يقول السائل: ما المقصود بسنن الفطرة؟ وما حكم الالتزام بها؟
سنن الفطرة وهي: ما يتَحقَّق به للإنسانِ نظافة البدن، وحسنُ الهيئة، وجمال الصورة؛ كالختان للرجال، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وغير ذلك مما يحصل به التَّطهُّر والتَّجَمُّل.
والتزام المسلم بهذه السنن دائر بين الوجوب؛ كالختان للذكور، والاستحباب؛ كاستخدام السواك أو ما يقوم مقامه لنظافة الأسنان، وفي ذلك اتباع لهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث أن دين الإسلام دين الجمال، والمسلم لا بد أن يكون حَسَن المنظر، جميل الشَّكْل، نظيف البدن كما أمره الله بذلك.
المحتويات
المقصود بـسُنَن الفطرة: ما يتَحقَّق به للإنسانِ نظافة البدن، وحسنُ الهيئة، وجمال الصورة؛ كالختان للرجال، والاستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وغير ذلك مما يحصل به التَّطهُّر والتَّجَمُّل. "فتح الباري" لابن حجر (10/ 336، ط. دار المعرفة).
وقد حرص الإسلام على أن يكون الإنسان جميلًا نظيفًا، فالمولى سبحانه وتعالى كرَّم الإنسان على جميع المخلوقات، فخلقه في أحسن صورة، وأتم هيئة؛ حيث يقول تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ [الانفطار: 7]، ويقول سبحانه: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4].
وشأن المسلم أن يكون جميلًا في ظاهره وباطنه، في خَلْقِه وخُلُقه، فجمال الخُلُق هو: أن يلتزم بهدي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يقتدي به في جميع أقواله وأفعاله؛ فقد أخرج البخاري في "الأدب المفرد" عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ».
وجمال الخَلْق هو: أن يكون المسلم حَسَن الهيئة، نظيف البدن؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» رواه مسلم في "صحيحه".
مما ورد من الأحاديث في سنن الفطرة: ما رواه مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ».
والاستحداد، أي: حَلْق العانة، والمقصود بالختان في الحديث ختان الصبي الذَّكَر. "شرح النووي على صحيح مسلم" (3/ 148، ط. دار إحياء التراث العربي).
وأخرج الإمام مسلم أيضًا في "الصحيح" عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ» قال زكريا أحد رواة الحديث وهو: زكريا بن أبي زائدة قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة.
والبَراجِم بفتح الباء وكسر الجيم: عقد الأصابع ومفاصلها كلها. وانتقاص الماء: يعني الاستنجاء. ينظر: "الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج" للسيوطي (2/ 40، ط. دار ابن عفان).
نَصَّ الفقهاء على أنه ينبغي على المسلم أن يلتزم بسُنَن الفطرة، يقول الإمام البابرتي في "العناية شرح الهداية" (1/ 56– 57، ط. دار الفكر): [وقوله عليه الصلاة والسلام: «عشر من الفطرة»، أي: السُّنَّة، قيل خمس منها في الرأس وخمس في الجسد، فالتي في الرأس: الفرق، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب. والتي في الجسد: الختان، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، والاستنجاء بالماء].
وقال الإمام القرافي في "الذخيرة" (13/ 279، ط. دار الغرب الإسلامي): [خمس من الفطرة تقليم الأظافر، وقص الشارب، ونتف الإبط، وحلق العانة، والاختتان ولا خلاف أن هذه ليست واجبة؛ ولأنه قطع جزء من الجسد؛ كقص الظفر وقال (ش): واجب وهو مقتضى قول سحنون؛ لقوله تعالى ﴿أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: 123]] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (1/ 284، ط. دار الفكر): [وأمَّا الفطرة فبكسر الفاء وأصلها الخلقة، قال الله تعالى: ﴿فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: 30]، ... قلت: تفسير الفطرة هنا بالسنة هو الصواب ...، وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الفطرة عشرة» فمعناه: معظمها عشرة؛ كالحج عرفة، فإنها غير منحصرة في العشرة] اهـ.
ويقول أيضًا في "المجموع" (1/ 285): [وأَمَّا ذِكْر الختان في جملتها وهو واجب وباقيها سنة فغير ممتنع، فقد يقرن المختلفان؛ كقول الله تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ﴾ [الأنعام: 141]، والأكل مباح والإيتاء واجب ... ونظائره في الكتاب والسنة كثيرة مشهورة].
ويقول الإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 64، ط. مكتبة القاهرة): [والاستحداد: حَلْق العانة، وهو مستحب؛ لأنَّه من الفطرة، ويفحش بتركه، فاستحبت إزالته، وبأي شيء أزاله صاحبه فلا بأس؛ لأن المقصود إزالته].
فتلخَّص من ذلك: أنَّ التزام المسلم بسنن الفطرة يدور حكمه بين الوجوب؛ كالختان في حق الرجال، والاستحباب؛ كاستخدام السواك أو ما يقوم مقامه لنظافة الأسنان، والأَوْلَى في ذلك هو: التعاهد عند الحاجة؛ مراعاة لمظهر الإنسان، وجمال هيئته، ونظافة بدنه.
بناء على ما سبق: فإنه ينبغي على المسلم أن يلتزم بسُنَن الفطرة؛ لأنَّ في ذلك اتباعًا لهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولأنها تعود على الإنسان بالنظافة في بدنه وهيئته، فدين الإسلام دين الجمال، والمسلم لا بد أن يكون حَسَن المنظر، جميل الشَّكْل، نظيف البدن كما أمره الله بذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: سمعت أن الدعاء مستجاب عند مصافحة المسلم لأخيه المسلم؛ فما مدى صحة هذا الكلام شرعًا؟
ما حكم التحايل على الشرع والقانون تهربًا من العقوبة؟ فبعض الناس الذين لا يلتزمون بالقوانين المنظِّمة للمرور، يستخدمون الحيل للتهرب من دفع الغرامات التي تلحقهم، كطمس معالم الملصق الإلكتروني أو بعض أرقام السيارة، أو تبديلها بغيرها، أو استخدام لوحات لأرقام سيارة من السيارات المتوقفة عن العمل "المُكهَّنة"، فما حكم الشرع في هذا التحايل؟
سائل يسأل فيقول: سمعت أنَّ مكة المكرمة أفضل من المدينة المنورة؛ فما مدى صحة هذا الكلام؟
ماذا يفعل عوام الناس من غير المتخصصين عند اختلاف آراء الفقهاء وتنوُّعِ أقوالهم في مسألة واحدة؟
ما حكم إجراء عملية شد الوجه لإزالة تجاعيد؛ فزوجتي تعاني من ترهل شديد بجلد وجهها لتقدمها في السِّن ومن آثار الحمل والولادة، وهذا كثيرًا ما يضايقها نفسيًّا ويجعلها تلح في عمل عملية لشد هذه الترهلات، وقد سمعت أن هذه العملية ممنوعة؛ لأنها من تغيير خلق الله تعالى، فأرجو الإفادة عن الرأي الشرعي في ذلك.
ما شروط التوبة في حق من ارتكب الكبائر؟ حيث لي صديق يبلغ من العمر حوالي 36 سنة، وقد ارتكب وهو صبي عدة كبائر: منها الزنا، وشرب الخمر، والقمار، والحصول على أموال وأشياء ليست من حقه، ولا يستطيع ردها؛ لأنه غير قادرٍ ماديًّا. فهل لصديقي هذا توبة؟ وما شروطها وكيفيتها حتى تُقبل منه؟