ما حكم تَخَفِّي مريض فيروس كورونا تهرُّبًا من الحجر الصحي؟
يجب شرعًا على المرضى بهذا الفيروس امتثال القرارات الاحتياطية والإجراءات الوقائية التي تتخذها الدولة للحد من انتشار هذا الفيروس، كما يجب الالتزامُ بتعليمات الجهات المسؤولة التي أوجبت الحجر الصحي على المريض بهذا الفيروس، ولا يجوز التخفي تهربًا من الحجر الصحي خلال الإصابة بالمرض.
المحتويات
الحجر الصحي: وسيلة نبيلة اتخذها الشرع الشريف لحفظ الأنفس وصيانة الأرواح،
فأمر باتخاذ الإجراءات الوقائية حالةَ تفشي الأوبئة وانتشار الأمراض؛ حتى لا تصبح وباءً يضرُّ بالناس ويهدد المجتمعات؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يُورِدَنَّ مُمرِضٌ على مُصِحٍّ» متفقٌ عليه.
أمَّا تخفي مريض كورونا وهروبه من الحجر الصحي، ورميه وراء ظهره خطرَ هذا الوباء: هو من الإفساد في الأرض والإضرار بالخلق؛ وقد نهى الشرع الشريف عن الإفساد والضرر؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: 56]، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، مَنْ ضَارَّ ضَارَّهُ اللهُ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللهُ عَلَيْهِ» رواه الحاكم في "المستدرك" وصححه على شرط مسلم، والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والدِّينَوَرِي في "المجالسة".
بل إن مرتكب هذا الفعل يتحمل تبعات جُرمه وعواقب فعله؛ فقد يتسبب بذلك في موت الكثير من الأبرياء؛ فيجب عليه اتخاذ كافة الوسائل للحفاظ على نفوس الناس، باتباع تعليمات الجهات المسؤولة وأهل الاختصاص من الأطباء ونحوهم؛ إذ هم أهل الذكر الذين تجب استشارتهم في هذا الشأن، وقد أَمَرَنَا الله بالرجوع لأهل الذكر في قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].
قد خوَّل الشرع الشريف لولاة الأمر في سبيل ذلك اتخاذَ الوسائل والإجراءات اللازمة لذلك؛ إذ السلطة والمسؤولية وجهان لعملة واحدة، وتصرف الحاكم على رعيته منوط بالمصلحة التي يسعى فيها لتطبيق المقاصد الكلية والمصالح المرعية.
وقد نصت المادة (19) من القانون المصري رقــم (137) لسنة 1958م بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المُعدية على: أن للسلطات الصحية المختصة أن تراقب الأشخاص الذين خالطوا المريض، وذلك خلال المدة التي تقررها، ولها أن تعزل مخالطي المصابين في الأماكن التي تخصصها لذلك، ولها عزل المخالطين المصابين بأمراض أخرى إذا امتنعوا عن تنفيذ إجراءات المراقبة على الوجه الذي تحدده.
كما نصت المواد (12)، و(13)، و(14) من نفس القانون على أنه إذا أصيب شخص أو اشتبه في إصابته بأحد الأمراض المعدية وجب الإبلاغ عنه خلال 24 ساعة إلى طبيب الصحة المختص، وفي النواحي التي ليس بها طبيب صحة يكون الإبلاغ للسلطة الإدارية التي يقع في دائرتها محل إقامة المريض.
وأن المسؤولين عن التبليغ المشار إليه بالمادة السابقة هم على الترتيب الآتي:
1- كل طبيب شَاهَدَ الحالة.
2- رب أسرة المريض أو من يعوله أو يأويه أو من يقوم على خدمته.
3- القائم بإدارة العمل أو المؤسسة، أو قائد وسيلة النقل إذا ظهر المرض أو اشتبه فيه أثناء وجود المريض في مكان منها.
4- العمدة أو الشيخ أو ممثل الجهة الإدارية.
ويجب أن يتضمن الإبلاغ عن المريض ذكر اسمه ولقبه وسنه ومحل إقامته وعمله على وجه يُمكِّن السلطات الصحية المختصة من الوصول إليه.
وأن للسلطات الصحية المختصة عند تلقِّي بلاغ عن المريض، أو المشتبه في إصابته، أو الكشف عن وجود المرض، أو احتمال ذلك: أن تتخذ كافة الإجراءات التي تراها ضرورية لتجنب خطر انتشاره.
وبناءً على ذلك: فإنه يجب الالتزامُ بتعليمات الجهات المسؤولة التي أوجبت الحجر الصحي على مريض فيروس كورونا للحد من انتشار وبائه الذي تم إعلانُه وباءً عالميًّا؛ حيث إنه مرض مُعدٍ قاتل، ينتقل بالمخالطة بين الناس وملامستهم بسهولة وسرعة، وقد تقرر في قواعد الشرع أن درء المفاسد مُقدَّم على جلب المصالح، وأن المصلحة العامة مقدمة على المصالح الشخصية؛ ولذلك شرع الإسلام نُظُمَ الوقايةِ من الأمراض والأوبئة المعدية، وأرسى مبادئ الحجر الصحي، وحث على الإجراءات الوقائية، حفظًا للنفوس وصيانة للأرواح؛ فإن المحافظة على النفوس من أهم المقاصد الخمسة الكلية في كل الشرائع، ويجب على المرضى بهذا الفيروس امتثال القرارات الاحتياطية والإجراءات الوقائية التي تتخذها الدولة للحد من انتشار هذا الفيروس.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الإنفاق على الفقراء بدلا من الحج والعمرة في أيام الوباء؟ فمع انتشار وباء كورونا قامت السلطات السعودية بتأجيل العمرة، كما قامت بقصر الحج على حجاج الداخل من السعودية فقط؛ تحرزًا من انتشار عدوى الوباء، وأمام حزن الكثيرين ممن كانوا يحرصون على أداء العمرة بشكل مستمر في شهر رمضان أو غيره من مواسم الطاعات، وكذلك الحج تطوعًا في موسمه، خرجت دار الإفتاء المصرية بمبادرة عنوانها "كأنك اعتمرت": أكثر من ثواب العمرة، تدعو فيها من يريد الذهاب للعمرة إلى إنفاق الأموال المعدة لها، على الفقراء والمساكين والغارمين وأصحاب العمالة اليومية (الأرزقية) وكل من تضرروا بظروف الوباء؛ تفريجًا لكروبهم، وقضاءً لحوائجهم، وإصلاحًا لأحوالهم.
فهل يكون ذلك مساويًا لثواب العمرة والحج تطوعًا فضلًا عن أن يكون زائدًا عليها؟
ما حكم تعلم البرمجة اللغوية العصبية والاستفادة من تطبيقاتها في النواحي الدينية؛ كتحفيز النفس على فعل الخيرات من عبادات أو معاملات أو طلب للعلم الشرعي؟
ما حكم صلاة العيد في البيت؟ ففي ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من فيروس (كوفيد-19) والإجراءات الاحترازية التي قامت بها الدولة، ومنها غلق دور العبادة حفاظًا على حياة الناس؛ فهل تصح صلاة العيد في البيت سواء بعذرٍ أو بغير عذرٍ، وهل تشترط الخُطْبَة بعدها، وما هي كيفية أداء صلاة العيد في البيت؟
ما المطلوب من المسلم فعله تجاه هذه الأزمات؟ وما الآداب التي يجب أن يتحلَّى بها؟
هل يجوز الاكتفاء بالرؤية البصرية غير المسلحة في إثبات دخول الشهر العربي؟
ما حكم بناء المسجد على المقابر المندرسة؟ فعندنا مسجد يضيق بالمصلين ولا توجد به دورة مياه، فقام أهل الحي بتوسيعه ليكون مسجدًا جامعًا يتسع للمصلين وتكون به دورة مياه، ولا يوجد مكان في هذا الحي إلا في البقعة المجاورة للمقبرة الموضحة بخريطة المسجد المرفقة مع نص السؤال، وهذه البقعة خالية وليس بها قبور ولم يثبت أنه دُفِن فيها أحدٌ بالفعل؛ حيث إن أهل الحي منعوا من الدفن في هذه البقعة وقاموا منذ زمن طويل بوضع ثلاثة حواجز لِمنع الدفن فيها نتيجة للرائحة التي يتأذى بها أهل الحي، كما كانت توجد بئر قديمة يسقي منها أهل الحي حدائقهم، ولم يكن يوصَل إلى هذه البئر إلا من خلال المرور بهذه البقعة التي بُنِيَ عليها المسجد الآن، والبئر الآن مهجورة، وهذه البقعة بها ثلاث مغارات كان يلجأ إليها أهل الحي عند نزول المطر والغارات الجوية فيما مضى، ولم يكن يوصَل إلى هذه المغارات إلا من خلال المرور بها؛ مما يدل على عدم وجود مقابر في هذه البقعة التي بُنِيَ عليها المسجد.
علمًا بأن المغارات الثلاث والبئر القديمة ومكان الحواجز الثلاث والمكان الذي بُنِيَ فيه المسجد على هيئة هضبة مجاورة للمقبرة؛ أعلاها يبدأ من البئر القديمة ثم تنحدر هذه الهضبة وتنتهي عند الطريق العمومي كما هو موضح بالخريطة.
كما نوضح لفضيلتكم أن الأرض التي بُنِيَ عليها المسجد الآن ليست من جنس أرض المقابر؛ لأنها كانت قبل بناء المسجد عليها مرتفعةً عن بقية أرض المقبرة كما سبق توضيحه، وقد تم تجريف هذا الارتفاع من الأرض وتسويته تمامًا بالجرافات الآلية، ونُقِلت التربة بعربات النقل حتى أصبحت الأرض التي بُنِيَ عليها المسجد مثلَ غيرها من الأرضين وخرجت عن كونها أرض مقبرة مع عدم ثبوت الدفن فيها، وبعد تسويتها قمنا بوضع قواعد خراسانية فيها ثم رُدِمَت هذه القواعد بتربة رملية، وقد تم بناء المسجد اعتمادًا على المعطيات السابقة والمعلومات الموضحة بالخريطة المرفقة:
أولًا: المسجد محاط بالمقابر من جهتين؛ الشرقية بأكملها تجاه القبلة، والجنوبية بأكملها كما بالخريطة.
ثانيًا: قبل بناء المسجد ترك مُشيِّدوه مسافة على هيئة طريق مسلوك يعتبر فاصلًا بين المسجد والمقبرة؛ أضيقه ثلاثة أمثار وأوسعه ستة أمتار وذلك موضح بالخريطة المرفقة مع نص السؤال.
وبعد ذلك كله فوجئنا بمن امتنع عن الصلاة في هذا المسجد بدعوى أن الأرض التي بُنِيَ المسجد عليها وقفٌ للمقبرة، والمقبرة أقدم من المسجد من حيث المكان، فاعتبروا بذلك أن المسجد مبني على أرض المقبرة، كما جعلوا المجاورة الشديدة بين المسجد والمقبرة من اتخاذ القبور مساجد، واستندوا إلى العظام والرميم التي وُجِدَت أثناء حفر السور وذكروا أنهم سمعوا سائقَ الجرَّافة أو أحد سائقي عربات النقل يذكر أنه رأى عظامًا أثناء تجريف الأرض، وأبدوا احتمالًا بوجود قبر آخر بداخل السور محاذٍ للقبر الذي هو خارج السور المشار إليه برقم (1) في الخريطة، وأنه يمكن أن يكون قد تم نبشه عن طريق الجرافة من غير أن يعلم أحد.
وقد تقصينا الأمر في ذلك وخرجنا بالنتائج التالية:
الأرض التي تم بناء المسجد عليها ليست وقفًا للمقبرة؛ لأنه لم يثبت عندنا لأحد من أهل الحي خاصة وأهل البلد عامة ملك أحد منهم لهذه الأرض، وليس هناك حجة أو قرينة تثبت ذلك من قريب أو بعيد.
أما العظام التي وُجِدت أثناء حفر السور فقد وُجِدَت بعد الانتهاء من بناء المسجد وفي غير المكان الذي بُنِيَ فيه بل في مكان يبعد عنه ستة أمتار كما هو موضح بالخريطة وذلك عند بناء السور الذي يفصل المقبرة عن الطريق والمسجد وليس في البقعة التي تم إحلالها وبناء المسجد فيها، وأما احتمال وجود قبر داخل السور تم نبشه فلم نجد ما يؤيده.
وسألنا سائق الجرَّافة عما نقلوه عنه فأنكر صدوره منه، وأنكر أنه رأى أي رميم أو عظام أثناء قيامه بتجريف الأرض، وحتى على فرض أن أحدًا رأى شيئًا فإن هذه الأرض التي بني فيها المسجد كانت خربة وكان بعض أهل الحي يدفنون فيها بهائمهم الميتة.
فما حكم الصلاة في هذا المسجد؟ وهل تدخل توسعته بذلك في اتخاذ القبور مساجد؟