27 أكتوبر 2020 م

خلال كلمته في فعاليات "ملتقى إندونيسيا للاقتصاد الإسلامي".. مفتي الجمهورية: المطَّلِع على التراثِ الفقهي يعلم يقينًا تناوله لكافة مناحي الحياة ومشكلات عصره

خلال كلمته في فعاليات "ملتقى إندونيسيا للاقتصاد الإسلامي".. مفتي الجمهورية: المطَّلِع على التراثِ الفقهي يعلم يقينًا تناوله لكافة مناحي الحياة ومشكلات عصره

قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام- مفتي الجمهورية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن المطَّلِع على التراثِ الفقهي الإسلامي يعلم يقينًا أنه قد تناول سائر مناحي الحياة اجتماعيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا، وأنه كما تناول مشكلات عصره ووضع لها المعالجات المناسبة أسس كذلك للنُّظم والقواعد الحاكمة لما قد يظهر من قضايا وتحدياتٍ فيما يستقبلُ من زمان.
جاء ذلك في كلمته التي شارك بها في فعاليات الملتقى الدولي حول القضايا الفقهية المعاصرة في الاقتصاد والتمويل الإسلامي خلال الدورة السابعة لمهرجان إندونيسيا للاقتصاد الإسلامي الذي بدأت أعماله افتراضيًّا اليوم ويستمر حتى 31 أكتوبر الجاري.
وأضاف فضيلته أن تناول فقهائنا القدامى للمعاملاتِ المالية يُظهر بوضوح مراعاتهم لبيئاتهم وظروف أقوامهم وأعرافهم واحتياجاتهم المختلفة؛ فقد استنبطوا من النصوص الشرعية القواعدَ الأساسية لاقتصادٍ متكامل اشتمل على القضايا الأساسية لجوانب الحياة الاقتصادية؛ فعالج قضية تخصيص الموارد، وقضية التوزيع، وقضية التنمية الاقتصادية.
وأشار إلى أن هذه القضايا الرئيسية لعلم الاقتصاد هي قضايا تسعى الشريعة إلى تحقيقها على الوجه الأكمل؛ فالشريعة الإسلامية في نصوصها من القرآن الكريم والسنة النبوية المشرَّفة تحضُّ المسلمين على العمل على استغلال الموارد الاقتصادية التي سخرها الخالق سبحانه وتعالى للإنسان، وتحث الإنسان على التنمية وفقًا لمفهوم العمران الوارد في قوله عز من قائل: {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}؛ أي: طلب منكم عمارتها، وتحضُّ الناسَ على العلم والتطوير واكتساب المعارف الجديدة وتطبيقها في رفع مستوى العمران.
وأوضح مفتي الجمهورية أن قضية التوزيع للناتج على الأفراد في المجتمع تحظى بأهمية كبيرة في تشريعات الإسلام، وهنا يتميز الإسلام عن النظم الاقتصادية المعاصرة بأنه يُقرر ضمان توفير حد الكفاية لكل فردٍ في المجتمع؛ مسلمًا أو غير مسلم، والنصوص الشرعية الدالة على ذلك لا تحتاج إلى بيان.
وأضاف فضيلته أن القضاء على الفقر في المجتمعِ غايةٌ أصيلةٌ في الشريعة الإسلامية لم تصل إليها بعدُ مدارك الفكر الاقتصادي الحديث، فغايةُ أملهم هو التخفيف من مستوى الفقر، وشتان بين هدف القضاء على الفقر برمته مع ضمان كفالة مستوى الكفاية لكل فرد في الإسلام، وبين هدف التخفيف من حدة الفقر في النظم الاقتصادية الوضعية.
وبيَّن فضيلة المفتي في كلمته أن الطابع التعاوني الخيري قد مثَّل ركنًا أساسيًّا للشريعة الإسلامية؛ فقد حث الإسلامُ على مساعدة الآخرين والتعاون على فعل الخيرات، كما مهَّد الإسلام طرقًا عدة لنفع الناس؛ منها ما هو فرضٌ كالزكاة ونحوها، ومنها ما يقوم به المسلم على سبيل التطوع والبر؛ مثل الصدقة والوقف.
ولفت فضيلته النظر إلى أن ذلك الوقف يدخلُ في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، قال النووي عند شرح الحديث: «إن الوقف هو الصدقة الجارية، وفيه دليل لصحة أصل الوقف وعظيم ثوابه».
وأوضح فضيلته أن الوقف يتميز عن أي طريق خيري بخصائصَ وميزات متعددة قد لا توجد في غيره من طرق الخيرات، وهذه المزايا أكسبته حيويةً استمر أثرُها في الأمة الإسلامية على مدى تاريخها الطويل.
من هذه المزايا كما ذكرها فضيلة المفتي: أن الإسلام أعطى الواقفَ الحرية الكاملة في الكيفية التي يرغب بها في التصرف فيما يُوقفه من أموال، وكفل له الشروط التي تُلبي رغباته وتحقق آماله فيما يوقفه من أموال وأعيان، وكل ذلك فيما هو في حدود الشرع وَفق القاعدة الفقهية (شرط الواقف كنص الشارع).
أما الميزة الثانية فهي استمرار الأجر وعدم انقطاعه ما بقيَ نفع العين الموقوفة، بل قد يزيد هذا الأجر بزيادة منفعة العين الموقوفة؛ وذلك إذا أحسن المتولون للوقف إدارة هذا الوقف واستثماره تبعًا لظروف كل عصر يمر عليه.
وقال فضيلته: "ولأن الوقف يتمتع في أحكامه بمرونة وسعة رأينا إقبالًا كبيرًا من أفراد المجتمع المسلم حكامًا ومحكومين على وقف الأموال وتحبيس الأملاك لأعمال الخير والبر، وقدوتهم في ذلك نبيهم محمد عليه الصلاة والسلام في قصة مخيريق لما قَبَضَ عليه السلام ما وصَّى به فجعله أوقافًا بالمدينة للَّه، وكانت أول وقف بالمدينة، ثم من بعده عليه السلام جاء صحبُه الكرام؛ فقد وقف كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير بن العوام ومعاذ بن جبل وعائشة وأم سلمة وغيرهم كثير، ومن بعدهم من التابعين وتابع التابعين، ومن بعدهم من المسلمين أقوامٌ كُثُر".
وأضاف أنه مما ساعد على هذا التوسُّع الكبير في الوقف بشكلٍ عام هذه السهولة في تنفيذه؛ فالوقف إنما هو التزامٌ من طرفٍ واحد؛ فهو لا يحتاج إلى قبولِ الموقوف عليه، بل الوقف من العقود التي تُبرم بإرادة منفردة دون أن يُشترط لصحته وجود إرادتين.
وأشار إلى أن اهتمام المسلم بالعمل الخيري أدى إلى كثرة الأوقاف، وشديد رغبته في تحصيل الأجر من الله تعالى، وشعوره بهموم إخوته في الإنسانية، وحرصه على تخفيف المعاناة عنهم؛ فهو مؤمن بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى اللَّه تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى اللَّه عز وجل سرورٌ يُدخله على مسلم، أو يكشف عنه كُربة».
وأوضح أن نظام الوقف استمر في التمدد خلال المجتمع الإسلامي، خاصة بعد ازدياد رقعة الدولة الإسلامية، وما تبع ذلك التوسع من تضاعف الموارد وتحسن الأحوال المعيشية، فزادت الأوقاف الإسلامية في العصر الأموي بشكل كبير جدًّا، نتيجة لزيادة الموارد، وهكذا ظلت الأوقاف مرتبطة بالحالة المادية العامة للمجتمع، وتناسبت طرديًّا مع معدلات الدخل.
وأشار إلى أن الوقف أدى دورًا تنمويًّا عظيمًا على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والصحية وغيرها، ومثَّل دائمًا رقمًا كبيرًا في معادلة تحقيق التكافل والتماسك المجتمعي، فانتشرت الأوقاف بطول البلاد الإسلامية وعرضها، وصار الوقف ميدانًا للتنافس ليس بين العامة فحسب، بل بين الأمراء والحكام أنفسهم، فانتشرت الأسبلة والمساجد والمستشفيات الوقفية، ومع التزايد الكبير في الاهتمام بالوقف، ظهرت مجالات جديدة وملهمة للوقف، تعكس مدى اتجاه المجتمع نحو تطوير الوقف وشموليته، ومن تلك المجالات التي ظهرت من انتشار الأوقاف: الوقف على الحيوانات الضالة التي لا مأوى لها كالكلاب والقطط، والأوقاف على إعارة الحلي للأعراس، والأوقاف التي كان يُشترى منها أوانٍ عِوضًا عن الأواني المكسورة من الخدم لحمايتهم من غضب مستخدميهم، وهكذا تنوعت مجالات الأوقاف وانتشرت في البلدان الإسلامية مؤدية دورًا بالغ الأهمية في تماسك المجتمع.
وقال مفتي الجمهورية: إن هذا الدور التاريخي للوقف على مر القرون السابقة يدفعنا إلى التفكير في إحياء دوره مرة أخرى في العصر الحاضر، والعمل على وضع الاستراتيجيات المناسبة لتفعيل دور المؤسسات الوقفية القائمة، واستحداث مؤسسات وقفية أخرى، وتطوير آليات نظام الوقف الإسلامي بما يضمن استعادة الدور الريادي لنظام الوقف في المجتمع.
ومن هذه الآليات التي يمكن الاستفادة منها وتطويرها لتناسب العصر الحاضر أضاف فضيلته: تقسيم الوقف حسب الحاجة المجتمعية، فعلى سبيل المثال لما كثرت الأوقاف بشكل كبير في بعض العصور اضطرت إدارة الأوقاف إلى زيادة دواوين الأوقاف إلى ثلاثة دواوين: ديوان للأوقاف الأهلية، وديوان لأوقاف المساجد، وديوان لأوقاف الحرمين الشريفين خاصة، وتلك الآلية يمكن استعمالها اليوم وتطويرها لتناسب العصر الحاضر، فيُقسم الوقف إلى إدارات تعتني كل إدارة منها بفئة معينة من الموقوف عليهم، مما سيؤدي بطبيعة الحال إلى تنظيم العمل والاستفادة القصوى من نظام الوقف وتحقيق غايته ومقاصده على النحو الأمثل.
ومن ذلك تخصيص إدارة مستقلة للوقف على المجال التعليمي، كالمدارس والمعاهد والجامعات، مما من شأنه أن يحقق أكبر قدر من الاستفادة بالأوقاف ورعايتها على الوجه الذي يضمن استمرارها في أداء دورها، خاصة في ظل الحاجة الماسة إلى دعم القطاع التعليمي، وزيادة الموارد والمخصصات الموجهة إلى التعليم وتطويره.
وذكر فضيلته أن من هذا الباب أيضًا: مجال الرعاية الاجتماعية الذي يشمل رعاية الأيتام والفقراء، وكبار السن، والمسجونين، ونحو ذلك من الطبقات الاجتماعية التي تحتاج إلى عناية كبيرة، ولا تمتلك مصادر دخل مناسبة، فإن نظام الوقف يسعى من خلال الرعاية المقدمة لتلك الطبقات إلى ضمان حياة كريمة وتحصيل حقهم في التعليم والرعاية الصحية والغذاء المناسب. وهكذا في سائر المجالات التي يمكن للوقف أن يكون له دور فاعل فيها كالأوقاف المخصصة لدور العبادة، والأوقاف المخصصة للمستشفيات والمراكز الصحية، ونحو ذلك.
وأضاف أن نظام الوقف الإسلامي تمكن من تجاوز المعضلة الحقيقية، وهي ضمان الاستمرارية في تمويل العمل الخيري، والخروج من المأزق الذي تعرضت له العديد من المؤسسات الخيرية التي أدت دورها على مدار فترات زمنية متفاوتة ثم توقفت لعدم قدرتها على تأمين مصدر تمويل مستمر، ونضوب مواردها التي كانت تعتمد عليها، إلا أن نظام الوقف الإسلامي استطاع تأمين ذلك التمويل الثابت والمستدام مما ضمن استمرار العديد من المؤسسات الوقفية لقرون؛ وجعل من الوقف الإسلامي منتجًا حضاريًّا متفردًا أفرزته الحضارة الإسلامية التي عنت أولًا وآخرًا بالإنسان وحقوقه وكرامته.
واختتم مفتي الجمهورية كلمته بأن إحياء نظام الوقف الإسلامي والتجديد في مجالاته وإدارته بما يتناسب ومتطلبات العصر أصبح ضرورةً لا يمكن تجاوزها؛ حتى يستعيد نظام الوقف دوره في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم الإسلامي أجمع.


المركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية 27-10-2020م
 

نظَّم مركز سلام لدراسات التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا، اليوم الأربعاء، ورشة عمل تحت عنوان "تعزيز مهارات التفكير النقدي والوعي الرقمي للمفتين الشباب"؛ ضمن ثاني أيام عمل المؤتمر الدولي العاشر لدار الإفتاء والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم؛ وذلك لترسيخ مبدأ "التفكر قبل التبنِّي"، ومواجهة التلقّي السلبي للأفكار والمقولات، وتمكين المفتين من أدوات تحليل المحتوى، واكتشاف المغالطات المنطقية في الخطاب العام، وبناء قدرات فكرية ورقمية لمواجهة الخطاب المتطرف والمعلومات الملفقة، ومواجهة حملات التشويه والتضليل المرتبطة بالمؤسسات الدينية والمفاهيم الإسلامية.


استقبل فضيلة الأستاذ الدكتور: نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم -الدكتور: محمد الثقافي، عميد كلية أصول الدين بالهند؛ وذلك على هامش فعاليات المؤتمر العالمي الذي نظَّمته دارُ الإفتاء المصرية تحت عنوان «صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي».


الْتقى فضيلةُ الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي جمهورية مصر العربية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، كلَّا من الأستاذَ الدكتور عمر الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بأبو ظبي، والدكتور خليفة الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وذلك على هامش المؤتمر العالمي للإفتاء المنعقد بالقاهرة يومَي 12 و13 أغسطس الجاري تحت عنوان: (صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي).


استقبل فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم الإثنين، بمقر دار الإفتاء المصرية بالقاهرة، فضيلة الشيخ، صلاح مجييف، مفتي الشيشان، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية؛ لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك في مجالات الإفتاء، وتدريب المفتين، وترجمة وتبادل الأعمال العلمية، إلى جانب مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها نشر ثقافة التعددية الدينية والتعايش السلمي بين أتباع الأديان ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا.


"ارحموا عجزَ أهلِ غزَّة".. مفتي الجمهورية يوجِّه نداءً إنسانيًّا إلى أصحاب الضمائر الحيَّة في الشرق والغرب- لا بدَّ من بناء نماذج شرعية للذكاء الاصطناعي بإشرافٍ علميٍّ ومقاصديٍّ صارم ولا مكان للآلة في مقام الفتوى الشرعية ما لم تضبطها مقاصد الشريعة- إذا انفصل الذكاء الاصطناعي عن القيم تحوَّل إلى أداة قمعٍ وعدوان.. وعلى المؤسسات الدينية أن تتصدر المشهد- على العلماء أن يقودوا العَلاقة بين النصِّ والآلة.. والمؤسسات الدينية مطالبة ببناء ميثاق أخلاقي للتعامل مع الذكاء الاصطناعي- غزَّة ليست مجرد مأساة إنسانية بل اختبار فقهي وأخلاقيٌّ يفضح صمتَ الضمير العالمي وانفصال التِّقْنية عن القِيَم - ما يحدث في غزة يكشف خطورة تسليح الذكاء الاصطناعي دون ضوابط .. والفتوى التي تصمت عن غزة تفقد روحها- على علماء الأمة أن يدركوا أن نصرة غزة ليست خيارًا سياسيًّا، بل فريضةٌ وواجب أخلاقيٌّ- مصر تؤدي واجبها تجاه فلسطين بوعي وشرف رغم حملات التشويه.. والقيادة المصرية تتمسك بالحق الفلسطيني بصلابة تاريخية


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :12
الشروق
6 :40
الظهر
12 : 50
العصر
4:19
المغرب
6 : 59
العشاء
8 :17