26 سبتمبر 2017 م

الطَّاعةُ

الطَّاعةُ

 تُعَدُّ الطاعة والانقياد لله سبحانه وتعالى واتباع أوامره من الأمور اللَّازمة لشخصية المسلم؛ فالمسلم يدرك أنه مخلوقٌ لله جلَّ وعلا، وأن مقتضى العبودية لله أداء ما افترضه الله عليه، واجتناب ما نهى عنه، والتقرُّب إليه بشتَّى أنواع العبادات والفضائل.
إنَّ قيام المسلم بطاعة الله سبحانه وتعالى وأداء واجبات العبادة؛ هو سبيله إلى التَّحرُّر من العبودية لغير الله، وحينئذٍ يتحقَّق بالمعنى الحقيقي للحرَّية، فلا يتحكَّم فيه شيءٌ من المخلوقات أو الشَّهوات أو نفسه؛ لأنه لا يخضع لغير الله.
والإنسان في هذا المسعى إنما يمارس جهادًا عظيمًا مع نفسه؛ ليردعها عن الخضوع للشهوات والتعلق بالله الواحد لا شريك له، وعلى قدر هذه المشقة التي يكابدها الإنسان في التحقق بفضيلة الطاعة والانقياد والخضوع لله؛ يكون الجزاء العظيم من الله عز وجل، يقول الإمام الغزالي: [وعلى الإنسان أن يتعب نفسه في دفع المعاصي، كما عليه أن يتعب نفسه في ترك المعاصي، والمعاصي كلها في تركها تعبٌ، وإنما الطاعة كلها ترجع إلى مخالفة النفس، وهي غايةُ التعب] اهـ.
لقد بيَّن الله تعالى أن طاعته وطاعة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم سبيل الفوز الحقيقي؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: 53].
وأثنى الله تعالى على من يطيع رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وجعل طاعة الرسول من طاعة الله؛ قال تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء: 80]، كما أكَّد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على هذا المعنى حين قال: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، إِلَّا مَنْ أَبَى». قالوا: يا رسول الله، ومَنْ يأْبَى؟! قال: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» رواه البخاري.
والطاعة بين الناس تكون في المعروف والخير، فلا يجوز لأحد أن يطيع غيره في معصية لله عز وجل؛ فعن سيدنا عليٍّ رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً، وأمَّرَ عليهم رجلًا من الأنصار، وأمَرَهُمْ أن يطيعوه، فغضب عليهم، وقال: أليس قد أمرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: قد عزمتُ عليكم لما جمعتم حطبًا، وأوقدتم نارًا، ثم دخلتم فيها، فجمعوا حطبًا، فأوقدوا نارًا، فلما هَمُّوا بالدخول، فقام ينظر بعضهم إلى بعض، قال بعضهم: إنما تبعنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فِرارًا من النار؛ أفندخلها؟! فبينما هم كذلك، إذ خمدت النار، وسكن غضبه، فَذُكِرَ للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» رواه البخاري.
وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ۞ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ [الشعراء: 151-152]، ولكن إذا تمَّ الإكراهُ على المعصية بصورةٍ جديَّةٍ وغلب على ظنِّ المكرَه أن المكرِهَ سيقوم بتنفيذ تهديده، فإنه يرخَّص للمرء أن يفعل المعصية في أدنى درجاتها؛ تخلُّصًا من إكراه المكرِه، واستثنى الشَّرع من ذلك الإكراه على القتل والزنا، لأنه ليست نفس أوْلى من نفس، فلا يجوز للإنسان أن يطيع من يكرهه في ارتكاب فعل القتل أو الزنا حتى لو غلب على ظنه أو تأكَّد أن المكرِه سيزهِق روحَه، فلا يجوز له أن يضحي بغيره من أجل أن ينقذَ نفسه؛ لأنه ليس أولى من غيره.
وللطاعة آثارٌ إيجابيَّةٌ كثيرة في المجتمع المسلم؛ فطاعة الله ورسوله تمنح المسلمين الفوز والفلاح والنجاة في الآخرة فضلًا عن الدنيا، وتأتي بعد ذلك طاعة أولي الأمر فيما لا يخالف ما أمر الله ورسولُه به؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59]، فبهذه الطَّاعة تنتظم أمور المجتمع المسلم، ويتحقق الحفاظ على قوَّة المجتمع وتماسكه، ولا يقع في الفوضى والاضطراب الذي يشوِّش الأفكار ويقسم المجتمع ويثير العداوة والبغضاء بين أفراده.
ومن ذلك أيضًا طاعة القوانين واحترام النظام العام في المجتمع؛ فإن ذلك يؤدي إلى انتظام سير شؤون الحياة وتحقيق الغاية من وضع هذه القوانين والنُّظُم، ووصول الحقوق إلى مستحقيها، وعدم الإضرار بالأبرياء، وكذلك طاعة العلماء والمتخصصين في مجالاتهم يحقق للمجتمع أمنه وأمانه، حين يحصل المريض على دوائه من الطبيب، والسائل على جوابه من أهل الاختصاص في مجال سؤاله، فلا يكون لادِّعاء العلم مجال في المجتمع المسلم؛ فلا تنتشر الخرافة، ولا يسود الجهل.
المصادر:
- "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي (2/ 328).
- "الطاعة" للدكتور عبد الفتاح أحمد الفاوي، ضمن "موسوعة الأخلاق" (ص: 393-397، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).

اليقين من الأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم، وبه يزداد المسلم قربًا من الله تعالى متوكلًا عليه زاهدًا فيما عند الناس، كما أنه يجعل صاحبه عزيز النفس، صادقًا مع الله مخلصًا في عبادته، مترفعًا عن مواطن الذلة والهوان، ومن علاماته: قلة مخالطة الناس رغبة فيهم واحتياجا إليه، وترك مدحهم عند العطاء، وترك ذمهم عند المنع، والتوكل عليه سبحانه والرجوع إليه في كل أمر. وقد ورد في السنة النبوية المطهرة ما يدعونا إلى اليقين وأن ثوابه الجنة إن شاء الله، فعن شَداد بْن


الشكر: هو المجازاة على الإحسان، والثناء الجميل على من يقدم الخير. وشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه من أهمِّ الأخلاق التي يجب على العبد المؤمن أن يتحلَّى بها. وقد وجَّهَنَا الله تعالى لشكره على نعمائه؛ كما في قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152].


تُعَدُّ الغَيْرَةُ من الأخلاق المهمة التي ينبغي على الإنسان المسلم أن يتحلَّى بها، لكن عليه أن يُراعي أن لهذه الغَيرة ضوابط وحدود تجعلها غَيرة نافعة، تحافظ على الفضائل وتأبى الرذائل، أما الغَيرة المذمومة فهي تلك التي تدَّعي الحفاظ على الفضائل، ثم ترتكب في سبيل الحفاظ عليها مخالفات شرعية، كالحقد والحسد والإيذاء والاعتداء على الغير، فينقلب الحفاظ -الزائف- على الفضائل إلى رذيلة بما تتضمنه من مخالفات للشرع الشريف وللآثار النفسية والاجتماعية الضارَّة التي تترتب عليها.


الإتقان من الأخلاق والصفات التي وصف الله تعالى بها صُنعَه؛ فقال جل شأنه: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ [النمل: 88]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» رواه الطبراني في "الأوسط"، قال عقبة: [لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا مُصْعَبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: بِشْرٌ] اهـ. والإتقان يعني: إجادة الشيء، والمهارة فيه، وإصلاح الخَلل، والمسلم يجب أن يكون مُتقِنًا، فيُتقن في عمله وسعيه وسائر شؤون حياته، والله سبحانه وتعالى بيَّن لنا وجوه الإتقان في خَلْقِهِ، حتى يكون ذلك مرشدًا


يُعَدُّ الحياء من الأخلاق السامية التي قلَّ وجودها بين الخلق، وقد انعكس ذلك بشكل خطير على علاقات الناس وتصرفاتهم مع بعضهم البعض، وباتت البغضاء والشحناء والفجاجة منتشرة في المجتمعات بسبب قلة الحياء مع غياب كثير من الفضائل الأخرى.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31