كيفية تقدير نصف الليل وثلثه وسدسه لقيامه والصلاة فيه

تاريخ الفتوى: 01 أغسطس 2023 م
رقم الفتوى: 7872
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
كيفية تقدير نصف الليل وثلثه وسدسه لقيامه والصلاة فيه

رجلٌ يُكرِمُه اللهُ تعالى بقيام الليل والصلاة فيه، فكيف يَعرف وقتَ نصف الليل، والثلث الأول والأخير، وكذلك الأَسْدَاس الرابع والخامس والسادس منه؟

تقدير نصف الليل لقيامه يكون بقسمة ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر  على اثنين وإضافة الناتج إلى وقت الغروب، وتقدير ثلثه يكون بالقسمة على ثلاثةٍ وإضافة الناتج إلى وقت الغروب لمعرفة حدِّ الثلث الأول، أو إضافة ضِعف الناتج لمعرفة بداية الثلث الأخير، وأما تقدير سُدُسِهِ فيكون بالقسمة على ستةٍ وإضافة ثلاثة أضعاف الناتج إلى وقت الغروب لمعرفة بداية السُّدُس الرابع، أو إضافة أربعة أضعاف الناتج لمعرفة بداية السُّدُس الخامس، أو إضافة خمسة أضعاف الناتج لمعرفة بداية السُّدُس السادس، وهكذا.

المحتويات

 

بيان فضل صلاة قيام الليل

صلاة الليل مِن أجَلِّ العباداتِ وأعظَمِهَا، وأفضلِ القرباتِ وأحسَنِها، وهي دأبُ الصالحين، وسبيل الفالحين، امتدَحَها وامتَدَح أهلَها ربُّ العالمين؛ فقال في مُحكم آياته وهو أصْدقُ القائلين: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ۝ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 16-17].

قال الإمام الزَّمَخْشَرِيُّ في "الكشاف" (3/ 511-512، ط. دار الكتاب العربي): [﴿تَتَجَافَى﴾ تَرتفع وتَتَنَحَّى عَنِ الْمَضاجِعِ عن الفُرُش ومواضِع النوم، داعِين ربهم، عابِدِين له، لأجْل خوفهم مِن سَخَطِه وطَمَعِهم في رحمته، وهم المُتَهَجِّدُون. وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تفسيرها: «قِيَاْمُ الْعَبْدِ مِنَ الْلَّيلِ».. والمعنى: لا تَعلم النُّفُوس -كلُّهنَّ ولا نَفْسٌ واحدةٌ منهنَّ لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نبيٌّ مُرسَلٌ- أيَّ نوعٍ عظيمٍ مِن الثواب ادَّخَرَ اللهُ لأولئك وأَخْفَاهُ مِن جميع خلائقه، لا يَعلمه إلا هو مما تَقَرُّ به عيونُهم، ولا مَزيد على هذه العدة ولا مَطْمَحَ وراءها، ثم قال: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فحَسَمَ أطماعَ المُتَمَنِّين] اهـ.

ولَمَّا كان الليلُ يَنقسم إلى أجزاءٍ يَختص بعضُها بِمَزِيَّةٍ عن غيرها مِن الفضل والأجر، احتاج المسلم أن يعرف هذه الأوقات ابتغاءَ نَيْلِ بَرَكَتِهَا وإحيائها بالعبادة مِن القيام، والتهجُّد، وقراءة القرآن، والْذِّكْرِ، والدعاء وقت السَّحَرِ، والحرص على إيقاع الأذكار في أوقاتها المحبوبة، فإنَّ خيرَ الناس مَن يراعي الأوقات لأجْل ذلك؛ فعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللهِ الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَظِلَّةَ لِذِكْرِ اللهِ» أخرجه مرفوعًا الأئمةُ: البيهقي في "السنن الكبرى"، والبغوي في "شرح السنة"، والطبراني في "الدعاء"، والحاكم في "المستدرك" ووثَّق إسناده.

قال زين الدين المُنَاوِيُّ في "فيض القدير" (2/ 448-449، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [«إِنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللهِ» أي: مِن خيارهم «الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَظِلَّةَ» أي: يترصدون دخول الأوقات بها «لِذِكْرِ اللهِ» أي: لأجْل ذِكره تعالى مِن الأذان للصلاة ثم لإقامتها، ولإيقاع الأوراد في أوقاتها المحبوبة] اهـ.

بيان بداية وقت الليل ونهايته ودليل ذلك

اتفق الفقهاء على أنَّ أول الليل يبدأ مع غروب الشمس، واختلفوا في تحديد آخره: هل ينتهي بطلوع الفجر، أو بطلوع الشمس؟

والراجح مِن أقوال الفقهاء: أنه ينتهي بطلوع الفجر الصادق المعترض في الأفق؛ لقول الله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾ [هود: 114]، فالمقصود بقوله تعالى: ﴿طَرَفَيِ النَّهَارِ﴾ أي: صلاة المغرب وصلاة الفجر؛ كما نقل الإمام الطبري في "جامع البيان" (12/ 603، ط. هجر) بسنده عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم رجَّح ذلك بقوله (12/ 605): [وأَوْلَى هذه الأقوال في ذلك عندي بالصواب قولُ مَن قال: هي صلاة المغرب، كما ذكرنا عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وإنما قُلنا هو أَوْلَى بالصواب؛ لإجماع الجميع على أنَّ صلاةَ أحدِ الطرفين مِن ذلك صلاةُ الفجر، وهي تُصلَّى قبل طلوع الشمس، فالواجب إذ كان ذلك مِن جميعهم إجماعًا أن تكون صلاةُ الطرف الآخَر المغربَ؛ لأنها تُصلَّى بعد غروب الشمس] اهـ.

فإذا كانت صلاتَا المغرب والفجر طَرَفَي النَّهار، دلَّ ذلك على أنَّ ما بينهما هو وقت الليل، ويؤيد ذلك قول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: 187]، وقوله تعالى: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 5].

ووجه ذلك: أن "حتى" تفيد انتهاء الغاية، فدلَّ على أنَّ ليالي شهر رمضان المبارك التي يُباح فيها الأكل والشرب تنتهي بطلوع الفجر، وكذا ليلة القدر، ولا وَجْهَ لتخصيص انتهاء هذه الليالي بطلوع الفجر دون غيرها؛ "لأن الليالي كلها تكون بهذه الصفة"؛ كما في "غرائب التفسير وعجائب التأويل" لبرهان الدين الكرماني (2/ 1367، ط. دار القبلة).

قال فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (5/ 257، ط. دار إحياء التراث العربي): [قولنا: "مِن أول طلوع الفجر الصادق"، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ وكلمة ﴿حَتَّى﴾ لانتهاء الغاية، وكان الأعمش يقول: أوَّل وقته إذا طَلَعَت الشمسُ، وكان يُبيحُ الأكلَ والشربَ بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس، ويَحتجُّ بأن انتهاء اليوم مِن وقت غروب الشمس، فكذا ابتداؤه يجب أن يكون مِن عند طلوعها، وهذا باطلٌ بالنصِّ الذي ذكرناه] اهـ.

وهو ما نصَّ عليه جمهور أهل اللغة والتفسير.

قال العلامة أبو العباس الفيومي في "المصباح المنير" (2/ 561، ط. المكتبة العلمية): [الليلة مِن غروب الشمس إلى طلوع الفجر] اهـ.

وقال شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِيُّ في "السراج المنير" (4/ 413، ط. الأميرية): [والليل مدةٌ مِن غروب الشمس إلى طلوع الفجر] اهـ.

وهو مذهب جمهور الفقهاء مِن الحنفية، والمالكية، والشافعية. يُنظر: "البناية" لبدر الدين العَيْنِيِّ الحنفي (4/ 260، ط. دار الكتب العلمية)، و"الكافي" للإمام ابن عبد البَرِّ المالكي (1/ 405، ط. مكتبة الرياض الحديثة)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (16/ 430، ط. دار الفكر)، و"حاشية العلامة العَطَّار الشافعي على شرح المَحَلِّي على جمع الجوامع" (1/ 316، ط. دار الكتب العلمية)، بل نَقَل العلامةُ ابنُ القَطَّان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 231، ط. الفاروق الحديثة) اتفاقَ العلماء على هذا التحديد.

وهذا التحديد لآخِر الليل بطلوع الفجر هو ما يتوافق مع تقسيم أوقات الليل لقيامه؛ إذ يُستحب أن ينام قائمُ الليل السُّدُسَ الأخير مِنه قبل طُلوع الفجر بَعْدَ أن يقُوم السُّدُسَيْن الرابعَ منه والخامسَ، حتى يَقُومَ لصلاة الصبح والذِّكر بَعدَها نَشيطًا لا يظهر عليه جهدُ القيام، فيكون ذلك أدعى للإخلاص في العمل، ويلزم من ذلك أن يكون السُّدُسُ الأخيرُ منه قبل صلاة الصبح، بحيث ينتهي بطلوع الفجر.

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ: صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ: صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ» متفق عليه.

قال الإمام ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (2/ 31، ط. مكتبة السنة المحمدية): [ونَوْمُ سُدُسِهِ الأخير فيه مصلحةُ الإبقاءِ على النَّفْس، واستقبالِ صلاةِ الصُّبْحِ وأذكارِ أَوَّلِ النهار بالنشاط.. ومِن مصالح هذا النوع مِن القيام أيضًا: أنه أَقْرَبُ إلى عدم الرياء في الأعمال؛ فإنَّ مَن نام السُّدُسَ الأخيرَ أَصْبَحَ جَامًّا غيرَ مَنْهُوكِ القُوَى، فهو أَقْرَبُ إلى أنْ يَخْفَى أَثَرُ عَمَلِهِ على مَن يَرَاهُ] اهـ.

كيفية تقدير نصف الليل وثلثه وسدسه للصلاة

بناءً على ذلك: فإن تقدير أجزاء الليل يكون بحساب الوقت بين غروب الشمس وطلوع الفجر وقسمة الناتج على ما يُراد تحديدُه مِن هذه الأجزاء.

وفي واقعة السؤال: تقدير نصف الليل لقيامه يكون بقسمة ما بين هذين الوقتين على اثنين وإضافة الناتج إلى وقت الغروب، وتقدير ثلثه يكون بالقسمة على ثلاثةٍ وإضافة الناتج إلى وقت الغروب لمعرفة حدِّ الثلث الأول، أو إضافة ضِعف الناتج لمعرفة بداية الثلث الأخير، وأما تقدير سُدُسِهِ فيكون بالقسمة على ستةٍ وإضافة ثلاثة أضعاف الناتج إلى وقت الغروب لمعرفة بداية السُّدُس الرابع، أو إضافة أربعة أضعاف الناتج لمعرفة بداية السُّدُس الخامس، أو إضافة خمسة أضعاف الناتج لمعرفة بداية السُّدُس السادس، وهكذا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما موقف العلماء من زخرفة المسجد النبوي في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز؟ حيث توجد دعوى تقول: إن كثيرًا من أهل العلم سكتوا عن إنكار ما فعله سيدنا عمر بن العزيز بالمسجد النبوي من زخرفته وكتابة الآيات القرآنية عليه مخافة الفتنة.


ما حكم عطاء الوالد لبعض أولاده حال حياته؟ فنحن ثلاث أخوات شقيقات، ولنا أختان من أبينا، وكان والدنا رحمه الله تعالى قد كتب لي ولشقيقَتَيَّ أرضًا زراعية مساحتها 11 فدانًا بيعًا وشراء، وترك ستة أفدنة أخرى لم يكتبها باسم أحد، تم تقسيمها على ورثته بعد وفاته، وكذلك قد خصني أنا وشقيقَتَيَّ -دون الأختين الأخريين- بمبلغ ألف جنيه في دفتر توفير لكل واحدة منا، مع العلم أننا ساعتها كنا صغيرات، وكانت أختانا لأبينا متزوجتين.

والسؤال هنا: هل من حق الإنسان أن يتصرف حال حياته كيفما يشاء في ماله؟ مع العلم أنني قد سمعت عدة آراء فقهية مختلفة في هذه المسألة؛ بعضها يحرم ما فعله الوالد ويلزمنا بِرَدِّ الحقوق، وبعضها يحرم ما فعله الوالد ويجعل رد الحقوق تطوعيًّا منا، وبعضها يجيز ما فعله الوالد ولا يلزمنا بشيء، فما مدى صحة هذه الآراء؟ وهل يجوز لي تقليد أيٍّ منها؟ وهل معنى حديث: «استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك، والبر ما اطمأن إليه القلب والإثم ما حاك بالصدر» أن الإنسان إذا سمع عددًا من الآراء فإن الرأي الذي يطمئن إليه قلبه وعقله يكون هو الصحيح شرعًا؟ وما حكم العمل بالأحوط هنا؟ حيث إنني قد احتطت ورددت بعض الحقوق لأصحابها، وطلبت منهم المسامحة في الباقي فسامحوا.


نرجو منكم بيان فضل الصلاة في جوف الليل. فأنا أُصَلّي كلّ ليلة قبل صلاة الوتر عددًا من الركعات مثنى مثنى بعد فترة من النوم، فما الثواب الوارد على فعل ذلك؟


أدرس الهندسة المعمارية بالقاهرة، واخترت لبحث التخرج موضوع استعمار كوكب المريخ، وأريد أن أعرف كيف تتعيّن القبلة في الفضاء وعلى كواكب أخرى خاصة كوكب المريخ.


امرأةٌ طَهُرَت من الحيض بانقطاعه عنها لسبعة أيام، وكان ذلك قبل خروج وقت الصلاة الحاضرة بقليل، فهل يلزمها أداء تلك الصلاة التي ارتفع الحيض عنها في آخر وقتها؟


ما حكم صلاة ركعتين عند الإحرام؟ وما الحكم لو أحرم المسلم من دون أن يصليها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57