هل يجوز إخراج الزكاة من الـمُزَكِّي لمَنْ يجب عليه نفقتهم؟
لا يجوز شرعًا إخراج المزكي زكاته لمن وجبتْ عليه نفقتهم؛ لأنَّ نفعها عائدٌ إليه، فكأنَّه أخْرَجَهَا على نفسه.
المحتويات
الزكاة لغة: النماء والزيادة، يقال زكى الزرع يزكو، أي: نما وازداد. ينظر: "العين" للخليل بن أحمد (5/ 394، ط. دار ومكتبة الهلال).
وفي اصطلاح الفقهاء هي: اسم لقدرٍ معينٍ يخرج من مال مخصوص لطوائف مخصوصة على وجه مخصوص. ينظر: "العناية" للبابرتي (2/ 153، ط. دار الفكر)، و"حاشية الدسوقي" (1/ 430، ط. دار الفكر)، و"حاشيتا قليوبي وعميرة (2/ 3، ط. دار الفكر)، و"الإنصاف" للمرداوي (3/ 3، ط. دار إحياء التراث العربي).
وهي ركن من أركان الدِّين، وفريضة من الفرائض، وجبت بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وانعقد إجماع الفقهاء على وجوبها.
فالأصل فيها من الكتاب قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: 43].
قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (1/ 573، ط. مؤسسة الرسالة): [عن قتادة، في قوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾، قال: فريضتان واجبتان، فأدُّوهما إلى الله.. أمَّا إيتاءُ الزكاة، فهو أداء الصدقة المفروضة] اهـ.
ومن السُّنَّة النبوية: ما جاء في الحديث المتفق عليه -واللفظ للبخاري- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (3/ 391، ط. مكتبة الرشد): [والزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة، قال عليه الصلاة والسلام: «بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وحَجِّ البَيْتِ»؛ فهذه دعائم الإسلام وقواعده] اهـ.
وأمَّا الإجماع: فقد انعقد الإجماع من لدن عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا على وجوب الزكاة دون نكيرٍ يُعتَدُّ به.
قال الإمام ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 193، ط. الفاروق الحديثة): [وهم مجمعون على أنَّ الصلاة واجبة والزكاة واجبة، والنص قد جاء بالجمع بينهما على كلِّ مؤمنٍ، فالزكاة فرض كالصلاة، هذا إجماع متيقن] اهـ. ينظر أيضًا: "العناية" للبابرتي (2/ 153-154)، و"مواهب الجليل" للحطاب (2/ 255، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للنووي (5/ 326، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للبهوتي (2/ 166، ط. دار الكتب العلمية).
يتعين إخراجها على من توافرت فيه شروط الوجوب، ومنها: ألَّا يكون المُنْفَق عليه نفقته واجبة على المزكِّي، لأنَّ نفعها يعود إليه فكأنَّها عادت إليه ولم يُخْرِجْها، ومن ثَمَّ فلم يغرم شيئًا، وعلى ذلك توالت عبارات الفقهاء في كتبهم.
قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 49، ط. دار الكتب العلمية) عند حديثه عن شرائط الزكاة: [ومنها: ألَّا تكون منافع الأملاك متصلة بين المؤدِّي وبين المؤدَّى إليه؛ لأنَّ ذلك يمنع وقوع الأداء تمليكًا من الفقير من كلِّ وجه، بل يكون صرفًا إلى نفسه مِن وجه، وعلى هذا يخرج الدفع إلى الوالدين وإن علوا، والمولودين وإن سفلوا؛ لأنَّ أحدهما ينتفع بمال الآخر، ولا يجوز أن يدفع الرجل الزكاة إلى زوجته بالإجماع] اهـ.
وقال العلامة الحطاب في "مواهب الجليل" (2/ 342-343): [ص: (وعدم كفاية بقليل أو إنفاق أو صنعة) ش: يعني: أنَّه يُشترط في كلِّ واحدٍ من الفقراء والمساكين أن يكون عادمًا للكفاية.. وألَّا يكون ممن تلزم نفقته مليًّا، وكذلك إن كانت لا تلزم ولكنه في نفقته وكسوته، قال في "التوضيح" يعني: أنه يلحق الملتزم النفقة والكسوة بمن تلزمه في الأصل، وسواء كان التزامه لها صريحًا أو بمقتضى الحال، وسواء كان من قرابته أو لا، قاله ابن عبد السلام، انتهى.
ثم قال: فإن انقطعت النفقة أو الكسوة عن أحد الشخصين فإنه يجوز أن يدفع له من الزكاة ما يقدر عليه من النفقة والكسوة، انتهى] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (2/ 310، ط. المكتب الإسلامي): [والخلاف في مسألة القريب إذا أعطاه غير من تلزمه نفقته من سهم الفقراء أو المساكين، ويجوز أن يعطيه من غيرهما بلا خلاف، وأما المُنْفِق عليه، فلا يجوز أن يعطيه من سهم الفقراء والمساكين؛ لغناه بنفقته، ولأنَّه يدفع عن نفسه النفقة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 482، ط. مكتبة القاهرة): [(ولا يعطي من الصدقة المفروضة للوالدين، وإن علوا، ولا للولد، وإن سفل). قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنَّ الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين، في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم، ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته، وتسقطها عنه، ويعود نفعها إليه، فكأنَّه دفعها إلى نفسه، فلم تجز، كما لو قضى بها دينه، وقول الخرقي (للوالدين): يعني الأب والأم. وقوله (وإن علوا): يعني آباءهما وأمهاتهما، وإن ارتفعت درجتهم من الدافع، كأبوي الأب، وأبوي الأم، وأبوي كلِّ واحد منهم، وإن علتْ درجتهم، من يرث منهم ومن لا يرث. وقوله: (والولد وإن سفل)، يعني وإن نزلت درجته من أولاده البنين والبنات، الوارث وغير الوارث. نص عليه أحمد فقال: لا يعطي الوالدين من الزكاة، ولا الولد ولا ولد الولد، ولا الجد ولا الجدة ولا ولد البنت] اهـ.
بناءً على ما سبق: فإخراج المزكي زكاته لمن وجبتْ عليه نفقتهم غيرُ جائزٍ؛ لأنَّ نفعها عائدٌ إليه، فكأنَّه أخْرَجَهَا على نفسه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجوز إخراج زكاة الفطر مالًا؟ أو يجب أن تكون حبوبًا؟ أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا.
أيهما أفضل: القيام بعمرة التطوع أو الإنفاق على الفقراء والمحتاجين؟
ما حكم التبرع من أجل القضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي من الزكاة؟ فأنا أتشرف أن أتقدم لسيادتكم بخالص التحية والتقدير لما تبذلونه من مجهودات لإعادة المرجعية الوسطية للفتوى لمجتمعنا المصري؛ ونظرًا إلى أن تحقيق العدالة الاجتماعية من أهم أولويات الحكومة المصرية فقد تم إنشاء صندوق تحيا مصر بالقرار الجمهوري 84/2015 والذي ينص في المادة السادسة على أن يختص الصندوق بمعاونة أجهز الدولة في إقامة مشروعات خدمية وتنموية في مجالات تطوير العشوائيات، والحد من ظاهرة أطفال بلا مأوًى التي تساهم في دعم الموقف الاجتماعي والاقتصادي بالدولة، وإقامة مشروعات تنموية تقوم عليها شركات جديدة مملوكة ملكية تامة للصندوق، أو يساهم في رأس مالها طبقًا للقواعد والضوابط التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء.
وحيث إن الاهتمام بصحة المواطن المصري عامة ومريض فيروس سي خاصة من أهم أولويات الحكومة المصرية، ودعمًا للارتقاء بمستوى الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين، واستمرارًا للجهود المبذولة في البحث عن أفضل العلاجات لمرض الالتهاب الكبدي الفيروسي سي في مصر، قام صندوق تحيا مصر بالتنسيق مع وزارة الصحة وجهات أخرى شريكة بتبني البرنامج القومي للقضاء على فيروس سي ، وذلك من خلال إنشاء مراكز علاج متخصصة، وتوفير أحدث علاج متوافر عالميًّا، بالإضافة إلى الرعاية المتكاملة للمريض حتى يشفى.
لذا أرجو من سيادتكم التكرم بدراسة مدى إمكانية اعتبار التبرع من أجل القضاء على الالتهاب الكدي الفيروسي سي في مصر بابًا من أبواب الزكاة. ونشكر لسيادتكم حسن تعاونكم. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.
هل للمرأة الحامل المتوفى عنها زوجها نفقة في تركته؟ فقد توفي رجل وترك زوجةً حاملًا منه حملًا ظاهرًا، وخَلَّفَ تركةً. هل تُفرَضُ لها النفقة في تَرِكته، أم من نصيبها الشرعي حتى تضع حملها؟ أفيدوا الجواب ولكم الثواب.
فتاة تبلغ من العمر تسعًا وثلاثين سنة تريد الزواج من رجل يناسبها، ولكن أمها ذات شخصية قوية متسلطة وترفض زواج البنت حتى الآن من أي رجل دون إبداء أسباب، وأبوها مريض لا حول له ولا قوة، فهل لها أن تتزوج دون رغبة أمها؟ وهل في ذلك عصيان للأم؟
ما حكم مكافأة نهاية الخدمة؟ فبرجاء التفضل بالإفادة بالرأي الشرعي عن كيفية صرف الميزة المستحقة من صندوق الانتماء للتكافل الاجتماعي لورثة أحد المشتركين به، وعما إذا كان يتم الصرف طبقًا لما هو مدون بطلب الاشتراك إعمالًا للقواعد المعمول بها، وفي هذه الحالة كيف يوزع نصيب والده المتوفَّى قبله أم يتم الصرف وفقًا لما ورد بالإعلام الشرعي؟
فقد قام المتوفى المذكور بتحديد أسماء المستفيدين بطلب الاشتراك -حال حياته- لوالدته ووالده، وأنَّ المبلغ المقرر من الصندوق يوزع بالتساوي بينهما، كما تضمن أنه في جميع حالات عدم وجود مستفيدين يتم توزيع الميزة على الورثة الشرعيين.
- ورود الإعلام الشرعي الذي ينص على انحصار إرثه في والدته، ولها سدس التركة فرضًا، وفي أولاده القُصَّر (ابنين وبنت) ويستحقون باقي التركة تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين، وقد خلا الإعلام الشرعي من اسم والده نظرًا لوفاته قبل وفاة ابنه.