حكم صلاة أكثر من فرض بتيمم واحد لمريض كورونا

تاريخ الفتوى: 01 مايو 2020 م
رقم الفتوى: 5226
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم صلاة أكثر من فرض بتيمم واحد لمريض كورونا

ما حكم تعدد الصلوات بتيمم واحدٍ بالنسبة لمريض كورونا الذي يشق عليه استعمال الماء في كل فرض؟

صلاة مريض كورونا لأكثر من فرض بتيمم واحد صحيحة شرعًا ما دام يشق عليه استعمال الماء لرفع الحدث، ولا حرج عليه فيه ذلك، وله أيضًا في هذه الحالة أن يُصلي ما تيسر له من النوافل القبلية والبعدية.

المحتويات

مذاهب الفقهاء في جواز استباحة أكثر من صلاة بتيممٍ واحدٍ

اتفق الفقهاء على أن التيمم جُعل شرطًا في صحة الأفعال التي اشتُرط في صحتها الوضوء؛ من الصلاة، ومس المصحف، ونحو ذلك.
غير أنهم اختلفوا في جواز استباحة أكثر من صلاة بتيممٍ واحدٍ؛ فعند الحنفية:
يجوز للمتيمم الجمع بما شاء من الفرائض والنوافل؛ لأنه طهور عند عدم الماء، والحدث الواحد لا يجب له طهران؛ لما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ» متفقٌ عليه.
قال العلَّامة بدر الدين العيني الحنفي في "منحة السلوك" (ص: 79، ط. وزارة الأوقاف): [قوله: (ويصلي بتيممه) أي: بتيممه الواحد (ما شاء من الفرائض والنوافل جميعًا)؛ لأنها طهارة مطلقة كالوضوء] اهـ.
وعند المالكية:
فالمشهور من المذهب المالكي أنه لا يجوز للمتيمم أن يصلي أكثر من فرض بتيممٍ واحد، بخلاف النوافل فإنه يجوز له الجمع بينها، بينما يجوِّزون الجمع بين فريضة ونافلة بشرط تقدُّم الفريضة على النافلة:
ففي "المدونة" (1/ 149، ط. دار الكتب العلمية): [قال مالك: لا يصلي مكتوبتين بتيمم واحد، ولا نافلة ومكتوبة بتيمم واحد إلا أن تكون نافلة بعد مكتوبة، فلا بأس بذلك. وإن تيمم فصلى مكتوبة ثم ذكر مكتوبة أخرى كان نسيها فليتيمم لها أيضًا، ولا يجزئه ذلك التيمم لهذه الصلاة] اهـ.
وقد استثنى بعض المالكية من ذلكَ: المريض بما لا يستطيع معه استعمال الماء؛ ففي "الرسالة" لأبي زيد القيرواني (ص: 21، ط. دار الفكر): [لا يُصلي صلاتين بتيممٍ واحدٍ من هؤلاء إلا مريض لا يقدر على مس الماء؛ لضررٍ بجسمه مقيم، وقد قيل: يتيمم لكل صلاة، وقد روي عن مالك فيمن ذكر صلوات أن يصليها بتيمم واحد] اهـ.
وقال العلَّامة ابن شاس المالكي في "عقد الجواهر الثمينة" (1/ 63، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأجاز الشيخ أبو إسحاق أن يجمع المريض بين فرضين بتيمم واحد] اهـ.
واختلف في المعنى الذي من أجله لم يجز للمتيمم الجمع بين صلاتين على قولين، جاز في أحدهما الجمع بين المكتوبات الفائتة بتيممٍ واحدٍ؛ كما حكاهما العلَّامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (1/ 202، ط. دار الغرب الإسلامي)؛ فقال:
[وقد اختلف في المعنى الذي من أجله، لم يجز للمتيمم أن يصلي صلاتين بتيمم واحد، فقيل: إن المعنى في ذلك أن الله أوجب الوضوء لكل صلاة، أو التيمم إن لم يجد الماء بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ [المائدة: 6]، فخصصت السنة الوضوء؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى يوم فتح مكة صلوات بوضوء واحد، وبقي التيمم على الأصل.
وقيل: بل المعنى في ذلك أن الله لم يبح التيمم إلا أن لا يوجد الماء، ولا يكون غير واجد له إلا إذا طلبه فلم يجده، فصار الطلب للماء شرطًا من صحة التيمم للصلاة عند القيام إليها بعد دخول وقتها، وكذلك صار طلب القدرة على استعمال الماء للمريض الذي لا يقدر على مس الماء شرطًا في صحة التيمم للصلاة عند القيام إليها، عند من جعله من أهل التيمم، فعلى هذا المعنى أجاز مالك في رواية أبي الفرج عنه لذاكر صلوات أن يصليها بتيمم واحد؛ لأنه جعل الصلوات المذكورة في حكم صلاة واحدة لوجوب صلاتها عليه جميعًا حين يذكرها في الوقت الذي يذكرها فيه.
ولم يجز ذلك في رواية غيره؛ لأنه رأى أن طلب الماء واجب عليه كلما سلم من صلاة، وأراد القيام إلى أخرى، فالطلب على هذا القول شرط من صحة التيمم لكل صلاة عند القيام إليها، وعلى رواية أبي الفرج هو شرط في صحة التيمم، لما اتصل من الصلوات المفروضات، وعلى هذا المعنى أيضًا أجاز من أجاز من متأخري أصحابنا للمريض الذي لا يقدر على مس الماء أن يصلي صلاتين بتيمم واحد؛ لأنه لما كان الأغلب من حاله أنه لا يقدر على مس الماء، لم يوجب عليه طلب القدرة على استعماله، والأظهر أن ذلك عليه واجب، إذ قد يتحامل فيقدر، وليس لما يلزمه من التحامل على نفسه في ذلك حد لا يتجاوز، وإنما هو مصروف إلى استطاعته، وموكول إلى أمانته. وأما على المعنى الأول، فلا يتجه هذا القول ولا رواية أبي الفرج في ذاكر صلوات، والله أعلم.
والقياس على المذهب فيمن صلى صلاتين بتيمم واحد أن يعيد الأخيرة أبدًا، ومن قال: إنه يعيدها في الوقت، وفرق بين المشتركتين في الوقت وغير المشتركتين، فليس قوله بقياس، وإنما هو استحسان لمراعاة قول من قال من العلماء: إن التيمم يرفع الحدث كما يرفعه الوضوء، وإنه لا وضوء عليه، وإن وجد الماء ما لم يحدث، وبالله التوفيق] اهـ.
وعند الشافعية:
يجوز للمتيمم أن يتنفَّل ما شاء من الصلوات قبل صلاة الفريضة أو بعدها؛ لكن لا يجوز الجمع بين فريضتين مطلقًا سواء كانتا في وقت أو وقتين قضاءً أو أداءً -خلافًا لما حكاه الرافعي والروياني وغيرهما من أنه يجوز الجمع بين فوائتَ بتيممٍ، وبين فائتة ومؤداة-؛ لما تواردت عليه من آثار بعض الصحابة كعلي وابن عباس وعمرو بن العاص وعبد الله بن عمرَ رضي الله عنهم بأن يتيمم لكلِّ صلاةٍ.
قال العلَّامة الماوردي الشافعي في "الإقناع" (1/ 209، ط. دار المنهاج): [ولا يجمع بتيممٍ واحدٍ بين صلاتي فرضٍ، ويصلي بتيممِ الفرضِ ما شاء من نفلٍ، ولا يجوز إذا تيمم لنافلةٍ أن يصلي به فرضًا، ويجوز إذا توضأ لنفلٍ أن يُصلي به ما شاء من فرضٍ ونفلٍ ما لم يحدث] اهـ.
وقد استثنى بعض الشافعية من ذلك المريض والجريح اللذَيْن لا يقدران على استعمال الماء:
قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (2/ 293، ط. دار الفكر): [مذهبنا أنه لا يجوز الجمع بين فريضتين بتيمم، ولا بين طوافين مفروضين ولا طواف وصلاة مفروضين، ويتصور هذا في الجريح والمريض، وسواء في هذا الصحيح والمريض والصبي والبالغ، وهذا كله متفق عليه، إلا وجهًا حكاه الرافعي عن حكاية الحناطي أنه يجوز الجمع بين فوائت بتيممٍ، وبين فائتة ومؤداة، وإلا وجهًا حكاه الدارمي أنَّ للمريض جمع فريضتين بتيمم، وإلَّا وجهًا حكاه صاحب "البحر"، والرافعي: أنه يصح جمع الصبي فريضتين بتيممٍ، وهذه الأوجه شاذة ضعيفة، والمشهور ما سبق] اهـ.
وعند الحنابلة:
فإنَّ تيمُّمَ المُتيَمِّم كوضوء المستحاضة؛ له أن يُصلي بتيممٍ واحد الصلاة الحاضرة وغيرها من الفوائت، وله أن يتطوع بما شاء ما دامَ في الوقت، أمَّا إذا دخل وقتُ صلاةٍ أخرى وجب عليه التيمم مرةً أُخرى:
قال العلَّامة المرداوي في "الإنصاف" (1/ 293، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (وإن نوى فرضًا فله فعله والجمع بين الصلاتين وقضاء الفوائت): به على الصحيح من المذهب، وعليه الجمهور] اهـ.
وقال العلَّامة عبد القادر الشيباني الحنبلي في "نيل المأرب" (1/ 95، ط. مكتبة الفلاح): [(وله أن يصلِّيَ بتيممٍ واحدٍ ما شاء من الفرضِ والنفل) إن تيمم للفرض، (لكن لو تيمم للنفل لم يستبح الفرض)؛ لأنه تيمم للأدنى، فلا يجوز له الأعلى] اهـ.

حكم صلاة أكثر من فرض بتيمم واحد لمريض كورونا

من خلال ذلك: فقد أجاز جماعة من الفقهاء للمريض الذي يشق عليه استعمال الماء في كل فرض أن يصلي بتيمم أكثر من فريضة، والقاعدة الشرعية:
"أنَّ مَن ابتُلِيَ بشيء من المختلفِ فيه فليُقلِّد مَن أجاز"، ومتى وافق عمل العامي مذهبًا من مذاهب المجتهدين ممن يقول بالحِل أو بالطهارة كفاهُ ذلك، ولا إثم عليه اتفاقًا؛ كما قال الشيخ العلامة محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق في "الفتاوى" (1/ 225، ط. دار وهبة).

الخلاصة

بناءً على ذلك: فصلاة مريض كورونا لأكثر من فرض بتيمم واحد صحيحة لا شيء فيها، وله أن يُصلي ما تيسر من النوافل القبلية والبعدية بدون مشقةٍ؛ ما دامَ أنه لا يقدر على استعمال الماء لكل صلاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم التلفيق بين مذهبين في بعض مسائل الطهارة؟ حيث جاء في حاشية العلامة السفطي المالكي ‏على الشرح المسمى بـ"الجواهر الزكية ‏على ألفاظ العشماوية" للشيخ أحمد بن ‏تركي المالكي في باب فرائض ‏الوضوء ما نصه: "واعلم أنهم ذكروا ‏للتقليد شروطًا.." إلى أن قال: ‏‏"الثالث: أنه لا يلفق في العبادة، أما إن ‏لفق كأن ترك المالكي الدلك مقلدًا ‏لمذهب الشافعي، ولا يبسمل مقلدًا ‏لمذهب مالك، فلا يجوز؛ لأن الصلاة ‏حينئذٍ يمنعها الشافعي؛ لفقد البسملة، ‏ويمنعها مالك؛ لفقد الدلك"، ثم قال بعد ‏ذلك: "وما ذكروه من اشتراط عدم ‏التلفيق رده سيدي محمد الصغير ‏وقال: المعتمد أنه لا يشترط ذلك، ‏وحينئذ فيجوز مسح بعض الرأس ‏على مذهب الشافعي، وفعل الصلاة ‏على مذهب المالكية، وكذا الصورة ‏المتقدمة ونحوها وهو سعة ودين الله ‏يسر".‏ فهل لو اغتسل غسلًا واجبًا أو توضأ ‏وضوءًا واجبًا من ماءٍ قليلٍ مستعمل ‏في رفع حدث مقلدًا لمذهب مالك ‏وترك الدلك مقلدًا لمذهب الشافعي ‏يكون غسله أو وضوؤه صحيحًا مثل ‏الصورتين المتقدمتين؟ وهل يجوز التلفيق في قضية ‏واحدة بين مذهبين في غسل واجب أو ‏وضوء واجب؟


ما حكم تربية الكلاب داخل المنزل بغرض الحراسة؟ وهل وجود الكلب داخل المنزل لهذا الغرض يمنع دخول الملائكة، أو يسبب نجاسة المكان الذي يوجد فيه؟


ما حكم صيام من احتلم في نهار رمضان؟ فقد كنت نائمًا أثناء النهار في رمضان، فاحتلمت واستيقظت على جنابة ثم اغتسلت؛ فهل فسد صومي بهذا الاحتلام، وبِالتالي يكون عليَّ قضاء هذا اليوم بعد رمضان؟


البريد الوارد من/ رئيس جامعة القاهرة، والمتضمن: نرجو من سيادتكم التكرم بإبداء الرأي الشرعي فيما تعتزم جامعة القاهرة القيام به كما يلي:
أولًا: من حيث إنه قد انتشرت في مباني الجامعة في السنوات الأخيرة اتخاذ بعض الأماكن كمصلى؛ وهي أماكن محدودة المساحة حيث لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار، ولا تتوافر لها الشروط الشرعية من حيث توافر أماكن للوضوء وقضاء الحاجة، فضلًا عن استخدامها من بعض الطلاب المنتمين إلى الجماعات المتطرفة لبث أفكارهم بين الطلاب والعاملين حين يذهبون إلى الصلاة فيها، وقد عزمت الجامعة على بناء مسجد جامع في وسط الحرم الجامعي للبنين وآخر للبنات مع مرافقهما على أحدث طراز بما يسهل على الطلاب والعاملين وأعضاء هيئة التدريس أداء الفريضة، وسيندب له إمام ومقيم شعائر ومؤذن من وزارة الأوقاف؛ وذلك ضبطًا للخطاب الديني الذي يقدم فيه، وستقوم الجامعة بإغلاق كل هذه الأماكن غير المؤهلة بحسب خواصها وما أهِّلَت له لتكون مسجدًا.
ثانيًا: أقامت الجامعة بالمدينة الجامعية مسجدًا كبيرًا يسع أكثر من ألفي مصلٍّ، ورغم ذلك انتشرت في مباني المدينة الجامعية مصليات تقام فيها صلاة الجماعة ولا يذهب الطلاب للصلاة في المسجد؛ فهل يجوز للجامعة إغلاق هذه المصليات وحمل الطلاب على الصلاة في المسجد الجامع بالمدينة الجامعية، والذي لا يبتعد عن المباني السكنية غير عشرات الأمتار؛ وذلك تعظيمًا لفكرة الصلاة الجامعة في المسجد، وحضًّا على المشي للمسجد وعمارته، وإغلاقًا لبابٍ تستخدم فيه هذه المصليات المتناثرة في نشر الأفكار المتطرفة بين الطلاب بالمدينة الجامعية.


ما حكم بناء المساجد على أرضٍ زراعية؟ علمًا بأن الناس يبنون المساجد على الأراضي الزراعية لبناء المساكن حولها بعد ذلك.


ما الحكم إذا أحدث الخطيب أثناء خطبة الجمعة؟ فهناك رجلٌ يسأل: في صلاة الجمعة، إذا أحدث الخطيب أثناء الخطبة، هل يتمها ويستخلف غيره للصلاة، أو ينتظرونه حتى يتوضأ ويرجع سريعًا إن قَدَر على ذلك؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :36
الشروق
6 :14
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 48
العشاء
9 :15