ما حكم اشتراط صاحب المال عدم تحمل الخسارة في المضاربة؟ فأنا أريد القيام بعقد شراكة مع شخص، بحيث أعطيه الأموال، وهو يقوم بشراء البضاعة وبيعها، وذلك مقابل نسبة 40% من الأرباح له، ونسبة 60% لي، وأشترط عليه عدم تحملي لأيِّ خسارة، فما حكم إبرام هذا العقد شرعًا؟
إبرام عقدِ المضاربة مع اشتراط صاحب رأس المال على شريكه العامل على المال بالتجارة فيه عدمَ تحمُّل أيِّ خسارةٍ للمال أو شيءٍ منه، وأنَّها تكون على ذلك الشريك فقط -هو شرط فاسد يبطل هذا العقد به على ما جرى عليه فقهاء المالكية والشافعية وما اعتمده القانون، على أن يراعى في ذلك كله القوانين واللوائح المعمول بها في شأن المشاركة بالأموال وتوظيفها.
ودار الإفتاء المصرية تهيب بالمواطنين بضرورة الانتباه لخطورة قيام الأفراد بجمع الأموال من غيرهم من أجل استثمارها أو توظيفها، وزيادة الوعي بالعمل تحت سياج المؤسسات والشركات المالية الرسميَّة المقنَّنة، التي تحظى برقابة الدولة والحماية المطلوبة للمتعاملين فيها.
المحتويات
الأصل في أحكام المعاملات المالية في الشريعة الإسلامية أنها شُرِعت لتحقيق منافع الخلق وتلبية احتياجاتهم، وذلك في إطارٍ من الأوامر والنواهي الشرعية التي تعمل على تحقيق العدالة في تحصيل كل طرفٍ لمنفعته بتعامله مع الطرف الآخر، ولذلك يشترط أن تكون خالية من نحو: الغش والغرر والضرر والربا.
والمعاملات الجارية بين الناس يراعى فيها ابتداءً تحقُّقُ شروط العقود عامة، من أهلية المتعاقدين، وحصول الرضا بينهما، وانتفاء الغرر، وكذلك خلو المعاملة من الشروط الممنوعة شرعًا، كما جاء في الحديث الشريف أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا»، أخرجه الترمذي وصححه والدارقطني والبيهقي في "السنن".
الصورة المسؤول عنها من عقد السائل شراكة مع شريكه على أن يقوم بإعطائه قدرًا من المال، على أن يقوم الشريك بالعمل بهذا المال من خلال شراء بضائع وبيعها، وذلك مقابل نسبة 40% من الأرباح له، ونسبة 60% لصاحب المال -تندرج تحت عقد المضاربة أو القراض الجائز شرعًا.
وقد تعامل بها المسلمون من لدن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى وقتنا هذا من غير نكير بينهم، وقد نقل الإجماع على ذلك عدد من الأئمة، كالإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (7/ 3، ط. دار الكتب العلمية).
وقد أجمع الفقهاء على أنَّ يدَ المضاربِ في مال المضاربة يدُ أمانةٍ، بمعنى أنَّ المالَ وإن كان في يدِهِ إلا أنه لا يزال مِلْكًا لصاحبه، وهو مؤتَمَنٌ عليه، وأما مِن جهةِ تصرُّفه فيه فإنما هو وكيلٌ لصاحب المال، فإذا ربح المال فإنه يكون شريكًا في الربح، وإذا خسر المال أو هلك فإنه لا ضمان عليه، إلا إذا كان هلاكُ هذا المال أو الخسارةُ الحاصلةُ فيه لسببٍ راجِعٍ إلى أنه تَعَدَّى أو فَرَّطَ في حفظه؛ لأنَّ هذا سبيلُ الأمانة.
قال الإمام ابن عبد البَرِّ في "الاستذكار" (7/ 5): [ولا خلاف بين العلماء أنَّ المُقَارِضَ مؤتمنٌ لا ضمانَ عليه فيما يتلفه من المال مِن غير جنايةٍ منه فيه ولا استهلاك له ولا تضييع، هذه سبيل الأمانةِ وسبيل الأمناء] اهـ.
وأما فيما يتعلق بحكم اشتراط صاحب المال على المضارِب عدم تحمل أيِّ خسارة، فإنه إذا أراد -أي: صاحبُ رأس المال- أن يشترط على المضارِب في عقد المضارَبَة عدم تحمله لِأَيِّ خسارةٍ -على فرض حصولها- في مال المضاربة، وأنَّ المضارِب هو الذي يتحمل هذه الخسارة وَحْدَه مطلقًا حتى وإن لَم يَتَعَدَّ أو يُفَرِّط في حفظ المال -كما هي صورة مسألتنا-، فلا خلاف بين الفقهاء في بُطلان هذا الشرط، ومقتضى ذلك: أنه لا يجوز اشتراطُه ابتداءً.
قال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (5/ 49، ط. مكتبة القاهرة): [مَتَى شرط على المضارب ضمان المال، أو سهمًا مِن الوضيعة، فالشرط باطلٌ، لا نعلم فيه خلافًا] اهـ.
ومع ذلك، فقد اختلف الفقهاء في صحة هذا العقد مع وجود هذا الشرط، فذهب الحنفية والحنابلة إلى فساد الشرط وصحة العقد، وقد عبَّر الحنفية عن ذلك بالوضيعة، والتي تعني هلاك أو خسارة جزء من مال المضاربة.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 80، ط. دار الكتب العلمية): [شرط الوضيعة على المضارب شرط فاسد، فيبطل الشرط، وتبقى المضاربة] اهـ.
وقال الإمام الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (3/ 521، ط. المكتب الإسلامي): [متى شرط على المضارب ضمان المال أو سهمًا من الوضيعة، فالشرط باطل، لا نعلم فيه خلافًا، والعقد صحيح. نص عليه أحمد] اهـ.
بينما ذهب المالكية والشافعية إلى فساد عقد القراض أو المضاربة بهذا الشرط.
قال الإمام أبو البركات الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (3/ 519-520، ط. دار الفكر): [(أو) قراض (ضُمِّنَ) بضم الضاد وتشديد الميم؛، أي شرط فيه العامل ضمان رأس المال إن تلف بلا تفريطٍ أو أنَّه غير مصدَّقٍ في تلفه، فقراضٌ فاسدٌ؛ لأنه ليس من سُنَّة القراض، وفيه قراض المثل إن عمل والشرط باطل لا يعمل به] اهـ.
وقال العلامة الزرقاني المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (6/ 389، ط. دار الكتب العلمية): [(أو) قراض (ضمن) أي شرط على العامل ضمان رأس المال إن هلك وأنه غير مصدق في تلفه فقراض فاسد؛ لأن ذلك ليس من سنته، وفيه قراض المثل إذا عَمل والشرط باطل ولا ضمان عليه. قاله اللخمي] اهـ.
وقال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (7/ 332، ط. دار الكتب العلمية): [لو شَرَطَا في عقد القراض تحمل العامل للخسران كان القراض باطلًا لاشتراطهما خلاف موجبه] اهـ.
بنحو ما ذهب إليه المالكية والشافعية جاء نَصُّ القانون المدني المصري في المادة رقم (515- فقرة 1) على: [إذا اتُّفق على أنَّ أحدَ الشركاء لا يُساهِم في أرباح الشركة أو في خسائرها، كان عقدُ الشركة باطلًا] اهـ، وقد أفادت عدمَ جواز اشتراط إعفاء الشريك مِن الخسارة، وأن العقد في هذه الحالة يبطل، فـ"عدم مساهمة الشريك في الأرباح أو في الخسارة تنتفي معه نية المشاركة لديه وتبعًا لذلك لا يقتصر أثره على إبطال الشرط، وإنما بطلان العقد كله باعتباره أحد الشروط الأساسية التي تعد وحدة لا تجزأ، ومن ثم يجوز لكلِّ ذي مصلحةٍ أن يتمسك به ويحكم به القاضي من تلقاء نفسه" كما جاء في [طعن النقض المصري رقم 1902 لسنة 63 ق، جلسة 13/ 2/ 2001م].
هذا، ومما ينبغي التنبه إليه ومراعاته أنَّ إعطاء المال أو تَلَقِّيه للاتجار فيه ينبغي أن يراعى فيه القوانين واللوائح المنظمة، لأن تقييد ولي الأمر لنطاقِ عملِ عَقْدٍ من العقود هو من الأمور المشروعة، والأصل في ذلك هو مراعاة المصالح ودفع المفاسد، وهذا التقييد يرفع الخلاف ويصير الأمر مشروعًا في حدود هذا التقييد، والعمل بذلك حينئذٍ واجبٌ.
قال الإمام القَرَافِي المالكي في "الفروق" (2/ 103، ط. عالم الكتب): [اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه على القول الصحيح من مذاهب العلماء] اهـ.
وقد حظر القانون المصري على الأفراد جمع الأموال من غيرهم من أجل استثمارها أو توظيفها؛ حيث نصت المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988م على أنه: [لا يجوز لغير شركة المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام والمقيَّدة في السجل المُعَدِّ لذلك بالهيئة أن تتلقى أموالًا من الجمهور بأية عملةٍ وبأية وسيلةٍ وتحت أيِّ مسمًّى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء أكان هذا الغرض صريحًا أو مستترًا. كما يحظر على غير هذه الشركات توجيه دعوة للجمهور بأية وسيلةٍ مباشرة أو غير مباشرة للاكتتاب العام أو لجمْع هذه الأموال لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن إبرامَ عقدِ المضاربة مع اشتراط صاحب رأس المال على شريكه العامل على المال بالتجارة فيه عدمَ تحمُّل أيِّ خسارةٍ للمال أو شيءٍ منه، وأنَّها تكون على ذلك الشريك فقط -هو شرط فاسد يبطل هذا العقد به على ما جرى عليه فقهاء المالكية والشافعية وما اعتمده القانون، على أن يراعى في ذلك كله القوانين واللوائح المعمول بها في شأن المشاركة بالأموال وتوظيفها.
ودار الإفتاء المصرية تهيب بالمواطنين بضرورة الانتباه لخطورة قيام الأفراد بجمع الأموال من غيرهم من أجل استثمارها أو توظيفها، وزيادة الوعي بالعمل تحت سياج المؤسسات والشركات المالية الرسميَّة المقنَّنة، التي تحظى برقابة الدولة والحماية المطلوبة للمتعاملين فيها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الشراء الوهمي لمنتجات بعض التجار لزيادة رواج بضاعتهم وأخذ عمولة على ذلك؟ حيث أعمل على موقع على الإنترنت، لمساعدة التجار على إظهار السلعة بسرعة على مواقع بيع السلع، حيث نقوم بشراء وهمي لمنتجاتهم، حيث إنه كلما زادت مبيعاتهم تظهر أسرع؛ لكي يراها الناس بسرعة، ونأخذ عمولة على ذلك، فما الحكم؟
ما حكم التورق الذي يحدث في البنوك؟ وهو يعتبر صورة من صور تحصيل الديون؛ فالبنك يُقرِض شخصًا ما دَينًا معينًا ثم يبيع هذا الدَّينَ لشخص آخر، أو بمعنًى أدق، يحوِّل البنكُ الديونَ التي عنده إلى أسهم ويعرضها للاكتتاب؛ والبنك يفعل ذلك لكي يكون هناك سيولة متوافرة لديه.
ما حكم صرف مبلغ مؤخر صداق الزوجة من مستحقات زوجها المتوفى قبل توزيعها على الورثة؟ فنحن شركة تعمل في مجال الخدمات البترولية وقد توفي أحد العاملين بالشركة وتقدمت زوجته بطلب للشركة مرفق به وثيقة عقد زواجها من المتوفى مثبت بها صداق وقدره عشرون ألف جنيه، وكذا إشهاد وفاة ووراثة مثبت به أنها أحد الورثة، ويتضمن طلبها أن تقوم الشركة بصرف مبلغ مؤخر الصداق لها من مستحقات زوجها والتي تتضمن: (صافي مستحقات (التركة)، ومكافأة نهاية الخدمة، وقيمة التعويض المستحق من التأمين الجماعي، ومصاريف الجنازة) قبل توزيعها على الورثة، وفي ضوء ما سبق نلتمس من سيادتكم إفادتنا بفتوى في تلك الحالة حتى يتسنى للشركة استقطاع مبلغ مؤخر الصداق المشار إليه من التركة وصرفه للمذكورة من عدمه.
سائل يقول: ترغب جمعية بإحدى القرى الريفية في فتح مشروعات فعلية للشباب، وستقوم الجمعية بمتابعة هذه المشروعات للنهوض بالمنطقة، ولا يوجد للجمعية أي موارد سوى قروض الصندوق الاجتماعي لتشغيل الشباب، والصندوق يحصل على فائدة بسيطة؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
ما حكم الشركة في حق الشرب والسقيا؟ فرجلٌ وبعضُ أصدقائه لهم أراض تحتاج إلى سُقيا الماء، وقد اشتركوا في حفر بئر في مِلك أحدهم بإذنه دون بيع ولا هبة منه لشركائه للأرض التي تم فيها حفر البئر، كما قاموا بتركيب ماكينة ضخ ورفع للمياه، وبعد الانتهاء من ذلك والانتفاع بمائها مدة يسيرة أراد صاحبُ الأرض نزع هذه الشراكة وإعطاءهم قيمة ما صرفوه في ذلك، فما الحكم في منعه إياهم من ذلك الماء؟
ما حكم الشرع في التعامل ببطاقة الائتمان (الفيزا كارت)؟