تروح شباعًا لُبَّنا فنحلب ونشرب وما يحلب إنسانٌ قطرة لبن ولا يجدها في ضرع، إن كان الحاضر من قومنا ليقولون لرعاتهم: ويحكم انظروا حيث تسرح غنم حليمة فاسرحوا معهم فيسرحون مع غنمي حيث تسرح فتروح أغنامهم جياعًا ما فيها قطرة لبن وتروح غنمي شباعًا لبَّنًا". "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد".

ومما قالته أيضًا: "فلم يزل الله تعالى يرينا البركة ونتعرَّفُها، حتى بلغ صلى الله عليه وسلم سنتين، فكان يشبُّ شبابًا لا يشبه الغلمان".

 

بعدما لجأ مشركو قريش إلى عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليوغروا صدره على ابن أخيه حتى يتخلى عن نصرته، سالكين بذلك طريق الإيذاء والفتنة، بل والإيذان بالحرب والمنابذة، ووجدوا أن مسعاهم هذا قد باء بالفشل بسبب عدم تخلِّي أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه؛ ارتأوا أن يلجأوا إلى السياسة المقابلة، ألا وهي سياسة الملاينة، والإغراء بالمال أو الجاه أو الملك والسلطان ظنًّا منهم أنه ربما يغري بريق هذه العروض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فيفتنوه عن دينه أو يحولوه عن وجهته.


هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بن نفيل، بن عبد العزّى، بن رياح، بن عبد الله، ابن قرط، بن رزاح، بن عدي، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، يجتمع مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في كعب، وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة، ابنة عم أبي جهل وأخيه الحارث بن هشام.


من ذلك ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يومًا، فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أكره، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبكي، قلت: يا رسول الله، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبَى عليّ، فدعوتها اليوم، فأسمعتني فيك ما أكره، فادعُ الله أن يهدي أمَّ أبي هريرة.


ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى أُولِي الْعَزْمِ منَ الرُّسُل في قوله: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: 35]، والمرادُ بِالْعَزْمِ: القُوَّةُ وَالشّدّةُ وَالحزمُ والتصميم في الدعوة إلى الله تعالى وإعلاء كلمته، وعدم التهاون في ذلك.


بدأ النبي صلى الله عليه وسلم الدخول إلى سوق العمل وهو في الثامنة من عمره برعي الغنم، كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ»، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ». [صحيح البخاري]. يُظْهِرُ هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جادًّا في حياته حتى في سنوات عمره الأولى، لا يعرف


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :12
الشروق
6 :40
الظهر
12 : 50
العصر
4:19
المغرب
6 : 59
العشاء
8 :17