ما حكم صيام من احتلم في نهار رمضان؟ فقد كنت نائمًا أثناء النهار في رمضان، فاحتلمت واستيقظت على جنابة ثم اغتسلت؛ فهل فسد صومي بهذا الاحتلام، وبِالتالي يكون عليَّ قضاء هذا اليوم بعد رمضان؟
ما حدث للسائل من الاحتلام أثناء النوم في نهار رمضان لا يترتب عليه فساد صومه، بل الصوم صحيح، ولا قضاء عليه؛ لأنَّ الصوم إنما يبطل بارتكاب المُفَطّرات عمدًا، والاحتلام ليس كذلك.
محتويات الفتوى
الصوم في اللغة: هو الإمساك.
وفي الشريعة: عبارة عن إمساك مخصوص -وهو الكفُّ عن قضاء شهوتي البطن والفرج-، من شخص مخصوص -وهو أن يكون مسلمًا طاهرًا من الحيض والنفاس-، في وقت مخصوص -وهو ما بعد طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس-، بصفة مخصوصة -وهو أن يكون على قصد التقرب-؛ كما في "المبسوط" للإمام السرخسي (3/ 54، ط. دار المعرفة).
صوم رمضان ركنٌ مِن أركان الإسلام، وفريضةٌ فرضها الله تعالى على كل مسلمٍ مكلَّفٍ صحيحٍ مُقيمٍ مُستَطيعٍ خالٍ من الموانع؛ قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ۞ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 183-184].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفق عليه.
نظرًا لعظيم شأن الصوم ومكانته؛ فإنَّ الفقهاء قد تناولوا -عند تعرضهم لأحكام الصيام- كل ما يتعلق به من واجبات ومستحبات وسنن ومفسدات؛ فاتفقوا على جملة من هذه الأحكام، واختلفوا في البعض الآخر.
ومِن جملة ما اتفق عليه الفقهاءُ مِن أحكام الصيام: أنَّ الاحتلام أثناء النهار لا يفسد الصوم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ثَلَاثٌ لَا يُفَطِّرْنَ الصَّائِمَ: الْقَيْءُ -أي: غير المتعمد-، وَالِاحْتِلَامُ، وَالْحِجَامَةُ» أخرجه الترمذي والنسائي والدارقطني في "السنن"، وأبو يعلى في "المسند"، وابن خزيمة في "الصحيح".
ولأنَّ الصوم إنما يبطل بارتكاب المفطرات عمدًا، والاحتلام ليس كذلك، ولا يُكَلَّف الصائم بتجنُّبه حال نومه، بل التكليف مرفوع عن النائم حتى يستيقظ؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ» أخرجه الطيالسي وأحمد وأبو يعلى في "المسند"، وأبو داود والنسائي وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (4/ 35، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» كناية عن عدم التكليف.. (عن النائم حتى يستيقظ) مِن نومه] اهـ.
وهذا ما نصَّ عليه فقهاء المذاهب الفقهية المتبوعة؛ بل نقلوا الإجماع على ذلك:
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (3/ 56): [وإن احتلم نهارًا لم يفطر] اهـ.
وقال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 91، ط. دار الكتب العلمية): [ولو احتلم في نهار رمضان فأنزل لم يفطره.. لأنه لا صنع له فيه فيكون كالناسي] اهـ.
وقال العلامة أبو بكر الصقلي المالكي في "الجامع لمسائل المدونة" (3/ 1137، ط. دار الفكر): [قال عبد الوهاب: ومَن احتلم في نهار رمضان لم يُفسِد ذلك صومه، ولا قضاء عليه؛ لما روي: «ثَلَاثٌ لَا يُفَطِّرْنَ الصَّائِمِ» فذكر الاحتلام، وللإجماع على أنَّ المراعاة في ذلك سببٌ يكون من المفطر، والاحتلام ليس من سببه] اهـ.
وقال العلامة اللخمي المالكي في "التبصرة" (2/ 737، ط. أوقاف قطر): [ولا يفسد بالإنزال عن الاحتلام وإن كان ذلك ممَّا يُوجِبُ الغسل] اهـ.
وقال العلامة العمراني الشافعي في "البيان" (3/ 509، ط. دار المنهاج): [وإن احتلم في نهار رمضان.. لم يفطر؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ لَا يُفَطِّرْنَ الصَّائِمَ: الْقَيْءُ، وَالْحِجَامَةُ، وَالِاحْتِلَامُ»، ولأنَّ هذا حصل بغير اختياره] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 322، ط. دار الفكر): [إذا احتلم فلا يفطر بالإجماع؛ لأنه مغلوب] اهـ.
وقال العلامة ابن هُبَيرة الحنبلي في "اختلاف الأئمة" (1/ 248، ط. دار الكتب العلمية): [وَأَجْمعُوا على أَنَّ الصَّائِم إِذا نَام فِي يَوْمٍ من شهر رَمَضَان، فحلم فِي نَومه فأجنب؛ فَإِنَّهُ لَا يفْسد صَوْمه] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ ما حدث لكَ من الاحتلام أثناء النوم في نهار رمضان والاستيقاظ على جنابة لا يترتب عليه فساد صومكَ، بل الصوم صحيح، ولا قضاء عليك؛ لأنَّ الصوم إنما يبطل بارتكاب المفطرات عمدًا، والاحتلام ليس كذلك، بل إنَّه لا حيلة في ردِّه، والاغتسال في هذه الحالة وإن كان واجبًا إلا أنَّه ليس شرطًا لصحة الصوم، وإنما هو شرط لصحة الصلاة ونحوها من العبادات التي تستلزم التطهّر من الجنابة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
يقول السائل: وجب عليَّ كفارة صيام شهرين متتابعين، فشرعتُ في صيامها من بداية شهر الله المحرم، واستمررت في الصيام في شهر صفر حتى أوشكتُ على الانتهاء من الشهرين، ثم وجدتُ أن مجموع الشهرين 59 يومًا؛ لأن أحد الشهرين كان 29 يومًا، ولا أدري هل عليَّ صيام يوم آخر بعد الشهرين لكي أتم 60 يومًا؟
هل يَفسد صوم من نام أغلب النهار في رمضان؟ لأن رجلًا اقتضت طبيعة عمله في أحد أيام شهر رمضان المبارك أن يعمل من بعد صلاة العشاء إلى وقت الفجر، فنوى الصوم، ولشدة تعبه نام من بعد صلاة الفجر إلى قُرب أذان المغرب، فصلى الظهر والعصر قبل غروب الشمس، ثم أفطر حين غربت الشمس، ويسأل: هل يؤثر نومُه هذا في صحة صيامه شرعًا؟
ما حكم قراءة القرآن من المصحف في صلاة التراويح؟ وهل هي مكروهة؟
ما حكم تغسيل المحارم بعضهم البعض في حال الوفاة عند عدم توفر رجل لتغسيل الرجال أو امرأة لتغسيل النساء؟
ما حكم تربية الكلاب داخل المنزل بغرض الحراسة؟ وهل وجود الكلب داخل المنزل لهذا الغرض يمنع دخول الملائكة، أو يسبب نجاسة المكان الذي يوجد فيه؟
ما حكم صلاة المريضٍ الذي يحمل نجاسة في كيس؟ فقد أصيب أحد المواطنين بورم في القولون، وتَطَلَّب العلاجُ أن يتم إلغاء فتحات الإخراج للبول والبراز وعمل فتحات إخراج صناعية في جدار البطن لإخراج البول والبراز بشكل لا إرادي، وتوصل هذه الفتحات بأكياس تجمع فيها الفضلات، فهل يمكن لهذا المريض أن يصلي وهو يحمل هذا الكيس الذي به فضلات جرَّاء عملية الإخراج، علمًا بأنه من الصعب عليه أن يقوم بتغيير الكيس عند كل صلاة؟