ما حكم من اشترى عقارا من الجهات المختصة ويريد التنازل عنه لغيره مقابل مال؟ فهناك رجلٌ تقدَّم للحصول على وحدة سكنية بأحد مشروعات الإسكان الاجتماعي، وبعد تخصيص وِحدة سكنية بِاسْمِهِ يُريد التنازلَ عن حقِّ التخصيص لشخصٍ آخَر مقابِلَ مال، فما حكم ذلك شرعًا؟
الواجب على الرجل المذكور الالتزامُ بما وَرَد في عقد تخصيص الوِحدة السكنية المذكورة مِن شروط، ولا يجوز له شرعًا التنازلُ عن حقِّ تخصيص تلك الوِحدة الصادر بِاسْمِهِ لشخصٍ آخَر مقابِلَ مالٍ إلا بعد استيفاء الشروط المُبيحة لهذا التصرُّف وفقًا للعقد الذي بينه وبين الجهة المختصة.
المحتويات
صندوق الإسكان الاجتماعي هو هيئة اعتبارية تعمل على توفير أو إتاحة وحدات سكنية منخفضة التكلفة للمواطنين من محدودي ومتوسِّطي الدخل بنظام التمويل العقاري، إما بكامل ثمن الوِحدة السكنية، أو بجزء منه بعد سداد المقدم المحدد من ثمنها، وقد نُظِّمَ هذا الصندوق بقانون الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري رقم 93 لسنة 2018م.
ومن المعلوم أنه يحق للإنسان التصرف في حقه إذا ثبت له؛ لأن إسقاط الحق أو التنازل عنه لا يكون إلا بعد ثبوته، كما في "الاختيار" للإمام مجد الدين ابن مَوْدُود المَوْصِلِي (5/ 63، ط. مطبعة الحلبي)، ومِن ثَمَّ فإذا ثَبَت لأحد الناس تخصيصُ بعض الوحدات السكنية أو الأراضي المُعَدَّة للبناء مِن قِبَلِ "الإسكان الاجتماعي"، فإنه يجوز له التصرُّف فيها بعد استيفاء القواعد والشروط المقرَّرة في القانون السابق ذكره، والذي ينص في المادة رقم (4) منه على أنه: [يلتزم المنتَفِعُ بوحدة سكنية مِن وحدات برنامج الإسكان الاجتماعي باستعمالها لِسُكْنَاهُ وشَغْلها هو وأسرتُه على نحوٍ منتظِمٍ ودائمٍ لمدةٍ لا تَقِلُّ عن خمس سنوات مِن تاريخ استلامه لها، ويُستثنى مِن ذلك الحالات التي يَصدر بها قرارٌ من مجلس إدارة الصندوق.
كما يلتزم المنتفِعُ بقطعةِ أرضٍ مُعَدَّة للبناء، وفقًا لبرنامج الإسكان الاجتماعي بالبناء عليها طبقًا للشروط والضوابط التي تقررها الجهة الإدارية المختصة بشؤون التخطيط والتنظيم، ويلتزم باستخدام المبنى لغرض السكنى.
ويُحظر على المنتفعين بالوحدات السكنية التصرُّفُ فيها أو التعاملُ عليها أو جزءٍ منها بأيِّ نوع من أنواع التصرُّف والتعاملات قَبْل مُضِيِّ المدةِ المنصوص عليها بالفقرة الأُولى أو الحصولِ على موافقة مجلس إدارة الصندوق.
كما يُحظر على المنتفعين بقِطَعِ الأراضي التصرُّفُ في المباني أو أيِّ جزءٍ منها إلا بعد مرورِ خمس سنوات من تاريخ اعتماد شهادة صلاحية المبنى بالكامل للإشغال من الجهة الإدارية المختصة لشؤون التخطيط والتنظيم، أو الحصولِ على موافقة مجلس إدارة الصندوق.
ويقع باطلًا كلُّ تصرُّف في وحداتِ أو أراضي برنامج الإسكان الاجتماعي يتم بالمخالَفة لأحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذًا له] اهـ.
ومِن ثَمَّ فإذا استُوفِيَت الشروط المنصوص عليها وغيرها من نفس القانون ومن الجهة المختصة في هذا الشأن، جاز لمن خُصَّ باسمه -الوحدة السكنية- التنازلُ عن حق التخصيص لغيره كيفما شاء ووقتما شاء، وإلا فلا يجوز له التصرف بالتنازل عنها قبل المدة المقررة بموجب هذا القانون، وإن خالَفَ هذه الأحكامَ فإنه يعاقَب عليها بما هو مقرر في المادة رقم (19) مِن نَفْس القانون، والتي تنص على أنه: [يعاقَب كلُّ مَن يخالف أحكام الفقرة الثالثة من المادة 4 والمادة 5 من هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن سَنَة، وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي جميع الأحوال يُحكم بِرَدِّ الوحدة السكنية أو قطعة الأرض المنتَفَع بها والدعمِ الممنوحِ دفعة واحدة إلى الصندوق، مع رَدِّ ما تم سداده من ثمنها للمستثمِر] اهـ.
هذا لأن الأصل في الأحكام والشروط والمعاملات المالية في الشريعة الإسلامية أنها إنما شُرِعت لتحقيق منافع الخَلْق وتلبية احتياجاتهم، وذلك في إطارٍ من الأوامر والنواهي الشرعية التي تعمل على تحقيق العدالة في تحصيل كلِّ طرفٍ لمنفعته بتعامُلِهِ مع الطرف الآخَر.
ومِن المعلوم أنه إذا تَخَلَّلَ عقدًا بين طرفين شرطٌ معيَّن، فإن الأصلَ في اعتبار الشروط الصحةُ واللُّزومُ ما دامت بالتراضي بين المتعاقدين ولا تخالِف مقتضى العقد، ولم تكن تُحِلُّ حرامًا أو تُحَرِّمُ حلَالًا، ومِن ثَمَّ فإذا اشترطَت الجهةُ المختصةُ بعضَ الشروط لِتَمَلُّكِ العقار -والتي منها إشغالُ العقار لمدة معيَّنة، وعدمُ التصرُّف فيه إلا بعد مُضِيِّ هذه المدة- فحينئذ يجب الوفاء بالشرط وعدم مخالفته؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، و"المعنى: أوفوا بعَقْد الله عليكُمْ، وبِعَقْدِكُمْ بعضكم على بعض"، كما في "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القُرْطُبِي (6/ 33، ط. دار الكتب المصرية) نقلًا عن الإمام الزَّجَّاج.
وعن عمرو بن عَوْفٍ المُزَنِي رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا» أخرجه الأئمة: الترمذي -وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ- والدارقطني والبيهقي -واللفظ له- في "سننهم"، والحاكم في "المستدرك".
قال الإمام علاء الدين الكَاسَانِي في "بدائع الصنائع" (6/ 98، ط. دار الكتب العلمية): [الأصل في الشروط اعتبارُها ما أَمْكَن] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (29/ 346، ط. مجمع الملك فهد): [الأصل في الشروط الصحةُ واللُّزومُ إلا ما دَلَّ الدليلُ على خِلافِه، وقد قيل: بل الأصل فيها عدم الصحة إلا ما دَلَّ الدليلُ على صحته؛ لحديث عائشة رضي الله عنها، والأول هو الصحيح؛ فإن الكتاب والسُّنَّة قد دَلَّا على الوفاء بالعقود والعهود وذَمِّ الغدر] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين ابن مُفْلِح في "الفروع" (8/ 268، ط. مؤسسة الرسالة): [الأصل في الشروط الوفاءُ] اهـ.
هذا ما عليه القانون المدني المصري الصادر برقم ١٣١ لسنة ١٩٤٨م، حيث نصت الفقرةُ الأولى مِن المادة رقم (147) منه على أن: [العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نَقْضُه ولا تعديلُه إلا باتفاق الطرفين، أو للأسباب التي يقرِّرها القانون] اهـ.
ونصت المادة رقم (148) في فقرتيها الأُولى والثانية مِن نفس القانون على أنه:
[(١) يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه، وبطريقةٍ تتفق مع ما يوجبه حُسن النية.
(٢) ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقِد بما وَرَد فيه، ولكن يتناول أيضًا ما هو مِن مستلزماته وفقًا للقانون والعُرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالواجب على الرجل المذكور الالتزامُ بما وَرَد في عقد تخصيص الوِحدة السكنية المذكورة مِن شروط، ولا يجوز له شرعًا التنازلُ عن حقِّ تخصيص تلك الوِحدة الصادر بِاسْمِهِ لشخصٍ آخَر مقابِلَ مالٍ إلا بعد استيفاء الشروط المُبيحة لهذا التصرُّف وفقًا للعقد الذي بينه وبين الجهة المختصة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
جمعية خيرية تخضع لأحكام قانون ممارسة العمل الأهلي رقم (149) لسنة 2019م ولائحته التنفيذية، وتمارس الجمعية العديد من الأنشطة، وتسأل عن الحكم الشرعي في الآتي:
- جمع الزكاة والصدقات للصرف منها على علاج الفقراء والمساكين، والقوافل الطبية، وإنشاء العيادات، وتوفير الأجهزة الطبية اللازمة، وتوفير مواد الإغاثة اللازمة في حال الأزمات والكوارث.
- جمع الزكاة والصدقات والصرف منها على المساعدات الخارجية، وبالأخص إغاثة غزة والسودان.
- جمع زكاة الفطر وصكوك الأضاحي وصرفها على الفقراء والمساكين وذوي الحاجة.
ما حكم رد المال المستقطع لصندوق الحج والعمرة بجهة العمل عند عدم استفادة العضو منه؟ حيث إننا بصدد إنشاء صندوق أو نظام للحج والعمرة للسادة الزملاء بشركتنا، على أن يكون رأس مال الصندوق قائمًا على اشتراكات السادة الأعضاء، والذي يخصم من راتبهم الشهري بانتظام بعد موافقتهم على نسبة الخصم، بجانب جزء صغير تدفعه الشركة سنويًّا كمساهمة اجتماعية للعاملين، علمًا بأن الصندوق يساهم بنسبة 35% من ثمن العمرة أو الحج للعامل، و20% للمرافق كمنحة لا ترد، ويتم تقسيط باقي المبلغ على الذين استفادوا من الخدمة؛ حيث إنه لا يشترط استفادة جميع المشتركين؛ حيث إن الأعداد محدودة، ويتم اختيار المستفيدين عن طريق عمل قرعة علنية.
والسؤال هو: في حالة وفاة أي عضو لم يستفد من الخدمة؛ هل يسترد قيمة ما تم دفعه بالكامل من الصندوق ويُسَلَّم للورثة، أم يمكن استقطاع جزء من المبلغ، أم يمكن عدم رد المبلغ بالكامل، كذا في حالة بلوغه سن التقاعد؛ هل يمكن عدم رد القيمة بالكامل؟
تقول السائلة: نظرًا لغيابي في عملي بالخارج فقد كنت أسندت وكالة قانونية إلى شقيقي منذ أكثر من عشرين عامًا وذلك للقيام بتيسير شؤوني أثناء غيابي، وبعد عشر سنوات من إسنادي الوكالة لشقيقي اشتركت في عضوية جمعية تعاونية للإسكان وخصّصت لي وحدة سكنية بها، وكان شقيقي المذكور يقوم بتسديد أقساطها المستحقة من مالي الخاص للجمعية، وبعد وفاة شقيقي -الوكيل- أبرزت زوجته عقد بيع يُشير إلى أنه باعها هذه الوحدة منذ عشر سنوات قبل وفاته وذلك دون علمي. وتطلب السائلةُ حكم الشرع في عقد البيع المشار إليه من حيث الصحة والبطلان.
أيهما أفضل: القيام بعمرة التطوع أو الإنفاق على الفقراء والمحتاجين؟
ما هي شروط صلاة الجنازة على الغائب؟ حيث تُوفِّيَ صديق لي أثناء عمله بالخارج ولم أعرف بذلك إلا بعد شهر من وفاته، وأريد أن أصلي عليه صلاة الغائب؛ فأخبرني شخص أنه بمرور شهر على وفاته لا تجوز الصلاة عليه؛ فهل يحق لي أن أصلي عليه؟ وهل هناك مدة معينة لصحة الصلاة على الغائب من بعد موته؟ وما شروط صلاة الجنازة على الغائب؟
سائل يقول: أنا تاجرٌ خُضَرِيٌّ أشتري محاصيل زراعية مِن الخضراوات التي تُنتِج عدة مرات خلال الموسم الواحد، كالطماطم والباذنجان والخيار، علمًا بأن التعاقد يكون على نتاج الموسم كلِّه بناءً على معاينة الثمرة في بشايرها في بداية الموسم، فما حكم هذا البيع شرعًا؟