حكم وضع سترة أمام المصلي منفردًا

تاريخ الفتوى: 19 نوفمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8136
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم وضع سترة أمام المصلي منفردًا

رجلٌ يصلي في محل عمله منفردًا، ويسأل: هل عليه أن يَضَعَ سُترةً أمامه عند الصلاة؟

المحتويات

 

ما ورد في السنة من وضع المصلي سترة أمامه في الصلاة

مِن السُّنَّة أن يَضَع المصلي سُترةً أمامَهُ حتى لا يَمُرَّ أمامَهُ أحدٌ؛ لِمَا روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إِلَى سُتْرَةٍ، وَلْيَدْنُ مِنْهَا» أخرجه الأئمة: أبو داود -واللفظ له- وابن ماجه والبيهقي في "السنن".

وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُبَالِ مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» أخرجه الأئمة: الحميدي وإسحاق وأحمد في "المسند"، وأبو داود وابن ماجه -واللفظ له- في "السنن".

حكم وضع سترة أمام المصلي

قد اتفق الفقهاء على استحباب وضع السُّترة أمام المصلي إذا كان منفردًا أو يصلي بالناس إمامًا، وسواء كان في الحَضَر أو في السَّفَر، ونَقَل بعضُهم الإجماعَ على ذلك.

قال الإمام ابن رُشْد في "بداية المجتهد" (1/ 121، ط. دار الحديث): [واتفق العلماء بأجمَعِهِم على استحباب السُّترة بين المصلي والقبلة إذا صلَّى منفردًا كان أو إمامًا] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 247، ط. دار الفكر): [السُّنَّة للمصلي أن يكون بين يديه سُترةٌ مِن جِدارٍ أو سارِيَةٍ أو غيرهما، ويَدنو منها، ونَقَل الشيخُ أبو حامِدٍ الإجماعَ فيه] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (2/ 174، ط. مكتبة القاهرة): [يُستحب للمصلي أن يُصلي إلى سُترة.. ولا نَعلَم في استحباب ذلك خلافًا] اهـ.

وقال الإمام برهان الدين ابن مُفْلِح في "المبدع" (1/ 436، ط. دار الكتب العلمية): [(ويُستحب أن يُصلي إلى سُترة) مع القدرة عليها بغير خلافٍ نَعْلَمُهُ، وظاهِرُهُ: لا فَرق بين الحَضَر والسَّفَر] اهـ.

مذاهب الفقهاء في وضع السترة أمام المصلي الذي يَخشى مُرورَ أحدٍ مِن أمامِهِ

هذا، وقد فرَّق الفقهاءُ بين المصلي الذي يَخشى مُرورَ أحدٍ مِن أمامِهِ في أثناء صلاته -منفردًا كان هذا المصلي أو إمامًا-، وبين مَن لَم يَخْشَ ذلك.

فذهب الحنفية -وهو المشهور مِن مذهب المالكية- إلى أن استحباب وَضْعِ السُّترة إنما هو في حال ما إذا خشي المصلي أن يَمُرَّ مِن أمامِهِ أحدٌ، ولا بأس بتَرْكها إذا لَم يَخْشَ المُرور، كأن يكون في مكان ليس فيه سواه، أو في صفٍّ متقدِّمٍ بحيث لا يَتَقَدَّمُ عليه بين يَدَيه أحدٌ.

قال الإمام برهان الدين المَرْغِينَانِي الحنفي في "الهداية" (1/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي): [ولا بأس بترك السترة إذا أمن المرور ولَم يُواجِهِ الطريق] اهـ.

وقال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 532، ط. دار الفكر): [قال في "المدونة": ويصلي في السفر والحضر في موضِعٍ يَأمَن فيه مِن مرور شيءٍ بين يديه -إلى غير سُترة. ابن ناجي: ما ذكره هو المشهور] اهـ.

وذهب الشافعية والحنابلة، والمالكية في القول الثاني، إلى استحباب وَضْع السُّترة مطلقًا، سواءٌ خَشِيَ مُرورَ غيره بين يديه أثناء صلاته أو لَم يَخْش ذلك.

قال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 532) في بيان أحكام السُّترة للمصلي حاكيًا القول الثاني في اتخاذها للمصلي: [وقال مالك في "العتبية": يُؤْمَرُ بها مُطلَقًا. واختاره اللَّخْمِيُّ، وبه قال ابن حَبِيب] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 274): [السُّنَّة للمصلي أن يكون بين يديه سُترةٌ مِن جدارٍ أو ساريةٍ أو غيرهما، ويدنو منها] اهـ.

وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 461، ط. دار الكتب العلمية): [(وتُسَنُّ صلاةُ غيرِ مأمومٍ) إمامًا كان أو منفردًا (إلى سُترةٍ) مع القدرة عليها بغير خلاف نعلمه، قاله في "المبدع"، (ولو لَم يَخْشَ) المصلي (مارًّا) حَضَرًا كان أو سَفَرًا] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يُستحب للرجل المذكور أن يضع سُترةً أمامَهُ إذا خَشِيَ مرورَ أحدٍ بين يديه أثناء الصلاة حال كونه يصلي في محل عمله منفردًا أو إمامًا، فإنْ أَمِنَ عَدَمَ مرورِ أحدٍ بين يديه أثناء صلاته فإنَّ له أنْ يصلي مِن غير اتخاذ سُترة، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج كما سبق بيانه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يقول: نرجو منكم بيان ما ورد في السنة النبوية في فضل صلاة الضحى؛ فأنا أحافظ على أداء صلاة الضحى يوميًّا، وسمعت أن لها فضلًا وثوابًا عظيمًا.


هل يصح أن أصلي صلاةُ الجنازةِ على ميت قد صلى الناس عليه في المسجد؟ وهل نستطيع أن نكرر الصلاة عدة مرات؟


ما حكم صلاة المأمومين في طابق في المسجد غير الطابق الذي يصلي فيه الإمام؟ حيث يوجد مسجد مكون من طابقين، وتؤدى جميع الصلوات في الطابق الثاني، ولكن لظروف سن أو مرض عند بعض المصلين نقوم بفتح الدور الأول لهم لأداء الصلاة فيه، ويقوم بعض المصلين بأداء الصلاة معهم في الدور الأول في صفوف منتظمة رغم عدم اكتمال الصفوف بالدور الثاني. فهل تصح صلاتهم؟


ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟ فإنا أعمل في مكان خارج العُمران، وكثيرًا ما تدخل أوقات الصلاة وأنا في العمل بمفردي، وعند الصلاة أُصلِّي منفردًا، فهل يُشرع لي رفع الأذان والإقامة إذا حضرت الصلاة وأنا منفرد؟


ما هي كيفية الطهارة والصلاة للمرضى من أصحاب الأعذار؟ فالسائل مريضٌ، وينزل منه البول والغائط رغمًا عنه، ولا تخلو ملابسه أبدًا من النجاسة. ويطلب بيان الحكم الشرعي بالنسبة لصلاته، وهل تصح صلاته مع استمرار نزول البول والغائط منه على ملابسه؟ وماذا يصنع؟


سائل يسأل عن حكم صلاة المأمومين خلف الإمام الذي يصلي جالسًا بسبب المرض؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 23 مايو 2025 م
الفجر
4 :16
الشروق
5 :57
الظهر
12 : 52
العصر
4:28
المغرب
7 : 47
العشاء
9 :17