هل النفقة الزوجية الواجبة على الزوج لزوجته تتوقف على المسكن والمأكل والمشرب فقط؟
نفقة الزوجة الواجبة على زوجها لا تتوقف على المسكن والمأكل والمشرب فقط، بل هي شاملة لكل ضروريات الحياة، وهذا هو المتفق مع مقاصد التشريع التي بنى عليها جمهورُ الفقهاء كلامَهم، وهو المناسب لواقع الناس اليوم.
اتفق الفقهاء على وجوب النفقة للزوجة على زوجها، إلا أنهم اختلفوا في تعيين صفاتها ومشمولاتها:
۞ فحَصَرَهَا جمهور الفقهاء في الطعام والشراب والكسوة والسكن والخادم على تفصيلٍ بينهم في شروط وجوبها:
قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (4/ 211، ط. دار الكتاب الإسلامي): [النفقة إذا أُطْلِقَتْ فإنها تَنصَرِفُ إلى الطعام والكسوة والسُّكنى؛ كما في "الخلاصة"؛ فقولهم: يُعتَبَرُ في النفقة حالُهُما: يشمل الثلاثةَ كما لا يخفى] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المحتار" (2/ 462، ط. دار الفكر): [والنفقة تشمل الطعام والكسوة والسُّكنى، ويُعتَبَرُ في نفقته ونفقة عياله الوسطُ من غير تبذيرٍ ولا تَقتِير؛ "بحر": أي الوسط مِن حاله المعهود] اهـ.
وقال العلامة خليل المالكي في "المختصر" (ص: 136، ط. دار الحديث): [يجب لِمُمَكِّنَةٍ مُطِيقةٍ للوطءِ على البالغ، وليس أحدُهما مُشْرِفًا -أي بعد الدخول-؛ قوتٌ وإدامٌ وكسوةٌ ومسكنٌ بالعادة بقدر وُسْعِهِ وحالِها والبلد والسعر] اهـ.
وقال العلامة أبو عبد الله المواق المالكي في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (5/ 541، ط. دار الكتب العلمية) نقلًا عن العلامة ابن شاس: [واجبات النفقة ستةٌ: الطعامُ، والإدامُ، والخادمُ، والكسوةُ، وآلةُ التنظيف، والسُّكنى] اهـ.
وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في "الوسيط" (2/ 203، ط. دار السلام): [يجب على الزوجِ النفقةُ بالاتفاق؛ وهي خمسة أشياء: الطعامُ، والإدامُ، والكسوةُ، والسُّكنى، وآلةُ التنظيف؛ كالمشطِ والدهنِ، والخادمُ إن كانت مِمَّنْ تُخْدَمُ] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (5/ 151، ط. دار الكتب العلمية): [والحقوق الواجبة بالزوجية سبعةٌ: الطعامُ، والإدامُ، والكسوةُ، وآلةُ التنظيف، ومتاعُ البيت، والسُّكنى، وخادمٌ إن كانت مِمَّنْ تُخْدَمُ] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (5/ 460، ط. دار الكتب العلمية): [(ويلزم ذلك) المذكور؛ وهو الكفاية من الخبز والأُدْم والكسوة وتوابعها (الزوج لزوجته) إجماعًا] اهـ.
إلا أنهم نصُّوا على شمولها عددًا من الإجراءات الطبية الوقائية للحفاظ على بدن الزوجة وصحتها ووقايتها على وجهٍ مستمرٍّ مما قد يؤذيها أو يضرها أو يسبب لها التعب والإجهاد؛ حيث أوجبوا خدمتها ونفقة من يؤنسها عند الحاجة إلى ذلك، وكذلك توفير أدوات التنظيف والطهارة اللازمة لبدن الزوجة والمسكن.
قال العلامة منصور البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (5/ 463، ط. دار الكتب العلمية): [يجب (عليه) أي: الزوج (مؤنة نظافتها من الدهن) لرأسها (والسدر والصابون وثمن ماءِ شربٍ ووضوءٍ وغسلٍ من حيضٍ ونفاسٍ وجنابةٍ ونجاسةٍ وغسلِ ثيابٍ وكذا المشط وأجرة القيمة ونحوه وتبييض الدست وقت الحاجة) إليه؛ لأن ذلك يُرَادُ للتنظيف؛ كتنظيف الدار المؤجرة. (ولا يجب عليه) أي: الزوج (الأدوية وأجرة الطبيب والحجام والفاصد)؛ لأن ذلك يُرَادُ لإصلاح الجسم؛ كما لا يلزم المستأجرَ بناءُ ما يقع من الدار (وكذا ثمن الطيب والحناء والخضاب ونحوه) كالإسفيداج؛ لأن ذلك من الزينة فلا يجب عليه؛ كشراء الحلي (إلا أن يريد منها التزين به)؛ لأنه هو المريد لذلك (أو قطع رائحةٍ كريهةٍ منها) أي يلزمه ما يُرَادُ لقطع رائحةٍ كريهةٍ منها؛ كما ذكره في "المغني" و"الشرح" و"الترغيب"] اهـ.
كما قرر المالكية في المشهور عندهم وجوبَ تحمل الزوج نفقةَ الولادةِ وتوفيرِ العناية والرعاية الطبية اللازمة للزوجة وللمولود في مدة الحمل أيضًا:
قال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (4/ 184): [وعلى الرجل أن يقوم بجميع مصلحة زوجته عند ولادتها؛ فأجرة القابلة -أي من واجبات الزوج-؛ كانت تحته أو مطلَّقةً، إلا أن تكون أَمَةً مطلَّقةً فيسقط ذلك عنه] اهـ.
وما يُفْهَمُ من إطلاق الحنفيَّة والشافعيَّة والحنابلة عدمَ وجوب هذا النوع من النفقة للزوجة في النصوص السابق إيرادها إنما هو عدم لزومها على الزوج تجاهها إذا لم تأت هذه النفقة استجابةً لطلبه، أو بما تعود ثمرته عليه، أو بحيث تكون زائدةً على ما يقيم حاجته؛ قال العلامة الشبراملسي في "حاشيته على نهاية المحتاج" (7/ 195، ط. دار الفكر): [(قوله: لحفظ الأصل) ويؤخذ منه أن ما تحتاج إليه المرأة بعد الولادة لِمَا يُزِيلُ ما يُصيبُها مِن الوجع الحاصل في باطنها ونحوه؛ لا يجب عليه؛ لأنه من الدواء، وكذا ما جرت به العادة مِن عمل العصيدة واللبابة ونحوهما مما جرت به عادتهن لمن يجتمع عندها من النساء؛ فلا يجب؛ لأنه ليس من النفقة، بل ولا مما تحتاج إليه المرأة أصلًا، ولا نَظَرَ لِتَأَذِّيها بِتَرْكِهِ، فإن أرادته فَعَلَت مِن عندها نفسها] اهـ.
وأدخل ثمنَ الدواء وأجرةَ الطبيب مطلقًا بعضُ المالكية وغيرُ واحدٍ من العلماء في النفقة الواجبة للزوجة على زوجها:
قال الشيخ عليش المالكي في كتابه "منح الجليل" (4/ 392، ط. دار الفكر، بيروت): [عن ابن عبد الحكم: عليه أجرُ الطبيب والمداواة] اهـ.
وقال الإمام الشوكاني في "السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار" (1/ 460، ط. دار ابن حزم): [وأما قوله: (كفايتها كسوةً ونفقةً وإدامًا) فصحيحٌ، مع التقييد بقوله عز وجل: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ﴾ [الطلاق: 7]. وأما إيجاب الدواء فوجهه: أن وجوب النفقة عليه -أي على الزوج لزوجته- هي لحفظ صحتها، والدواء من جملة ما يحفظ به صحتها] اهـ.
والقول بوجوب إنفاق الزوج على علاج زوجته هو ما اختارته التشريعات القانونية المعاصرة في الديار المصرية ومعظم البلاد الإسلاميَّة؛ فقد نصَّت المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية المصري رقم 25 لسنة 1920م على أنه: [تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلَّمت نفسها إليه ولو حُكْمًا حتى لو كانت موسرةً أو مختلفةً معه في الدين، ولا يَمنعُ مرضُ الزوجةِ مِن استحقاقها للنفقة، وتشملُ النفقةُ الغذاءَ والكسوةَ والسكنَ ومصاريفَ العلاج وغيرَ ذلك بما يقتضي به الشرع] اهـ.
ومن المقرر شرعًا أن "حكم الحاكم يرفع الخلاف"، وقد تكلم العلماء على هذه القاعدة وفصَّلُوا الكلامَ فيها؛ منهم الإمام القرافي في "الفروق" (2/ 103، ط. عالم الكتب) في الفَرْقِ السابع والسبعين؛ حيث قال رضي الله عنه: [اعْلَمْ أنَّ حُكمَ الحاكم في مسائل الاجتهاد يَرفَعُ الخلافَ، ويَرجعُ المخالفُ عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتَتغيَّرُ فُتْيَاهُ بعد الحُكمِ عمَّا كانت عليه؛ على القول الصحيح من مذاهب العلماء] اهـ.
وعليه: فنفقة الزوجة الواجبة على زوجها لا تتوقف على المسكن والمأكل والمشرب فقط، بل هي شاملة لكل ضروريات الحياة، وهذا هو المتفق مع مقاصد التشريع التي أسس عليها جمهورُ الفقهاء كلامَهم، وهو المناسب لواقع الناس اليوم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم سقوط نفقة الأب عند وفاته؟ حيث إن جهة محلية بالدولة تسأل أن أبًا كان يستحق نفقة من ولده العامل بهذه الجهة بموجب حكم من المحكمة، وظلت تُخصم هذه النفقة حتى وفاته، وأن المحكوم عليه وهو العامل المذكور طلب من الجهة المذكورة الكف عن خصم النفقة المذكورة؛ لوفاة والده، وقد ثبت وفاته بإفادة مفتش الصحة.
والمطلوب فيه الإفادة بالرأي الشرعي في قيام هذه الجهة بترك خصم النفقة المذكورة من أجرة العامل المذكور.
تزوجتُ من شاب مصري يعمل صحفيًّا في إحدى وكالات الأنباء وذلك بتاريخ 29/ 11/ 2003م، وكان عقد الزواج غير مشروطٍ بأي شرطٍ للسفر في أماكن محددةٍ بذاتها، وسافرتُ إلى زوجي بتاريخ 21/ 1/ 2004م، ولكنني رجعت بعد خلاف شديد وصل إلى الضرب الشديد منه، وذلك بعد رفضي التقدم معه إلى إحدى السفارات الأجنبية لتقديم طلب الهجرة إلى هذا البلد ورفضي السفر إلى هذا البلد لوضع مولودي الأول منه هناك حتى يكون للطفل الطريق لاكتساب الجنسية. علمًا بأنه لم يصرح بهذا أبدًا قبل عقد الزواج، ولكنها كانت في صدره، ورجعت إلى مصر في 3/ 6/ 2004م بصحبته ورفضت السفر إلى البلد الأجنبي من مصر لرؤية أخويه ولبدء مخططه المنوه بعاليه بخصوص الولادة.
لم تتقدم الأمور بيننا إلى الأفضل ومكثت في مصر عند والدي بشقته، ولم يرسل لي أية نفقات، وإزاء هذا الموقف وصلت الأمور إلى الطلاق الغيابي في 26/ 9/ 2004م ولم يراجعني حتى وضعت مولودتي في 23/ 11/ 2004م، وفشلت كل المحاولات بالصلح تمهيدًا لعقد زواج جديد لم يحدث أي اتفاق بشأنه.
أرجو من سيادتكم مشكورين توضيح حقوقي وحقوق طفلتي على النحو التالي:
1- أحقيتي في نفقة الزوجية ومدتها هل هي سنة أو أقل أو يزيد؟ وكذلك نفقة العدة بين تاريخ الطلاق وتاريخ الوضع، بالإضافة إلى نفقة المتعة ومدتها أيضًا.
2- التقييم في حساب مبلغ البند الأول، هل يتم على أساس دخله في الكويت الذي يعمل به منذ الزواج وحتى تاريخه؟
3- أحقيتي في مصاريف النفقة من تاريخ رجوعي في 3/ 6 وحتى طلاقي في 26/ 9.
4- أحقيتي في مصاريف علاجي وولادتي وملابس المولودة المشتراة قبل الميلاد.
5- بالنسبة للطفلة، ما هو مقدار النفقة الواجبة شرعًا على والد الطفلة؟ وهل النفقة تشمل ملبس ومأكل ودواء الطفلة بالإضافة إلى أجر الرضاعة، وكذلك مسكن للأم الحاضنة؟ حيث إنني في مسكن أبي، ولا يمكنني الإقامة في مسكن الزوجية؛ لأنه في عمارة تسكن فيها أسرة الزوج، ويستحيل التمكين.
6- أحقيتي في مؤخر الصداق البالغ 10000 جنيه.
7- أحقيتي في عفشي -جزء مشترًى مني والباقي مشترًى من الزوج ولا توجد قائمة موقَّعة منه بالعفش.
8- لم يدفع لي مهرًا، والمكتوب جنيه واحد، فهل لي أحقية في مهر المِثل شرعًا؟
9- ما هو حكم الشرع بالنسبة لرؤية الطفلة من والدها أو أبيه أو أمه؟ وهل هناك فترات محددة للزيارة حتى لا تكون مصدر إزعاج لي.
سائلٌ يسأل: توفيت أختي الشقيقة، وتركت بنتًا، وزوجًا، وإخوةً أشقاء، وتركت مؤخر صداق، وقائمة منقولات، وذهبًا، ومالًا نقديًّا، فما الذي يدخل في تركتها من هذه الأشياء؟ وهل يحقُّ لزوجها التصرف في مال البنت؟ بحيث يأخذ منه ليتزوج به، مع العلم أنها قاصر.
سئل بخطابي المحافظة أنه قد توفيت امرأة في 24 يولية سنة 1925م، ومستحق لها نفقة زوجية عن شهور: مايو، يونية، يولية، وأغسطس سنة 1925م. نرجو من فضيلتكم التكرم بالإفادة عمن تصرف إليه النفقة سواء كان لورثائها أم للمخصوم منه النفقة؟
ما حكم نفقة الأب على علاج بنته المريضة؟ فلإحدى المطلقات بنتٌ من مطلقها، وهي في حضانتها، ولها نفقة مقررة على أبيها بحكم شرعي، إلا أن هذه البنت مريضة بالقلب، وحالتها ذات خطر، ويقوم بمعالجتها أطباء قرروا وجوب إقامتها في جهة معينة مراعاةً لصحتها، ولم يراعَ مرضها في تقدير النفقة المقررة، فهي لا تشمل أجرة الأطباء ولا ثمن الدواء ولا مصاريف الإقامة بالجهة المعينة، بل هي قاصرة على مقابل الطعام والكسوة، والأب ممتنع عن الإنفاق عليها فيما عدا ذلك، وهو غني قادر على الصرف عليها عن سعة، بينما الأم فقيرة، فاضطر خال البنت إلى الإنفاق عليها؛ لأن حالتها لا تحتمل انتظار الحكم لها على أبيها بنفقة العلاج. فهل الأب ملزم بنفقة العلاج والدواء والمسكن الصحي علاوة على نفقة الطعام والكسوة أو لا؟ وهل للخال الرجوع على الأب بما أنفقه وينفقه على البنت في سبيل ذلك إلى أن يقوم الأب بهذه النفقة أو لا؟ نرجو أن تفتونا بحكم الشرع في ذلك، ولكم الأجر والثواب.
ما حكم نفقة الابن على الأم؟ حيث تطلب والدة نفقةً من ولدها، والولد متزوج ومقيم مع عائلة زوجته، وعددهم اثنا عشر ذكورًا وإناثًا.
هل يصح إعطاء النفقة للوالدة، أو تلزم بالإقامة مع ولدها في وسط هذه العائلة الغريبة منها؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب. أفندم.