ما حكم إخراج زكاة الفطر مالًا؟ فقد سمعت في أحد البرامج أن زكاة الفطر يمكن أن تخرج مالًا، وكان معي صديقي فاعترض على ذلك وقال: إنها لا بد أن تخرج حبوبًا كما جاء في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل ما قاله صحيح؟ وهل أحد من الفقهاء أجاز إخراجها مالا؟ أو أن الفقهاء كلهم يرون عدم جواز إخراجها مالا؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.
يجوز شرعًا إخراج زكاة الفطر مالًا ولا حرج في ذلك، وهو ما نراه أوفق لمقاصد الشرع وأرفق بمصالح الخلق، وهو مذهب الحنفية، وبه قال جماعة مِن السلَف من كبار الصحابة، وهو مذهب جماعة من التابعين، والحسن البصري، وأبي إسحاق السبيعي، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم من العلماء ممن يُعْتَدُّ بهم.
المحتويات
زكاة الفطر: هي مقدار مُتَقَوَّم من المال يَجِبُ على المسلم بشروط مخصوصة؛ صغيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، وقد قدَّرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصاعٍ من تمرٍ أو شعيرٍ أو قُوتِ البلد، وهو ما مقداره 2.040 كجم -على مذهب الجمهور-، على كُلِّ نَفْسٍ من المسلمين؛ كما في حديث عبد الله بن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ المُسْلِمِينَ» متفقٌ عليه. وفي رواية أخرى عند الإمام البخاري: «عَلَى الْعَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ».
الحكمة من مشروعيتها: التزكية للصائم، والطُّهْرة له، وجبر نقصان ثواب الصيام، والرفق بالفقراء، وإغناؤهم عن السؤال في مناسبة العيد، وجبر خواطرهم، وإدخال السرور عليهم، في يوم يُسَرُّ فيه المسلمون؛ كما في حديث عبد الله بن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ» أخرجه أبو داود وابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في زكاة الفطر: «أَغْنُوهُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ» رواه الدارقطني في "السنن"، وفي رواية: «أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّوَافِ فِي هَذَا الْيَوْمِ» رواه ابن وهب في "جامعه"، وابن زَنْجَوَيْه في "الأموال"، والبَيْهَقي في "السنن الكبرى".
الأصل في زكاة الفطر أن تخرج من طعام أهل البلد كالبُرِّ والتمر والشعير ونحوه من كل حَبٍّ وثَمر يُقتَات؛ لما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث السابق أنه «فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ المُسْلِمِينَ» متفقٌ عليه، وغيره من أحاديث الباب.
ومع ذلك فقد أجاز فقهاء الحنفية إخراجها مالًا؛ إذ إنها شرعت لدفع حاجة الفقير وإغنائه عن السؤال في مناسبة العيد، وإخراج المال أقرب إلى منفعة الفقير ودفع حاجته فإنه يشتري به للحال ما يحتاج إليه، وأن الأصناف المذكورة في الأحاديث ليست للحصر وإنما كانت للتيسير؛ لأنهم كانوا يتبايعون بذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال شمس الأئمة السرخسي في "المبسوط" (3/ 107-108، ط. دار المعرفة): [فإن أعطى قيمة الحِنطة جازَ عندنا؛ لأن المعتبر حصول الغِنَى، وذلك يحصل بالقيمة كما يحصل بالحِنطة، وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز، وأصل الخلاف في الزكاة، وكان أبو بكر الأعمش رحمه الله تعالى يقول: أداء الحِنطة أفضل من أداء القيمة؛ لأنه أقرب إلى امتثال الأمر وأبعد عن اختلاف العلماء فكان الاحتياط فيه، وكان الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقول: أداء القيمة أفضل؛ لأنه أقرب إلى منفعة الفقير فإنه يشتري به للحال ما يحتاج إليه، والتنصيص على الحِنطة والشعير كان لأن البِيَاعات في ذلك الوقت بالمدينة يكون بها، فأما في ديارنا البِيَاعات تجرى بالنقود، وهي أعزّ الأموال، فالأداء منها أفضل] اهـ.
وقال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (2/ 72، ط. دار الكتب العلمية): [وروي عن أبي يوسف أنه قال: الدقيق أحب إليَّ من الحنطة، والدراهم أحب إلي من الدقيق والحنطة؛ لأن ذلك أقرب إلى دفع حاجة الفقير] اهـ.
على ذلك جرى عمل جماعة مِن السلَف من كبار الصحابة؛ كأمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وابن مسعود، وابن عباس، ومعاذ بن جبل، وغيرهم، رضي الله عنهم، وهو مذهب جماعة من التابعين، كما أنه قول طائفة من العلماء يُعْتَدُّ بهم، منهم: الحسن البصري؛ حيث روي عنه أنه قال: "لا بأس أن تعطي الدراهم في صدقة الفطر"، وأبو إسحاق السبيعي؛ فعن زهير قال: سمعت أبا إسحاق يقول: "أدركتُهم وهم يعطون في صدقة الفطر الدراهم بقيمة الطعام"، وعمر بن عبد العزيز؛ فعن وَكِيعٍ عن قُرّة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: "نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم".
وقد روى هذه الآثار الإمام أبو بكر بن أبي شَيبة في "المصَنَّف" (2/ 398، ط. مكتبة الرشد)، وهو أيضًا مذهب الثوري، وبه قال إسحاق بن راهويه، وأبو ثور، إلا أنهما قيدا ذلك بالضرورة، كما ذكره الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (6/ 112، ط. دار الفكر).
وقد أجازه الشيخ تقي الدين ابن تيمية الحنبلي أيضًا للحاجة والمصلحة الراجحة حيث يقول في "مجموع الفتاوى" عن إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك (25/ 82-83، ط. مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف): [والأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه.. وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به] اهـ.
كما أن القول بإجزاء إخراج القيمة في زكاة الفطر روايةٌ مُخَرَّجة عن الإمام أحمد نَصَّ عليها الإمام المرداوي في "الإنصاف" (3/ 182، ط. دار إحياء التراث العربي).
المصلحة في هذا الزمان قاضية بجواز إخراج القيمة لما في ذلك من الأهون على المزكي عن نفسه ومن يعول، والأنفع للفقير؛ ففيه الإغناء المنصوص عليه في قوله صلى الله عليه وسلم: «اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم».
وقد صنّف في ترجيح إخراج زكاة الفطر مالًا العلّامة السيد الحافظ أحمد بن الصديق الغماري رحمه الله تعالى كتابَه الماتِع "تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال" واستفاض في ذكر منقول الأدلة ومعقولها بما يكفي ويشفي.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز شرعًا إخراج زكاة الفطر مالًا ولا حرج في ذلك، وهو ما نراه أوفق لمقاصد الشرع وأرفق بمصالح الخلق، وهو مذهب الحنفية، وبه قال جماعة مِن السلَف من كبار الصحابة، وهو مذهب جماعة من التابعين، والحسن البصري، وأبي إسحاق السبيعي، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم من العلماء ممن يُعْتَدُّ بهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما معنى نزول القرآن الكريم في شهر رمضان وكونه هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان؟ فقد كرَّم الله تعالى وشرَّف شهر رمضان بنزول القرآن فيه، فهل معنى ذلك أن القرآن الكريم كاملا بكل سوره نزل في هذا الشهر المبارك؟ وما معنى قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: 185]؟
ما حكم اختراع آلات تساعد على الانتحار؟ حيث يقول السائل: سمعنا في وسائل الإعلام المختلفة عن اختراع آلة تُسمَّى«Sarco» تساعد -كما يقول مخترعها- على سَلْب حياة الأشخاص الذين يريدون إنهاء حياتهم بدون ألمٍ، وفي غضون دقائق.
فما الحكم الشرعي لمثل هذه الابتكارات العلمية؟ وهل يجوز إقدام الإنسان على استعمال مثل هذه الابتكارات؟
ما حكم قطع الصيام بمجرد نية الإفطار؟ فقد حدثتني نفسي بالإفطار أثناء صومي أحد أيام شهر رمضان، وفكرتُ في ذلك لكني لم آتِ بفعل يقع به الإفطار؛ فهل مجرد النية بقطع الصيام يُبطله؟ وهل يلزمني قضاء هذا اليوم أو لا؟
هل يجوز الإفطار اعتمادًا على الحساب الفلكي؟ فأنا أقيم في أحد البلاد الأوروبية، والمسلمون فيها يعتمدون في إثبات شهور السنة الهجرية على الحسابات الفلكية، وليس هناك مَن يَستطلع الهلال، فما حكم الإفطار في هذا البلد اعتمادًا على الحساب الفلكي دون التحقق مِن الرؤية البصرية للهلال؟
ما حكم الفطر في رمضان لمن عاد من سفره إلى بيته قبل الفجر بدقائق؟ حيث إن الرجل عاد مِن سفره إلى بيته في إحدى ليالي شهر رمضان المبارك قبل الفجر بوقتٍ قليل، فهل يجب عليه صيام هذا اليوم الذي وَصَل فيه أو يُرخَّص له الفطر؟
سائل يقول: زوجتي تمتلك ذهبًا كثيرًا للزينة، وكأي امرأة تقوم ببيع بعضه إذا احتاجت. فهل على هذا الذهب زكاة؟ وما مقدارها إن كان؟