هل يجوز للمرأة حلق جميع شعرها في التحلل من الحج أو العمرة؟
ما يجب على المرأة البالغة في التحلّل من الحج أو العمرة هو التقصير بخصوصه، ولا يجوز لها حَلْق جميع شعرها إلا إذا كان بها أذًى أو كانت صغيرة دون البلوغ؛ فلا حرج حينئذٍ عليها أن تفعل ذلك.
المحتويات
حلق الرأس أو التقصير من مناسك الحج والعمرة؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِين﴾ [الفتح: 27]. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم خَرَجَ معتَمِرًا، فحالَ كفَّارُ قريشٍ بينه وبين البيتِ، فنحَرَ هَدْيَه وحَلَقَ رَأسَه بالحُدَيبِيَةِ. وعنه أيضًا أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اللهُمَّ ارحَمِ المُحَلِّقينَ، قال في الرَّابعةِ: والمُقَصِّرينَ» متفقٌ عليه. لكن الحلق خاص بالرجال، لا يشاركهن في ذلك النساء، فالمشروع في حقهنَّ التقصير خاصة، بأن تأخذ شيئًا صغيرًا من شعرها، ويحصل به فعل النُّسُك؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» رواه أبو داود، والبيهقي في "السنن" عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وعلى هذا وَقَع اتفاق الفقهاء في تقصير الشَّعر على المرأة البالغة في التحلل من الحج أو العمرة، ونقل الإمام النووي الإجماع على ذلك.
قال العلامة ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 475، ط. دار الكتب العلمية): [أما المرأة فلا حلق عليها؛ لأن الحلق في حقِّها نوع مُثْلة، ولكنها تقصر، تأخذ شيئًا من أطراف الشَّعر مقدار أنملة هكذا قال ابن عمر، والأفضل أن تقصر من كلِّ شعر مقدار أنملة؛ لأن التقصير في حقِّها قائمٌ مقام الحلق في حقِّ الرجل] اهـ.
وقال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (3/ 270، ط. دار الغرب الإسلامي): [وليس على النساء إلا التقصير في جملة شعورهنَّ] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 204، ط. دار الفكر): [أجمعَ العلماءُ على أنَّه لا تؤمَرُ المرأةُ بالحلْقِ، بل وظيفتُها التقصيرُ مِن شَعْرِ رأسِها] اهـ.
وقال العلامة ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (3/ 390، ط. مكتبة القاهرة): [والمشروعُ للمرأة التقصيرُ دون الحَلقِ، لا خلاف في ذلك] اهـ.
وقال ابن المنذر في "الإشراف على مذاهب العلماء" (3/ 359، ط. مكتبة مكة الثقافية): [وأجمَعَ أهلُ العلمِ على القولِ به في محفوظِ ذلك عن ابن عمر، وعطاء، وعَمْرَة، وحفصة بنت سيرين، وعطاء الخراساني، ومالك، والثوري، وسائر أهل الكوفة من أصحاب الرأي، وغيرهم، والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وسائر أهل العلم] اهـ.
كما أنهم استثنوا الحرمة في حالة الأذى، وإذا كانت صغيرة، فيجوز للمرأة حلق رأسها إذا كان بها أذى، وإذا كانت صغيرة دون البلوغ.
قال الإمام الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 129، ط. دار الفكر): [روى محمد: حلق الصغيرة أحب إليَّ من تقصيرها، وسمع ابن القاسم التخيير. اللخمي: بنت تسع كالكبيرة، ويجوز في الصغيرة الأمران وحلق بعضه أو تقصيره لغو، ولا نص في تعميمه منهما، والأقرب الكراهة انتهى. والظاهر: أنه لو فعل ذلك -أعني التعميم منها- انتفت الكراهة، وهو ظاهر كلام "الطراز"] اهـ.
وقال العلامة الخَرَشِي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 335، ط. دار الفكر): [(ص) وهو سنة المرأة (ش) أي: التقصير يتعين في حقهن، ولو كانت بنت عشر سنين، أو تسع، وأما الصغيرة فيجوز لها أن تحلق بخلاف الكبيرة فإنه يحرم عليها أن تحلق رأسها؛ لأنه مُثْلة بهنَّ. نعم إن كان برأسها أذًى فإنها تحلق؛ لأنه صلاح لها، قال في "المدونة": وليس على النساء إلا التقصير انتهى] اهـ.
ويقوي ذلك الاستثناء كون الحلق عند الشافعية مكروهًا وليس بمحرَّمٍ.
قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 204): [(السابعة) أجمع العلماء على أنه لا تؤمر المرأة بالحلق بل وظيفتها التقصير من شعر رأسها. قال الشيخ أبو حامد والدارمي والماوردي وغيرهم: يكره لها الحلق، وقال القاضي أبو الطيب والقاضي حسين في "تعليقهما": لا يجوز لها الحلق، ولعلهما أرادَا أنه مكروه] اهـ.
بناءً على ما سبق: فإنَّ الواجب على المرأة البالغة في التحلل من الحج أو العمرة هو التقصير خاصة، ولا يجوز لها حَلْق جميع شعرها إلا إذا كان بها أذًى أو كانت صغيرة دون البلوغ؛ فلا حرج حينئذٍ عليها أن تفعل ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم لبس المخيط للمحرم بالحج لعذر؟ فأنا عزمتُ على أداء فريضة الحج هذا العام، ولكني مريض بنزلة شعبية حادة ومزمنة وربوية، وأشعر بهذه الأمراض وآلامها عندما أتعرض لأقل موجة برد بسيطة أو عندما أخفف من ثيابي. فهل يجوز لي شرعًا وأنا مريض على هذه الحالة أن أقوم بلبس ملابسي كاملة في الإحرام؟ وهل يجب عليَّ فدية؟
ما حكم من تصوم الإثنين والخميس على نية إن كان بقي عليها من القضاء شيء فهو قضاء وإلا فهو نفل؟ حيث تقول السائلة: عليَّ أيام أفطرتها في رمضان ولعدة سنوات ماضية، ولم أكن أحسب هذه الأيام، وبعد انتهاء رمضان الماضي وأنا أصوم يومي الإثنين والخميس على نية إن كان عليَّ قضاء فتلك الأيام تكون صيام قضاء، وإن لم يبق عليَّ شيء يكون صيام نافلة، فهل يجزئ ذلك عن القضاء؟ وإن لم يكن كذلك، فهل أصوم من جديدٍ؟
ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟ فقد سألني بعض الأصدقاء أنَّه يعتاد وضع بعض أنواع الكريمات على جَسَده بعد الغُسْل، وبعضُ هذه الكريمات ذات رائحةٍ عِطْريةٍ، فهل يجوز له ذلك؟
هل يجوز للمُحرِم أو المُحرِمة أن يغطي نفسه بشيء يتدفأ به؟
هل ينقطع تتابع أشواط الطواف بصلاة الفرض؟ حيث ذهبتُ إلى الحج هذا العام، وأثناء الطواف أقيمت إحدى الصلوات المفروضة وأنا في الشوط الخامس، فالتزمت مكاني وصليت مع الناس، وبعد السلام استكملت الشوط الخامس من المكان الذي توقفت فيه، ثم بقية أشواط الطواف بعد ذلك. فهل يُعدّ التوقف للصلاة المفروضة أثناء الطواف قاطعًا له؛ بحيث يجب عليَّ إعادة الطواف من أوله مرة أخرى؟
هل يجوز للحاج أن يغادر المزدلفة بعد منتصف الليل؟