أنا مسلم مقيم في بلد غربي، رأيت شخصًا -غير مسلم- قام بتمزيق المصحف أمامي فغضبت جدًّا، وقمت بالرد عليه، وكدت أضربه وأمزِّق كتابه الذي يعتقد فيه، فهل هذا صحيحٌ شرعًا؟
المسلمون مجمعون على وجوب احترام المصحف وصيانته وتعظيمه، وتحريم تعريضه للامتهان، وتعريض المصحف للامتهان وتمزيقه جريمة دينية وأخلاقية وعرفية، وتندرج في العُرف الدولي الآن تحت ما يسمَّى بجرائم الكراهية التي تُشكل تحريضًا على العداوة والعنف، وعلى السائل وغيره أنْ يسلك الطرق القانونية لإدانة هذا العمل، وألَّا يقابل هذا الفعل بالعنف والسباب والشتم، أو تمزيق كتاب غير المسلمين الذي يؤمنون به أو يعظمونه؛ فكلُّ كتاب يشتمل على ما يؤمن به إنسان يكون تعظيمه وتحريم امتهانه واجبًا لهذا المعنى، إضافة إلى ما تشتمل عليه الكتب من أسماء الله تعالى وأسماء أنبيائه وكتبه الأخرى غالبًا؛ وناهيك عمَّا في طريقة الرد المذكورة في السؤال إلى هذا الرد من إساءة إلى غير المعتدي ممَّن يؤمن بهذا الكتاب ولم يشترك في الإساءة للمصحف بغير تمييز ولا إنصاف، وهذا له من المآل السيئ على صورة الدين ما لا يعلم مداه إلا الله تعالى.
المحتويات
المُصْحَفُ والمِصْحَفُ: الجامع للصحف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْن، والكسر والفتح فيه لغة، قال أبو عبيد: تميم تكسرها وقيس تضمها، ولم يذكر من يفتحها ولا أنها تفتح إنما ذلك عن اللحياني عن الكسائي، قال الأزهري: وإنَّما سُمِّيَ المصحف مصحفًا؛ لأنَّه أصحف، أي جعل جامعًا للصحف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْن. ينظر: "لسان العرب" للعلامة ابن منظور (9/ 186، ط. دار صادر).
والمصحف اصطلاحًا: اسمٌ للمكتوب فيه كلام الله تعالى بين الدَّفَّتَيْن، ويصدق المصحف على ما كان حاويًا للقرآن كله، أو كان مما يُسمَّى مصحفًا عرفًا، ولو قليلًا؛ كحزب. ينظر: "حاشية قليوبي على شرح المحلي للمنهاج" للإمام شهاب الدين القليوبي (1/ 39، ط. دار الفكر).
المسلمون مجمعون على وجوب احترام المصحف وصيانته وتعظيمه، وتحريم تعريضه للامتهان، وأنَّ تعريض المصحف للامتهان مع العلم والعمد والاختيار ربما يخرج فاعله من دائرة الإسلام؛ قال الإمام النووي في "التبيان في آداب حملة القرآن" (ص: 190، ط. دار ابن حزم): [أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه] اهـ.
ولا شك أنَّ صيانة المصحف وتعظيمه واتخاذ كافة الوسائل الناجعة -الفعّالة- لذلك من تعظيم شعائر الله تعالى سواء بين المسلمين بعضهم مع بعض أو في تعظيم شأنه وصورته لدى كل إنسان ولو لم يكن مسلمًا، قال عزَّ وجلَّ: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].
قال الإمام الألوسي في "روح المعاني" (9/ 141، ط. دار الكتب العلمية): [حُرُماتِ اللَّه جمع حرمة وهو ما يحترم شرعًا] اهـ.
عند النظر في الفعل المسؤول عنه فإنَّه يعتبر دالًّا على ما يسمَّى بالكراهية التي لا تقابل بالكراهية المضادة؛ فالإسلام دينٌ دعا إلى المحبة ونبذ الكراهية وممارساتها بين البشرية جمعاء، والأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم السلم والأمان والتعارف والتعاون، لا الكراهية والعنف.
فإن بادر غير المسلم بإبداء الكراهية والبغضاء: قطع المسلم أسباب الكراهية والتشاحن والبغضاء، ولم يجبه بما فيه سب أو شتم أو تحقير لمعتقده؛ امتثالًا لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: 108].
قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (13/ 109، ط. دار إحياء التراث العربي): [اعلم أنَّ هذا الكلام أيضًا متعلِّق بقولهم للرسول عليه السلام: إنَّما جمعت هذا القرآن من مدارسة الناس ومذاكرتهم، فإنَّه لا يبعد أنَّ بعض المسلمين إذا سمعوا ذلك الكلام من الكفار غضبوا وشتموا آلهتهم على سبيل المعارضة، فنهى الله تعالى عن هذا العمل؛ لأنك متى شتمت آلهتهم غضبوا فربما ذكروا الله تعالى بما لا ينبغي من القول، فلأجل الاحتراز عن هذا المحذور وجب الاحتراز عن ذلك المقال، وبالجملة، فهو تنبيه على أنَّ خصمك إذا شافهك بجهل وسفاهة لم يجز لك أن تقدم على مشافهته بما يجري مجرى كلامه فإنَّ ذلك يوجب فتح باب المشاتمة والسفاهة وذلك لا يليق بالعقلاء] اهـ.
ورغم أن غَضَب المسلم -متى تم النَّيْل من دينه ومعتقده ومقدساته- أمرٌ مشروع؛ لكونه يعبر عن تدينه وانتمائه؛ إلا أنه لا بد أن يكون السلوك المعبر عن هذا الغضب مقيدًا بحدود الأُطُر الشرعية والقانونية المرعية في كل عصر بما يكون مآله بيانًا حضاريَّا لصورة دينه ومعتقده، وبالالتزام بما اصطلح عليه الإنسان واعتمدته المؤسسات التي تتبنى نبذ الكراهية والعنصرية.
ولا يجوز شرعًا مقابلة هذا الفعل بتمزيق كتابه الذي يؤمن به أيًّا كان هذا الكتاب؛ فكلُّ كتاب يشتمل على ما يؤمن به إنسان يكون تعظيمه وتحريم امتهانه واجبًا لهذا المعنى، إضافة إلى ما تشتمل عليه الكتب من أسماء الله تعالى وأسماء أنبيائه وكتبه الأخرى غالبًا؛ وناهيك عمَّا في طريقة الرد المذكورة في السؤال إلى هذا الرد من إساءة إلى غير المعتدي ممَّن يؤمن بهذا الكتاب ولم يشترك في الإساءة للمصحف بغير تمييز ولا إنصاف، وهذا له من المآل السيئ على صورة الدين ما لا يعلم مداه إلا الله تعالى.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ هذا العمل -تمزيق المصحف الشريف- يندرج في العرف الدولي الآن تحت ما يسمَّى بجرائم الكراهية، التي أضحى تجريمها ومنعها عرفًا دوليًّا متفقا عليه، فقد جاء في المادة (20) فقرة (2) من "العهد الدولي لحقوق الإنسان": [تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية: تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف] اهـ.
ولمَّا كان اتفاق العقلاء على أنَّ هذا الفعل جريمة، وأنَّ مقتضى التعايش السلمي هو الرد على ذلك بسلوك الطرق السلمية من غير عنف كان من الواجب أن يسلك المسلمون في ردهم السبل القانونية والدولية المترجمة عن حفاظهم على التعايش السلمي الوطني والعالمي.
والتعايش السلمي ونبذ العنف والكراهية أحد القيم التي أكدتها الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وانطلقت منها "وثيقة التسامح الفقهي والإفتائي"؛ حيث جاء فيها: [التعايش السلمي: وتستدعي هذه القيمة التعامل مع الاختلاف والخلاف المذهبي وإدارته وأخلاقياته، والسعي للرقي الإنساني، والدعوة للاعتداد بالمواثيق والمعاهدات الدولية المتفق عليها، ونبذ الكراهية، واستثمار الفقه والإفتاء لمواجهة التطرف ودعم الاستقرار، وحسن الظن بعلماء الشريعة] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ امتهان المصحف الشريف وتمزيقه جريمة دينية وأخلاقية وعرفية، وعلى السائل وغيره أنْ يسلك الطرق القانونية لإدانة هذا العمل، وألَّا يقابل هذا الفعل بالعنف والسباب والشتم، أو تمزيق كتاب غير المسلمين الذي يؤمنون به أو يعظمونه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صلاة التراويح في البيت بسبب الوباء؟ فإنه في ظلّ ما يمر به العالم من ظروف جراء فيروس كورونا أُغلِقَت المساجد وأُرجئت الجمع والجماعات؛ ضمن القرارات التي اتخذها المختصون تحرزًا من عدوى هذا الفيروس الوبائي، فهل تشرع صلاة التراويح في البيوت؟ وهل يأخذ المُصلي حينئذٍ أجر قيام رمضان؟
ما حكم تحديد الجهات المنظمة للحج لأعداد الحجيج وسنِّهم واشتراط حصولهم على اللقاحات؟ فمع اقتراب موسم الحج وفي ظل تزايد أعداد مريدي الحج، نجد أن الجهات المعنية بشئون الحج والعمرة تقوم بإِصْدار قرارات تنظيمية لفريضة الحج، نحو: تحديد أعداد الحجيج وأعمارهم، واشتراط حصولهم على بعض اللقاحات، فهل هذا متفق مع أحكام الشريعة ومقاصدها الإسلامية؟
أفاد المتخصصون أن جسمَ المتوفى بفيروس كورونا يظلُّ حاملًا لفيروس مدَّة بعد وفاته، ولذلك فإن عمليةَ تجهيزه يقومُ بها متخصصون من وزارة الصحَّة، ولا يسلمون المتوفى لأهله إلا بعد إتمام التعقيم والتغسيل والتكفين، ومما يقومون به في التكفين أنهم يضعون المتوفى في كيس مُعَدٍّ غير منفذ للسوائل، فهل هذه الطريقة كافية في تكفينه شرعًا؟
ما حكم تقسيم الأراضي التي ضاعت حدودها بداغستان؟ حيث تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: ما حكم أراضي قرى داغستان اليوم بعد الدعوة إلى إعادتها إلى أيدي مُلَّاكها من أهل القرية، وقد ضاعت الحدود والحقوق في أغلب القرى، ومات الأجداد الذين كانوا يعرفون الحدود وحقوق الجيران من طرقٍ ومسيلات ماء، وما هو الواجب في كيفية تقسيمها؟
ما حكم ممارسة لعبة تحكي سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام؟ حيث إنَّ هناك من يقول إن طريقة ممارسة هذه اللعبة تشبه القمار.
ما حكم التنقيب عن الذهب في الصخور؟ فإنه تنتشر في أماكن تواجد الصخور الآن استخدام أجهزة تكشف عن تواجد معادن داخل الصخور، فيقوم المُنقِّبون بتكسير الجزء أو المكان الذي يصدر إشارات، ومن المعلوم أن من يفعل ذلك يكون مخالفًا للقانون ومُعرَّضًا للعقوبة، ويتصور كثير ممن يفعلون ذلك أنهم لا يؤذون أحد، وأن هذه الأماكن ملك لله وليس لأحد، فهل يجوز شرعًا قيام عمال بالعمل في تكسير الصخور لاستخراج الذهب، أو التعاون على نقلها بسيارات؟