الإثنين 15 ديسمبر 2025م – 24 جُمادى الآخرة 1447 هـ

حكم ضمان الوكيل مال الزكاة إذا تلف في يده

تاريخ الفتوى: 11 فبراير 2024 م
رقم الفتوى: 8273
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
حكم ضمان الوكيل مال الزكاة إذا تلف في يده

ما حكم ضمان الوكيل مال الزكاة إذا تلف المال في يده؟ فهناك رجلٌ وكَّلَتْه أختُه في توزيع مال زكاتها، وفي اليوم الذي قَبَضَ فيه المال سُرِقَ منزلُه في ليلته، ومِن جملة المسروقات هذا المبلغُ، فهل يضمنه شرعًا، وفي حالة عدم ضمانه هو، هل يجب على هذه الأخت أن تُخرج زكاة مالها مرة أخرى؟ علمًا بأنها قد سلَّمت إليه المال عند تمام الحول ولم تتأخر في إخراجه.

الرجل المذكور الذي وكَّلَتْه أختُه في توزيع مال زكاتها، وسُرق منه، لا يَضمن هذا المال ولا شيء عليه، إلا إذا ثبت أنه تَعَدَّى أو فَرَّط في حِفْظِه؛ لأن الوكيلَ أمينٌ، والأمين لا يَضمن إلا بالتفريط، وضابطُ التفريط عدمُ حفظه فيما يحفظ فيه مثله، أو ما جَرَت به عادةُ الناس في حفظ أموالهم، ولا يجب على أخته المذكورة (المزكية) أن تُخرج مال الزكاة مرةً أخرى بدلًا عن الذي سُرق، ما دامت قد سلَّمَت مالَ الزكاة إلى أخيها (الوكيل) عند تمام الحول ولم تتأخر في إخراجه، ولم يكن منها تقصيرٌ أو تَعَدٍّ على هذا المال بعد تسليمه، ولا إثم عليها في ذلك ولا حرج.

المحتويات

 

حكم  التوكيل في إخراج الزكاة عن الغير

الوكالة في اللغة: بفتح الواو وكسرها، اسم مصدر من التوكيل، ووكيل الرجل: الذي يقوم بأمره، وسمي وكيلًا؛ لأن موكله قد وَكَّلَ إليه القيام بأمره، فهو موكولٌ إليه الأمر، كما في "لسان العرب" للعلامة جمال الدين ابن مَنْظُور (11/ 736، مادة: و ك ل، ط. دار صادر).

وفي الشرع: "عبارة عن إقامةِ الإنسانِ غيرَه مَقامَ نَفْسه في تصرُّفٍ معلومٍ"، كما في "العناية" للإمام أَكْمَل الدين البَابَرْتِي الحنفي (7/ 499، ط. دار الفكر)، أو هي "تفويضُ أَمْرِك إلى مَن وَكَّلتَه اعتمادًا عليه فيه، تَرَفُّهًا منكَ أو عجزًا عنه"، كما في "فتح القدير" للإمام كمال الدين ابن الهُمَام الحنفي (7/ 499- 500، ط. دار الفكر)، وينظر: "المختصر" للإمام ابن عَرَفَة المالكي (7/ 54، ط. مؤسسة خلف أحمد الحبتور)، و"مغني المحتاج" للإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي (3/ 231، ط. دار الكتب العلمية)، و"المبدع" للإمام برهان الدين ابن مُفْلِح الحنبلي (4/ 325، ط. دار الكتب العلمية).

ومِن المقرر شرعًا أنه يصح التوكيل في إخراج الزكاة عن الغير، وهذا ما عليه جماهير الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة؛ لأنها عبادةٌ ماليةٌ يَصِحُّ فيها التوكيل. ينظر: "البحر الرائق" للإمام زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي (2/ 226، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"منح الجليل" للشيخ عِلِيش المالكي (6/ 357، ط. دار الفكر)، و"التنبيه" للإمام الشِّيرَازِي الشافعي (ص: 108، ط. عالم الكتب)، و"شرح منتهى الإرادات" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (2/ 184، ط. عالم الكتب).

حكم ضمان الوكيل مال الزكاة إذا تلف في يده

لَمَّا صَحَّ التوكيلُ في دفع الزكاة عن الغير عند الفقهاء، كانت يَدُ المُوَكَّل على مال الزكاة يَدَ أمانةٍ ما لَم يُفَرِّط في حِفْظِها، فإنْ فَرَّط تَحَوَّلَت يدُه مِن أمانٍ إلى ضمانٍ، وذلك كغيرها مِن سائر الأموال، وقد نص الفقهاء على أن الوكيلَ أمينٌ فيما دَفَعَه إليه الموكِّل مِن المال؛ لأنه نائبٌ عنه في اليد والتصرُّف، ولهذا لا يَضمن ما تَلِفَ أو هَلَكَ في يده إلا إذا كان مُتَعَدِّيًا ومُفَرِّطًا في حِفْظِه؛ لأن هلاكَه في يده كهلاكِهِ في يد الموكِّل. ينظر: "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي (14/ 40، ط. دار المعرفة)، و"الذخيرة" للإمام شهاب الدين القَرَافِي المالكي (8/ 15، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"المهذب" للإمام الشِّيرَازِي الشافعي (2/ 177، ط. دار الكتب العلمية)، و"المبدع" للإمام برهان الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "المبدع" (4/ 347).

ومِن ثَمَّ فيُنظر في أمر الوكيل عن الغير في توزيع الزكاة -كما في مسألتنا-، فإذا وُجد أنه قد فَرَّط في حِفظ مال الزكاة أو تَعَدَّى عليه ضَمِنَه، وعليه حينئذٍ بَدَلُه، أما إذا ثَبَت عدمُ تَعَدِّيه عليه أو تفريطِه في حِفْظِه فلا شيء عليه؛ لأنه أمينٌ، وقد تقرر أن الأمينَ لا يَضمن إلا بالتفريط أو التعدي.

وضابط الحِفظ والتفريط بالنسبة للوكيل -أي: الأمين- يُقاس على غيره مِن الأُمَناء في حِفظ ودائعهم وأماناتهم، وهو حِرْز المِثل، أو ما جَرَت به عادةُ الناس في حِفظ أموالهم، والوكالةُ وإن كانت تخالِف الوديعة في أن الوديعة لا يجوز التصرُّف فيها، والوكالة تُثبت للوكيل تصرُّفًا معلومًا في حدود تفويض الموكِّل، إلا أنهما يشتركان في كونهما أمانةً، إذا فَرَّط الأمينُ ضَمِنَهَا، وإذا لَم يُفَرِّط لَم يَضمَن، وقد "أجمع أكثر أهل العلم على أن المودَع إذا أحرَزَ الوديعةَ حيث يجب أن تُحْرَزَ الودائعُ، ثم تَلِفَت مِن غير جنايةٍ منه عليها ولا استهلاكٍ لها، أنْ لا ضمان عليه"، كما قال الإمام ابن المُنْذِر في "الأوسط" (11/ 307-308، ط. دار الفلاح)، وينظر: "بداية المجتهد" للإمام أبي الوليد ابن رُشْد (4/ 95، ط. دار الحديث)، و"الكافي" للإمام ابن قُدَامَة (4/ 95، ط. دار الحديث).

أما ما يكون من أمر صاحبة المال (المزكية)، فإن ما قامت به من عَزْل مقدار الزكاة بعد بلوغه نصابًا شرعيًّا فائضًا عن حاجتها الأصلية، وذلك يوم تمام الحول أو بعده بيوم أو يومين -باعتبار أنَّ "مَا قَارَبَ الشَّيْءَ أُعْطِيَ حُكْمَهُ"، كما في "المنثور" للإمام بدر الدين الزَّرْكَشِي (3/ 144، ط. أوقاف الكويت)-، ومِن ثَمَّ قامت بتسليمه لأخيها (الوكيل) لتوزيعه إلى مستحقيه نيابةً عنها، فسُرق منه ليلةَ استلامه منها، دون أيِّ تقصيرٍ منها أو تَعَدٍّ في إخراجه فَوْر وجوبه، فإنه لا يلزمها حينئذٍ إخراجُ بَدَل ما فُقد مِن مال الزكاة المذكور؛ لكونها لم تُقَصر أو تُفَرط في إخراجه في وقته، وكذلك لَم تَتَعَدَّ عليه بعد تسليمه لأخيها (الوكيل).

ووجه ذلك: أنَّ هلاك مال الزكاة بعد إخراجه بعد تمام الحول بيوم أو يومين أو عند تمامه من غير تقصير مِن المُزَكِّي أو تَعَدٍّ منه على المال في إيصاله إلى الفقراء -لا يجعله ضامنًا له؛ لئلَّا يَجتمع عليه غرامتان: غرامةُ ضياع المال بعد إخراجه، وغرامةُ إلزامه ببَدَله مع عدم تفريطه أو تقصيره أو تَعَدِّيه عليه.

أما في حالة ثبوت تفريط مِن قِبَلِ المزكي أو تقصير أو تعدٍّ على مال الزكاة -بتأخير تسليمها للوكيل بعد تمام الحول بأيام كثيرة، أو بأن يكون له يدٌ في سرقتها-، فإنه يَضمن هذه الزكاة ولا تسقط عنه؛ حفاظًا على حق الفقير الذي فَرَّط فيه، واعتُبر التفريط بوقت تمام الحول كما سبق بيانه لا قَبل ذلك؛ لأن الزكاةَ لا تتعلق بذمة المزكي إلا بتمام الحول، فلو فرَّط قبل تمام الحول كان تفريطه في ماله قبل وجوب الزكاة فيه، لا في مال الزكاة بعَيْنه؛ لأنها لم تجب بَعْدُ، وهذا مذهب المالكية، وهو المختار للفتوى. ينظر: "الكافي" للإمام ابن عبد البَرِّ (ص: 99، ط. دار الكتب العلمية)، و"التاج والإكليل" للإمام أبي عبد الله المَوَّاق (3/ 253، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح مختصر خليل" للإمام الخَرَشِي (2/ 225-226، ط. دار الفكر).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الرجل المذكور الذي وكَّلَتْه أختُه في توزيع مال زكاتها، وسُرق منه، لا يَضمن هذا المال ولا شيء عليه، إلا إذا ثبت أنه تَعَدَّى أو فَرَّط في حِفْظِه؛ لأن الوكيلَ أمينٌ، والأمين لا يَضمن إلا بالتفريط، وضابطُ التفريط عدمُ حفظه في حرز مثله، أو ما جَرَت به عادةُ الناس في حفظ أموالهم، ولا يجب على أخته المذكورة (المزكية) أن تُخرج مال الزكاة مرةً أخرى بدلًا عن الذي سُرق، ما دامت قد سلَّمَت مالَ الزكاة إلى أخيها (الوكيل) عند تمام الحول ولم تتأخر في إخراجه، ولم يكن منها تقصيرٌ أو تَعَدٍّ على هذا المال بعد تسليمه، ولا إثم عليها في ذلك ولا حرج.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

تأخرتُ في إخراج زكاة الفطر؛ فأخرجتها بعد صلاة العيد؛ فهل تقع أداءً أو قضاءً؟ وهل تسقط عن الإنسان بمرور يوم العيد؟


ما حكم إخراج شنط رمضان من زكاة المال؟ فهناك رجلٌ يسأل في أنه قد لَاحَظَ كثيرًا مِن الناس في أحد الأعوام يُخرِجون زكاة أموالهم في "شنط رمضان"، حتى صار ذلك ظاهرةً عامةً في ذلك العامِ، فهل يجوز ذلك شرعًا؟


ما حكم صرف الزكاة والأوقاف والصدقات لمؤسسة بحث علمية؟ فالسؤال عن مدى شرعية تلقي مؤسسة تعليمية بحثية للتبرعات والصدقات الجارية والأوقاف والزكاة ونحوها؛ حيث إن هذه المؤسسة هي مؤسسة غير ربحية، وهي عبارة عن مدينة علمية تعمل تحت إشراف مجلس أمناء عالمي يضم ستةً من الحاصلين على جائزة نوبل في المجالات العلمية المختلفة، وهو مشروع لا يهدف إلى الربح، بل يهدف إلى الوصول بالتعليم في مصر إلى المستويات العالمية، ورفع شأن البحث العلمي والتكنولوجيا؛ لإحداث طفرة ونقلة نوعية لزيادة الإنتاج القومي لمصلحة البلاد والعباد.


ما حكم الزكاة لصندوق تحيا مصر؟ حيث ورد إلى  فضيلة الأستاذ الدكتور/ شوقي إبراهيم علام، مفتي جمهورية مصر العربية، تحية طيبة وبعد...
اسمحوا لي فضيلتكم بالتقدم بخالص الشكر والامتنان لمساندة فضيلتكم لصندوق تحيا مصر ولأعماله الاجتماعية والخيرية التي يهدف إلى تحقيقها.
وقد قمت فضيلتكم بشرح الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام، وكيف نظم الشرع الشريف كيفية أدائها، وأن الزكاة مشروعة لبناء الإنسان، ولكفاية حاجته، وما يتصل بأمور معيشته وحياته؛ كالزواج والتعليم وغير ذلك من ضرورات الحياة وحاجياتها، أي إنها للإنسان قبل البنيان وللساجد قبل المساجد.
لذلك يُرجَى من فضيلتكم التكرم بتوضيح الفتوى عن إمكانية اعتبار عناصر نشاط وأهداف صندوق تحيا مصر من أوجه وأبواب الزكاة والتي تتمثل في الآتي:
1) السكن: بناء بديل للعشوائيات، رفع كفاءة القرى، فرش المنازل الجديدة.
2) أطفال بلا مأوًى: بناء دور الرعاية والصرف عليها، تعليم الأطفال وتدريبهم بهدف إيجاد فرص عمل.
3) المشروعات الصغيرة والمتوسطة: مشروعات تمكين الشباب، مشروعات تمكين المرأة المعيلة.
4) برنامج رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة: يشمل البرنامج التدريب والتأهيل لفرص العمل المتاحة والتي تتناسب مع احتياجات السوق وإمكانات المواطن، هذا بالإضافة إلى الكشف والعلاج بالنسبة لفيروس C.
ونحن نشكر لفضيلتكم دائم دعمكم وتنويركم للجميع بالتعاليم والقيم الوسطية الأصيلة للإسلام.
وفقكم الله لما فيه رضاه. وتفضلوا بقبول بفائق الاحترام.


ما حكم بناء منازل الأيتام أو ترميمها من الصدقة الجارية؟ حيث رغب بعض المتبرعين من دولة الكويت في بناء منازل أو ترميم منازل لبعض أسر الأيتام المكفولين لدى المكتب الكويتي للمشروعات الخيرية بالقاهرة. والمطلوب الإفادة حول كون هذه الأعمال من الصدقات الجارية أم لا؟


برجاء التكرم بإفادتنا؛ هل يجوز إعطاء زكاة المال والصدقات لصالح أحد المراكز المتخصصة للاكتشاف المبكر وعلاج سرطان السيدات بالمجَّان، على أن يتم إنفاق تلك الزكاة والصدقات في مجالات تجهيز المركز وتشغيله؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20