سئل بإفادة من نظارة الحقانية مضمونها: أن امرأة كانت بعثت للنظارة مكاتبة أوردت فيها أن ورثة أحد الأشخاص عرضوا لها أن مورثهم ترك قطعة أرض بجزيرة سواكن أخذها آخرون بدون حق، وأنه لما أحيل نظر تضررهم على محكمة سواكن أفادت سبق نظر دعوى الورثة وصدور إعلام بذلك للخصم بعدم سماع دعواهم. ولذا ورغبة المحافظة عرض الأوراق المتعلقة بذلك على المجلس الشرعي بمحكمة مصر تحولت عليه، وقرر ما يفيد أنه باطلاعه على الإعلام المذكور ظهر أنه غير صحيح شرعًا بالكيفية التي بيَّنها بقراره الذي أصدره في شأن ذلك، ولما تبلغ ذلك من النظارة لقاضي سواكن للتأشير بموجبه على الإعلام المذكور، وعلى سجله وردت إفادته بما تراءى له من المعارضة في ذلك القرار بالكيفية التي أبداها، وطلب النظر في ذلك بطرف فضيلتكم، وعليه تحرر هذا بأمل النظر والإفادة بما يرى، وطيه الأوراق عدد 23، ومضمون صورة الإعلام المذكور: الحكم من قاضي محكمة سواكن الشرعية لامرأتين بثبوت الهبة والصدقة الصادرة لهما من عتيقة إحداهما في الأرض الكائنة بسواكن بالجزيرة، وكونها مقبوضة لهما بإذنهما، فارغة عن كل شاغل ومانع، ويمنع التعرض لهما في الأرض المذكورة من رجل من سواكن حكمًا أبرمه القاضي المذكور، وذلك بعد دعوى من الموهوب لهما على هذا الرجل المعارض لهما بهبة الأرض المذكورة مناصفة، والتصدق بها من المرأة الواهبة لهما، وحددتاها وقالتا إنها مما لا يقسم، وإنهما قبضتاها قبضًا تامًا من الواهبة حال حياتها بإذنها فارغة، وأنها ملكهما، وذكرتا مقاسها من الجهات الأربع، وأن الرجل المدعى عليه عالم بذلك ومعارض، وبعد سؤاله وجحوده الهبة المدعاة المذكورة وتكليف الموهوب لهما البينة وإقامتها وشهادتها طبق الدعوى وتزكيتها التزكية الشرعية، ومضمون القرار المذكور: أن كلًّا من الدعوى بأن القطعة الأرض المحدودة ملك للمرأتين وشهادة الشهود بذلك غير صحيح؛ لأن القطعة الأرض المذكورة حسب التحديد والمقاس المذكورين بالدعوى والشهادة قابلة للقسمة، وقولهم في الدعوى والشهادة أنها لا تقبل القسمة يناقض ما يقتضيه التحديد والمقاس ولا ينطبق عليه، وهبة ما يقبل القسم شرعًا من واحد لاثنين على الشيوع كما هو الموضوع هنا غير صحيحة، ولا تفيد الملك ولو اتصل بها القبض، وتبطل بالموت، وحينئذٍ فما انبنى على ما ذكر من الحكم المذكور بالصورة المرقومة غير صحيح شرعًا، ومضمون ما عارض به قاضي سواكن: أن المنصوص أنه إذا تصدق بعشرة أو وهبها لفقيرين صح، وأنه ثبت عنده فقر الحرمتين الموهوب لهما من وقت الهبة إلى الآن بعد التحري من أعيان البلدة وتجارها، فتكون الهبة لهما مجازًا عن الصدقة... إلى آخر ما عارض به مما يطول ذكره.
بالاطلاع على إفادة عطوفتكم المسطورة يمينه، وعلى صورة الإعلام الصادر من محكمة سواكن الشرعية والمسجل بها، وعلى قرار المجلس الشرعي بمحكمة مصر الكبرى الشرعية الصادر في شأن ذلك، وعلى ما عارض به قاضي محكمة سواكن المذكورة بإفادته للنظارة، وعلى باقي الأوراق المتعلقة بهذه المادة، ظهر أن ما تضمنه القرار المذكور من عدم صحة الحكم المسطور بتلك الصورة لعدم صحة ما بها من الدعوى وشهادة الشهود بالنظر للتعليل المذكور بذلك القرار موافق شرعًا، أما إذا ادعى الموهوب لهما أنهما كانتا وقت الهبة فقيرتين وأثبتتا ذلك بالطريق الشرعي كانت الهبة على الوجه المذكور صحيحة؛ لاعتبارها حينئذٍ مجازًا عن الصدقة، وما ذكره القاضي المذكور بإفادته المذكورة من أنه ثبت عنده فقر الموهوب لهما من وقت الهبة بعد التحري من أعيان البلدة وتجارها غير كافٍ فيما ذكر؛ لعدم إفادته أن الثبوت المذكور بعد دعوى شرعية في وجه خصم شرعي.
والله سبحانه وتعالى أعلم. طيه الأوراق عدد23.
ما حكم بيع الرجل لأولاده بنفسه وقبوله البيع بصفته وليًّا عليهم ؟فهناك رجل باع لابنيه القاصرين فدانًا ونصفًا، كان ذلك القدر مملوكًا له، وقد وقع منه البيع وهو في حال صحته ونفاذ تصرفاته الشرعية، وأقرَّ بتسلم الثمن في صلب العقد، وقد حدد القطعة بحدودها الأربعة، وصار العقد مستوفيًا شرائطه الشرعية، وقد أوجب لهما البيع عن نفسه، وقَبِله عنهما بصفته وليهما لقصرهما.
فهل يجوز شرعًا أن يوجب البيع عن نفسه ويقبله عنهما بصفته وليهما؛ لقصرهما؟ وهل يجوز أن يتنازل لهما عن الثمن؟ أرجو الجواب، ولفضيلتكم الثواب.
أحد المواطنين المسلمين قد ورث عقارًا بموجب عقد تقسيم لتركة موقع عليه من جميع الورثة الشرعيين وبموافقتهم ورضاهم، ونص على ذلك في العقد، وعلى أنه لا يجوز لأي منهم الرجوع عن هذه القسمة بأي حال من الأحوال، ثم تنازل هذا المواطن عن عقاره المذكور لإحدى الجهات الحكومية لينفق ريعه صدقة جارية للفقراء، هذا التنازل مصدق عليه من الجهات الرسمية، ووافقت الجهة الحكومية وطلبت منه المستندات اللازمة وأرسل إليها جميع المستندات تمهيدًا لنقل الملكية إليها وتنفيذ ما جاء بالتنازل، ولما علم بعض الورثة بهذا التنازل حاولوا أن يثنوه عن تنازله فلم يوافق، فعرضوا عليه شراء العقار، ولكنه صمم على الرفض، فلجؤوا إلى طرق ملتوية ليستولوا على العقار ويمنعوا الجهة الحكومية من تسلمه، وتمكنوا من ذلك فعلًا عن طريق شهادة زور.
ويسأل عن حكم الشرع بالنسبة لهؤلاء المغتصبين، ومدى حق هذا المواطن في تصرفه وهو تنازله عن نصيبه الشرعي في الميراث لهذه الجهة الحكومية في سبيل الله.
ما حكم التسوية بين البنين والبنات في العطايا والهبات؟ فـأنا لي أخ وأربع أخوات، وقد كتب والدنا للذكرين منّا نصف ممتلكاته في حياته، وترك الباقي نرثه جميعًا؛ فهل ما فعله أبي فيه ظلم للبنات؛ لأنه يزرع الأحقاد والكراهية وقطيعة الرحم بيننا؟
ما حكم التنازل عن حق الانتفاع للابن دون أخواته؟ فأنا في نهاية العقد السادس من عمري، ولي بنت كبيرة أنفقت عليها حتى صارت في العمل التدريسي بالجامعة، وأعطيتها مالًا ليساعدها في زواجها، ولي ابن في التعليم الثانوي، وبنت في التعليم الإعدادي، ولم يعد لي القدرة على الإنفاق عليهما بنفس المستوى الذي كنت أنفق به على البنت الكبيرة، مما أشعر معه بالاحتياج لتعويضهما عن ذلك وبخاصة الابن، ولي حق انتفاع من الدولة في شقة متواضعة، فهل يجوز لي أن أتنازل عن حق الانتفاع هذا لابني؟
ما حكم هبة الأب لابنه القاصر؟ فقد سأل كاتب إحدى المحاكم الشرعية في رجل يملك منزلًا، وله ابن قاصر، فباع هذا الرجل المنزل لابنه القاصر وهو في صحته بثمن معلوم سامحه منه، وقَبِل ذلك من نفسه لابنه المذكور، وحرر بذلك كتابة أمضاها بخطِّه، وشهدت بذلك شهود موقعين عليها، ثم حدث ببعض بناء المنزل المذكور خلل، فأزاله الولي البائع، وبنى بدله بناءً جديدًا بالمنزل المذكور بالأنقاض القديمة وبأنقاض جديدة، وأنفق على ذلك من ماله متبرعًا؛ حيث لا مال للقاصر المذكور حاضر ولا غائب.
فإذا مات البائع الولي المذكور، وقام بعض ورثته يعارضون الابن المشترى له المذكور في البناء المذكور الجديد، أو يطالبونه بما أنفقه عليه مورثهم؛ يمنعون من ذلك، ويكون لا حق لهم في ذلك، ويكون الولي متبرعًا بما أنفقه في ذلك، أم كيف؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب.
ما حكم التسوية بين الأولاد في العطايا والهبات؟ فأنا لي أخ وأربع أخوات، وقد كتب والدنا للذكرين منّا نصف ممتلكاته في حياته، وترك الباقي نرثه جميعًا؛ فهل ما فعله أبي فيه ظلم للبنات؟ أليس ذلك يزرع الأحقاد والكراهية وقطيعة الرحم بيننا؟
وماذا عن هبة النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما لأحد أبنائه بستانًا؛ فَقَالَ له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَعْطَيْتَ كُلَّ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «اتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ»؟ وماذا عن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»، وقوله: «لا وَصِيةَ لوارِثٍ»؟
وأعتقد أنّ الذي يباح تمييزه عن إخوته هو الابن من ذوي الهمم، والابن الذي ساعد والده في زيادة ثروته، والذي ليس له حظ من التعليم بأن كان فلاحًا مثلًا، وأن ذلك في مذهب الإمام أحمد بن حنبل فقط دون بقية المجتهدين. فما قولكم؟