الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ

مدى وجوب تعظيم المصحف المكتوب بطريقة برايل وحرمة مسه للمحدث

تاريخ الفتوى: 05 سبتمبر 2022 م
رقم الفتوى: 7299
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطهارة
مدى وجوب تعظيم المصحف المكتوب بطريقة برايل وحرمة مسه للمحدث

هل يأخذ المصحف المكتوب بطريقة برايل نفس أحكام القرآن الكريم من حيث احترامه وتنزيهه ومس المحدث له ونحو ذلك؟

المصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين يأخذ حكم المصحف العادي؛ من حيث وجوب صيانته، واحترامه، وحرمة مسه للمحدث؛ لأن النقوش البارزة في برايل؛ كالنقوش المرسومة في هيئة حروف في الرسم العثماني؛ من حيث إن كلًا منهما دال على كلام الله تعالى الذي هو المعنى القديم القائم بنفسه سبحانه وتعالى، فالمكتوب بطريقة برايل يؤدي وظيفة المكتوب بالرسم العربي العثماني في الدلالة على القرآن الكريم؛ لأنَّ القرآن يطلق ويراد به إمَّا المعنى القائم بالنفس، وإمَّا الألفاظ المسموعة؛ فالقارئ لِمَا كُتِب بطريقة برايل أو الرسم العربي العثماني هو قارئ للقرآن الكريم من حيث نطقه بألفاظه المسموعة، وإن اختلف الدال عليها من حيث الرسم ووسيلة القراءة؛ حيث إنَّ المصحف المكتوب بالرسم العثماني يقرأ بواسطة العين، والمكتوب بطريقة برايل يقرأ بواسطة اللمس بالأنامل.

المحتويات

 

تعريف القرآن الكريم

القرآن الكريم: هو كلام الله المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة سيدنا جبريل عليه السلام؛ للإعجاز بآية منه، المتعبد بتلاوته، المنقول إلينا بين دفتي المصحف نقلًا متواترًا. انظر: "البحر المحيط في أصول الفقه" للإمام الزركشي (2/ 178، ط. دار الكتبي)، و "روضة الناظر وجنة المناظر" للإمام ابن قدامة المقدسي (1/ 198، ط. مؤسسة الريّان).

الإجماع على وجوب تعظيم القرآن الكريم

وجوب تعظيم القرآن الكريم، واحترامه، وتنزيهه، وصيانته، والتعامل معه بطريقة تختلف عن التعامل مع غيره من الكتب ممَّا أجمعت عليه الأمة، وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 170، ط. المنيرية): [أجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الاطلاق، وتنزيهه، وصيانته] اهـ.

حكم مس المحدث للمصحف الشريف

اعتبار الطهارة لمس المصحف الشريف من مظاهر هذا التعظيم والصيانة؛ فلا يجوز مس المصحف للمحدث سواء أكان حدثه حدثًا أكبر أم أصغر.

ويدل على هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۝ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ۝ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ۝ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الواقعة: 77-80].

ومن أدلة السُّنَّة: ما رواه مالك في "الموطأ" من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه، وفيه: «لا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ». وهذا القول هو مذهب جمهور الفقهاء؛ قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد" (17/ 397، ط. وزارة الأوقاف المغربية): [ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسّه إلا الطاهر على وضوء، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأبي عبيد، وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وطاوس والحسن والشعبي والقاسم بن محمد وعطاء] اهـ.

حكم كتابة القرآن الكريم بطريقة برايل بالنقوش البارزة

قد ظهرت طريقة مبتكرة في الأعصار الأخيرة لتساعد فاقدي حاسة الإبصار من المكفوفين على القراءة عن طريق حاسة اللمس؛ فيما عُرِف بـ"طريقة برايل"، وهي عبارة عن مجموعة من الرموز، يتكون كل رمز فيها من عمودين، بكل عمود ثلاث نقاط بعضها يكون بارزًا؛ بحيث يستطيع الكفيفُ من خلال لمس الرمز بأنامله، وتحديد النقاط البارزة فيه قراءةَ المكتوب، ونطقه باللغة التي استعملت فيها هذه الطريقة، وقد استعملت هذه الطريقة في اللغة العربية عام 1878م، وتم تحديد رموزها في مقابلة كل حرف من أحرف الهجائية العربية، فكل حرف في الهجائية العربية يدل عليه تكوين خاص من النقاط البارزة بكل رمز في هذه الطريقة.

وقد بيّن العلماء أنه لا مانع شرعًا من كتابة القرآن الكريم بطريقة برايل بالنقوش البارزة؛ للحاجة إلى ذلك: بحيث إن الماسَّ لهذه النقوش يستدلّ بها على الحروف التي تقابلها بشكلها؛ وهو ما يُعرف بـ"الفوناتيك" (PHONETIC TRANSCRIPTION)؛ أي: الرسّم الصّوتي للآيات القرآنيّة؛ بمعنى أن تُكتب الآية أو السّورة بالنقوش البارزة، وتُنطق باللغة العربيّة بألفاظ القرآن بالضبط.

فقد ورد أنَّ الفرس كتبوا لسلمان الفارسي رضي الله عنه بأن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية، فكانوا يقرأون ما كتب حتى لانت ألسنتهم. انظر: "المبسوط" للإمام السرخسي (1/ 37، ط. دار المعرفة).

قال العلامة البدر العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (12/ 237، ط. دار الكتب العلمية): [وما كتب سلمان رضي الله تعالى عنه الفاتحة بالفارسية كان للضرورة لأهل فارس] اهـ.

وقد احتمل الإمام بدر الدين الزركشي الجواز إذا كانت الكتابة بغير القلم العربي يساعد مَن لا يُحسِن أن يقرأه بالعربية؛ فقال في "البرهان" (1/ 380): [هل يجوز كتابة القرآن بقلم غير العربي؟ هذا ممَّا لم أر للعلماء فيه كلامًا، ويحتمل الجواز؛ لأنه قد يحسنه من يقرؤه بالعربية، والأقرب المنع، كما تحرم قراءته بغير لسان العرب، ولقولهم: "القلم أحد اللسانين"، والعرب لا تعرف قلمًا غير العربي، قال تعالى: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: 195] اهـ.

وقد أفتى خاتمة المحققين الشيخ محمد بخيت المطيعي رحمه الله تعالى بجواز كتابة القرآن الكريم بغير العربية للعاجز عنها بشرط ألا يختلّ اللفظ ولا المعنى. "مجلة المنار" (6/ 274).

مدى وجوب تعظيم المصحف المكتوب بطريقة برايل وحرمة مسه للمحدث

إذا ثبت هذا، فنقول: إن المصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين يأخذ حكم المصحف العادي؛ من حيث وجوب صيانته، واحترامه، وحرمة مسه للمحدث؛ لأن النقوش البارزة في برايل؛ كالنقوش المرسومة في هيئة حروف في الرسم العثماني؛ من حيث إن كلًا منهما دال على كلام الله تعالى الذي هو المعنى القديم القائم بنفسه سبحانه وتعالى، فالمكتوب بطريقة برايل يؤدي وظيفة المكتوب بالرسم العربي العثماني في الدلالة على القرآن الكريم؛ لأنَّ القرآن يطلق ويراد به إمَّا المعنى القائم بالنفس، وإمَّا الألفاظ المسموعة؛ قال الإمام العراقي في "الغيث الهامع شرح جمع الجوامع" (ص: 105، ط. دار الكتب العلمية): [القرآن يطلق؛ ويراد به مدلول اللفظ، وهو المعنى القائم بالنفس، وهو محلّ نظر المتكلمين، وأخرى ويراد به الألفاظ الدالة على ما في النفس؛ ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ﴾ [التوبة: 6]. والمسموع هو العبارات، وهذا محلّ نظر الأصوليين والفقهاء والنحاة وغيرهم] اهـ.

فالقارئ لِمَا كُتِب بطريقة برايل أو الرسم العربي العثماني هو قارئ للقرآن الكريم من حيث نطقه بألفاظه المسموعة، وإن اختلف الدال عليها من حيث الرسم ووسيلة القراءة؛ حيث إنَّ المصحف المكتوب بالرسم العثماني يقرأ بواسطة العين، والمكتوب بطريقة برايل يقرأ بواسطة اللمس بالأنامل. وممَّا ذُكِر يعلم الجواب عمَّا جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم بيع القمح في السوق السوداء لاستخدامه بدلًا من العلف الحيواني؟


يقول السائل: هناك مَن يدَّعي أن السيد البدوي ليس من الأولياء، وإنما كان مجذوبًا وليس وليًّا، فهل هذا صحيح؟ وكيف نرد على مَن يدَّعي ذلك؟


ما حكم التصرف في الأمانة للمصلحة؟ فقد أعطاني شخص مبلغًا من المال على سبيل الأمانة لحفظه، فبادرت دون إذنه إلى شراء ذهب نظرًا لترقُّب ارتفاع أسعاره، فما حكم هذا التصرف؟ ومن يستحق الربح أو يتحمَّل الخسارة المترتبة عليه؟


ما حكم قضاء الحاجة في الماء المستعمل للشرب والطهارة؟ فقد سئل بخطاب مصلحة الصحة بما صورته: قد ثبت علميًّا أن مرض البلهارسيا "البول الدموي"، والإنكيلستوما "الرهقان"، وغيرهما، تنقل من مريض لآخر بواسطة المياه الملوثة من بول أو غائط مريض، وهذه الأمراض مضعفة للقوى، ومهلكة للأنفس، وتصيب خلقًا كثيرين، ويصبح المرضى بها عديمي القوى، نحال الجسم هم وذووهم لا يقوون على عمل لهم ولا للهيئة الاجتماعية، وفي الحقيقة يصبحون عالة على ذويهم؛ لعدم مقدرتهم على العمل، وهذه الأمراض منتشرة انتشارًا عظيمًا بأنحاء القطر المصري؛ لهذا كان من أهم واجبات مصلحة الصحة العمل على استئصال شأفتها، وإيقاف انتقال عدواها، ولا يكون ذلك إلا بمنع الأهالي عن التبول والتغوط في المياه التي تستعمل للشرب والاستحمام، فإذا تحقق علميًّا هذا الضرر كما قدمنا، فهل لا يحرم الدين والحالة هذه التبول والتغوط في المياه المذكورة أو بالقرب منها؟ ولذلك نلتمس من فضيلتكم إصدار فتوى ببيان حكم الدين الحنيف لنشرها على الناس، مبينًا فيها حكم الشرع الشريف فيمن يتبول أو يتغوط في المياه المستعملة للشرب وللاستحمام أو بالقرب منها إذا كانت نتيجته الضرر بصحة الغير، مع ذكر الأحاديث النبوية الخاصة بذلك.


نرجو منكم بيان حكم الشرع فيما يقوم به بعض الناس من منع بعض الورثة من الحصول على نصيبهم في الميراث.


ما حكم تزوير شهادات طبية تفيد بإصابة الموظف بفيروس كورونا لأجل منحه أجازة مرضية؛ حيث إنه مع إقرار الحكومة المصرية خطة التعايش مع "فيروس كورونا"، والفتح الجزئي لبعض المجالات التي أغلقت نتيجة تفشي الفيروس؛ قد وجَّهت الحكومةُ الموظفين العاملين في الدولة لاتباع إجراءات السلامة الصحية في أماكن العمل؛ ومنها: منح الموظف الذي يثبت إيجابية الفيروس لديه إجازة لحين اكتمال شفائه؛ ويلجأ بعض الموظفين إلى تزوير ما يُثْبِت أنه حاملٌ للفيروس لاعتماد مثل تلك الإجازة من مكان عمله مع كونه غير مريضٍ به؛ فما حكم مَن يفعل ذلك؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20