ما السِّنُّ المعتبرة شرعًا كحدٍّ أدنى في الأضحية إذا كانت من الضأن؟
السِّنَّ المعتبَرةَ شرعًا كحدٍّ أدنى في الأضحية إذا كانت مِن الضأن هي ستةُ أشهرٍ فأكثر؛ وذلك كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولأن الضأن في هذه السن تظهر عليه علامات اكتمال النمو وأماراته.
المحتويات
الأضحية شعيرةٌ مِن شعائر الإسلام؛ قال الله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [الحج: 36]، وهي: اسم لما يُذْبَحُ من الإبل والبقر والغنم تقرُّبًا إلى الله تعالى يوم النحر وأيام التشريق؛ قال تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28].
وهي مِن أعظَم القُرُبات يوم النحر؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الأئمة: الترمذي -واللفظ له- وابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
ومِن فضلها: أنها بابٌ من أبواب التوسعة على الناس أيام العيد والتشريق؛ كما في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلهِ» أخرجه الأئمة: مالك في "الموطأ" واللفظ له، وأحمد في "المسند"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
للأضحية شروطٌ في الشريعة الإسلامية حتى تقع صحيحة مُجْزِئةً عن صاحبها، فمِن هذه الشروط:
أن تكون الأضحية مِن بهيمة الأنعام، وهي: الإبل، والبقر، والغنم بنوعيه (المَعْز، والضأن)، وذلك باتفاق جماهير الفقهاء سلفًا وخلفًا؛ كما في "التمهيد" للإمام ابن عبد البر (23/ 188، ط. أوقاف المغرب)، و"المجموع" للإمام النووي (8/ 393، ط. دار الفكر).
ومنها: بلوغ الأضحية السِّنَّ المعتبرة لها شرعًا، وأقلُّها في الضأن -كما هي مسألتنا-: أن يكون جَذَعًا باتفاق جماهير الفقهاء؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «نِعْمَ الْأُضْحِيَّةُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ» أخرجه الأئمة: إسحاق بن راهويه، وأحمد في "المسند"، والترمذي واللفظ له، والبيهقي في "السنن"، وقال الترمذي: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم، أن الجذع من الضأن يجزئ في الأضحية".
قال الإمام ابن القَطَّان في "الإقناع" (1/ 301، ط. الفاروق): [اتفق علماء الأمصار أنَّ الجذع من الضأن يجزئ إذا كان سليمًا مما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه لا يجوز في الأضاحي] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (4/ 250، ط. دار الكتب العلمية): [أكثر أهل العلم يقولون: يجزئ الجذع من الضأن هديًا وضحية، وهو قول مالك، والليث، والثوري، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 394): [وأجمعت الأمة على أنه لا يجزئ من الإبل، والبقر، والمعز، إلا الثني، ولا من الضأن إلا الجذع] اهـ.
مع اتفاق جماهير الفقهاء على أنَّ الجذعة من الضأن تجزئ في الأضحية، إلا أنهم اختلفوا في تحديد سن الجذعة، والمختار للفتوى: أنَّ الجَذَعَ من الضأن هو ما أتمَّ سِتَّةَ أشْهُرٍ فصاعدًا؛ وذلك لأن الضأن إذا بلغ ستة أشهر كان له القدرة على التناسُل في تلك السِّن، وهذا يدل على اكتمال نموه، وهو ما عليه جمهور الفقهاء مِن الحنفية -وإن اشتَرَط بعضُهم أن يكون عظيمًا بحيث يشتبه على الناظر فيَظُنُّهُ ثَنِيًّا وهو ما أَتَمَّ سَنَةً-، والمالكية في قول، والشافعية في وجه، والحنابلة في المعتمد، وهو قول وَكِيعِ بن الجَرَّاح.
جاء في "سنن الإمام الترمذي" أن وَكِيعًا كان يقول: "الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ يَكُونُ ابْنَ سِتَّةِ أَوْ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ".
وقال العلامة زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (8/ 201-202، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(وجاز الثَّنِي من الكلِّ والجذع من الضأن).. وقالوا: هذا إذا كان الجذع عظيمًا بحيث لو خُلط بالثَّنِيات ليشتبه على الناظرين، والجذع من الضأن ما تمت له ستة أشهرٍ عند الفقهاء] اهـ.
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "المعونة" (ص: 659، ط. المكتبة التجارية): [والسِّن الجائز فيها الجذع من الضأن.. والجَذَع من الضأن ما له ستة أشهُر فما زاد] اهـ.
وقال الإمام شهاب الدين القَرَافِيُّ المالكي في "الذخيرة" (4/ 145، ط. دار الغرب الإسلامي): [قال ابن يونس: قال ابن حبيب: وسِن الجَذَع مِن الضأن مِن ستة أشهر] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 193، ط. المكتب الإسلامي): [ولا يجزئ من الضأن إلا الجَذَع أو الجَذَعة.. ثم الجَذَع: ما استكمل سَنَةً على الأصح. وقيل: ما استكملت ستة أشهر] اهـ.
وقال العلامة أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 531، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يجزئ) في الأضحية.. (إلا الجَذَع من الضأن، وهو ما له ستة أشهرٍ).. والفرق بين جَذَع الضأن والمعز: أنَّ جَذَع الضأن ينزو فيُلقِّح، بخلاف الجَذَع مِن المَعْز، قاله إبراهيم الحربي] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ السِّنَّ المعتبَرةَ شرعًا كحدٍّ أدنى في الأضحية إذا كانت مِن الضأن هي ستةُ أشهرٍ فأكثر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجوز الأكل من الهدي التطوعي غير دم التمتع والقران؟ فقد أدَّى والدي مناسك الحج، وقال له أحد أصدقائه: إنه يستحب له أن يذبح هديًا في رحلته إلى الحج، وأن يأكل منه، وبالفعل ذبحه وأكل منه، فهل ما فعله والدي صحيح؟
ما حكم الحج عن الغير تبرعًا؟ فأنا كنتُ قد حَجَجتُ عن نفسي مِن قَبْل، وفي هذا العام كان لي صديق مريضٌ، فقمتُ بمشاورته في أن أحُجَّ عنه مع تحملي لنفقة السَّفَر، فهل يشترط أن يشاركني صديقي في النفقة، أو يجوز لي أن أحجَّ عنه دون مساهمةٍ منه في نفقة الحج؟
ما حكم الحجّ لمن أحرم ثم مات قبل أداء المناسك؟ فقد أحرَم شخصٌ بفريضة الحج، ثم توفي قبل أداء شيءٍ مِن المناسك، فما حكم حَجِّهِ شرعًا؟ وهل على ورثته أن يُكمِلوا الحجَّ عنه؟
هل يجب أن تُجمع الحصيات لرمي الجمار من مزدلفة؟
نحيطكم عِلمًا بأن صندوق خاص بإحدى الجهات الرسمية يقوم بتنظيم بعثة سنوية للحج، وذلك حسب البرنامج التالي ذكره، فبرجاء التفضل بإبداء الرأي في مدى صحة هذا البرنامج من الناحية الشرعية:
تقوم البعثة بالسفر بالملابس العادية إلى المدينة أولًا، وتمكث البعثة بالمدينة لمدة خمسة أيام، قبل التوجه إلى مكة لأداء مناسك الحج، ونقوم بشراء صكوك الهدي من المدينة، والإحرام من فندق الإقامة بنية القران بين الحج والعمرة.
ثم نقوم بعد ذلك بالتوجه إلى الحرم المكي لأداء طواف القدوم والسعي بعده، فهل يجزئ هذا السعي عن سعي الحج؟
في يوم التروية نذهب ليلًا مباشرة إلى عرفة، ولا نبيت بمِنى ولا ندخلها، ونبيت ليلة عرفة بمقر البعثة بعرفة والذي يكون داخل حدود عرفة، ونمكث بالمخيَّم داخل عرفة دون الذهاب إلى جبل الرحمة، وعند غروب الشمس نبدأ في التحرك إلى المزدلفة، فنصل إليها ليلًا، ونصلي المغرب والعشاء جمع تأخير مع قصر العشاء، ونسرع بجمع الحصى من المزدلفة، ثم نبادر بعد ذلك وفي منتصف الليل بمغادرة المزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى، ويمكن لكبار السن والسيدات التوكيل في رمي الجمرات، ثم نتوجه إلى مكة المكرمة لطواف الإفاضة، وبعدها نتوجه إلى الفندق لأخذ قسط من الراحة.
ثم نتوجه في ظهيرة يوم النحر من مكة إلى منى للمبيت بها حتى الساعة 12 صباحًا، ثم نقوم برمي الجمرات ليلة أول أيام التشريق وثاني أيام العيد، ثم التوجه إلى فندق الإقامة لمَن يرغب. وفي ظهر أول أيام التشريق وثاني أيام العيد نتوجه إلى منى ونقيم بها حتى نرمي جمرات اليوم الثاني من أيام التشريق في حدود الساعة 12 صباحًا، ونتعجل اليوم الثالث، ونقوم بمغادرة مِنى إلى مكة ليلة ثاني أيام التشريق بعد رمي الجمرات.
ننصح الكثير من أعضاء البعثة وخاصة كبار السن بالذهاب بعد العشاء بساعة أو ساعتين ليلة 12 من ذي الحجة بالذهاب إلى الجمرات ورمي جمرات اليوم الأول، ثم يمكثون إلى أن ينتصف الليل ويرمون لليوم الثاني. كما ننصح كبار السن والنساء ومن لا يستطع الذهاب إلى منى أن يبقى بمكة ويوكِّلَ من يرمي عنه الجمرات. ويمكن لمن أحب عمل أكثر من عمرة أن يقوم بذلك بعد الرجوع إلى مكة والتحلّل الأكبر، ويقوم أعضاء البعثة بطواف الوداع في يوم 13 من ذي الحجة، أي: قبل المغادرة بيوم.
كما ننصح كبار السن والمرضى أن يجمعوا في طواف الإفاضة بين نية الإفاضة ونية الوداع.
وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام