03 يوليو 2017 م

الحكم بالظاهر، والتشديد على من يقضى له بشيء ليس له أن يأخذه

الحكم بالظاهر، والتشديد على من يقضى له بشيء ليس له أن يأخذه

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْـحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ».
من قواعد الإسلام الثابتة أن الحكم على الناس قضاء في دار الدنيا إنما هو باعتبار الظاهر، وأما باعتبار البواطن والسِّرِّ فأمرهم ليس إلى الخلق؛ إذ حسابهم -أي: حساب بواطنهم وسرائرهم- على الله سبحانه وتعالى؛ إذ هو المطَّلِعُ وحده على ما فيها من إيمانٍ وكفرٍ ونفاقٍ وغير ذلك.
فمن أخلص في إيمانه جازاه جزاء المخلصين، ومن لم يخلص أجرى عليه في الدنيا أحكام المسلمين، وكان في الآخرة من أسوأ الكافرين، فرُبَّ عاصٍ في الظاهر يصادف عند الله خيرًا، وبالعكس.
ويأتي هذا الحديث ليؤيد هذه الحقيقة الثابتة، فيخبرنا عليه أفضل الصلاة والتسليم أنه يحكم بظاهر الأمر، وردهم إلى حقيقة علم العبد بما شهد وعرف من عيب نفسه المستتر عن الأبصار، ومن ذلك أيضًا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ، وَاللهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ»، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَشُقَّ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ» وقوله عليه أفضل الصلاة والتسليم: «فَهَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ..» الحديث.
وبناءً على ذلك: فالقضاء يكون بحسب المسموع لا بحسب المعلوم.
وبناء على ذلك: فإن المحاماة عن الباطل إثمٌ كبيرٌ، فإن انضم إلى ذلك استخدام القوة الخطابية، والمواهب النفسية في إظهار الحق في معرض الباطل، ورسم الباطل في مظهر الحق كان الإثم أشد، والجرم أكبر. أما أن تستخدم البلاغة، وقوة العارضة في نصرة الحق وإزهاق الباطل، في عبارة سياجها الأدب، منزَّهة عن التشهير بالخصم والثلم للعرض فذلك ما لا حرج عليك فيه، بل لك من الله أجر الدفاع، وثواب الإقناع.
ومن الثمار الفقهيَّة للحديث أن من ادّعى حقًّا أمام القاضي، وعجز عن إثباته، وطلب يمين المدعى عليه فحلف، فبرّأه القاضي، وهو في الحقيقة مدين- لم يبرأ عند الله ولم يحل له بذلك حق أخيه، فلو تمكن المدعي من إثبات دعواه بعد وجب على القاضي الاستماع لبينته، ونقض الحكم الأول، فإن الحق قديم والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، وكذلك لو ادّعى إنسان على آخر مالًا، أو ادعى زوجية امرأة لم ترض به زوجًا، أو ادّعى على رجل تطليقه لزوجته؛ وأقام البينة على ذلك، وكانت في الظاهر بينةً عادلة، فحكم بها القاضي، وهي في الواقع كاذبة مزورة؛ لم يحل له المال، ولم يكن له حقوق الأزواج، ولم تحرم المدعي طلاقها على زوجها، بل المدعي مؤاخذ بعلمه ومعاقب على كذبه، ولا يرفع عنه حكم القاضي الذي أداه إليه اجتهاده.
المصادر
- "الفتح المبين بشرح الأربعين" لابن حجر الهيتمي.
- "قوت القلوب" لأبي طالب المكي.
- "الفروق" للقرافي.
- "الأدب النبوي" لمحمد عبد العزيز الخولي.
 

جاء عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قال: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ». وجاء عن عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: «مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً». هنا جاء على لسان سيدنا علي بن أبي طالب وسيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما مبدأ أساسي من مبادئ الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وقاعدة تربوية تعليمية مقررة، وهي أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يُلقى إليه ما لا يبلغه عقله فيُنفِّره أو يَخبِط عليه عقله؛ اقتداء في ذلك بسيد البشر صلى الله


عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وآله وسلم مَرَّ الظَّهْرَانِ قَالَ الْعَبَّاسُ: قُلْتُ: وَاللهِ، لَئِنْ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وآله وسلم مَكَّةَ عَنْوَةً، قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُ فَيَسْتَأْمِنُوهُ إِنَّهُ لَهَلَاكُ قُرَيْشٍ، فَجَلَسْتُ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهِ عليه وآله وسلم، فَقُلْتُ: لَعَلِّي أَجِدُ ذَا حَاجَةٍ يَأْتِي أَهْلَ مَكَّةَ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وآله وسلم لِيَخْرُجُوا إِلَيْهِ، فَيَسْتَأْمِنُوهُ، فَإِنِّي لَأَسِيرُ إِذْ سَمِعْتُ كَلَامَ أَبِي سُفْيَانَ، وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَنْظَلَةَ، فَعَرَفَ صَوْتِي، فَقَالَ: أَبُو الْفَضْلِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: مَا لَكَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؟ قُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وآله وسلم،


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» رواه أبوداود في "سننه". جاء في سبب ورود هذا الحديث ما أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (41/ 147)، عن مالك بن أنس عن الزهري عن أبي حدرد أو ابن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنهم قال: تذاكرنا يومًا في مسيرنا الشكر والمعروف، فقال محمد بن مسلمة رضي الله عنه: كنا يومًا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لحسان بن ثابت رضي الله عنه: «أَنْشِدْنِي قَصِيدَةً مِنْ شِعْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَضَعَ عَنْكَ آثَامَهَا فِي شِعْرِهَا وَرِوَايَتِهَا»، فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَةً هَجَا بِهَا الأَعْشَى عَلْقَمَةَ بْنَ عُلاثَةَ: عَلْقَمُ مَا أَنْتَ إِلَى عَامِرِ ... النَّاقِضِ الأَوْتَارَ وَالْوَاتِرَ


عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالقَادِسِيَّةِ، فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ، فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ -أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ- فَقَالَا: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا» (متفق عليه). لقد كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان، فخلقه بيده في أحسن تقويم، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته وسخر له ما في السموات وما في الأرض، وجعله خليفة عنه وزوده بالقوة والمواهب ليسود ويسيطر على


عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» (رواه الترمذي وقال عقبه: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ). يحتوي هذا الحديث على مجموعة من الوصايا والمواعظ الخطيرة القدر، الجامعة من الأحكام والحِكَم والمعارف ما يفوق الحصر. فكانت أولى المواعظ كالتالي: (احفظ اللَّه) بحفظ فرائضه وحدوده، وملازمة تقواه، واجتناب نهيه وما لا يرضاه (يحفظك) في نفسك وأهلك ودنياك ودينك، وهذا من أبلغ


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31