السائل قرأ في كتابٍ عن حكم قضاء المكتوبات الفائتة طول العمر: أن أقوال الفقهاء في وجوب قضائها ليس عليه دليل يعول عليه، بل التوبة من ترك الصلاة ومداومة أدائها كافية دون حرج.
وفيه أيضًا: أن من ائتم بمن يرى بطلان صلاة إمامه حسب مذهبه هو فصلاته صحيحة ما دامت صلاة الإمام صحيحة في مذهبه. فهل هذا صحيح؟
إذا كان ما نسب إلى الكتاب المذكور صحيحًا فهو قول باطلٌ مخالفٌ لما عليه جماهير أهل العلم سلفًا وخلفًا؛ لأن الصلاة من الفرائض التي لا تسقط عن المسلم البالغ العاقل، ويلزمه قضاء الفائتة.
أما من ائتم في الصلاة بإمامٍ يرى بطلان صلاته حسب مذهبه مع كونها صحيحةً على مذهب إمامه فصلاته صحيحةٌ.
الصلاة من فروض الإسلام وهي أحد أركانه الخمسة؛ ففي القرآن الكريم: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].
وفي السنة قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى الْعِبَادِ مَنْ أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ» رواه مالك وأبو داود وابن حبان في "صحيحه". "الترغيب والترهيب" (6/ 161-162).
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي. "نيل الأوطار" (جزء 1 صفحة 291).
وقد أجمع العلماء الذين يعتد بهم على أن من ترك صلاةً عمدًا لزمه قضاؤها، وخالف في هذا أبو محمدٍ علي بن حزم من الظاهرية وقال: "لا يقضي، بل يكثر من فعل الخير وصلاة التطوع". وقوله هذا باطل؛ لأنه مخالف للإجماع كما نقل الإمام النووي الشافعي في كتابه "المجموع"، والدليل على ذلك الحديث الذي رواه الطبراني في "الأوسط" عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»، قال الإمام النووي: [إِذا وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى التَّارِكِ نَاسِيًا فَالْعَامِدُ أَوْلَى] اهـ. "المجموع" (3/ 71).
ويؤيد هذا ما ورد في حديث الخثعمية حيث قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» متفق عليه. "الروضة الندية شرح الدرر البهية" (1/ 130-131)، وهو حديثٌ صحيحٌ وفيه من العموم ما يشمل هذا الباب.
وبعد اتفاق الفقهاء على العمل بهذا ووجوب قضاء الفوائت عمدًا أو سهوًا أو بعذرٍ اختلفوا في ترتيب أدائها:
فقال الإمام أبو حنيفة ومالكٌ: يجب الترتيب ما لم تزد الفوائت على صلوات يومٍ وليلةٍ.
وقال الإمام الشافعي: لا يجب الترتيب ولكن يستحب، وبه قال طاوس والحسن البصري ومحمد بن الحسن وأبو ثور وأبو داود.
وقال الإمام أحمد وزفر: إن الترتيب واجب قلَّتِ الفوائتُ أو كثُرت.
ولكل قولٍ أدلتُه المبسوطة في كتب فقه المذاهب.
لما كان ذلك: فإذا كان ما جاء في الكتاب المشار إليه في السؤال صحيحًا: يكون جاريًا فيما قال على مذهب داود الظاهري، وهو ما لا يُفتى به في هذا الموضع؛ باعتبار أن الصلاة من الفرائض التي لا تسقط عن المسلمة والمسلم البالغ العاقل إلا إذا كانت المسلمةُ حائضًا أو نفساء فلا صلاة عليها مدة الحيض والنفاس ولا قضاء عليها كذلك، وهذا ثابت بالنصوص الشرعية.
أما من ائتم في الصلاة بإمامٍ يرى بطلان صلاته حسب مذهبه، فصلاة المأموم صحيحةٌ باعتبار صحَّةِ صلاة الإمام في ذاتها؛ فقد أخرج الإمام أحمد حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «... يُصَلُّونَ بِكُمْ؛ فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ»، وأخرج ابن ماجه نحوه من حديث سهل بن ساعدة رضي الله عنه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم قضاء السنن الرواتب؛ فقد قرأت في حديث شريف: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ». وأنا أحرص قدر استطاعتي على أن أصلي الاثنتي عشرة ركعة، ولكني أحيانًا لا أستطيع أن أصليها في وقتها مع الصلوات المفروضة لانشغالي بواجباتي المنزلية، فأصلي الفرض فقط. وأريد أن أعرف هل يجوز لي أن أقضيَ ما يفوتني من السنن الرواتب التي تكون مع الصلوات المفروضة؟
ما حكم الجمع في المطار للمسافر؟ فقد أَذَّنَ علينا الظهر في مطار القاهرة، ومجموعة منا قامت بصلاة الظهر في المطار ومعه العصر جمع تقديم أربع ركعات، وكانت معنا مجموعة أخرى من دولة إسلامية آسيوية فصلوا معنا الظهر فقط ورفضوا صلاة العصر، وفي الطائرة قام أحدهم برفع أذان العصر وقام كل واحد منهم وصلى إمامًا ومعه آخر في طرقة الطائرة، ويذكر السائل أن الطائرة ستصل إلى البلدة المتوجهة إليها بعد أذان المغرب. ويطلب بيان الحكم الشرعي.
سائل يقول: أقوم بالتدريس في العديد من الكليات، وإن الجدول الزمني الثابت للمحاضرات يصعب أن يكون متوافقًا مع زمن أذان الصلوات على مدار الأيام والفصول، وكنت أتعرض لرغبة قليل من بعض الطلبة في قليل من بعض الكليات إلى الرغبة في الاستئذان أثناء المحاضرة والتغيب لأداء فريضة الصلاة عند حلول موعد الأذان، وكنت أقنعهم غالبًا بأن الصلاة التي كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا ذات وقت مفتوح ومتاح على مدى ما يقرب من ثلاث ساعات تقريبًا من بعد الأذان، ونستطيع إدراك ثواب الجماعة مع الآخرين بعد انتهاء وقت المحاضرة، وأن الأذان يعني بدء دخول وقت الصلاة، وكنت أنجح في ذلك كثيرًا، وقد ارتضينا بذلك، ويقتضينا الأمر الخضوع للجدول المقرر للمحاضرات، إلا أن بعض الطلبة أصر على مقاطعتي ومحاولة إقناعي بحقه في ترك المحاضرة والذهاب إلى المسجد فور سماعه الأذان، وسرد لي مجموعة من الأحاديث النبوية التي يعتقد أنها مؤيدة لتصرفه، وكنت نصحته بأن التغيب عن المحاضرات سيكون له تأثير في تقدير درجات أعمال السنة عملًا لمبدأ المساواة بين الطلبة جميعًا، إلا أنه رفض الاستماع وأصر على الخروج من المحاضرة معلنًا أن صلاته أهم من المحاضرات مما أثار البلبلة والاندهاش بين الطلاب. ويطلب السائل رأي دار الإفتاء في هذا التصرف.
ما الحكم إذا أحدث الخطيب أثناء خطبة الجمعة؟ فهناك رجلٌ يسأل: في صلاة الجمعة، إذا أحدث الخطيب أثناء الخطبة، هل يتمها ويستخلف غيره للصلاة، أو ينتظرونه حتى يتوضأ ويرجع سريعًا إن قَدَر على ذلك؟
هل يجوز للمسلم صلاة النافلة وهو جالس؟ وهل له الأجر كاملًا أم نصفه، سواء كان صحيحًا أو مريضًا؟
ما حكم تلقين المصلّي التشهد في الصلاة إذا عجز عن حفظه؟ فإنَّ والدي لا يحفظ التشهد وعند صلاته أجلس أمامه ألقنه التشهد ويردّده ورائي؛ فهل هذا يجوز شرعًا؟