ما ضابط المفطرات في الصيام؟
يمكن صَوْغ ضابط الـمُفْطِرات بعد انعقاد الصوم صحيحًا بأنه: "كُلُّ عَينٍ وصلت مِن الظاهر إلى الباطن من منفذٍ مفتوحٍ، والإنزال، والجماع حال كونه عالـمًا بالتحريمِ ذاكرًا للصومِ" على خلافٍ بين الفقهاء في تفاصيل وصور هذا الضابط.
المحتويات
الصيام ركنٌ من أركان الدِّين؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفقٌ عليه، واللفظ لمسلم.
والصيام والصوم في اللغة مصدران لصَام، ويُستعملان لمطلق الإمساك، قال أبو عبيدة: كلُّ ممسكٍ عن طعامٍ، أو كلامٍ، أو سيرٍ، فهو صائم، ومنه قوله تعالى حكاية عن السيدة مريم عليها السلام: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا﴾ [مريم: 26]، أي: إمساكًا وسكوتًا عن الكلام. يُنظر: "المصباح المنير" للفيومي (1/ 352، ط. المكتبة العلمية).
ثمَّ استُعمِل في الشَّرْع في إمساكٍ مخصوصٍ عن الـمُفْطِرات مِن أَوَّل النهار إلى آخره بشروطٍ مخصوصةٍ.
عند البحث عن هذه الـمُفْطِرات فإنَّ النَّظَر الفقهي الصحيح يُوجِب النَّظَر في كل مسألةٍ من مسائل الصوم نَظَرًا يوصل لضابطٍ كُليٍّ يستطيع الفقيه مِن خلاله الحكم على أي مُستَجدٍّ أو حادثٍ كونه مِن الـمُفْطِرات أو لا، فإن فَعَل ذلك تَمكَّن مِن الصنعة الإفتائية التي قوامها رَدُّ الفروع إلى أصولها، وإدراك الروابط بين الجزئيات المتفرقة، وهو ما عَبَّر به الإمام شهاب الدين القرافي المالكي في "الفروق" (1/ 3، ط. عالم الكتب): [مَن جَعَل يُخَرِّج الفروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع واختلفت، وتزلزلت خواطره فيها واضطربت، وضاقت نفسه لذلك وقَنَطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى، وانتهى العمر ولم تقض نفسه مِن طلب مُنَاها، ومَن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات؛ لاندراجها في الكليات، واتَّحد عنده ما تناقض عند غيره وتناسب] اهـ.
وقد أوجب الفقهاء إمساك الصائم عن كلِّ ما يحصل به الفِطْر؛ لأنَّ الصوم هو الإمساك عن الـمُفْطِرات -كما سبق-، وهذه الـمُفْطِرات على أنواعٍ، منها: أولًا: ما يصل إلى الجوف من عينٍ ولو قليلة، وثانيًا: القيء عمدًا، وثالثًا: الجماع، ورابعًا: الإنزال عن مباشرةٍ، وخامسًا: الحيض، وسادسًا: النفاس، وسابعًا: الجنون، وثامنًا: الرِّدَّة، وعلى ذلك جَرَت عبارات الفقهاء:
قال الإمام علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 90، ط. دار الكتب العلمية) في كلامه عن أركان الصوم: [وأَمَّا ركنه: فالإمساك عن الأكل، والشرب، والجماع... ثُمَّ أَمَر بالإمساك عن هذه الأشياء في النهار بقوله عزَّ وجلَّ: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187]، فدَلَّ أَنَّ ركن الصوم ما قلنا، فلا يوجد الصوم بدونه، وعلى هذا الأصل ينبني بيان ما يُفْسِد الصوم وينقضه؛ لأنَّ انتقاض الشيء عند فوات ركنه أمر ضروري، وذلك بالأكل، والشرب، والجماع... وسواء كان بغير عذرٍ أو بعذرٍ، وسواء كان عمدًا أو خطأً، طوعًا أو كرهًا، بعد أن كان ذاكرًا لصومه] اهـ.
وقال العَلَّامة الحَصْكفي الحنفي في "الدُّر المختار" (ص: 147، ط. دار الكتب العلمية) عند كلامه على صور الـمُفْطِرات: [والضابط: وصول ما فيه صلاح بَدَنه لجوفه] اهـ.
وقال العَلَّامة أبو الوليد ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد" (2/ 52، ط. دار الحديث): [وأجمعوا على أنَّه يجب على الصائم الإمساك زمان الصوم عن المطعوم والمشروب والجماع... وتحصيل مذهب مالك: أنَّه يجب الإمساك عَمَّا يصل إلى الحلق من أيِّ المنافذ وَصَلَ، مُغَذِّيًا كان أو غير مُغَذٍّ] اهـ.
وقال الإمام أبو البركات الدَّردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 523، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية الدسوقي") عند كلامه على صور الـمُفْطِرات: [(و) صحته بترك (إيصال مُتحَلِّلٍ)، أي: مائعٍ من مَنفذٍ عالٍ أو سافلٍ] اهـ.
قال العَلَّامة الدُّسوقي مُحَشِّيًا عليه: [وعُلِمَ من كلامه أَنَّ ما وصل للمعدةِ إِن كان من منفذٍ عالٍ فهو مُفسِد للصوم، سواء كان مائعًا أو غير مائع، وإِن كان من منفذٍ سافلٍ فلا يُفسِد إِلَّا إِذا كان مائعًا، إِلَّا إِن كان جامدًا، فوصول المائعِ للمعدةِ مُفسِد مطلقًا كان المنفذُ عاليًا أَو سافلًا، ووصول الجامدِ لها لا يُفسد إِلَّا إِذا كان المنفذُ عاليًا] اهـ.
وقال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 313، ط. دار الفكر): [قال الرافعي: وضَبَطَ الأصحاب الداخل المُفطر: بالعين الواصلة من الظاهر إلى الباطن في منفذٍ مفتوح عن قصدٍ مع ذِكْر الصوم] اهـ.
وقال العَلَّامة مُوفَّق الدين ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 119، ط. مكتبة القاهرة): [أجمع العلماء على الفطر بالأكل والشرب بما يتغذَّى به، فأَمَّا ما لا يتَغذَّى به، فعامة أهل العلم على أَنَّ الفطر يحصل به] اهـ.
فالمفهوم من هذه النصوص أنَّ الفطر يكون بالجماع والإنزال مع العلم بالتحريم وذِكْر الصوم، وبكلِّ عينٍ وصلت من الظاهر إِلى الباطن من منفذٍ مفتوحٍ عن قصدٍ، سواء كان للتَّغذِّي أَو للتَّداوي، أَو من الأَشياء التي تُؤكل أَو لا تُؤكل، المائعة أَو الجامدة، كلُّ ذلك مفطر عند فقهاء المذاهب الأربعة في الجملة، واشترط بعض فقهاء الحنفية في الواصل أَن يكون مما فيه صلاح الجسم في بعض الصور، واشترط المالكية في ذلك أَيضًا أَن يكون الواصل من المائعات أَو مما ينماع.
بناء على ذلك: فيمكن صَوْغ ضابط الـمُفْطِرات بعد انعقاد الصوم صحيحًا بأنه: "كُلُّ عَينٍ وصلت مِن الظاهر إلى الباطن من منفذٍ مفتوحٍ، والإنزال، والجماع حال كونه عالـمًا بالتحريمِ ذاكرًا للصومِ" على خلافٍ بين الفقهاء في تفاصيل وصور هذا الضابط.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صيام مرضى السكر؛ حيث تم إعداد برنامج جديد بالنسبة لتقييم حالة مرضى السكر، يحتوي على كل العوامل المسببة للخطورة، وإعطائها نقاطًا مختلفة حسب أهميتها، بشكل متناسب مع وضع كل مريض، ويقوم الأطباء بمراجعة حالة المريض بالتفصيل، وتضاف النقاط حسب المعلومات (عوامل الخطورة تتحدد بناءً على مدة المرض، ونوعه، ونوع العلاج، والمضاعفات الحادة من الحمض الكيتوني وارتفاع السكر الشديد مع الجفاف، والمضاعفات المزمنة، وهبوط السكر، وخبرة الصوم السابقة، والصحة الذهنية والبدنية، وفحص السكر الذاتي، ومعدل السكر التراكمي، وساعات الصيام، والعمل اليومي والجهد البدني، ووجود الحمل).
ويتم بعدها جمع النقاط لكل مريض لتحديد مستوى الخطورة في حال قرر صيام رمضان كما يلي: من 0: 3= خطورة خفيفة، ومن 3.5: 6= خطورة متوسطة، وأكبر من 6= خطورة مرتفعة.
نصائح وإرشادات:
أولًا: يجب تقديم النصائح الطبية لكل المرضى مهما كان مستوى الخطورة عندهم، وتعديل العلاج الدوائي بما يناسب كلِّ حالةٍ.
ثانيًا: يجب تقديم النصائح والمتابعة الدقيقة لكل المرضى، حتى في حال الإصرار على الصيام ضد نصيحة الطبيب.
ثالثًا: يُنصح المرضى الذين يقدر وضعهم على أنه مرتفع الخطورة بعدم الصيام مع توضيح احتمالات الضرر عليهم.
رابعًا: في حال المرضى متوسطي مستوى الخطورة، يتم التشاور بين الطبيب والمريض ومراجعة الوضع الصحي وخبرات المريض السابقة وأدويته، ويجب توضيح احتمال الخطورة المرافق، بشكل عام يسمح للمريض بالصيام مع الانتباه لضرورة المراقبة المستمرة لمستوى السكر في الدم حسب تعليمات الطبيب، وفي حال خوف المريض الشديد، دون وجود سبب طبي مقنع يتم اللجوء إلى الاستشارة الدينية.
خامسًا: في حال مستوى الخطورة المنخفض، يشجع المرضى على الصيام، مع ضرورة المراقبة الطبية الموصوفة.
سادسًا: يجب على كل المرضى الذين قرروا الصيام بنصيحة طبية أو حتى ضد النصيحة الطبية معرفة ضرورة التوقف عن الصيام في الحالات التالية:
حدوث ارتفاع السكر إلى أكثر من ٣٠٠ مع/ دل.
انخفاض السكر أقل من ٧٠ مع/ دل.
وجود أعراض الانخفاض أو الارتفاع الشديدة.
وجود أمراض حادة تسبب حدوث الحرارة أو الإسهال أو التعب أو الإرهاق العام.
الخلاصة: يجب على الأطباء مراجعة كل عوامل الخطورة المذكورة عند مرضاهم للوصول إلى تحديد مستوى الخطورة الصحيح، وستساعد هذه الوسيلة في تقييم خطورة الصيام عند المرضى في الوصول إلى تقييمات حقيقية للمرضى، حتى وإن اختلف الأطباء واختصاصاتهم، وستساعد الأطباء الأقل خبرة في الوصول إلى تقييم أقرب إلى الدقة؛ فنرجو من فضيلتكم بيان الرأي الشرعي في هذا الأمر.
هل يجب الصيام على أصحاب المناطق الحارة جدًّا مع صعوبته عليهم؟
ما حكم إفطار الطلاب في أيام الامتحانات عند عدم استطاعة الصيام؟ فإنه يهل علينا شهر رمضان المبارك مع موسم امتحانات، ومع ارتفاع درجة الحرارة فإن بعض الطلاب يؤثر عليهم الامتناع عن الطعام تأثيرًا سلبيًّا على المذاكرة والتركيز، مما قد يؤدي إلى الرسوب أو تراجع درجاتهم ونتائجهم بشكل كبير، فهل يجوز للطلاب الإفطار في هذه الظروف؛ خاصة بالنسبة لأولئك الذين يؤثر الصوم ودرجة الحرارة المرتفعة عليهم تأثيرًا سلبيًّا يضعفهم عن مواصلة أدائهم بالكفاءة المطلوبة، وذلك بغرض التقوِّي على المذاكرة في أيام الامتحانات، واستجلاب القدرة على التركيز؟
ما حكم عقد نية الصوم أثناء الصلاة؟ حيث قمتُ للصلاة قبيل الفجر في أَوَّل ليلةٍ من رمضان، وتذكرتُ أنني لم أنوِ الصوم، والوقت ضاق بحيث إنَّه لو انصرفت من الصلاة لكي أنوي الصوم خرج الوقتُ بطلوع الفجر، فهل يصح مني عقد نية الصوم في هذه الحالة وأنا في أثناء الصلاة؟ علمًا بأني قد نويت صوم الشهر كله بعد إعلان رؤية الهلال وثبوت دخول الشهر.
ما حكم إهداء ثواب الصيام للأحياء؟
هل ثبت في صيام أيام العشر من ذي الحجة شيء مخصوص؟ ثم إن لم يثبت شيء فهل يعني هذا عدم مشروعية صيامها؟