حجية الإقرار في الشريعة بشأن دعوى قضائية

تاريخ الفتوى: 04 أبريل 2005 م
رقم الفتوى: 154
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
حجية الإقرار في الشريعة بشأن دعوى قضائية

ما مدى حجية الإقرار في الشريعة بشأن دعوى قضائية؛ فقد أقمتُ استئنافًا ضد هيئة الإصلاح الزراعي التي قامت بالاستيلاء على أملاكي والأطيان الزراعية، وهذا قَدَر من عند الله، وقدمت ضمن أوراق الدعوى مستندين مهمين هما إقراران موثقان من الإصلاح الزراعي -إدارة الاستيلاء تفيد ملكيتي واحتفاظي بمساحة قدرها 49ف، 10ط، 20 س، ناحية الأخماس مركز السادات محافظة المنوفية- وحيث إن المركز القانوني لهذا الإقرار هو قرينة قانونية قاطعة على حقيقة المقر به واعتراف بالحق الذي في ذمة الإصلاح الزراعي، وحيث إن هذا الإقرار هو أمر وإخبار بأمر وكاشف للحق وليس منشئًا له، وإذ طلبت من عدالة المحكمة التصريح لي باستخراج واستصدار فتوى تشريعية من دار الإفتاء المصرية حول مدى حجية الإقرار في الشريعة الإسلامية الغراء ومدى حقي في المطالبة بملكي الثابت بموجب الإقرارين المقدمين والثابت منهما من خلال الإصلاح الزراعي ملكيتي لهذه المساحة، وقد تأجلت جلسة الاستئناف لاستصدار فتوى من سيادتكم. لذلك أتشرف بأن أرفع لمعاليكم هذا الأمر لاستصدار فتوى شرعية حول الإقرارين سندي في الدعوى.

الإقرار حجةٌ بنفسه ومقدَّمٌ على البينة، وهناك حالات يحتاج فيها القاضي إلى البينة مع الإقرار؛ وذلك إذا ما طُلب تعدي الحكم للغير.

والمُقَرُّ به نوعان: حقٌّ لله تعالى، وحقُّ العبد. والأول نوعان: حقٌّ خالصٌ لله تعالى، وحقٌّ لله تعالى فيه حقٌّ للغير أيضًا.

والرجوعُ عن الإقرارِ قد يكونُ صريحًا؛ كأن يقول: رجعت عن إقراري، أو دلالةً؛ كأن يهرب عند إقامةِ الحدِّ؛ لأن الهرب دليلُ الرجوع.

فإن كان الإقرار بحقٍّ من حقوق الله التي تسقطُ بالشبهةِ -كالزنا-، فالرجوع فيه مَقبولٌ، ويُسقِطُ الحَدَّ عنه؛ لأن الرجوع يُورِث شبهةً، والحدودُ لا تُسْتوفَى مع الشُّبهات.

وإن كان الإقرار بحقٍّ من حقوق العباد أو بحقٍّ لله تعالى لا يسقط بالشبهة؛ كالقِصَاصِ وحدِّ القذفِ، وكالزكاة والكفارات، فلا يُقبل رجوعُه عنها؛ لأنَّ حقَّ العبدِ بعد ثبوته لا يسقط بالرجوع، ولأنَّ حقوقَ العباد مبنيَّةٌ على المشاحَّةِ، فلا يمكن إسقاطُها بغير ِرضا أصحابها.

الإقرار كما قرر الفقهاء هو: الإخبارُ عن ثبوتِ حقٍّ للغير على المُخبِر، والدليل على مشروعية الإقرار -قبل الإجماع- الكتابُ والسنة: قال تعالى: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ﴾ [البقرة: 282]، حيث أمره بالإملال، ولو لم يُقبل إقراره لما كان لإملاله معنى، وقد رجمَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ماعزًا والغامدية بإقرارهِما، فإذا وجبَ الحدُّ بإقراره على نفسه فالمالُ أولى أن يجب، ثمَّ المشروعية تثبت أيضًا بالمعقولِ؛ حيث إن العاقلَ لا يقر على نفسه كاذبًا بما فيه ضررٌ على نفسه أو مالِه، فترجحت جهةُ الصدق في حق نفسه لعدم التهمة وكمال الولاية.

وأثرُ الإقرار ظهور ما أقرَّ به المُقِرُّ في الماضي، والإقرارُ حجةٌ بنفسه، وهو مقدَّم على البينةِ؛ ولهذا يبدأ القاضي بالسؤال عنه قبل السؤال عن الشهادةِ، ولكنَّها حجةٌ قاصرة على المُقِرِّ وحده؛ لقصور ولاية المقر عن غيره، فيقتصر عليه؛ فقد أخرج أبو داود: "أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأقرَّ بأنَّه قد زنى بامرأةٍ سماها، فأرسل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى المرأة فدعاها فسألها عما قال فأنكرت، فحدَّه وتركها".

غير أن هناك حالات يحتاج فيها القاضي إلى البينةِ مع الإقرارِ أيضًا، وهذا إذا ما طلب تعدي الحكم للغير.

والإقرارُ أركانه عند الجمهور أربعة: المقِرُّ، والمقَرُّ له، والمقَرُّ به، والصيغة.

وموضوع السؤال هو المقَرُّ به، وهو نوعان: حقٌّ لله تعالى وحقٌّ العبد، والأول نوعان: حقٌّ خالصٌ لله تعالى، وحقٌّ لله تعالى فيه حقٌّ للغير أيضًا.

والرجوعُ عن الإقرارِ يختلف تبعًا لمتعلقه: هل هو حقٌّ الله تعالى أو حقٌّ العباد، وقد يكونُ صريحًا؛ كأن يقول: رجعت عن إقراري، أو كذبت فيه، أو دلالةً؛ كأن يهرب عند إقامةِ الحدِّ، إذ الهرب دليلُ الرجوع، فإن كان بحقٍّ من حقوق الله التي تسقطُ بالشبهةِ كالزنى، فإنَّ جمهورَ الفقهاء: الحنفية والمشهور عند المالكية ومذهب كل من الشافعية والحنابلة على أن الرجوعَ يُعْتَبر، ويُسقط الحد عنه؛ لأنَّه يحتمل أن يكون صادقًا في الرجوعِ وهو الإنكار، ويحتمل أن يكون كاذبًا فيه، فإن كان صادقًا في الإنكارِ يكون كاذبًا في الإقرار، وإن كان كاذبًا في الإنكارِ يكون صادقًا في الإقرار، فيُورِث شبهةً في ظهورِ الحدِّ، والحدودُ لا تُستوفَى مع الشبهات، وقد رُوي: "أن ماعزًا لما أقر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالزنى لقَّنه الرجوع"، فلو لم يكن محتملًا للسقوطِ بالرجوع ما كان للتلقين معنًى؛ سواء أرجعَ قبل القضاءِ أم بعده، قبلَ الإمضاءِ أم بعده.

أما مَنْ أقرَّ إقرارًا معتبرًا بحقٍّ من حقوق العباد أو بحقِّ الله تعالى لا يسقط بالشبهة؛ كالقِصَاصِ وحدِّ القذفِ، وكالزكاة والكفارات، ثم رجع في إقرارِه فإنَّه لا يُقبل رجوعُه عنها من غير خلافٍ؛ لأنَّه حقٌّ ثَبَتَ لغيرهِ فلم يملك إسقاطَه بغيرِ رضاه؛ لأنَّ حقَّ العبدِ بعدما ثبت لا يحتمل السقوطَ بالرجوعِ، ولأنَّ حقوقَ العباد مبنيَّة على المشاحَّة، وما دام قد ثبت له فلا يمكن إسقاطُه بغير ِرضاه.

وقد وضَّح القرافيُّ الإقرارَ الذي يُقبل الرجوع عنه والذي لا يُقبل الرجوع عنه فقال في كتابهِ "الفروق": [الأصلُ في الإقرارِ اللزومُ من البَرِّ والفاجرِ؛ لأنَّه على خلاف الطبعِ. وضابطُ ما لا يجوز الرجوع عنه هو ما ليس له فيه عذرٌ عادي، وضابطُ ما يجوز الرجوع عنه أن يكونَ له في الرجوع عنه عذرٌ عادي، فإذا أقر الوارثُ للورثةِ أنَّ ما تركه أبوه ميراثٌ بينهم على ما عهد في الشريعة، ثم جاء شهودٌ أخبروه أنَّ أباه أشْهدهم أنَّه تصدَّق عليه في صغره بهذه الدارِ وحازها له، فإنَّه إذا رجع عن إقراره معتذرًا بإخبار البينة له، وأنه لم يكن عالمًا بذلك، فإنَّه تُسمعُ دَعواه وعذرُه، ويقيم بينته، ولا يكون إقرارُه السابقُ مكذبًا للبينةِ وقادحًا فيها، فيقبل الرجوع في الإقرار. وإذا قال: له عليَّ مائة درهم إن حلف -أو مع يمينه- (فحلف) المقَرُّ له، فرجع المقِرُّ وقال: ما ظننتُ أنَّه يحلف، لا يلزم المقِرَّ شيء؛ لأن العادةَ جرت بأنَّ هذا الاشتراطَ يقتضي عدمَ اعتقاد لزوم ما أقر به، والعادةُ جرَت على أنَّ هذا ليس بإقرارٍ] اهـ.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يقول: تقدمت لخطبة فتاة، وقدمت المهر والشبكة وبعضًا من الهدايا خلال فترة الخطبة، علمًا بأنَّ المهر قد اشْتُرِيَ ببعضه أثاث، وأُقيمت حفلة خطبة صَرَفَ عليها أهلُ المخطوبة؛ فما حكم استرداد ذلك عند فسخ الخطبة؟


يقول السائل: يعاني صديق لي من مرض نفسي يحتاج إلى المتابعة مع الطبيب النفسي والعلاج؛ فهل يجب على مَن يُعَالج من مرض نفسي أن يخبر مخطوبته بذلك؟


هل إشهار الإسلام يبدأ من تاريخ الإشهار أم من تاريخ تحرير المستندات الدالة على الإشهار؟ علمًا بأن الشهادة الصادرة من هيئة مسلمي المجر تشهد فيها بأن السائلة قد اعتنقت الدين الإسلامي يوم 10 أبريل 2007م، وذُيِّلت الشهادة بعبارة: حرر في بودابست 8 سبتمبر 2012م. 


سُئل في رجل توفي وتوفيت بعده زوجته، وانحصر إرثها بالمناسخة في أولادهم الثلاثة، وقد رفع أحد هؤلاء الأولاد دعوى أمام المحكمة الشرعية الكلية المختصة على أخويه طلب فيها الحكم له عليهما بوفاة والديهم على التعاقب، وانحصار إرثهما في أولادهما -أي المدعي والمدعى عليهما- من غير شريك، وقد أنكر أخواه الدعوى، فأثبتها بالبينة المعدلة، فحكم القضاة للمدعي على أخويه بوفاة والديه، وبانحصار إرثهما في أولادهم الثلاثة المدعي والمدعى عليهما فقط، ولما استؤنف هذا الحكم إلى المحكمة العليا تَأَيَّد؛ لأنه حكم صحيح.
بعد ذلك رفعت دعوى ممن اشترى نصيب مدعي الوراثة على الورثة وعلى شخص غير وارث لكنه واضع اليد على بعض التركة، فقال واضع اليد: إن حكم الوراثة لم يكن في مواجهته، وأنه ينكر وراثة المدعي الذي هو أحد الأولاد.
فهل حكم المحكمة بنسب المدعي لأبويه ووراثته لهما؛ بناءً على دعوى شرعية أقام عليها بينة زكيت وعدلت شرعًا يكون حكمًا على المدعى عليهما وعلى جميع الناس ومنهم هذا الخصم الآخر، أم يكون مثل هذا الحكم قاصرًا على المدعى عليهما لا يتعداهما إلى غيرهما؟ نرجو الجواب، ولفضيلتكم من الله الثواب.


ما هي عدة المطلقة في حال انقطاع الحيض الإرضاعي؛ حيث تم طلاق الزوجة بوثيقة عند المأذون طلقة أولى رجعية، وذلك بعد ولادتها بستة أيام، وهي لم تحض بسبب الرضاع، فنرجو الإفادة هل تعتد بالأشهر أو بالحيض؟ وهل يجوز لها تناول أدوية لتعجيل الحيض خلال فترة الرضاع أو لا؟


سئل بإفادة من قاضي إحدى المحاكم الشرعية، مضمونها: أنه لغياب مفتي المديرية بالإجازة يرغب الاطلاع على صورة المرافعة طيه والإفادة بما يرى فيها؛ نظرًا لاشتباهه في ذلك، ومضمون الصورة المذكورة: صدور الدعوى لديه بعد التعريف اللازم من المدعي على زوجته، بأنه كان قرَّرَ لها على نفسه بالمحكمة المذكورة نفقة شرعية نظير طعامها وشرابها، وطعام وشراب ولديها منه اللذين في حضانتها، الفقيرين اللذين لا مال لهما، لكل يوم قرش واحد ونصف قرش صاغًا ديوانيًّا، وتحرر بذلك إعلام شرعي من هذه المحكمة، وأنها طلبت من جهة الإدارة تنفيذه عليه حالة كونها أبرأته من مؤخر صداقها ونفقة عدتها لحين انقضائها منه شرعًا، وتكفلت بولديها منه المذكورين لمدة سبع سنوات، وطلقها على ذلك بقولها مخاطبة له طائعة: أبرأتك من مؤخر صداقي ومن نفقة عدتي لحين انقضائها منك شرعًا، وتكفلتُ بولديَّ منك اللذين في حضانتي الفقيرين اللذين لا مال لهما لمدة سبع سنوات لتطلقني على ذلك، وقد أجابها فور سؤالها بقوله لها: أنت طالق على ذلك، وأن ذلك كان عن يد بينة، وأنه لم يختلِ بها، ولم يحصل معاشرة بينه وبينها من عهد الطلاق المذكور للآن، وهي على علم من ذلك، وطلب الحكم له عليها بطلاقها منه على البراءة والتكفل بالولدين المذكورين المدة المذكورة، وبسقوط حقها في النفقة المقررة لها ولولديها المذكورين، وسأل جوابها عن ذلك، وبسؤالها عن ذلك أجابت بالاعتراف بزوجيتها له وبمرزوقيتها منه الولدين المذكورين، وببقائها على عصمته للآن، وبتقرير النفقة المذكورة بموجب الإعلام الشرعي المذكور وأنكرت ما عدا ذلك، وبتكليفه البينة على دعواه المذكورة أحضر شهودًا ثلاثة شهدوا طبق دعواه المذكورة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :50
الشروق
6 :19
الظهر
11 : 39
العصر
2:38
المغرب
4 : 59
العشاء
6 :19