ما الفرق بين الطبق الدوار وفدية الصيام؟ فقد دخل علينا شهر رمضان الكريم، وجدتي -أم والدي- لا تقوى على الصيام، لأنها كبيرة في السن، وعندنا عادة في شهر رمضان الكريم، وهي ما تسمَّى بـ"الطبق أو الصحن الدَّوَّار"، وهو إناء يوضع فيه بعض الطعام أو الحلوى، يتهادى به الناس، وخاصة الجيران والأقارب، فما حكم هذا العمل؟ وهل هذه عادة مستحبة شرعًا؟ وهل يجوز لي أن أقوم بإخراج فدية الصيام عن جدتي في صورة إطعام لأحد جيراني المحتاجين؟
ما اعتاده بعض الناس في شهر رمضان من التهادي بينهم بأنواع الطعام والشراب عن طريق ما يسمى بـ"الطبق أو الصحن الدَّوَّار" أمرٌ مستحبٌّ شرعًا، لكنه لا يجوز أن يكون بديلًا عن إخراج فدية الصيام؛ لأن الفدية لا يكون في مقابلها شيء يخرجه المسكين لمن أطعمه، والصواب أن يكون إخراج الفدية مختص بالفقراء والمحتاجين بشكلٍ مستقل وعلى الهيئة المشروعة.
المحتويات
صيام شهر رمضان فريضةٌ من فرائض الإسلام التي أناطها الشرع الشريف بالاستطاعة؛ لذا يجب على المكلف أن يُمسك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات في نهار رمضان من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، يقول تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].
إذا لم يستطع المسلم الصيام في نهار رمضان بسبب مرضٍ أو سفرٍ أو عجزٍ، فإنه يُرخص له في الإفطار، يقول تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184]، والمعنى: أنه يُرَخَّص للمسلم المكلَّفِ المريضِ مرضًا يُرجَى بُرؤُه ولا يستطيع معه الصومَ -وللمسافرِ كذلك- الإفطارُ في رمضان، ثم عليهما القضاءُ بعد زوال العذر والتمكن من الصيام.
فإن كان المرض طارئًا فعلى المسلم أن يقضي ما أفطره عندما يزول العارض، أما إذا كان مريضًا مرضًا لا يُرجَى شفاؤه -وهو ما يُعرَف بالأمراض المزمنة- ولا يَقْوَى معه على الصيام، أو كان كبيرًا في السن؛ بحيث يعجز عن الصيام وتلحقه مشقة شديدة لا تُحتَمَل عادةً فلا يجب عليه الصيام، وعليه فديةٌ؛ إطعامُ مسكين عن كلِّ يوم من الأيام التي يفطرها من رمضان، يقول تعالى -في خصوص الصيام-: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].
قال العلَّامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (2/ 169، ط. دار الكتب العلمية): [وإن عاد المرض واحتاج إلى الإفطار أفطر، ويجب الفطر إذا خشي الهلاك؛ كما صرح به الغزالي وغيره، وجزم به الأذرعي، ولمن غلبه الجوع أو العطش حكم المريض] اهـ.
أما بالنسبة لما يقوم به بعض الناس في شهر رمضان من التهادي بينهم عن طريق ما يسمى بـ"الطبق أو الصحن الدَّوَّار" وهي عادة يفعلها البعض -كما ورد في واقعة السؤال-، بحيث يضعون في إناء معين بعض الطعام أو الحلوى؛ ليتهادى به الناس، وخاصة الجيران والأقارب من غير تفرقةٍ بين الفقير والغني، فهذا أمرٌ مستحبٌّ شرعًا، لأن التهادي بين الناس من الأمور المستحبة؛ فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تَهَادُوا تَحَابُّوا» أخرجه البخاري في "الأدب المفرد".
وعادة الناس هي تبادل هذا "الطبق الدَّوَّار"، فإذا أعطى الشخص طعامًا لجاره في هذا الطبق الدَّوَّار، فإنه سيرجع له بعد ذلك بطعامٍ آخر، وهكذا، فالإطعام فيه متبادل بين الأطراف.
وهي هدية، وقبول مثل هذه الهبة والعطية من الجار أمرٌ مستحبٌّ شرعًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» متفقٌ عليه.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (5/ 198، ط. دار المعرفة): [قوله "فِرْسِن" -بكسر الفاء والمهملة بينهما راء ساكنة وآخره نون- هو عظم قليل اللحم، وهو للبعير موضع الحافر للفرس، ويطلق على الشاة مجازا... وأشير بذلك إلى المبالغة في إهداء الشيء اليسير وقبوله لا إلى حقيقة الفِرْسِن؛ لأنه لم تجر العادة بإهدائه، أي: لا تمنع جارة من الهدية لجارتها الموجود عندها لاستقلاله، بل ينبغي أن تجود لها بما تيسر وإن كان قليلًا فهو خير من العدم... وفي الحديث: الحض على التهادي ولو باليسير لأن الكثير قد لا يتيسر كلَّ وقتٍ وإذا تواصل اليسير صار كثيرًا، وفيه استحباب المودة وإسقاط التكلف] اهـ.
أما إخراج الفدية عن المسن الذي لا يقوى على الصيام فأمر آخر؛ لأن هناك فرقًا بينها وبين هذه العادة المستحبة؛ فالفدية واجبة من حيثية حكمها التكليفي، ومصارفها محددة بالشرع الشريف وحكمة مشروعيتها تتجلى في كونها مقابلَ الإعفاء عن مطلوب شرعًا بحيث يُقبِل المكلف على البدل بناء على ما أذن به الشرع الشريف مسبقًا؛ بالإضافة إلى كونها لا يُشرع ردُّها مرة أخرى، فمَن يُخرج الفدية لا ينتظر مقابلًا يأتيه من الفقير أو المسكين.
لكن المتصور في حالة ما إذا أخرج الشخص فدية الصيام في هذا الطبق الدَّوَّار لجاره الذي ربما كان فقيرًا: أنه يُلجِئُه بمقتضى العادة وجريان العرف أن يَرد إليه هذا "الطبق الدَّوَّار بنوع طعام آخر بعد ذلك، وهذا مخالف للفدية حكمًا ومقصدًا، كما سبق بيانه.
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فما اعتاده بعض الناس في شهر رمضان من التهادي بينهم بأنواع الطعام والشراب عن طريق ما يسمى بـ"الطبق أو الصحن الدَّوَّار" أمرٌ مستحبٌّ شرعًا، لكنه لا يجوز أن يكون بديلًا عن إخراج فدية الصيام؛ لأن الفدية لا يكون في مقابلها شيء يخرجه المسكين لمن أطعمه، والصواب أن يكون إخراج الفدية مختص بالفقراء والمحتاجين بشكلٍ مستقل وعلى الهيئة المشروعة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم اشتراط النية في صيام التطوع؟ وما هو وقتها؟ فقد كان لدي عمل مهم، وانتهيت منه بعد آذان العصر، ولانشغالي في هذا العمل لم أتناول شيئًا، فأردت أن أصوم هذا اليوم تطوعًا؛ فهل تشترط النية لذلك؟ وهل تصح إذا نويت الصيام بعد العصر؟
ما حكم صلاة التسابيح وكيفيتها؟ ومدى صحة الحديث الوارد فيها؛ حيث اعتدنا أن نصلي صلاة التسابيح جماعةً بعد صلاة العشاء ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان كل عام، لكن رأينا بعض الشباب ينشقون عن الجماعة، ويقولون: إن صلاة التسابيح بدعة، مما نتج عنه تشتيت الناس واختلافهم.
هل هناك فرق في الاستعمال الشرعي بين لفظي الصوم والصيام؟ وهل يترتب على الفرق بينهما أيُّ أحكام شرعية؟
ما حكم الاعتكاف: فرضٌ أمْ سنة؟ وهل يجوز لأحد أن يعتكف لشهرٍ كامل؟ أم لبعض الأيام؟ هل يعتكف في المسجد الجامع أم في المسجد الذي بجوار البيت، ويصلي مع ذلك صلاة الجمعة في هذا المسجد الذي في جانب البيت؟
ما حكم صيام من كان يصوم وهو جُنُب جهلًا بالغسل وكيفيته؟
ما حكم الفطر لطالب كلية الطب بسبب مشقة التدريب والعمل؟ فأنا طالب بالسنة النهائية بكلية الطب، وأعمل من الساعة السابعة صباحًا بدون رفق أو هوادة إلى ما بعد الساعة الرابعة بعد الظهر في التمرين بأقسام المستشفى وتلقى المحاضرات بالكلية، وذلك يستلزم منا الاستذكار بعد ذلك حوالي سبعة ساعات على الأقل فيكون مجموع ساعات العمل اليومي ست عشرة ساعة، ولا أستطيع أداءه إذا ما كنت صائمًا، ومن ناحية أخرى فلو لم أبذل هذا المجهود -ولا أستطيع ذلك وأنا صائم- فسوف تكون العاقبة وخيمة، وبما أني أؤدي واجباتي الدينية على قدر ما أستطيع ولم يسبق لي أن أفطرت في رمضان فلا أستطيع أن أقرر بنفسي ما يجب علي اتخاذه بحيث أن تكون الناحية الدينية سليمة، وأعتقد أن هذا الإشكال يواجه الكثيرين من زملائي، فأرجو فضيلتكم الاهتمام بإفتائنا سريعًا في هذا الموضوع.