حكم تأجيل العمرة خوفا من انتشار مرض كورونا

تاريخ الفتوى: 14 أبريل 2020 م
رقم الفتوى: 4995
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم تأجيل العمرة خوفا من انتشار مرض كورونا

ما حكم تأجيل العمرة خوفا من انتشار مرض كورونا؟ فبعد انتشار فيروس كورونا قامت السلطات السعودية باتخاذ قرار إرجاء العمرة؛ تحرزًا من انتشار عدوى الوباء، فهل يجوز ذلك شرعًا؟

يجوز شرعًا للسلطات السعودية القائمة بتنظيم الحج والعمرة وخدمة الحرمين الشريفين -بما أقامها الله فيه من رعاية الحجيج ومسؤولية الحفاظ على سلامتهم وأمنهم- أن تتخذ كافة إجراءات السلامة والأمن التي تكفل لها تحقيق ذلك؛ فإذا رأت حتمية إرجاء العمرة في زمن معين لمواجهة انتشار الوباء: فلها أن تفعل ذلك؛ احترازًا من الوباء، ووقايةً من الإصابة به، وحدًّا من انتشاره، حفاظًا على سلامة النفوس، من عدوى ذلك الفيروس، الذي قد يفتك بحياة المعتمرين، حتى لا يكون الاجتماع والتزاحم في المناسك سببًا في تفاقم المرض وتفشي الوباء؛ فإن حفظ النفس من المقاصد الكلية في الشريعة الإسلامية، وقد سبق الشرع الشريف إلى نظم الوقاية من الأمراض المعدية، فحذَّر أشد الحذر من تنقلها وتفشيها؛ حتى لا تصبح وباءً عامًّا، مع التذكير بأن هذا إجراء استثنائي مرتبط بشيوع الوباء والخوف من عدواه، وهو متسق مع القرارات الاحتياطية والإجراءات الوقائية التي اتخذتها دول العالم ومنظماته ومؤسساته الصحية للحد من انتشار الوباء؛ كإغلاق المساجد والمدارس والجامعات، وإرجاء الجمعات والجماعات، ومنع الاختلاط والتجمعات، وفرض الحظر في أغلب الساعات.

المحتويات

 

حول حديث «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» وما يجب على الحكام تجاه الرعية

أوجب الشرع الشريف على الحُكّام رعاية المحكومين؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا، وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه.
فسمَّى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلَّم الحاكمَ: راعِيًا، وسمَّى المحكومين: رَعِيَّةً؛ بمعنى: مَرْعِيَّة، فهي فَعِيلَة بمعنى مفعولة؛ أي: في حفظ الحاكم ومراقبته.
قال الإمام ابن فارس في "مقاييس اللغة" (2/ 408، ط. دار الفكر): [الراء والعين والحرف المعتل أصلان: أحدهما المراقبة والحفظ] اهـ.
وقال الإمام ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (2/ 236، ط. المكتبة العلمية): [أي: حافظ مؤتمَن، والرَّعِيَّةُ: كلُّ مَن شَمِلَه حفظُ الراعي ونظرُه] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (12/ 213، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال العلماء: الراعي: هو الحافظ المؤتمَن، الملتزِم صلاحَ ما قام عليه وما هو تحت نظره؛ ففيه: أن كل مَن كان تحت نظره شيء فهو مطالَبٌ بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته] اهـ.
ومن أعظم ما يجب على الحكّام تجاه الرعية: حفظ نفوسهم، ووقايتهم المهالك؛ فإن حفظ النفس من مقاصد الشرع الكلية التي جاءت بحفظها كل الشرائع السماوية، وهي في مقدمة الكليات الخمسة الضرورية؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]، وقال سبحانه: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، وقال عزَّ وجل: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ [النساء: 71]، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنْه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، رواه الحاكم في "المستدرك" وصححه على شرط مسلم، والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والدينوري في "المجالسة".
والحفاظ على المُهَج من التلف وصيانة الأرواح من الأمراض المهلكة والأوبئة الفتَّاكة من أهم مظاهر حفظ النفس:
قال الإمام ابن الجوزي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (1/ 217، ط. دار الوطن): [والفرار من المَخُوفِ مشروعٌ، وكذلك الاحتراز منه؛ قال عز وجل: ﴿خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ [النساء: 71]، وقد مر النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم بحائط مائل فأسرع، واستعمل الدواء، ولبس الدرع؛ فهذه الأشياء موضوعة على قانون الحكمة، فليس لقائل أن يعتمد على القدَرِ ويُعرِضَ عن الأسباب؛ فإن الرزق مقدر، والكسب مشروع، والوباء عند المتطببين أنه يعرض للهواء فيفسده] اهـ.
وقال الإمام النيسابوري في تفسيره "غرائب القرآن ورغائب الفرقان" (2/ 446، ط. دار الكتب العلمية): [والغرض: النهي عن التخاذلِ وإلقاءِ النفس إلى التهلكة] اهـ.

موقف الشريعة من التعامل مع أصحاب الأمراض المعدية

في سبيل إعانة الحكّام على ما حُمِّلُوه من مسؤولية الرعية خوَّلت الشريعة لهم اتخاذَ كافة إجراءات الرعاية والعناية ووسائل الحيطة والوقاية التي تعين على حفظ النفوس التي أقامهم الله تعالى لحفظ أصحابها وتوفير أمنهم وسلامتهم، ومن ذلك: تأمين وقايتهم من الأوبئة والأمراض المعدية ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا؛ كالجُذام والطاعون ونحوهما.
وقد أمرنا الشرع الشريف بتجنُّب أصحاب هذه الأمراض؛ خوفًا من انتشارها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنْه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".
قال الإمام المناوي في "فيض القدير" (1/ 138، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [أي: احذروا مخالطته وتجنبوا قربه وفرُّوا منه كفراركم من الأسود الضارية والسباع العادية] اهـ.

ومنعت الشريعة أصحاب الأمراض المعدية من حضور تجمعات الناس ولقاءاتهم؛ لئلا يكون في وجودهم إضرار بغيرهم، وأكرمتهم مع ذلك بثواب من حضر؛ فأخرج الإمام مسلم في "صحيحه": عن عمرو بن الشريد، عن أبيه رضي الله عنْه قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجعْ».
وإذا كان الشرع الشريف قد حذَّر من مخالطة أصحاب العدوى في الظروف العادية التي يحصل فيها بعض الاختلاط والملامسة؛ فمن باب أولى أن يكون الحذرُ أشدَّ في شدة الاختلاط وكثرة التجمعات؛ ولذلك نص العلماء على سقوط صلاة الجمعة والجماعة عن من كان به أذًى؛ لأن مشاركتهم المسلمين واختلاطهم بهم سبب للأذى وإلحاق للضرر:
قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "المنهاج القويم" (ص: 150، ط. دار الكتب العلمية): [وكذا نحو المجذوم والأبرص، ومِن ثَم قال العلماء: إنهما يمنعان من المسجد وصلاة الجماعة واختلاطهما بالناس] اهـ.
وقال العلامة الحجاوي المقدسي في "الإقناع" (1/ 176، ط. دار المعرفة): [والمراد: حضور الجماعة حتى ولو في غير مسجد، أو غير صلاة.. وكذا من به برص أو جذام يُتَأذَّى به] اهـ.
ويزاد الحذر ويتأكَّد بالنسبة للعمرة؛ فإنها مظنة الاجتماع الأكبر والاختلاط الأشد، وقد فعل ذلك السلف الصالح رضوان الله عليهم:
فأخرج الإمام مالك في "الموطأ": أن عمر بن الخطاب رضي الله عنْه مرَّ بامرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت، فقال: "يا أمةَ الله! لا تؤذي الناس، لو جلَسْتِ في بيتِكِ"، فجلسَتْ، فمر بها رجل بعد ذلك، فقال لها: إن الذي كان قد نهاك قد مات؛ فاخرجي، فقالت: ما كنتُ لأطيعَه حيًّا وأعصيه ميتًا. وفي رواية الإمام محمد بن الحسن الشيباني للموطأ: "يا أمةَ الله، اقعدي في بيتك، ولا تؤذي الناس".
قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (4/ 407، ط. دار الكتب العلمية): [وفي هذا الحديث من الفقه: الحكم بأن يحال بين المجذومين وبين اختلاطهم بالناس؛ لِمَا في ذلك من الأذى لهم، وأذى المؤمن والجار لا يحل، وإذا كان آكل الثوم يُؤمَر باجتناب المسجد وكان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم ربما أُخرِجَ إلى البقيع، فما ظنك بالجذام!] اهـ.
ومثلُ الجُذام: كلُّ مرضٍ معدٍ؛ لأن العلة في العدوى، فكيف إذا كان وبـــاءً!

حكم تأجيل العمرة خوفا من انتشار مرض كورونا

جعل الشرع الشريف حصولَ المرضِ والخوفَ الغالب مِن حصولِه: من أسباب سقوط وجوب الجمعات والجماعات؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِي فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّاهَا» قَالُوا: مَا عُذْرُهُ؟ قَالَ: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ» أخرجه أبو داود والدارقطني في "سننهما"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، و "معرفة السنن والآثار"، قال الإمام البيهقي: "وَمَا كَانَ مِنَ الْأَعْذَارِ فِي مَعْنَاهما: فَلَهُ حُكْمُهُمَا".
قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (16/ 244، ط. أوقاف المغرب): [وأما قوله في الحديث «مِن غَيرِ عُذْرٍ»: فالعذر يتسع القولُ فيه؛ وجملته: كل مانعٍ حائلٍ بينه وبين الجمعة مما يتأذى به ويخاف عدوانه، أو يبطل بذلك فرضًا لا بدل منه؛ فمن ذلك: السلطان الجائر يظلم، والمطر الوابل المتصل، والمرض الحابس، وما كان مثل ذلك] اهـ.
فإذا كان في إقامة بعض الشعائر الدينية؛ كالحج أو العمرة، أو الجُمعة، أو العيدين، أو الجهاد، أو الحدود أو الفيء، ونحو ذلك، ما قد يعرض النفوس للهلاك أو للضرر الشديد: جاز للحاكم تقييد إقامة تلك الشعائر على قدر الحاجة حتى يرتفع الطارئ، مع ثبات حكمها وبقائه على أصل تشريعه دون المساس به، فإذا كان المرض وباءً انتشر في بلاد العالم وأصاب الآلاف المؤلفة: فإن مظنة انتقال العدوى عند الازدحام والتجمعات تزداد، واحتمالية الإصابة بهذا المرض ترتفع. والأطباء المختصون يقررون أن وباء فيروس كورونا ينتشر بسرعة فائقة عن طريق العدوى بين الأشخاص، سواء كان عن طريق الجهاز التنفسي والرذاذ المتناثر من الأنف أو الفم المحمَّل بالميكروب عندما يسعل المصاب بالفيروس أو يعطس، أو عن طريق المخالطة وملامسة المرضى والأسطح المحيطة بهم دون اتخاذ تدابير الوقاية والنظافة؛ كما أفادته منظمة الصحة العالمية (WHO)، ولذلك يجب الابتعاد عن الشخص المريض بمسافة كافية تحول دون انتشار العدوى، وقد أثَّر الوباء في ارتفاع أعداد الإصابات وتضاعف حالات الوفيات؛ حتى أعلنت المنظمة حالة الطوارئ الصحية العامة، باعتباره وباءًا عالميًّا.
وعلى المسلمين الالتزام بهذه الإجراءات والتعليمات؛ حتى يكونوا عونًا لولاة الأمر على تحقيق مهامهم، وتنفيذ مسؤولياتهم.
قال الإمام سهل بن عبد الله التُّستَري: [أطيعوا السلطان في سبعة: ضرب الدراهم والدنانير، والمكاييل والأوزان، والأحكام، والحج، والجمعة، والعيدين، والجهاد] اهـ، نقله الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" (5/259، ط. دار عالم الكتب).
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز شرعًا للسلطات السعودية القائمة بتنظيم الحج والعمرة وخدمة الحرمين الشريفين -بما أقامها الله فيه من رعاية الحجيج ومسؤولية الحفاظ على سلامتهم وأمنهم- أن تتخذ كافة إجراءات السلامة والأمن التي تكفل لها تحقيق ذلك؛ فإذا رأت حتمية إرجاء العمرة في زمن معين لمواجهة انتشار الوباء: فلها أن تفعل ذلك؛ احترازًا من الوباء، ووقايةً من الإصابة به، وحدًّا من انتشاره، حفاظًا على سلامة النفوس، من عدوى ذلك الفيروس، الذي قد يفتك بحياة المعتمرين، حتى لا يكون الاجتماع والتزاحم في المناسك سببًا في تفاقم المرض وتفشي الوباء؛ فإن حفظ النفس من المقاصد الكلية في الشريعة الإسلامية، ، وقد سبق الشرع الشريف إلى نظم الوقاية من الأمراض المعدية، فحذَّر أشد الحذر من تنقلها وتفشيها؛ حتى لا تصبح وباءً عامًّا، مع التذكير بأن هذا إجراء استثنائي مرتبط بشيوع الوباء والخوف من عدواه، وهو متسق مع القرارات الاحتياطية والإجراءات الوقائية التي اتخذتها دول العالم ومنظماته ومؤسساته الصحية؛ للحد من انتشار الوباء؛ كإغلاق المساجد والمدارس والجامعات، وإرجاء الجمعات والجماعات، ومنع الاختلاط والتجمعات، وفرض الحظر في أغلب الساعات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم بناء المسجد على المقابر المندرسة؟ فعندنا مسجد يضيق بالمصلين ولا توجد به دورة مياه، فقام أهل الحي بتوسيعه ليكون مسجدًا جامعًا يتسع للمصلين وتكون به دورة مياه، ولا يوجد مكان في هذا الحي إلا في البقعة المجاورة للمقبرة الموضحة بخريطة المسجد المرفقة مع نص السؤال، وهذه البقعة خالية وليس بها قبور ولم يثبت أنه دُفِن فيها أحدٌ بالفعل؛ حيث إن أهل الحي منعوا من الدفن في هذه البقعة وقاموا منذ زمن طويل بوضع ثلاثة حواجز لِمنع الدفن فيها نتيجة للرائحة التي يتأذى بها أهل الحي، كما كانت توجد بئر قديمة يسقي منها أهل الحي حدائقهم، ولم يكن يوصَل إلى هذه البئر إلا من خلال المرور بهذه البقعة التي بُنِيَ عليها المسجد الآن، والبئر الآن مهجورة، وهذه البقعة بها ثلاث مغارات كان يلجأ إليها أهل الحي عند نزول المطر والغارات الجوية فيما مضى، ولم يكن يوصَل إلى هذه المغارات إلا من خلال المرور بها؛ مما يدل على عدم وجود مقابر في هذه البقعة التي بُنِيَ عليها المسجد.
علمًا بأن المغارات الثلاث والبئر القديمة ومكان الحواجز الثلاث والمكان الذي بُنِيَ فيه المسجد على هيئة هضبة مجاورة للمقبرة؛ أعلاها يبدأ من البئر القديمة ثم تنحدر هذه الهضبة وتنتهي عند الطريق العمومي كما هو موضح بالخريطة.
كما نوضح لفضيلتكم أن الأرض التي بُنِيَ عليها المسجد الآن ليست من جنس أرض المقابر؛ لأنها كانت قبل بناء المسجد عليها مرتفعةً عن بقية أرض المقبرة كما سبق توضيحه، وقد تم تجريف هذا الارتفاع من الأرض وتسويته تمامًا بالجرافات الآلية، ونُقِلت التربة بعربات النقل حتى أصبحت الأرض التي بُنِيَ عليها المسجد مثلَ غيرها من الأرضين وخرجت عن كونها أرض مقبرة مع عدم ثبوت الدفن فيها، وبعد تسويتها قمنا بوضع قواعد خراسانية فيها ثم رُدِمَت هذه القواعد بتربة رملية، وقد تم بناء المسجد اعتمادًا على المعطيات السابقة والمعلومات الموضحة بالخريطة المرفقة:
أولًا: المسجد محاط بالمقابر من جهتين؛ الشرقية بأكملها تجاه القبلة، والجنوبية بأكملها كما بالخريطة.
ثانيًا: قبل بناء المسجد ترك مُشيِّدوه مسافة على هيئة طريق مسلوك يعتبر فاصلًا بين المسجد والمقبرة؛ أضيقه ثلاثة أمثار وأوسعه ستة أمتار وذلك موضح بالخريطة المرفقة مع نص السؤال.
وبعد ذلك كله فوجئنا بمن امتنع عن الصلاة في هذا المسجد بدعوى أن الأرض التي بُنِيَ المسجد عليها وقفٌ للمقبرة، والمقبرة أقدم من المسجد من حيث المكان، فاعتبروا بذلك أن المسجد مبني على أرض المقبرة، كما جعلوا المجاورة الشديدة بين المسجد والمقبرة من اتخاذ القبور مساجد، واستندوا إلى العظام والرميم التي وُجِدَت أثناء حفر السور وذكروا أنهم سمعوا سائقَ الجرَّافة أو أحد سائقي عربات النقل يذكر أنه رأى عظامًا أثناء تجريف الأرض، وأبدوا احتمالًا بوجود قبر آخر بداخل السور محاذٍ للقبر الذي هو خارج السور المشار إليه برقم (1) في الخريطة، وأنه يمكن أن يكون قد تم نبشه عن طريق الجرافة من غير أن يعلم أحد.
وقد تقصينا الأمر في ذلك وخرجنا بالنتائج التالية:
الأرض التي تم بناء المسجد عليها ليست وقفًا للمقبرة؛ لأنه لم يثبت عندنا لأحد من أهل الحي خاصة وأهل البلد عامة ملك أحد منهم لهذه الأرض، وليس هناك حجة أو قرينة تثبت ذلك من قريب أو بعيد.
أما العظام التي وُجِدت أثناء حفر السور فقد وُجِدَت بعد الانتهاء من بناء المسجد وفي غير المكان الذي بُنِيَ فيه بل في مكان يبعد عنه ستة أمتار كما هو موضح بالخريطة وذلك عند بناء السور الذي يفصل المقبرة عن الطريق والمسجد وليس في البقعة التي تم إحلالها وبناء المسجد فيها، وأما احتمال وجود قبر داخل السور تم نبشه فلم نجد ما يؤيده.
وسألنا سائق الجرَّافة عما نقلوه عنه فأنكر صدوره منه، وأنكر أنه رأى أي رميم أو عظام أثناء قيامه بتجريف الأرض، وحتى على فرض أن أحدًا رأى شيئًا فإن هذه الأرض التي بني فيها المسجد كانت خربة وكان بعض أهل الحي يدفنون فيها بهائمهم الميتة.
فما حكم الصلاة في هذا المسجد؟ وهل تدخل توسعته بذلك في اتخاذ القبور مساجد؟


ما حكم تمثيل الآيات القرآنية بصور توضيحية لها؛ فلما كانت الصورة أوقع في النفس وأثبت في الذهن وأقرب إلى الأفهام عادة من الكلمة المقروءة التي ربما يستعصي فهمُها على آحاد الناس أو صغارهم، فقد بذلنا جهدنا في محاولة لتقريب فهم القرآن على هذه الطائفة من الناس؛ وذلك عن طريق كتابة الآية مقرونة بصورة توضيحية لها، على أن تكون الصورة متسقة مع مقررات الشريعة العامة ومقاصدها ومراعية حكم الإسلام في التصوير. فهل ما نفعله هذا يعد موافقًا للشرع الحنيف وروحه الذي جاء بالتيسير، أم أنه يتصادم مع نص شرعي أو إجماع أو اجتهاد معتبر؟


ما حكم ترقيع الجلد التالف للإنسان الحي بجلد الميت؟ حيث تعرضتُ لحادث تسبب في تهتك وتشوه أجزاء كبيرة من جلدي وفي أماكن متفرقة، ولشدة التهتك وعمقه يصعب تجدُّد الجلد في هذه الأماكن مرة أخرى؛ بسبب تلف الخلايا التي تعمل على تجدُّده، وذلك مما يعرضني  لمشاكل صحية ومخاطر كبيرة؛ خاصة أنه قد وصل هذا التهتك إلى الأوعية الدموية والعضلات، إضافة إلى الضرر النفسي الذي يصيبني حال رؤية هذا التشوه في جسدي، وقد قال لي الطبيب المعالج إنه لا وسيلة للتداوي من هذا التهتك والتشوه، إلا بزراعة طبقة من الجلد تغطي الجزء المصاب، وبعد إجراء فحوصات عديدة تبين أنه لن يتناسب معي إلا زراعة جلد بشري مناسب لطبيعة جلدي حتى تغلب نسبة نجاح هذه الزراعة، ويتعذر مع ذلك أخذ ذلك الجلد مني لكبر وتعدد الأماكن المصابة، إضافة لسوء حالتي الصحية التي لا تسمح بمزيد من الجروح والآلام، فهل يجوز لي في هذه الحالة الانتفاع بجلد مَن مات حديثًا خاصة من الأشخاص الذين يبيحون التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم؟


ما حكم صلاة الجمعة بأقل من أربعين في زمن الوباء؟

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما بعد..
فإن من نوازل العصر ومتقلبات الأحوال: جائحة كورونا التي أصابت العالم بأسره، أسأل الله تعالى السلامة منه لجميع الناس.
وهذه الأزمة تجعل المتغيرات إلى المرونة والتمسك بيسر الدين الإسلامي وملامح رحمته ومحاسن تشريعه، فيما نقوم به من الطاعات كالجمعة والجماعة والتجمع لأداء العبادات والتباعد في الصفوف، وتقليل عدد التجمع في الأماكن العامة ودور العبادات.
وقد أعلنت وزارة الصحة التابعة لسيريلانكا والجهات المختصة بمنع التجمع بأكثر من خمسة وعشرين شخصًا في الأماكن العامة ودور العبادات، وفي إطار هذه الأزمة أفتت هيئة الإفتاء التابعة لجمعية علماء سيريلانكا بإقامة الجمعة في أماكن مختلفة، وذلك بناءً على جواز تعدد الجمعة في بلدٍ واحدٍ عند الحاجة في المذهب الشافعي.
ولكن لا يزال العلماء يناقشون مسألة التجمع بأقل من أربعين رجلًا في هذه الحالة الراهنة، علمًا بأن المعتمد في المذهب الشافعي أن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا فأكثر، فاختلفت آراء العلماء على اتجاهين:
الاتجاه الأول: الإنكار بإقامة الجمعة بأقل من أربعين رجلًا؛ اعتمادًا على القول الراجح المعتمد في المذهب الشافعي، وتعليلًا بأن العدد غير مكتمل.
الاتجاه الثاني: تنفيذ إقامة الجمعة بالعدد المسموح؛ تعظيمًا لشعائر الله، ومراعاة للمصلحة الدينية.
وبينما هو كذلك قد عثرتُ على مخطوطٍ لعالم جليل وعلم من كبار علماء سيريلانكا، وركن من أركان علم الفلك، ومؤسس الكلية الحسنية العربية الشيخ العلامة عبد الصمد رحمه الله، الذي كان رئيسًا لجمعية علماء سيريلانكا فترة طويلة، وله عدة مؤلفات من المطبوع والمخطوط.
وقد ألف كتابًا في عام 1912م، بخطه وسماه بـ "ضوء الشرعة بعدد الجمعة"، وقد ناقش الأدلة والآراء ورجح القول بأن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا فأكثر.
وما حاصله: وإذا كان أهل البلد أقل من الأربعين، فإن كانوا (الشافعية) بأربعة فصاعدًا وأرادوا تقليد الإمام أبي حنيفة في صحة الجمعة بأربعة، فيجوز أن يصلوا الجمعة إن قلدوه تقليدًا صحيحًا؛ بأن يحافظوا كلهم على جميع الشروط المعتبرة عنده، ولكنه تُسنّ إعادتها ظهرًا خروجًا من الخلاف القوي. وإذا أرادوا أن يعملوا باختيار بعض الأئمة الشافعية في صحة الجمعة بدون أربعين وصلوا الجمعة فلا بأس بذلك، ولكن يلزمهم أن يعيدوا الظهر بعدها لوجوب العمل بالراجح، فإن لم يعيدوا الظهر جماعة أو فرادى فينكر عليهم إنكارًا شديدًا.
أطلب من سماحتكم إبداء موقف دار الإفتاء في إعادة الظهر بعد الجمعة: هل هي لازمة إذا عملوا في هذه المسألة على المرجوح في المذهب الشافعي؟ أو هل هي مسنونة إذا قلدوا في هذه المسألة مذهب الحنفية أو المالكية حفاظًا على جميع شروطهم؟ ولكم جزيل الشكر ومن الله حسن الثواب.


ما حكم نشر آيات من القرآن على مواقع التواصل وترشيح صديق يكمل بعد وهكذا؛ فقد انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي وضع آية من آيات القرآن الكريم، واختيار أحد الأشخاص لنشرها بين أصدقائه، ويختار هو صديقًا غيره لينشرها، ومن يختار يختار غيره (تحت شعار: لا تجعلها تتوقف عندك)، وذلك كشبكة متواصلة لنشر هذه الآية أو الدعاء بقصد عموم الذكر بين الناس في شهر رمضان، فما حكم فعل ذلك؟


ما حكم إقامة الجماعات أمام المساجد وفي الساحات؟ ففي ظل ما يعيشه العالم من وباء كورونا وما اتخذته مصر وغيرها من دول العالم من قرارات وإجراءات للحد من انتشار هذا الوباء؛ فمنعت التجمعات، وأغلقت المساجد والمدارس، يصر البعض على مخالفة تعليمات الدولة الرسمية؛ فخرجوا على الناس يدعون إلى أداء صلاة الجمعة في الشوارع والساحات أمام المساجد؛ مستدلين بالحديث الشريف: «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»؛ وذلك بحجة إقامة الشعائر، وتحت دعوى تجميع الناس للقنوت والدعاء لصرف الوباء، زاعمين بأن إغلاق المساجد لأجل ذلك منافٍ لشرع الله، ومنع لفريضة الله، وأن هذا أخذ بالشبهة، وعمل بالظنة؛ دون قرينة أو شبهة قرينة يُبنى عليها الحكم، وأن احتمالية وجود مريض في المسجد لا تبرر إغلاق مساجد الدولة كلها، وأن ذلك إنما يصح إذا تفشَّى المرض؛ فنبني وقتَها على التفشي، بدليل أنه قد وقعت بين المسلمين أمراض كثيرة فيما مضى، ومرت بسلام دون حاجة إلى كل هذه الإجراءات.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31