حكم إحضار المقرئين في سرادقات العزاء

تاريخ الفتوى: 10 يناير 2018 م
رقم الفتوى: 4321
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الجنائز
حكم إحضار المقرئين في سرادقات العزاء

ما حكم إحضار المقرئين في سرادقات العزاء؟

لا مانع شرعًا من إقامة سرادقات العزاء وإحضار القراء لقراءة القرآن، بل إن ذلك سنةٌ حسنةٌ وعملٌ مشروع، ما لم يقترن به إسرافٌ أو مباهاةٌ وتفاخرٌ أو أكلُ أموال الناس بالباطل، وبشرط أن لا تكون من أموال الورثة القُصَّر، ويجوز للقارئ أن يأخذ على ذلك أجرًا ولا حرج عليه؛ لأن ما يأخذه هو أجر احتباسٍ وليس أجرًا على قراءة القرآن.

المحتويات

 

حكم قراءة القرآن على القبر

جاء الأمر الشرعي بقراءة القرآن الكريم على جهة الإطلاق، ومن المقرر أن الأمر المطلق يقتضي عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال؛ فلا يجوز تقييد هذا الإطلاق إلا بدليل، وإلا كان ذلك ابتداعًا في الدين بتضييق ما وسَّعه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

وعلى ذلك فقراءة القرآن الكريم عند القبر على الموتى قبل الدفن وفي أثنائه وبعده مشروعةٌ ابتداءً بعموم النصوص الدالة على مشروعية قراءة القرآن الكريم، بالإضافة إلى أنه قد وردت أحاديثٌ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآثـارٌ كثيرةٌ عن السلف الصالح في خصوص ذلك؛ ذكرها الإمـام أبـو بكر الخلَّال الحنبلي [ت311هـ] في جزء "القراءة على القبور" من كتاب "الجامع"، ومثلُه الإمام علي بن أحمد بن يوسف الهكاري [ت489هـ] في كتابه "هدية الأحياء للأموات، وما يصل إليهم من النفع والثواب على ممر الأوقات"، والحافظ سيف الدين عبد الغني بن محمد بن القاسم بن تيمية الحراني الحنبلي [ت639هـ] في كتابه "إهداء القُرَب إلى ساكني التُّرَب"، والإمام أبو العباس القرطبي المالكي [ت671هـ] في كتابه "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة"، والحافظ شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن سرور المقدسي الحنبلي [ت676هـ] في جزءٍ سماه "الكلام على وصول القراءة للميت"، والإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عبد الغني السروجي قاضي قضاة الحنفية بالديار المصرية [ت701هـ] في كتابه "نفحات النسمات، في وصول إهداء الثواب للأموات"، والإمام محمد بن علي بن محمد بن عمر القطان العسقلاني [ت813هـ] في رسالته "القول بالإحسان العميم، في انتفاع الميت بالقرآن العظيم"، والحافظ السخاوي الشافعي [ت902هـ] في كتابه "قُرَّة العَيْن، بالمسرة الحاصلة بالثواب للميت والأبوين"، والحافظ السيوطي الشافعي [ت911هـ] في "شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور"، والحافظ السيد عبد الله بن الصِّدِّيق الغماري [ت1413هـ] في كتابه "توضيح البيان لوصول ثواب القرآن"، وغيرهم مِمَّن صَنَّف في هذه المسألة.

حكم قراءة القرآن على روح المتوفى

قراءة القرآن على روح المتوفَّى وهبة ثوابه إليه أمر مشروع بعموم أدلة الشرع الإسلامي، واتفقت عليه كلمة الفقهاء من المذاهب الفقهية الأربعة المتبوعة، وهو الهدية القيِّمة التي يقدمها الحي للميت، وقد أخذ العلماء وصول ثواب القراءة إلى الميت مِن جواز الحج عنه ووصول ثوابه إليه؛ لأن الحج يشتمل على الصلاة، والصلاة تقرأ فيها الفاتحة وغيرها، وما وصل كله وصل بعضه، وهذا المعنى الأخير وإن نازع فيه بعضهم إلَّا أن أحدًا مِن العلماء لم يختلف في أن القارئ إذا دعا الله تعالى أن يهب للميت مثل ثواب قراءته فإن ذلك يصل إليه بإذن الله؛ لأن الكريم إذا سُئِل أعطَى وإذا دُعِيَ أجاب.

حكم إحضار القراء لقراءة القرآن في السرادقات

إحضار القُرَّاء لقراءة القرآن في سرادقات العزاء؛ أمرٌ جائزٌ ومشروعٌ ولا شيء فيه، وأجر القارئ جائزٌ ولا شيء فيه؛ لأنه أجرُ احتباسٍ وليس أجرًا على قراءة القرآن، فنحن نعطي القارئ أجرًا مقابل انقطاعه للقراءة وانشغاله بها عن مصالحه ومعيشته، بشرط أن لا يكون ذلك من تركة الميت، وأن لا يكون المقصود به المباهاة والتفاخر، وعلى الناس أن يستمعوا وينصتوا لتلاوة القرآن الكريم. فالأمر في ذلك واسعٌ، والتنازع مِن أجْل ذلك لا يرضاه الله ولا رسوله صلي الله عليه وآله وسلم، بل هو مِن البدع المذمومة؛ إذ مِن البدعة تضييق ما وَسَّع الله ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم، فإذا شَرَع اللهُ سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثرَ مِن وجهٍ فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجهٍ دون وجهٍ إلَّا بدليل.

أما إذا كان ذلك من أجل المباهاة والتفاخر فهو إسرافٌ محرمٌ شرعًا، وتشتد الحرمة إذا كان قد حُمِّل القُصَّرُ من أهل الميت نصيبًا في ذلك، أو كان أهل الميت في حاجة إليها، ولا يجوز أن ينفق أحد في ذلك كله من تركة الميت أو مال غيره إلا عن طيب نفس منه، ولا يُحمَّل القصَّرُ ولا من لم تطب نفسه بذلك شيئًا منه.

ولا شك أن أهل الميت يكونون في أمس الحاجة إلى من يخفف عنهم ويواسيهم بالقول وبإعداد الطعام لهم وبالمال إذا كانوا في حاجة إلى ذلك؛ لانشغالهم وإرهاقهم بمصابهم وتجهيزاته، وهذا معنى قول رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: «اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا؛ فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي والحميدي في "مسنده" واللفظ له من حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن إقامة السرادقات وإحضار القراء للقراءة سنةٌ حسنةٌ وعملٌ مشروع، وذلك من الأمور المشروعة في أصلها، ما لم يقترن بها إسرافٌ أو مباهاةٌ وتفاخرٌ أو أكل أموال الناس بالباطل، وذلك بشرط أن لا تكون من أموال الورثة القُصَّر، وأجرُ القارئ على ذلك جائزٌ ولا شيء فيه؛ لأنه أجرُ احتباسٍ وليس أجرًا على قراءة القرآن.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

 اطلعنا على الطلب الـمُقَدَّم، والمتضمن الأسئلة الآتية:
أولًا: ما هي آداب الدفن الشرعية؟
ثانيًا: هل يجوز بناء مقبرة (فسقية) فوق قبور دفن بها منذ أربعين عامًا؛ وذلك لضيق المكان، ولأن الدفن قد توقف مما سبب طمع بعض المعتدين الذين نبشوا القبور القديمة وأزالوا شواهدها بغية الاستيلاء على المقبرة؛ مما جعلنا ننشئ هذه المقابر لتجديد الدفن وجعلها حقوقًا للمسلمين عامة؟
ثالثًا: هل يجوز شق طريق بين هذه المقابر؛ وذلك لبناء مقابر أخرى في المساحة المتبقية نظرًا لأن تعداد السكان في تزايد مستمر؟
رابعًا: هل يجوز وضع أكثر من ميت في العين الواحدة؟
خامسًا: قد تم تشجير الجبّانة حول السور وداخله، فما الحكم؛ حيث إنه من الممكن وجود جثث تحت أو جوار الأشجار؟ وهل يجوز زرع أشجار مثمرة؟ بالعلم أنها تروى بالتنقيط؟
سادسًأ: هل يجوز إنشاء دورة مياه داخل سور المقابر؛ بحيث يكون الخزان خارج السور؟
سابعًا: ما حكم الشرع في بناء المقبرة بالطوب الأحمر الطفلي؟ مع العلم أنه دخل النار. وما حكم البناء بالطوب الجيري البلوك؟ مع العلم أننا نبني جسم المقبرة بالبلوك، والقبو بالطوب الأحمر الطفلي؟
ثامنًا: هل يجوز تجديد المقام المبني داخل المقابر لشيخ يدعى السنوسي أم لا؟


ما حكم إلقاء موعظة على القبر بعد دفن الميت؟ حيث تُوفّي قريب من أقاربي، وشيَّعنا جنازته إلى أن وصلنا للقبور ودفنَّا الميت، فقام الشيخ بإلقاء موعظة بعد الدفن، فاختلف أحد المشيعين ورفع صوته، وقال: هذه بدعة. فما حكم الخطبة والموعظة على المقابر بعد الدفن وقبل الدعاء للميت؟


ما حكم ما يُسمى بـ(طلعة رجب) لتوزيع الصدقات عند المقابر؟ علمًا بأنه يعتاد بعض المسلمين في بداية شهر رجب من كل عام زيارة المقابر فيما يعرف بـ "طلعة رجب" ويمكثون في المقابر يوزعون فيها الطعام والأموال على الفقراء والمحتاجين. فما حكم ذلك شرعًا؟


ما حكم الصلاة على الميت الذي عليه دين؟ حيث ورد في كتب الحديث أنّ النبي صلّى الله عليهِ وآله وسلّم ترك صلاة الجنازة على من مات وعليه دين؛ فهل الصلاة على من مات وعليه دين حرام؟ نرجو منكم بيان الحكم الشرعي في ذلك.


سمعت أنَّ الدعاء عند قبور الصالحين مستجاب؛ فما مدى صحة ذلك؟


ما الكيفية الشرعية لغسل الميت؟ ومن أولى الناس بتغسيله؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57