هل يأخذ المصحف المكتوب بطريقة برايل نفس أحكام القرآن الكريم من حيث احترامه وتنزيهه ومس المحدث له ونحو ذلك؟
المصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين يأخذ حكم المصحف العادي؛ من حيث وجوب صيانته، واحترامه، وحرمة مسه للمحدث؛ لأن النقوش البارزة في برايل؛ كالنقوش المرسومة في هيئة حروف في الرسم العثماني؛ من حيث إن كلًا منهما دال على كلام الله تعالى الذي هو المعنى القديم القائم بنفسه سبحانه وتعالى، فالمكتوب بطريقة برايل يؤدي وظيفة المكتوب بالرسم العربي العثماني في الدلالة على القرآن الكريم؛ لأنَّ القرآن يطلق ويراد به إمَّا المعنى القائم بالنفس، وإمَّا الألفاظ المسموعة؛ فالقارئ لِمَا كُتِب بطريقة برايل أو الرسم العربي العثماني هو قارئ للقرآن الكريم من حيث نطقه بألفاظه المسموعة، وإن اختلف الدال عليها من حيث الرسم ووسيلة القراءة؛ حيث إنَّ المصحف المكتوب بالرسم العثماني يقرأ بواسطة العين، والمكتوب بطريقة برايل يقرأ بواسطة اللمس بالأنامل.
المحتويات
القرآن الكريم: هو كلام الله المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة سيدنا جبريل عليه السلام؛ للإعجاز بآية منه، المتعبد بتلاوته، المنقول إلينا بين دفتي المصحف نقلًا متواترًا. انظر: "البحر المحيط في أصول الفقه" للإمام الزركشي (2/ 178، ط. دار الكتبي)، و "روضة الناظر وجنة المناظر" للإمام ابن قدامة المقدسي (1/ 198، ط. مؤسسة الريّان).
وجوب تعظيم القرآن الكريم، واحترامه، وتنزيهه، وصيانته، والتعامل معه بطريقة تختلف عن التعامل مع غيره من الكتب ممَّا أجمعت عليه الأمة، وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 170، ط. المنيرية): [أجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الاطلاق، وتنزيهه، وصيانته] اهـ.
اعتبار الطهارة لمس المصحف الشريف من مظاهر هذا التعظيم والصيانة؛ فلا يجوز مس المصحف للمحدث سواء أكان حدثه حدثًا أكبر أم أصغر.
ويدل على هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الواقعة: 77-80].
ومن أدلة السُّنَّة: ما رواه مالك في "الموطأ" من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه، وفيه: «لا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ». وهذا القول هو مذهب جمهور الفقهاء؛ قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد" (17/ 397، ط. وزارة الأوقاف المغربية): [ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسّه إلا الطاهر على وضوء، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأبي عبيد، وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وطاوس والحسن والشعبي والقاسم بن محمد وعطاء] اهـ.
قد ظهرت طريقة مبتكرة في الأعصار الأخيرة لتساعد فاقدي حاسة الإبصار من المكفوفين على القراءة عن طريق حاسة اللمس؛ فيما عُرِف بـ"طريقة برايل"، وهي عبارة عن مجموعة من الرموز، يتكون كل رمز فيها من عمودين، بكل عمود ثلاث نقاط بعضها يكون بارزًا؛ بحيث يستطيع الكفيفُ من خلال لمس الرمز بأنامله، وتحديد النقاط البارزة فيه قراءةَ المكتوب، ونطقه باللغة التي استعملت فيها هذه الطريقة، وقد استعملت هذه الطريقة في اللغة العربية عام 1878م، وتم تحديد رموزها في مقابلة كل حرف من أحرف الهجائية العربية، فكل حرف في الهجائية العربية يدل عليه تكوين خاص من النقاط البارزة بكل رمز في هذه الطريقة.
وقد بيّن العلماء أنه لا مانع شرعًا من كتابة القرآن الكريم بطريقة برايل بالنقوش البارزة؛ للحاجة إلى ذلك: بحيث إن الماسَّ لهذه النقوش يستدلّ بها على الحروف التي تقابلها بشكلها؛ وهو ما يُعرف بـ"الفوناتيك" (PHONETIC TRANSCRIPTION)؛ أي: الرسّم الصّوتي للآيات القرآنيّة؛ بمعنى أن تُكتب الآية أو السّورة بالنقوش البارزة، وتُنطق باللغة العربيّة بألفاظ القرآن بالضبط.
فقد ورد أنَّ الفرس كتبوا لسلمان الفارسي رضي الله عنه بأن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية، فكانوا يقرأون ما كتب حتى لانت ألسنتهم. انظر: "المبسوط" للإمام السرخسي (1/ 37، ط. دار المعرفة).
قال العلامة البدر العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (12/ 237، ط. دار الكتب العلمية): [وما كتب سلمان رضي الله تعالى عنه الفاتحة بالفارسية كان للضرورة لأهل فارس] اهـ.
وقد احتمل الإمام بدر الدين الزركشي الجواز إذا كانت الكتابة بغير القلم العربي يساعد مَن لا يُحسِن أن يقرأه بالعربية؛ فقال في "البرهان" (1/ 380): [هل يجوز كتابة القرآن بقلم غير العربي؟ هذا ممَّا لم أر للعلماء فيه كلامًا، ويحتمل الجواز؛ لأنه قد يحسنه من يقرؤه بالعربية، والأقرب المنع، كما تحرم قراءته بغير لسان العرب، ولقولهم: "القلم أحد اللسانين"، والعرب لا تعرف قلمًا غير العربي، قال تعالى: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: 195] اهـ.
وقد أفتى خاتمة المحققين الشيخ محمد بخيت المطيعي رحمه الله تعالى بجواز كتابة القرآن الكريم بغير العربية للعاجز عنها بشرط ألا يختلّ اللفظ ولا المعنى. "مجلة المنار" (6/ 274).
إذا ثبت هذا، فنقول: إن المصحف المكتوب بطريقة برايل للمكفوفين يأخذ حكم المصحف العادي؛ من حيث وجوب صيانته، واحترامه، وحرمة مسه للمحدث؛ لأن النقوش البارزة في برايل؛ كالنقوش المرسومة في هيئة حروف في الرسم العثماني؛ من حيث إن كلًا منهما دال على كلام الله تعالى الذي هو المعنى القديم القائم بنفسه سبحانه وتعالى، فالمكتوب بطريقة برايل يؤدي وظيفة المكتوب بالرسم العربي العثماني في الدلالة على القرآن الكريم؛ لأنَّ القرآن يطلق ويراد به إمَّا المعنى القائم بالنفس، وإمَّا الألفاظ المسموعة؛ قال الإمام العراقي في "الغيث الهامع شرح جمع الجوامع" (ص: 105، ط. دار الكتب العلمية): [القرآن يطلق؛ ويراد به مدلول اللفظ، وهو المعنى القائم بالنفس، وهو محلّ نظر المتكلمين، وأخرى ويراد به الألفاظ الدالة على ما في النفس؛ ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ﴾ [التوبة: 6]. والمسموع هو العبارات، وهذا محلّ نظر الأصوليين والفقهاء والنحاة وغيرهم] اهـ.
فالقارئ لِمَا كُتِب بطريقة برايل أو الرسم العربي العثماني هو قارئ للقرآن الكريم من حيث نطقه بألفاظه المسموعة، وإن اختلف الدال عليها من حيث الرسم ووسيلة القراءة؛ حيث إنَّ المصحف المكتوب بالرسم العثماني يقرأ بواسطة العين، والمكتوب بطريقة برايل يقرأ بواسطة اللمس بالأنامل. وممَّا ذُكِر يعلم الجواب عمَّا جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم استعمال علبة التيمم، وهي عبارة عن قطعة إسفنج موضوعة في علبة، والقطعة مشبعة بالغبار المعقَّم المُعَدِّ لاستخدام شخص واحد فقط؟
هل كفالة ولد الزنا يؤجر عليها كافله، كما يؤجر على كفالة اليتيم؟
ما حكم المصافحة عقب الصلاة بين المصلين؟ حيث إن هناك بعض الناس يقول بأنها بدعة؛ بحجة أنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا صحابته الكرام، وأنها تشغل المصلي عن أذكار ختام الصلاة؟
ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ حيث توجد بعض الألعاب المنتشرة على شبكة الإنترنت تكون بين مجموعة من اللاعبين، يأخذ كل متسابق في بداية اللعبة عددًا من العملات الخاصة باللعبة (coins)، فإذا خسر قَلَّ عدد هذه العملات، وإذا تقدم في اللعبة زاد عددها، كما أنَّ اللاعب عند وصوله إلى مستوى معين يكون قد جمع الكثير من هذه العملات ولا يكون في حاجة إليها، فيبيعها لغيره بأموال حقيقية، عن طريق تحويلها إلى حساب الشخص الآخر في اللعبة، أو يبيع حساب اللعبة (account) بالكامل، بأن يعطي اسم الحساب والرقم السري للمشتري؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
ما حكم طهارة من تيمم ثم وجد الماء قبل الشروع في أداء الصلاة؟
يقول سائلٌ: حلفت على المصحف الشريف يمينًا هذا نصه: (وحياتك يادي المصحف أكثر من خمس مرات ما أشرب السجاير مدى الحياة) وبعد ذلك اضطرتني ظروف صعبة أن أشرب السجائر؛ فما حكم ذلك شرعًا؟