ما حكم إقامة السرادقات للعزاء وإحضار القراء وأخذ الأجرة على التلاوة؟ فنحن في قرية ريفية من صعيد مصر، عندما يُتَوفَّى مُتَوَفًّى ذكرًا أو أنثى نقيم له العزاء ثلاثة أيام، ونستقبل المعزِّين من القرية ومن القرى المجاورة ونحضر قارئًا للقرآن الكريم يقرأ في العزاء، ولكننا فوجئنا في هذه الأيام ببعض الناس يفتي بأن هذا العمل بدعةُ ضلالة ولا يجوز؛ بحجة أنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا عهد الصحابة رضي الله عنهم، وأن القارئ الذي يقرأ القرآن في العزاء آثم وأجره حرام، فحدثت بسبب هذه الفتوى مشادات كثيرة وخلافات ما بين مؤيد ومعارض؛ لذا لم نجد أمامنا إلا أن نرسل إلى سيادتكم لإفادتنا بالرد على هذا الموضوع لحسم الخلاف بين أهل القرية، وهل ما أفتى به بعض الناس صحيح؟
إقامة سرادقات العزاء وإحضار القرَّاء للتلاوة فيها مباحٌ شرعًا، ما لم يقترن بذلك إسرافٌ أو تفاخرٌ، وأجر القارئ جائزٌ ولا شيء فيه؛ لأنه في مقابل الانقطاع للقراءة والانشغال بها.
ويشترط ألا تكون نفقة ذلك من تركة الميت أو مال غيره إلا عن طيب نفس منه، ولا يُحمَّل القُصَّر منها شيء.
المحتويات
الدين الإسلامي الحنيف هو دين المودة والرحمة والترابط والتواصل والمواساة؛ لقول سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» رواه البخاري ومسلم واللفظ له من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
وقد حثَّ الإسلام أتباعه على مواساة المصاب منهم حتى يخففوا آلام المصيبة عنه، ووعد صلى الله عليه وآله وسلم المعزي بثواب عظيم فقال في حديثه الشريف: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» رواه الترمذي وابن ماجه، وقال صلوات الله عليه وتسليماته: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلا كَسَاهُ اللهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه ابن ماجه.
ويستحب تعزية أهل الميت جميعًا صغيرًا وكبيرًا رجالًا ونساءً، ولا يُعزِّي الرجالُ الشاباتِ من النساء، أو اللائي يخشى منهن الفتنة، ولا يكون العزاء بعد ثلاثة أيام إلا لمن كان غائبًا عن المكان أو لم يعلم فإنه يعزي حين يحضر أو يعلم.
إقامة المآتم والسرادقات لقبول العزاء من العادات التي جرى بها العرف عندنا بما لا يخالف الشرع الشريف؛ إذ هي في حقيقتها وسيلة تساعد على تنفيذ الأمر الشرعي بتعزية المصاب، ومن المقرر شرعًا أن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد ما لم تكن الوسائل محرمة في نفسها؛ فإذا تمت إقامة هذه السرادقات بطريقة لا إسراف فيها ولا مباهاة ولا تفاخر وكان القصد منها استيعاب أعداد المعزين الذين لا تسعهم البيوت والدور فلا بأس من ذلك.
وكذلك الحال في إحضار القراء لقراءة القرآن؛ هو في أصله جائزٌ ولا شيء فيه، وأجر القارئ جائزٌ ولا شيء فيه؛ لأنه أجرُ احتباسٍ وليس أجرًا على قراءة القرآن، فنحن نعطي القارئ أجرًا مقابل انقطاعه للقراءة وانشغاله بها عن مصالحه ومعيشته، بشرط ألا يكون ذلك من تَرِكة الميت، وأن لا يكون المقصود به المباهاة والتفاخر، وبشرط أن يستمع الناس وينصتوا لتلاوة القرآن الكريم، أما إذا كان ذلك من أجل المباهاة والتفاخر -كما يحصل كثيرًا- فهو إسراف محرم شرعًا. وتشتد الحرمة إذا كان قد حُمِّل القُصَّرُ من أهل الميت نصيبًا في ذلك، أو كان أهل الميت في حاجة إليها.
ولا يجوز أن ينفق أحد في ذلك كله من تَرِكة الميت أو مال غيره إلا عن طيب نفس منه، ولا يُحمَّل القصَّرُ ولا من لم تطب نفسه بذلك شيئًا منه.
ولا شك أن أهل الميت يكونون في أمسِّ الحاجة إلى من يخفف عنهم ويواسيهم بالقول وبإعداد الطعام لهم وبالمال إذا كانوا في حاجة إلى ذلك؛ لانشغالهم وإرهاقهم بمصابهم وتجهيزاته، وهذا معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا؛ فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي من حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، بل قد يجب الجلوس لتلقي المعزين كما إذا غلب على ظن المُعزَّى أنه لو لم يجلس لنسبه المعزون إلى كراهته لهم حيث لم يجلس لتلقيهم، كما أشار إلى ذلك الشِرواني في حاشيته على "تحفة المحتاج بشرح المنهاج" لابن حجر الهيتمي.
عليه وفي واقعة السؤال: فإن إقامة العزاء وإحضار القراء للقراءة كما هو معروض في السؤال من الأمور المباحة في أصلها ما لم يقترن بها إسرافٌ أو مباهاة وتفاخر أو أكل أموال الناس بالباطل، وإلا فهي حرام.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
نرجو منكم الرد على دعوى أن الزيادة في ألفاظ التكبير في صلاة العيد بدعة؛ حيث دار نقاش بيني وبين بعض الناس في أحد المساجد وقال: إنَّ الزيادة في ألفاظ التكبير بالصيغة المتبعة المعروفة والمتضمنة الصلاة على النبي وآله وأصحابه وأزواجه وذريته بدعة وليس من الدين. فما حكم ذلك شرعًا؟
ما حكم قضاء صلاة العيد لمن فاتته الصلاة؟ فأنا رجلٌ نومي ثقيل، وفاتتني صلاة العيد بسبب ذلك، وأنا أحزن كثيرًا لهذا؛ فهل يجوز لي قضاء صلاة العيد متى فاتتني، أم أنَّها لا تُقضى؟
ما حكم التهنئة بالعام الهجري؛ حيث يدعي البعض أن تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري من البدع؛ لأن بداية العام ليست من الأعياد التي يُهنَّأ بها، وإنما هو شيء ابتدعه الناس؟
سائل يقول: هناك مَن يدَّعي أنَّ تبادل التهنئة بقدوم العام الهجري من البدع؛ لأنَّ بداية العام ليست من الأعياد التي تصح فيها التهنئة، وإنما هو شيء ابتدعه الناس؟ فهل هذا صحيح؟
ما حكم قضاء صلاة العيد لمَن فاتته؟
ما صحة وصف النبي بكاشف الغمة والرد على دعاوى الجهال ومزاعمهم الباطلة؟ فالسائل يقول: خرج علينا بعضُ المتصدرين للدعوة بين الناس بدعوى أن وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه (كاشف الغمة) يُعَدُّ شركًا أكبر بالله تعالى، مخرجًا عن ملة الإسلام، مؤكدًا أنه يجب منع من يقول ذلك؛ حفاظًا على التوحيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يكشف الغمة، وإنما الذي يكشفها هو الله وحده؛ مستدلًّا على زعمه بقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾، واصفًا من ينعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بـ"كاشف الغمة" بأنهم ضُلَّال زائغون، يبالغون في إطراء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيعطون له حق الرب الذي لا ينبغي إلا لله سبحانه وتعالى، وأن إذاعة القرآن الكريم إذ سمحت لمن يتكلم فيها بأنه يخاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (يا كاشف الغمة يا رسول الله)، فإنها بذلك تنشر شركًا بالله؛ واصفًا ذلك باللوث والخبث، فما رأي الشرع الشريف في ذلك؟