ما حكم الوصية لوارثٍ من ذوي الهمم؟ وهو يعاني من إصابة تمنعه من الحركة.
لا مانع شرعًا مِن أن يوصي الإنسان بشيءٍ مِن ميراثه لذوي الهمم من ورثته، بل إنه يثاب شرعًا على هذه الوصية؛ لأنه بذلك يغنيهم عن سؤال الناس وانتظار إحسانهم.
الوصية: هي التَّبرُّع المضاف لِمَا بعد الموت. ومعنى كونه مضافًا لِمَا بعد الموت: أنَّ نفاذ هذا التبرع لا يكون إلَّا بعد موت المُوصِي، وهي جائزةٌ لغير الوارث اتفاقًا.
وفي جواز الوصية للوارث خلافٌ بين الفقهاء؛ بناء على تفسير الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه، عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه مرفوعًا، وأخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وحسَّنه وابن ماجه، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعًا: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»، وأخرجه الإمام الدارقطني مِن حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما مرفوعًا بلفظ: «لَا تَجُوزُ وصيةٌ لِوَارثٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الوَرَثَةُ» وحَسَّنَهُ الحافظ ابن حجر، كما أخرجه الدارقطني أيضًا مِن حديث عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنهما بلفظ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إِلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ».
ومجموع هذه الطرق والروايات وغيرها يقتضي أنَّ هذا الحديث صحيحٌ ثابتٌ.
والحديث يحتمل أكثر مِن معنى:
- فيحتمل أن الوصية للوارث باطلةٌ ولا تصح أصلًا، وبذلك قال المزني وداود الظاهري والتقي السبكي.
- ويحتمل أن إجازة الوصية للوارث موقوفةٌ على إذن الورثة، وبذلك قال جمهور العلماء، وحُكِيَ عليه الإجماع.
- ويحتمل أن معناه نفي وجوب التوصية لا نفي صحتها أو لزومها إذا صَدَرَت، وأن الوصية للوارث جائزةٌ وصحيحةٌ بِنَصِّ قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوۡتُ إِنْ تَرَكَ خَيۡرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعۡرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180]، وهذا قول الإمام الهادي والناصر وأبي طالب وأبي العباس كما حكاه عنهم صاحب "البحر" مِن الهادوية؛ محتجين بأن نسخ الوجوب لا يستلزم نسخ الجواز.
وبهذا الرأي الأخير أخذ القانون المصري: فأجاز في مادته 37 بالقانون رقم 71 لسنة 1946م الوصية للوارث؛ فجاء فيها: [تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره، وتنفذ مِن غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث ولا تنفذ الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه] اهـ.
ومِن المعلوم أن حُكم الحاكم يرفع الخلاف، وأن لولي الأمر أن يتخير ما شاء مِن أقوال المجتهدين، والعمل به واجبٌ، والخروج عنه حرامٌ؛ لأنه مِن قبيل الافتيات على الإمام، فمَن أوصى لوارثٍ في الديار المصرية نفذت وصيته ووجب العمل بها لذلك.
وقد يَخصُّ الإنسانُ بعضَ مَن سيَصيرون ورثتَه أو غيرَهم بشيءٍ زائدٍ في التصرف حال الحياة أو الوصية بعد الوفاة لمعنًى صحيحٍ مُعتَبَرٍ شرعًا؛ كمُوَاسَاةٍ في حاجَةٍ، أو مَرَضٍ، أو بَلَاءٍ، أو إعاقةٍ، أو كَثرَةِ عِيَالٍ، أو لِضَمَانِ حَظِّ صِغَارٍ أو لمُكافأةٍ على بِرٍّ وإحسانٍ، أو لمَزيدِ حُبٍّ، أو لمُساعَدَةٍ على تَعليمٍ، أو زواجٍ، أو غيرِ ذلك، ولا يَكونُ بذلك مُرتكِبًا للجَور أو الحَيف؛ لِوُجُودِ عِلَّة التفضيل، وبهذا يُعَلَّلُ ما وُجِد مِن تفضيلِ بَعضِ الصحابةِ رضي الله تعالى عنهم لِنَفَرٍ مِن ورثتهم على نَفَرٍ آخَر، كما رُويَ ذلك عن أبي بَكرٍ وعائشة رضي الله تعالى عنهما وغيرِهما، وبهذا يُفهَم اختيارُ الجمهورِ لِاستِحبابِ المُسَاواةِ بين الأولادِ في العَطِيَّةِ وعَدَمِ قولِهم بالوجوب.
على أنه يُرَاعَى في الوصية المستحبة ألَّا تئُول إلى تضييع الورثة وتركهم فقراء؛ بل لا بُدَّ أن تُتَوَخَّى الموازنةُ بين الحقوق وجبر الخواطر؛ فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع مِن وجعٍ أشفيتُ منه على الموت، فقلت: يا رسول الله، بلغَني ما ترى مِن الوجع، وأنا ذو مالٍ، ولا يرثني إلَّا ابنةٌ لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: «لَا»، قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: «لَا»، ثم قال: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ؛ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ» متفقٌ عليه.
وقد روى سعيد بن منصور في "التفسير"، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال"، وأبو عبد الله الحسين المروزي في "البر والصلة" عن الإمام الشعبي أنه قال: "ما مِن مالٍ أعظم أجرًا مِن مالٍ يتركه الرجل لولده، يغنيهم به عن الناس".
وبناءً على ذلك: فإنه لا مانع شرعًا مِن أن يوصي الإنسان بشيءٍ مِن ميراثه لذوي الهمم من ورثته، بل إنه يثاب شرعًا على هذه الوصية؛ لأنه بذلك يغنيهم عن سؤال الناس وانتظار إحسانهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تعيين القاضي وصيًّا بدلًا من الوصي الغائب؛ حيث سئل بإفادة من مديرية الفيوم مضمونها أن امرأة أقيمت وصية شرعية على بنتها القاصرة من مطلقها بناحية العدوة بتاريخ 13 رجب سنة 1312هـ، وقبل تسليمها نصيب بنتها القاصرة المذكورة في تركة والدها المذكور لضبطها بمعرفة بيت المال قد تغيبت مع هذه القاصرة، وبالتحري عن جهة غيابهما فلم يعلم مستقرهما، وباستفتاء مفتي المديرية فيما يجريه بيت المال في نصيب هذه القاصرة أفتى بما نصه: "المنصوص إذا غاب الوصي المختار غيبة منقطعة بلا وكيل عنه مع تصريحهم بأن المفقود الذي لا يعلم مكانه ولا موته ولا حياته غيبة منقطعة حكمًا، وقد صرحوا بأن وصي القاضي، كوصي الميت إلا في ثمانٍ ليست هذه منها. فبناء على ذلك فالقاضي في هذه الحالة ينصب وصيًّا في نصيبها وعليها، ويسلم إليه ليتصرف لها، ويخاصم فيما يتعلق بها، وإن كان وقع الاختلاف في جواز نصب القاضي وصيًّا مع غيبة الأيتام؛ لما في ذلك من المصلحة".
وحيث إن نائب محكمة المديرية أجاب بالاشتباه في هذه الفتوى عند تلاوتها بمجلس حسبي المديرية؛ لكونها مذكورًا بها أنه يقام وصي على القاصرة المذكورة وفي نصيبها؛ ليتصرف الوصي المذكور لها، ويخاصم فيما يتعلق بها مع أن القاصرة المذكورة ووصيها مفقودان؛ لغيابهما غيبة منقطعة، ولا تعلم حياتهما من مماتهما، وقال إنه هل يقام وصي على القاصرة المفقودة مع فقد وصيها أيضًا ليتصرف لها كما ذكر بهذه الفتوى، أو يقام قيم لحفظ مالها فقط بمعرفة القاضي الشرعي؟ ولذا رأى مجلس حسبي المديرية بجلسته المنعقدة في 8 أبريل سنة 1896م لزوم الاستفتاء من فضيلتكم عن ذلك. فالأمل إصدار الفتوى عما ذكر.
توفيت امرأة عام 2015م عن: ابنين وبنتين، وولدي ابنها المتوفى قبلها أولًا: ابن وبنت، وأولاد ابنها المتوفى قبلها ثانيًا: ابنين وبنت، وأولاد بنتها المتوفاة قبلها: ابن وبنتين. ولم تترك المتوفاة المذكورة أي وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة غير من ذكروا.
وقد كانت المتوفاة المذكورة أثناء حياتها قد أوصت لولدي ابنها المتوفى قبلها أولًا بوصية موثقة بأن يؤول نصيب والدهما إليهما بعد وفاتها في تركتها كما لو كان حيًّا كوصية واجبة، وقد تنازلت أيضًا عن نصيبها في تركة هذا الابن لولديه، وتنازلت أيضًا عن نصيبها في تركة ابنها المتوفى قبلها ثانيًا لأولاده.
فما حكم هذه الوصية والتنازل، ومرفق مع الطلب صورة من الوصية والتنازل. وما نصيب كل وارث ومستحق؟
ما حكم مشاركة الأعمام بنت الأخ في الوصية الواجبة؟ فقد ورد سؤال نصه كالتالي: تُوفّي رجل وترك أولادًا وبنات، وترك ابنة ابن توفي حال حياته، فورثت البنت في جدها بطريق الوصية الواجبة.
فهل يرث أعمام البنت معها في نصيبها الذي ورثته بطريق الوصية الواجبة؛ لعدم وجود ولد يحجبهما؟
ما حكم مخالفة رغبة المتوفى في عمل خيري؛ حيث صرح أبي قبل وفاته بأنَّه يريد بناء مسجد علي قطعة أرض يملكها؛ فبنى شخص مسجدًا كبيرًا ملاصقًا للأرض، وأريد أنا وبقية الورثة بناء دار تحفيظ للقرآن الكريم ومحو للأمية، فهل يجوز مخالفة رغبة أبي في ذلك؟
توفيت امرأة وتركت: ابنين وبنتًا، وبنتين لبنتها المتوفاة أولًا قبلها، وأولاد بنتها المتوفاة ثانيًا قبلها: ابنين وبنتًا، وأولاد ابنها المتوفى قبلها: ابنين وبنتًا.
ولم تترك المتوفاة المذكورة أي وارث آخر، ولا فرع يستحق وصية واجبة غير من ذشءكروا.
علمًا بأنه توجد وصية اختيارية موثقة بالشهر العقاري لابنتها الموجودة على قيد الحياة بثلث تركتها.
فما حكم هذه الوصية في وجود الوصية الواجبة؟
وما كيفية احتساب كل منهما في حدود ثلث التركة؟
وما نصيب كل وارث ومستحق؟
هل يجوز للأشخاص من ذوي الهمم -وخاصة فاقدي حاسة السمع والكلام -أن يستعينوا في التعبير عن إرادتهم بمترجم إشارة، أو التعبير بالكتابة لمن يجيدها، وذلك في إجراءات التقاضي والشهادة في المحكمة؟