06 مايو 2019 م

حب الخير للغير

حب الخير للغير

  الإسلام دين الحب، والحب منبع الرحمة، والرحمة مفتاح كل خلق محمود عرفته الإنسانية، وقد تكرر ذكر لفظ الحب ومشتقاته في القرآن الكريم فيما يزيد على ثمانين موضعًا جاء في أكثرها مسندًا إلى الله عز وجل نفيًا وإثباتًا.
ولقد دعانا الإسلام إلى الحب، دعوة تضمنتها تعاليمه الداعية إلى الإخاء والوفاء والبذل والإيثار وكف الأذى عن المخلوقات، وإن من أجَلِّ ثمرات الحب وأكمل مظاهره أن يحب الإنسانُ حصول الخير ووجوه المصالح والمنافع لأخيه الإنسان كما يحب حصول ذلك لنفسه، ومن ثم جعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من علامات كمال الإيمان وتمامه، وذلك فيما رواه سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» رواه البخاري.
ومعنى الحديث أن العبد الذي حصل له أصل الإيمان لا يؤمن الإيمان التام ولا يبلغ كمال الإيمان إلا بأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير، ويلزم عنه ضرورة أن يبغض المسلم لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر والأذى، وإن التكليف بحب الخير للغير هو تكليف بمظاهر الحب وعلاماته مما هو مقدور للإنسان، وهو يتضمن النهي عن كل ما ينافي الحب ويضاده.
ولقد نهى الإسلام في سبيل تحقيق ذلك الخُلُق وتمكينه من النفوس عن كل ما ينطوي على إيثار النفس وكراهية الخير للآخرين كالحقد والحسد.
وانطوى تشريع المعاملات في الإسلام على تأكيد ذلك الخلق ونبذ ما يضاده من التصرفات بما يضمن استقرار المجتمع وشيوع المحبة بين أفراده؛ فعلى سبيل المثال: لما كان في خطبة المسلم امرأة مخطوبة لآخر إهدار للمشاعر الإنسانية وتقطيع لأواصر الأخوة مع إيثار النفس على الغير شدد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النهي عن أن يخطب المسلم على خطبة أخيه، وتعددت الروايات الظاهرة في التحريم، حتى أجمع أهل العلم على تحريم الخطبة على الخطبة إذا كان قد صُرِّح للخاطب الأول بالموافقة ولم يَأذن ولم يترك خطبة تلك المرأة، فلو خطب آخر على خطبته وتزوج كان عاصيًا لله عز وجل، ولمبلغ الحرمة في هذا السلوك اختلف أهل العلم في صحة هذا الزواج، حتى شدد كثير من السادة المالكية في هذه الحالة وقالوا بفسخ عقد زواج ذلك الخاطب ما لم يدخل بتلك المرأة. مما يكشف عن كراهية الإسلام لإيثار النفس والتعدي على الغير.
وهذا المعنى نفسه نلحظه في نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يبيع المسلم على بيع أخيه، كأن يعلم أن شخصًا اشترى سلعة وله حق الرجوع فيها فيقول له: رُدَّها للبائع وأنا أبيع لك مثلها أو خيرًا منها بثمن أنقص، ويتعاقد معه على ذلك.
ومثل البيع على البيع في الحرمة الشراء على الشراء، وذلك بأن يطمع المسلم في شيء اشتراه غيره وعقد عليه بالفعل، فيعرض على البائع أن يفسخ العقد مع المشتري الأول ليشتريها هو منه؛ بل إن الإسلام حرم على المسلم أن يحاول أخذ الصفقة لنفسه في حالة ما إذا علم أن البائع والمشتري اتفقا على الثمن واطمأن كل منهما لإتمام البيع ولم يتم التعاقد بعد.
ولا يخفى ما في ذلك كله من إيثار النفس وإهدار المشاعر؛ ومن ثم اتفق أهل العلم على تحريمه، واختلفوا في صحة التعاقد مع هذا الذي آثر نفسه وتعدى على غيره مع الاتفاق على عصيانه.
وإن النهي عن هذه السلوكيات ليعكس حرص الإسلام على أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه من المنافع، وأن يكره أن يفعل هو أو غيره بأخيه ما يجلب له الضرر كما يكره هذا لنفسه، وفي هذا ما لا يخفى من ترسيخ دعائم الأمان النفسي والحفاظ على الاستقرار المجتمعي.
المراجع:
- "حاشية الصاوي" على "الشرح الصغير" للإمام الدردير.
- "شرح الإمام النووي" على "صحيح الإمام مسلم".
- "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" للحافظ بن حجر العسقلاني.
- "المعجم المفهرس لألفاظ القرآن" لمحمد فؤاد عبد الباقي.

علمنا أن الإسلام شدد على تحمل المسئولية باعتبارها أساسًا لاستقرار المجتمعات وحماية الأفراد وحفظ الحقوق. وفي سياق ذلك يجب ملاحظة أن الإسلام نفسه هو المسئولية الكبرى التي تفرعت عنها سائر الواجبات التي يتحملها المسلم في حياته، ولا يكون تحمل هذه المسئولية إلا بالاستسلام والخضوع لرب العالمين سبحانه وتعالى.


من الأخلاق الإسلامية التي يجب أن يتحلى بها المسلم ، إفشاء السلام ، والمراد نشر السلام على من عَرفتَ ومَن لم تعرف، والسَّلام من أسماء الله تعالى، والجنَّة هي دار السَّلام، وهو تحيَّة المؤمنين في الجنَّة وتحيَّة أهل الإسلام في الدُّنيا، وهو طريق المحبَّة والمودة بين المسلمين، وبه تزول العداوة والخصومة. وكان من هديه صلى الله عليه وسلم: إلقاء السلام على من يعرف ومن لم يعرف، يدل على هذا ما رواه سيدنا عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ


الصبر من الأخلاق المهمة التي يجب على المسلم أن يتحلَّى بها، وأن يُدَرِّبَ نفسه عليها. ولقد عرَّف بعض العلماء الصبر في أحد تعريفاته: بـ «تجرع المرارة مع السكون». وحياة المؤمن كلها ينبغي أن يكون الصبر محورها، فهو يصبر على طاعة الله تعالى ويصبر أيضًا عن معصيته، كما يصبر على ما يصيبه من ضراء في الحياة الدنيا تبعًا لأقدار الله بحلوها ومرها، لا يجزع ولا ييأس من رحمة الله، ولا يغترَّ بما فيه من نِعم؛ فيزلَّ خائبًا يخسر دنياه وآخرته.


الله سبحانه وتعالى رفيقٌ بعباده؛ يحب منهم الطاعة التي أوجب عليهم، ويكره لهم المعصية التي حرَّم عليهم، يحب لهم النَّعيم الذي وعد به الصالحين، ويكره لهم النار التي توعَّد بها المفسدين، والله تعالى يَغَار، وغيرتُه تعالى أن ينتَهِكَ العبدُ ما حرَّم الله عليه.


الشكر: هو المجازاة على الإحسان، والثناء الجميل على من يقدم الخير. وشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه من أهمِّ الأخلاق التي يجب على العبد المؤمن أن يتحلَّى بها. وقد وجَّهَنَا الله تعالى لشكره على نعمائه؛ كما في قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152].


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 18 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 56
العصر
4:32
المغرب
7 : 59
العشاء
9 :32