الزيادة على أصل الدين بالتراضي في مقابل التأخير

تاريخ الفتوى: 13 مارس 2019 م
رقم الفتوى: 4737
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الديون
الزيادة على أصل الدين بالتراضي في مقابل التأخير

هل للدائن أن يؤخِّر أَجَل السداد إذا تَعَسَّر المدين مُقابِل الزيادة على المال المستحق بالتراضي بينهما؟

الزيادة في الدَّين بين الأفراد مقابل تأجيل ميعاد سداده حرامٌ شرعًا؛ سواء تراضى الطرفان على ذلك أو لم يتراضيا، بخلاف مصاريف وغرامات تأخير دَينِ البنوك إذا كانت جاريةً على مُعَدَّل الدراسة الاكتوارية الذي يحدده البنك المركزي -دراسة المخاطر الإقتصادية-، فالأخذ بهذا المُعَدَّل لا يعدُّ من قبيل الربا المحرم؛ إذ الزيادة فيه ظاهرية غير حقيقية؛ لأنها تمثل جَبْر النَّقْص في القيمة الشرائية للدَّيْن المستحق رَدُّه للبنك؛ فالمسدِّد للدَّيْن -في الحقيقة- يَرُدُّ نفس قيمة المال الذي تَأخَّر عن تسديده وإن زاد عدده في ظاهر الأمر.

المحتويات

 

الأدلة على حرمة الربا من الكتاب والسنة

من المعلوم من الدين بالضرورة حرمة الربا؛ حيث وردت حرمته في صريح الكتاب والسُّنة، وأجمعت الأُمَّة على تحريمه؛ قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 275].
وروى الإمامان البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ». قالوا: وما هن يا رسولَ الله؟ قال: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ».
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَعَنَ اللهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وشاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ» رواه أحمد.

حكم تراضي المتعاقدين على الزيادة في أصل الدين

الذي عليه فقهاءُ المذاهبِ الأربعة: أنَّ التراضي بين المتعاقدين على الحرام لا يبيحه ولا يُحِلُّه.

يقول الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (30/ 150، ط. دار الفكر): [ومبادلة الدَّين بالدَّين حرام شرعًا وإن وُجِد التراضي؛ لنَهْي النبي صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد الجد المالكي في "المقدمات" (2/ 518، ط. دار الغرب الإسلامي): [فكل ما يتراضَى عليه المتصالحان فهو جائزٌ ما لم يَجُرَّ ذلك إلى تحليل حرام أو تحريم حلال] اهـ.

وقال الإمام الشافعي في "الأم" (7/ 128، ط. دار المعرفة): [لم يكن التراضي جائزًا إلَّا بما تَحِلُّ به البيوع] اهـ.
وقال العَلَّامة ابن قدامة في المغني (6/ 436، ط. عالم الكتب): [وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الْمُسلِف إذا شرط على الْمُستَسْلِف زيادةً أو هديةً، فأسلف على ذلك، أنَّ أخذَ الزيادةِ على ذلك ربا] اهـ.

فتراضي المتعاقدين على الزيادة في أصل الدَّيْن إذا تَأخَّر المدين عن الوفاء حرامٌ شرعًا؛ لأنَّ ذلك من قبيل ربا النسيئة الذي كان مُشتَهَرًا عند العَرَب، ونَزَل القرآن بالنهي عنه. قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (3/ 348، ط. دار الشعب): [وغالبه -أي الربا- ما كانت العرب تفعله من قولها للغريم: (أتقضي أُم تُرْبِي؟)، فكان الغريم يزيد في عَدَد المال ويصبر الطالبُ عليه، وهذا كله مُحَرَّمٌ باتِّفاق الأُمة] اهـ.

حكم غرامة التأخير في المعاملات البنكية

الحرمة لهذه المعاملة إنما تكون في المعاملات الجارية خارج البنوك، أي: بين الأفراد، أَمَّا المعاملات التي تجريها البنوك والتي تضيف مصاريف وغرامات عن كل دَينٍ تَأخَّر سداده جَرَّاء الضرر الواقع عليها، ويكون ذلك بمعاييرَ محددةٍ فلا حَرَجَ فيها؛ وذلك لأنَّ الغرامة الحاصلة من التأخير في تلك الحالة جاريةٌ على مُعَدَّل الدراسة الاكتوارية، والأخذ بهذا المُعَدَّل لا يعدُّ من قبيل الربا المحرم؛ إذ الزيادة فيه ظاهرية غير حقيقية؛ لأنها تمثل جَبْر النَّقْص في القيمة الشرائية للدَّيْن المستحق رَدُّه للبنك؛ فالمسدِّد للدَّيْن -في الحقيقة- يَرُدُّ نفس قيمة المال الذي تَأخَّر عن تسديده وإن زاد عدده في ظاهر الأمر.
يُضاف لذلك أن للشخصية الاعتبارية -المُتَمَثِّلَة في الدولة والهيئات العامة ومنها البنوك- من الأحكام ما يختلفُ عن أحكام الشخصية الطَّبَعِيَّة؛ إذ اعتبر الفقهاء أربع جهات لتغيُّر الأحكام، من بينها تغيُّر الأحكام على قَدْر طبيعة الأشخاص؛ فأقَرُّوا -على سبيل المثال- عدم استحقاق زكاةٍ على مال الوقف والمسجد وبيت المال، فما لا يجوز في حق الأفراد الطَّبَعِيِّين قد يختلف حكمه في حق الشخصية الاعتبارية.

الخلاصة

على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنَّ التراضي بين الدائن والمدين والذي يَحْصُل به تأخير الدائن أَجَل السداد إذا تَعَسَّر المدين مُقابِل الزيادة على المال المستحق غير جائز شرعًا بين الأفراد الطَّبَعِيِّين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم بيع الشيكات الآجلة للبنك؟ حيث نظرًا لمجهوداتكم لإنارة الحق في المسائل التي تخص الأمة الإسلامية، وإيضاح الحلال والحرام؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء: 7]؛ لذلك اطلب من سيادتكم فتوى في تعاملاتنا مع البنوك في الآتي:
القطع على الأوراق التجارية (الشيكات، والكمبيالات) بمعنى: معظم المبيعات في هذا النشاط 95% آجل مقابل شيكات أو كمبيالات آجلة السداد، عند ذلك تقوم الشركة بإيداعها بالبنك للتحصيل؛ ونظرًا لعدم استقرار الدولار (وهذا يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للجنية المصري)؛ فقد تم الاتفاق مع البنك على أن نقوم بسحب وليكن 80% من قيمة هذه الأوراق التجارية قبل ميعاد استحقاقها؛ لاستخدام هذه السيولة في تمويل شراء البضاعة، وذلك مقابل مصاريف سنوية محددة تدفع للبنك لحين ميعاد استحقاق هذه الأوراق التجارية. ولسيادتكم جزيل الشكر.


سأل بما صورته: رجل توفي وعليه دين يبلغ ثمانين ومائتي جنيه، وترك تركة تساوي أضعاف هذا الدين اقتسمها ورثته فيما بينهم. فهل للدائن مطالبة جميع الورثة بجميع دينه ليسددوه من التركة؟ وهل لأحدهم المعارضة في سداد هذا الدين كله أو بعضه للدائن مع ثبوته، بحجة أن بعض الأعيان بيع لسداد دين آخر، مع أن الباقي من التركة فيه وفاء بباقي الديون وزيادة؟


ما حكم رجوع البالغ على القاصر بما سدده من دين المورث؛ فقد سأل شخص في رجل مات عن ابنين قاصر وبالغ، وترك قطعة أرض ومنزلًا يسكنان فيه، وقطعة الأرض المذكورة لا تغل شيئًا، وقد بقي الابنان المذكوران بعد موت أبيهما في عائلة واحدة ومعيشة واحدة، يأكلان من سعي الابن البالغ وكسبه، وقد مات أبوهما المذكور وعليه دين لأشخاص ثابت بالوجه الشرعي، فصار الابن البالغ يسدد ذلك الدين من كسبه، ثم إنه جدد الابن البالغ قطعة أرض أيضًا.
فهل والحالة هذه يكون للبالغ أن يرجع على القاصر بعد بلوغه ببعض ما سدده من الدين عن أبيه بمقدار ما يخصه، ولا يكون لأخيه القاصر المذكور بعد بلوغه أن يشارك أخاه البالغ في قطعة الأرض التي جددها من كسبه، أو لا يكون للقاصر مشاركة أخيه البالغ في قطعة الأرض التي جددها من كسبه، ولا يكون للبالغ الرجوع على الابن القاصر ببعض الدين الذي سدده عن أبيه، أو ما الحكم في كل ذلك؟ أفيدوا مأجورين.


ما حكم الزكاة على المال المدفوع مقدما لإيجار شقة؛ فقد أعطى السائل مبلغًا من المال مُقَدَّمَ إيجار نظير استئجار شقة من مالكها على أن يُخْصَم نصف الإيجار من المقدَّم المذكور، ويُسَدِّد النصف الآخر وذلك لمدة اثني عشر عامًا. ويسأل: هل على المال الذي أعطاه للمالك زكاة شرعًا؟


ما حكم انتقال الدين من ذمة المتوفى إلى ذمة أحد أقاربه؟ فقد توفي أخي، وقلت عند الصلاة عليه: "أيُّ دَيْنٍ على المرحوم في ذمَّتي"، وبعد الدفن صرفت أرملته مستحقاته من عمله بخلاف ما ترك من أموال وهي سيارة خاصة، فهل يسدد الدين من ماله أم أنا ملزم به؟ ويطالبني أخوها بمؤخر الصداق وعدَّه دَينًا على المتوفى وألزمني به، فهل أسدده، أم يؤخذ من ماله؟


ما حكم احتساب ما يدفعه المزكي الضامن لدين شخص من الزكاة الواجبة عليه في ماله المتبقي عنده؟ فهناك رجل ضَمِنَ آخرَ في دين عليه، ولم يسدد المدين هذا الدين وأفلس، فقام الضامن بسداده من ماله، وهو مبلغ 50 ألف جنيه، وللضامن مال آخر تجب فيه الزكاة، فهل يجوز له أن يحتسب مبلغ الـ50 ألف جنيه التي سدَّدها بطريقة الضمان للدائن من الزكاة التي تجب عليه في ماله الخاص؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :14
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 48
العشاء
9 :15