سائل يقول: نرجو منكم بيان ما ورد في السنة النبوية ممَّا يقال في دعاء الاستفتاح في الصلاة.
الاستفتاح لغة: الابتداء والافتتاح، يقال استفتحت الشيء أي: ابتدأته وافتتحته.
واصطلاحًا: الذكر المشروع بين تكبيرة الإحرام والاستعاذة للقراءة، من نحو: "سبحانك اللهم" أو "وجهتُ وجهي"، سمي بذلك؛ لأنَّه شُرِعَ ليستفتح به الصلاة.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صيغ متعددة لدعاء الاستفتاح في الصلاة؛ منها ما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ، قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه في "سننهما".
ومنها ما ورد عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ قَالَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ، وَالْمَهْدِيُّ مَنْ هَدَيْتَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْك» رواه مسلم في "صحيحه"، والنسائي والبيهقي في "سننيهما".
وقد اختار الحنفية والحنابلة تفضيل صيغة: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك". ينظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (1/ 327، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"البناية" للبدر العيني (2/ 184، ط. دار الكتب العلمية)، و"الكافي" لابن قدامة (1/ 244، ط. دار الكتب العلمية).
وفضَّل الشافعية صيغة التوجيه في الاستفتاح، وهي: "وجَّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين، لا شريك له وبذلك أمرتُ وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ربي وأنا عبدك ظلمتُ نفسي واعترفتُ بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنِّي سيئها لا يصرف عنِّي سيئها إلَّا أنت، لبَّيْك وسعدَيْك والخير كله بيديك، والشَّرُّ ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك". ينظر: "المجموع" للنووي (3/ 314-315، ط. دار الفكر).
واختار صاحب "الإنصاف"، أن يقال هذا تارة وهذا تارة أخرى جمعًا بين الأدلة، ونقله عن ابن تيمية. ينظر: "الإنصاف" للإمام المَرْدَاوِي (2/ 47، ط. دار إحياء التراث العربي).
أمَّا القاضي أبو يوسف من الحنفية، وابن تيمية وابن هبيرة من الحنابلة ففضَّلوا الجمع بين الصيغتين في الاستفتاح للصلاة. ينظر: "البناية" للبدر العيني (2/ 184)، و"الإنصاف" للمرداوي (2/ 47).
وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم قراءة التشهد من ورقة أو نحوها عند عدم حفظه؟
هل تجوز صلاة الظهر بعد الجمعة في البلدة التي فيها أكثر من مسجد وأقيمت الجمعة فيها ولم يُعرف المسجد الذي أدى الجمعة أولًا من غيره؟
ما حكم الدعاء بأسماء الله الحسنى عقب ختم القرآن الكريم في جماعة؟
ما حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة؟ فوالد صديقي مريضٌ بالعناية المركزة في المستشفى، وأحيانًا يكون على بَدَنه وثَوبه نجاسة، والأطباء حفاظًا على صحته يمنعون عنه استعمال الماء، فهل يمكنه الصلاة بدون طهارة بدنه؟ وماذا يفعل في الطهارة من الأحداث لتصح صلاته؟
ما حكم تَكْرار صلاة الجمعة والعيد في مسجد واحد نظرًا لضيق المكان؛ بحيث لا يستوعب جميع المصلِّين في وقت واحد؟
ما حكم الصلاة عند إمامة المحدث للناس ناسيًا؟ وهل تلزمهم إعادة الصلاة؟ فقد صلينا العصر خلف الإمام، وبعد انتهاء الصلاة أخبرَنا الإمام أنه كان مُحْدِثًا ولم يكن متذكرًا حدثه عند الشروع في الصلاة، وانقسم المأمومون إلى قسمين: قسمٌ أعاد الصلاة مع الإمام، وقسمٌ لم يُعد؛ ونرجو منكم بيان الحكم الشرعي في المسألة.