هل لصلاة العيد سُنة قَبلية؟ حيث نجدُ بعضَ الناس يُنكرون على بعض المصلين صلاتهم قبل صلاة العيد عندما يحضرون للمُصلَّى قبل الشروع في الصلاة مع الإمام، وما مدى صحة صلاة ركعتين قبل صلاة العيد؟
ما عليه الفتوى أنَّ صلاة العيدين ليس لها سُنةٌ قَبليةٌ راتبةٌ، وإنما يجوز التنفل قبلها وكذا بعدها في البيت أو المُصلَّى، وسواء كان المُصلِّي في المسجد أم في الساحات؛ تقليدًا لمن أجاز من الفقهاء، ولا إثم في ذلك ولا بدعة.
هذا ومن المقرر شرعًا في المسائل الخلافية بين العلماء أنه: "إنما يُنكَر المتفَقُ عليه ولا يُنكَر المختلَفُ فيه"، وأنَّ: "مَن ابتُلِيَ بشيءٍ من ذلك فلْيُقَلِّدْ من أجاز".
المحتويات
من المقرر شرعًا أنه ليس للعيد سُنَّة قَبلية راتبة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ الفِطْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا» متفق عليه.
وقد حكى الإجماع على ذلك الإمام النووي؛ فقال في "المجموع" (5/ 13، ط. دار الفكر): [أجمعوا على أنه ليس لها سُنَّة قبلها ولا بعدها] اهـ.
وقال العلامة برهان الدين ابن مازَه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 112، ط. دار الكتب العلمية): [وليس قبل العيدين صلاة مسنونة] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 476، ط. دار المعرفة): [الحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سُنَّة قبلها ولا بعدها، خلافًا لمَن قاسها على الجمعة] اهـ.
اختلف الفقهاء بعد ذلك في مشروعية التنفل قبل العيد وبعده؛ فكرهه بعضهم مطلقًا، وأجازه بعضهم مطلقًا، وفرَّق البعض بين التنفل قبل العيد والتنفل بعدها، فكرهوه في الأولى، وأجازوه في الثانية، كما فرَّق بعضهم بين التنفل في البيت وفي المُصَلَّى، فأجازوه في الأولى، وكرهوه في الثانية. ينظر: "المبسوط" للإمام السَّرَخْسِي (1/ 157-158، ط. دار المعرفة)، و"المجموع" للإمام النووي (5/ 12، ط. دار الفكر)، و"شرح مختصر خليل" للإمام الخَرَشِي (2/ 105، ط. دار الفكر)، "الإنصاف" للإمام المَرْدَاوِي (2/ 431-432، ط. دار إحياء التراث العربي).
المختار للفتوى هو جواز التنفل قبل صلاة العيد وبعدها مطلقًا في البيت أو المصلى أو المسجد؛ ما دام بقصد التنفل المطلق لا بقصد التنفل لصلاة العيد، وهو مذهب الشافعية، وبه قال أنس بن مالك وأبو هريرة ورافع بن خديج وسهل بن سعد وأبو بردة رضي الله عنهم أجمعين، والحسن البصري وأخوه سعيد بن أبي الحسن وجابر بن زيد وعروة بن الزبير وابن المنذر.
قال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 12): [يجوز لغير الإمام التنفل يوم العيد قبل صلاة العيد وبعدها، في بيته وطريقه، وفي المصلى قبل حضور الإمام لا بقصد التنفل لصلاة العيد، ولا كراهة في شيء من ذلك] اهـ.
وقال أيضًا (5/ 13): [واختلفوا في كراهة النفل قبلها وبعدها؛ فمذهب الشافعي: أنه لا يكره صلاة النفل قبل صلاة العيد ولا بعدها لا في البيت ولا في المصلى لغير الإمام] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 476): [وجرى على ذلك الصَّيْمَرِيُّ فقال: لا بأس بالنافلة قبلها وبعدها مطلقًا إلا للإمام] اهـ.
فالأصل إباحة الصلاة حتى يثبت النهي، ولم يثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهَى عن التنفل بالصلاة قبل صلاة العيدين، وتركه صلى الله عليه وآله وسلم ليس فيه دليل على المنع أو الكراهة.
قال العلامة السِّنْدِيُّ في "شرح مسند الإمام الشافعي" (1/ 153، ط. دار الكتب العلمية) -عند حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه لم يكن يُصَلي يوم الفِطْرِ قبل الصلاة ولا بعدها-: [ولا حجة في الحديث لمن كرهها؛ لأن تركه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قبلها وبعدها لا يلزم منه كراهتها، ولا يثبت المنع إلَّا بدليل] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 476): [أما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص إلَّا إن كان ذلك في وقت الكراهة الذي في جميع الأيام] اهـ.
ونقل الإمام الشوكاني كلام الحافظ ابن حجر في كتابه "نيل الأوطار" (3/ 360، ط. دار الحديث)، وقال عقبه: [وكذلك قال العراقي في "شرح الترمذي"، وهو كلام صحيح جار على مقتضى الأدلة؛ فليس في الباب ما يدل على منع مطلق النفل ولا على منع ما ورد فيه دليل يخصه كتحية المسجد إذا أقيمت صلاة العيد في المسجد] اهـ.
وهو المروي عن طائفة من الصحابة والتابعين كأنس بن مالك وسهل بن سعد ورافع بن خديج رضي الله عنهم؛ قال الإمام البغوي في "شرح السنة" (4/ 316، ط. المكتب الإسلامي): [وذهب قوم إلى أنه يصلى قبلها وبعدها، روي عن سهل بن سعد، ورافع بن خديج أنهما كانا يصليان قبل العيد وبعده، ومثله عن أنس.
وعن عروة بن الزبير أنه كان يصلي يوم الفطر قبل العيد وبعده في المسجد، وبه يقول الشافعي] اهـ.
وقال الحافظ أبو شامة المقدسي في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (1/ 97، ط. دار الهدى): [وقد فعلوا -الصحابة- مثل ذلك -أي: الصلاة قبل الجمعة تطوعًا- في صلاة العيد؛ وقد عُلم قطعًا أن صلاة العيد لا سُنَّة لها، وكانوا يصلون بعد ارتفاع الشمس في المصلى وفي البيوت ثم يصلون العيد؛ روى ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين، وبوب له الحافظ البيهقي بابًا في "سننه"] اهـ.
كما أنَّ مَن كره التطوع قبل صلاة العيد في المصلى؛ إنما كره ذلك مخافة اشتباه البعض بأنها صلاة العيد؛ حيث أجاز التنفل قبلها في البيت مطلقًا.
قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (1/ 297، ط. دار الكتب العلمية): [وقال محمد بن مقاتل الرازي من أصحابنا: إنما يكره ذلك في المصلى؛ كي لا يشتبه على الناس أنهم يصلون العيد قبل صلاة العيد، فأما في بيته فلا بأس بأن يتطوع بعد طلوع الشمس] اهـ.
هذا ومن المقرر شرعًا في المسائل الخلافية بين العلماء أنه "إنما يُنكَر المتفَقُ عليه ولا يُنكَر المختلَفُ فيه"، وأنه "مَن ابتُلِيَ بشيءٍ من ذلك فلْيُقَلِّدْ من أجاز".
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه ليس لصلاة العيدين سُنة قَبلية راتبة، وإنما يجوز التنفل قبلها وكذا بعدها في البيت أو المصلى، وسواء كان المصلي في المسجد أم في الساحات؛ تقليدًا لمن أجاز من الفقهاء، ولا إثم في ذلك ولا بدعة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هي آداب الرجوع من الحج؟ فوالدي سافر إلى الحج هذا العام، وطلب مني أن أسألكم عن أهم الآداب التي تُراعى لمن هو عائد من الحج.
نحيطكم عِلمًا بأن صندوق خاص بإحدى الجهات الرسمية يقوم بتنظيم بعثة سنوية للحج، وذلك حسب البرنامج التالي ذكره، فبرجاء التفضل بإبداء الرأي في مدى صحة هذا البرنامج من الناحية الشرعية:
تقوم البعثة بالسفر بالملابس العادية إلى المدينة أولًا، وتمكث البعثة بالمدينة لمدة خمسة أيام، قبل التوجه إلى مكة لأداء مناسك الحج، ونقوم بشراء صكوك الهدي من المدينة، والإحرام من فندق الإقامة بنية القران بين الحج والعمرة.
ثم نقوم بعد ذلك بالتوجه إلى الحرم المكي لأداء طواف القدوم والسعي بعده، فهل يجزئ هذا السعي عن سعي الحج؟
في يوم التروية نذهب ليلًا مباشرة إلى عرفة، ولا نبيت بمِنى ولا ندخلها، ونبيت ليلة عرفة بمقر البعثة بعرفة والذي يكون داخل حدود عرفة، ونمكث بالمخيَّم داخل عرفة دون الذهاب إلى جبل الرحمة، وعند غروب الشمس نبدأ في التحرك إلى المزدلفة، فنصل إليها ليلًا، ونصلي المغرب والعشاء جمع تأخير مع قصر العشاء، ونسرع بجمع الحصى من المزدلفة، ثم نبادر بعد ذلك وفي منتصف الليل بمغادرة المزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى، ويمكن لكبار السن والسيدات التوكيل في رمي الجمرات، ثم نتوجه إلى مكة المكرمة لطواف الإفاضة، وبعدها نتوجه إلى الفندق لأخذ قسط من الراحة.
ثم نتوجه في ظهيرة يوم النحر من مكة إلى منى للمبيت بها حتى الساعة 12 صباحًا، ثم نقوم برمي الجمرات ليلة أول أيام التشريق وثاني أيام العيد، ثم التوجه إلى فندق الإقامة لمَن يرغب. وفي ظهر أول أيام التشريق وثاني أيام العيد نتوجه إلى منى ونقيم بها حتى نرمي جمرات اليوم الثاني من أيام التشريق في حدود الساعة 12 صباحًا، ونتعجل اليوم الثالث، ونقوم بمغادرة مِنى إلى مكة ليلة ثاني أيام التشريق بعد رمي الجمرات.
ننصح الكثير من أعضاء البعثة وخاصة كبار السن بالذهاب بعد العشاء بساعة أو ساعتين ليلة 12 من ذي الحجة بالذهاب إلى الجمرات ورمي جمرات اليوم الأول، ثم يمكثون إلى أن ينتصف الليل ويرمون لليوم الثاني. كما ننصح كبار السن والنساء ومن لا يستطع الذهاب إلى منى أن يبقى بمكة ويوكِّلَ من يرمي عنه الجمرات. ويمكن لمن أحب عمل أكثر من عمرة أن يقوم بذلك بعد الرجوع إلى مكة والتحلّل الأكبر، ويقوم أعضاء البعثة بطواف الوداع في يوم 13 من ذي الحجة، أي: قبل المغادرة بيوم.
كما ننصح كبار السن والمرضى أن يجمعوا في طواف الإفاضة بين نية الإفاضة ونية الوداع.
وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام
نرجو منكم بيان فضل مكة على غيرها من البلدان؟ ولماذا سميت بـ "أم القرى"؟
هل يجوز رمي الحصيات السبع دفعة واحدة؟ فأثناء رمي جمرة العقبة يحصل زحام شديد، فيقوم بعض الناس برمي الحصيات كلها دفعةً واحدةً؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
ما حكم تكرار العمرة في الفترة بين عمرة القُدُوم والصُّعُود لِعَرَفة؟ فبعد الانتهاء مِن مناسك العمرة، يريد بعضُ مُعتَمِرِي الشركة عملَ عمراتٍ أخرى. فما هو مكان الميقات الذي يبدأ منه العمرة؛ هل هو مسجد السيدة عائشة (مسجد التنعيم) في مكة، أم يذهبون مِن مكة إلى أبيار علي في المدينة؛ ما هو الأفضل في ذلك؟