01 يناير 2017 م

الصبر

الصبر


الصبر من الأخلاق المهمة التي يجب على المسلم أن يتحلَّى بها، وأن يُدَرِّبَ نفسه عليها.

ولقد عرَّف بعض العلماء الصبر في أحد تعريفاته: بـ «تجرع المرارة مع السكون».

وحياة المؤمن كلها ينبغي أن يكون الصبر محورها، فهو يصبر على طاعة الله تعالى ويصبر أيضًا عن معصيته، كما يصبر على ما يصيبه من ضراء في الحياة الدنيا تبعًا لأقدار الله بحلوها ومرها، لا يجزع ولا ييأس من رحمة الله، ولا يغترَّ بما فيه من نِعم؛ فيزلَّ خائبًا يخسر دنياه وآخرته.

ولقد أكَّد الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم على الصبر في العديد من المواضع التي توضح للمسلم أهمية الصبر وجزاءه وعاقبته؛ فقد بيَّن سبحانه أن الصبر سبيل الفلاح؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 200]، وأنه سبيل للنصر: ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: 46]، والله سبحانه وتعالى يدخر للصابر جزاءً عظيمًا: ﴿وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [هود: 115]، ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 96]، وبشرنا سبحانه بأن الصبر جزاؤه الجنة، فقال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ • الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [العنكبوت: 58-59].

وهناك العديد من الآيات التي تؤكد على هذه المعاني في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وفي هذا إشارة واضحة على أهمية هذا الخلق وضرورة التحلي به.

ولقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثالًا متفردًا في التحلي بالصبر، وتحمُّل الشدائد بنفسٍ راضيةٍ وعزمٍ لا يلين، وقد كان من هديه صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى» رواه البخاري، وهذه نظرة مؤسِّسَةٌ لمكانة الصبر كما يجب أن تكون في نفس المسلم، فعندما يحيا بهذا الخُلُقِ الجليل في سائر شئونه يستطيع تحمل الصدمة الأولى والصبر عليها، لا أن يجزع ثم بعد زوال الصدمة الأولى يحاول الصبر والاحتمال.

ويوضح لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الصبور اسم من أسماء الله الحسنى، وأنه حين يتحلى المسلمُ بالصبر فإنه بذلك يكون له حظٌّ من بركات هذا الاسم؛ فيقول: «مَا أَحَدٌ أَصْبَر عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ نِدًّا وَيَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرْزُقُهُمْ وَيُعَافِيهِمْ وَيُعْطِيهِمْ» رواه مسلم.

وفي سلوكه صلى الله عليه وآله وسلم كان نموذجًا يُحتذى به؛ فحين اتهمه أحدُهم في قسمة قسمها بينهم، وقال: "والله إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله" شقَّ ذلك على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتغيَّرَ وجهه وغضب، ولكنه صلى الله عليه وآله وسلم كظم غيظه وقال: «قَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَبَرَ» رواه البخاري.

وفي الحرب كان يصبر في القتال بشجاعة فائقة حتى إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعدُّون الشجاع الذي يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أثناء القتال، قال البراء: "كُنَّا وَاللهِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ، وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ؛ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ" رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» رواه مسلم.

وإذا تحدَّثنا عن صبر الصحابة رضوان الله عليهم فسنجد العجب العُجاب من تحمُّلهم الأذى والشدائد في سبيل الله ورفع راية الإسلام؛ فقد صبر آل ياسر رضي الله عنهم على العذاب وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لهم: «صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ» رواه الحاكم في "المستدرك". وكثير من الصحابة ضربوا أعظم الأمثلة في الصبر أول الإسلام، وحوصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة الكرام في شعب أبي طالب نحو ثلاث سنين حتى بلغ بهم التعب والإجهاد مبلغه إلى أن فرَّج الله عنهم ما لاقوه وجزاهم خير الجزاء، ومكَّن لهم، وجعلهم سادة هذه الأرض.
نسأل الله أن يرزقنا الصبر ويُعيننا عليه وأن يجزينا أجر الصابرين، آمين.

من الأخلاق الفاضلة التي جاء بها الإسلام، خفض الصوت؛ ومعناه ألَّا يرفع الإنسان صوته عن القدر المعتاد خاصَّة في حضور من هو أعلى منه مكانة. وقد ورد في وصايا لقمان الحكيم ما سجَّله القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [لقمان: 19]. ومن صفاته صلى الله عليه وآله وسلم أنه ليس بالذي يرفع صوته في الأسواق من أجل بيع أو شراء؛


تُعَدُّ الطاعة والانقياد لله سبحانه وتعالى واتباع أوامره من الأمور اللَّازمة لشخصية المسلم؛ فالمسلم يدرك أنه مخلوقٌ لله جلَّ وعلا، وأن مقتضى العبودية لله أداء ما افترضه الله عليه، واجتناب ما نهى عنه، والتقرُّب إليه بشتَّى أنواع العبادات والفضائل.


يعد الكرم من الأخلاق الحميدة التي تؤلف بين القلوب، وتوثق عُرَى المجتمع، وتخلصه من الضغائن والأحقاد، ولقد حث الإسلام على هذا الخلق العظيم، وضرب المسلمون عبر العصور أمثلة رائعة في تطبيق هذا الخلق السامي.


الإخلاص من القيم والأخلاق المهمة التي يؤدي افتقادها إلى بطلان العمل أو قلة بركته وضياع ثوابه، وفي خِضَمِّ مشاغل الحياة والرغبة في تأمين المعايش وموارد الرزق ينسى كثيرٌ من الناس صدق التوجه إلى الله، الخالق الرزاق القادر على كل شيء، فيعمل بعض الناس العمل من أجل إرضاء شخص له جاهٌ ويُنتظر منه جزاءً على العمل له، أو يلتزمون بشيء خوفًا من عقوبة تطالهم من سلطة أعلى منهم، لا خوفًا من الله ولا إخلاصًا في التوجه له وقصده بالعمل، وهذا شعور دقيق يتعلَّق بالنية، ويخفى على كثير


خُلُقُ المُدَاراةِ من الأخلاق المهمَّةِ في إقامة العلاقات الإنسانية التي تنزع فتيل التوتُّر وتدرأُ عواقب الخلاف والشِّقاق وإبداءِ الكراهية، وهي تعني: لينُ القولِ والتَّجاوزِ عن البُغضِ تجاهَ شخصٍ ما في التعامل معه؛ اتِّقاءً لشرِّه وأذاه، دون أن يكون في هذا السلوك موافقة على باطلٍ يقوم به.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 أكتوبر 2025 م
الفجر
4 :40
الشروق
6 :8
الظهر
11 : 39
العصر
2:45
المغرب
5 : 9
العشاء
6 :27