ما حكم إفطار مرضى الشيخوخة وأصحاب الأمراض المزمنة في ظروف الوباء؟ أو ما موقف مرضى الشيخوخة وأصحاب الأمراض المزمنة (السكر، والقلب، والضغط، والربو) من الصيام؟ هل يترخَّص لهم الفطر في هذه الظروف الوبيئة؟
مرضى الشيخوخة وذوو الأمراض المزمنة بحيث يجعلهم ذلك أكثرَ عرضةً لعدوى الوباء، وفي احتياج مستمر للغذاء والدواء، لكلٍّ منهم احتمالُه وظروفُه المرَضيَّة التي يُقدِّرها الأطباء المتخصصون، وللتعامل العلاجي معهم طرق حسب حالاتهم؛ فإن رأى الأطباء احتياجهم للإفطار وتناول الطعام دواءً أو غذاءً لاستقرار ظروفهم الصحية ومنع تفاقم حالاتهم المرضية، فعليهم أن يفطروا، وأن يطعموا عن كل يوم مسكينًا، والواجب عليهم الأخذُ بنصيحة الأطباء؛ لما يغلب عليهم من ضعف المناعة، ويتأكد الوجوب في مثل هذه الظروف الوبائية التي يتضاعف فيها الخطر، ويجب على المريض فيها توخِّي مزيد الحذر.
المحتويات
مرضى الشيخوخة وذوو الأمراض المزمنة كمرضى السكر والقلب والضغط والربو حالتهم أشدُّ في المرض، ومناعتهم أضعفُ أمام العدوى، وضعفهم أجْلبُ للرخصة؛ إذ لا يستطيعون القضاءَ مع استمرار ما يسببه المرض من العناء، ولذلك خُصُّوا في آية الصيام بمزيد الاعتناء؛ رحمةً بهم وشفقةً عليهم؛ فقال تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184].
والمقصود بذلك عند كثير من المفسرين الشيخ الكبير لا يستطيع الصوم، والمريض لا يُرْجَى برؤُه؛ فهم يُكَلَّفُونَ الصومَ ولا يطيقونه، فلهم أن يفطروا ويطعموا مكان كل يوم مسكينًا.
قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصومَ يُفطر ويطعم مكانَ كل يوم مسكينًا" أخرجه ابن جرير في "التفسير".
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "من لم يُطِقِ الصوم إلا على جَهد، فله أن يفطرَ ويطعمَ كلَّ يومٍ مسكينًا، والحاملُ والمرضعُ، والشيخُ الكبيرُ، والذي به سُقمٌ دائم" أخرجه ابن جرير.
ومن المعلوم طبيًّا أن هؤلاء المرضى أشدُّ ضعفًا وأكثرُ عرضةً للعدوى؛ نظرًا لما قد يعانونه من ضعْف المناعة والاحتياج المستمر للغذاء والدواء، وللتعامل العلاجي معهم طرق حسب حالاتهم:
فقد يتم علاج المرضى بمجرَّد تنظيم الوجبات الغذائية مع ممارسة التدريبات البدنية، ولا خوف عليهم من الصوم فعليهم أن يصوموا، خاصةً إذا كان مرضهم في الدرجات الأولى التي لا يضر بها الصيام، ولكن إذا رأى الطبيب الفطر لتضرر المريض بالصيام فعليه حينئذٍ الأخذ بالرخصة.
وقد يحتاج المرضى للدواء مع تنظيم برنامج الغذاء: فمنهم من يحتاج الدواء مرَّة واحدة في اليوم، فهذا لا إشكالَ في صومه؛ لإمكان أخذ الدواء قبل الفجر، ومنهم من يحتاج لتناول الحبوب مرتين أو ثلاثًا يوميًّا، فإن أمكنه أخذها قبل الفجر وبعد الإفطار دون ضرر يلحقه فعليه أن يصوم، وإن كان يضر به تأخير الحبوب فعليه أن يأخذها ويترك الصوم.
وقد يحتاج المرضى للتداوي بالحقن كالأنسولين مثلًا فصيامهم جائز شرعًا؛ لأن الدواء المفطر إنما هو ما وصل عمدًا إلى الجوف المنفتح أصالةً انفتاحًا ظاهرًا محسوسًا، وانفتاح المسام والشعيرات الدموية والأوردة والشرايين بالحَقْن الوريدي أو الجلدي أو العضلي أو نحو ذلك ليس ظاهرًا ولا محسوسًا، فلا يَصْدُقُ على المادة المحقونة بها أنها وصلت إلى الجوف عن طريق مَنْفَذٍ طَبَعِي مفتوح، سواء أكانت في الوريد أم في العضل أم تحت الجلد، وسواء أكانت دواءً أم غذاءً.
فإن غلب على ظن المريض أنه إن صام حصلت له مشقَّة، أو صام ثم حصلت له المشقة باشتداد وطأة المرض عليه، أم باحتياجه إلى الدواء، أم بغلبة الجوع أو العطش -كحال كثير من مرضى السُّكَّر- جاز له أن يفطر، بل ويجب عليه ذلك إذا خشي الهلاك؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].
بناءً على ذلك: فمرضى الشيخوخة وذوو الأمراض المزمنة حالتهم أشدُّ، ومناعتهم أضعف، مما يجعلهم أكثرَ عرضةً لعدوى الوباء، وفي احتياج مستمر للغذاء والدواء، وهم مخصوصون في آية الصيام بمزيد الاعتناء، ولكلٍّ منهم احتمالُه وظروفُه المرَضيَّة التي يُقدِّرها الأطباء المتخصصون، وللتعامل العلاجي معهم طرق حسب حالاتهم؛ فإن رأى الأطباء احتياجهم للإفطار وتناول الطعام دواءً أو غذاءً لاستقرار ظروفهم الصحية ومنع تفاقم حالاتهم المرضية، فعليهم أن يفطروا، وأن يطعموا عن كل يوم مسكينًا، والواجب عليهم الأخذُ بنصيحة الأطباء؛ لما يغلب عليهم من ضعف المناعة، ويتأكد الوجوب في مثل هذه الظروف الوبائية التي يتضاعف فيها الخطر، ويجب على المريض فيها توخِّي مزيد الحذر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
أرجو التكرم بإعطائي فتوى عن حكم الصيام في دول الشمال الإسكندنافية؛ حيث يمتد اليوم بحيث يكون الفرق بين الغروب والفجر في جنوب البلاد حوالي الساعتين، وفي شمال البلاد يمتد اليوم إلى 24 ساعة لا تغرب فيها الشمس مطلقًا.
ما حكم صيام من أصابها ورم في الرحم فهي تنزف طيلة شهر رمضان؟ فقد أصاب امرأة ورمٌ في الرحم فهي تنزف طيلة أيام الشهر، فكيف تصوم في رمضان؟
هل يجب الغُسل على من احتلم في نهار رمضان ورأى أنه يجامع وأنزل تبعًا لذلك؟ وهل لذلك أثر على صيامه؟ علمًا بأنه لم ير بَلَلًا أو أثرًا لذلك في ثيابه بعد استيقاظه من نومه.
البريد الوارد من/ رئيس جامعة القاهرة، والمتضمن: نرجو من سيادتكم التكرم بإبداء الرأي الشرعي فيما تعتزم جامعة القاهرة القيام به كما يلي:
أولًا: من حيث إنه قد انتشرت في مباني الجامعة في السنوات الأخيرة اتخاذ بعض الأماكن كمصلى؛ وهي أماكن محدودة المساحة حيث لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار، ولا تتوافر لها الشروط الشرعية من حيث توافر أماكن للوضوء وقضاء الحاجة، فضلًا عن استخدامها من بعض الطلاب المنتمين إلى الجماعات المتطرفة لبث أفكارهم بين الطلاب والعاملين حين يذهبون إلى الصلاة فيها، وقد عزمت الجامعة على بناء مسجد جامع في وسط الحرم الجامعي للبنين وآخر للبنات مع مرافقهما على أحدث طراز بما يسهل على الطلاب والعاملين وأعضاء هيئة التدريس أداء الفريضة، وسيندب له إمام ومقيم شعائر ومؤذن من وزارة الأوقاف؛ وذلك ضبطًا للخطاب الديني الذي يقدم فيه، وستقوم الجامعة بإغلاق كل هذه الأماكن غير المؤهلة بحسب خواصها وما أهِّلَت له لتكون مسجدًا.
ثانيًا: أقامت الجامعة بالمدينة الجامعية مسجدًا كبيرًا يسع أكثر من ألفي مصلٍّ، ورغم ذلك انتشرت في مباني المدينة الجامعية مصليات تقام فيها صلاة الجماعة ولا يذهب الطلاب للصلاة في المسجد؛ فهل يجوز للجامعة إغلاق هذه المصليات وحمل الطلاب على الصلاة في المسجد الجامع بالمدينة الجامعية، والذي لا يبتعد عن المباني السكنية غير عشرات الأمتار؛ وذلك تعظيمًا لفكرة الصلاة الجامعة في المسجد، وحضًّا على المشي للمسجد وعمارته، وإغلاقًا لبابٍ تستخدم فيه هذه المصليات المتناثرة في نشر الأفكار المتطرفة بين الطلاب بالمدينة الجامعية.
ما حكم الشك في عقد نية القضاء وتغييرها إلى تطوع بعد طلوع الشمس؟ حيث سألني بعض الأصدقاء أنَّ عليه قضاء يومٍ من شهر رمضان، ولكنه شَكَّ هل نَوى صيام هذا اليوم قبل الفَجْر أو لا، وكان ذلك الشك بعد طلوع الشمس، فحصل منه أن نَوَى صوم هذا اليوم تطوعًا، فهل يصح ما فعله؟