حكم بيع مالك الأرض الأسمدة المدعمة للمستأجر بسعر السوق

تاريخ الفتوى: 26 مارس 2024 م
رقم الفتوى: 8324
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البيع
حكم بيع مالك الأرض الأسمدة المدعمة للمستأجر بسعر السوق

ما حكم بيع مالك الأرض الأسمدة المدعمة للمستأجر بسعر السوق؟ فأنا مالك لأرضٍ زراعية، والجمعيات الزراعية تقوم بإعطائي الكيماوي والسِّمَاد بأسعار مدعمة، وقد أجَّرتُ أرضي لأحد الأشخاص، وأقوم بأخذ حصتي من الكيماوي من الجمعية وأبيعها بسعر السوق للمستأجر، فما حكم ذلك؟

على مالك الأرض أن يقوم بإعطاء المستأجر الأسمدة الزراعية المصروفة للأرض المؤجَّرة، وينبغي أن تكون بالسعر المصروفة به من الجمعية دون تَرَبُّحٍ من ذلك، إلَّا إذا اتفقا في العقد على غير ذلك، فعليهما حينئذٍ الالتزام بما اتفقا عليه، مع الالتزام بمراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لذلك.

المحتويات

 

صرف الجمعيات الزراعية للأسمدة لحائزي الأراضي الزراعية

تقوم الجمعيات الزراعية بصرف أسمدةٍ لحائزي الأراضي الزراعية؛ إعانةً لهم على زراعةِ الأراضي الحائزين لها، وتشجيعًا للزراعة، ومِن ثَمَّ فصرفُ هذه الأسمدةِ مرتبطٌ بالأرضِ المزروعةِ وما هو مزروعٌ فيها، خاصةً أنها تُصرف لكلِّ محصولٍ على حِدَة، وبمقدار ما يحتاجه هذا المحصول من تلك الأسمدة.

حكم بيع مالك الأرض الأسمدة المدعمة للمستأجر بسعر السوق

إذا كان مالكُ الأرضِ هو الزارع لها فإنَّه هو الذي يحصلُ على الأسمدةِ ولا إِشكال في ذلك، أَمَّا إن قام مالك الأرض بتأجيرها -كما هي صورة السؤال- فيفرق بين حالتين:

الحالة الأولى: أن يشترط المؤجِّر والمستأجر في عقد الإيجارِ أنَّ على المالكِ أن يُعطي هذه الأسمدة للمستأجر، فعليهما في هذه الحالة الالتزام بما اتفقا عليه؛ وذلك إعمالًا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» رواه البخاري في "صحيحه" موقوفًا، وأبو داود والترمذي في "سننيهما".

كما أَنَّ هذا مما تقتضيه زراعة الأرض وفيه مصلحةٌ لها فكان شرطًا صحيحًا باتفاق الفقهاء.

قال العلامة بدر الدين العَيْنِي الحنفي في "البناية" (8/ 180-181، ط. دار الكتب العلمية): [(كل شَرْطٍ يقتضيه العقد) ش: أي: يجب بالعقد من غير شرط، م: (كشرط الملك للمشتري) ش: وشرط تسليم الثمن أو المبيع أو شرط حبس المبيع لاستيفاء الثمن، م: (لا يفسد العقد) ش: لأن كل هذه تثبت بمطلق العقد، م: (لثبوته بدون الشرط) ش: أي لثبوت مطلق العقد بدون هذا الشرط وذكره لا يفيد إلا تأكيدًا] اهـ.

وقال العلامة الحَطَّاب المالكي في "تحرير الكلام في مسائل الالتزام" (ص: 50، ط. دار الغرب الإسلامي) عند الكلام على الشروط المتعلقة بالبيع: [وهي على أربعة أقسام: فالقسم الأول: شرط ما يقتضيه العقد كتسليم البيع، والقيام بالعيب وخلافه، فهذا القسم من الشروط صحيح لازم] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (9/ 364، ط. دار الفكر): [الشروط خمسةُ أضربٍ: (أحدها): ما هو من مقتضى العقدِ بأن باعه بشرطِ خيار المجلس، أو تسليم المبيع، أو الرد بالعيب، أو الرجوعِ بالعهدةِ، أو انتفاع المشتري به كيف شاء وشِبْهُ ذلك، فهذا لا يفسد العقد بلا خلافٍ] اهـ.

وقال العلامة ابن قُدَامة الحنبلي في "الشرح الكبير" (4/ 53، ط. دار الكتاب العربي): [فإنَّ شرطَ ما يقتضيهِ العقدُ لا يُؤثِّر فيه بغير خلاف، وشرطُ ما هو من مصلحةِ العقدِ كالأجلِ، والخيارِ، والرهنِ، والضمين، وشرط صفة في المبيع كالكتابة، والصناعة، -فيه مصلحة العقد فلا ينبغي أن يُؤثِّر في بطلانه قَلَّت أو كَثُرَت] اهـ.

الحالة الثانية: ألَّا يتفق الطرفان في العقد على تسليم المالك الأسمدة المصروفة للمستأجر، ولكن يجري عُرْف هذه البلدة على التزام المؤجِّر بتسليم الأسمدةِ المصروفةِ للمستأجر، فعلى المؤجِّر في هذه الحالة تسليمها له؛ لأنَّ ذلك كالمشروط في العقد حيث جَرَى به العرف؛ وذلك إعمالًا لقاعدة: «المعروف عُرْفًا كالمشروط شرطًا»؛ كما جاء في "الأشباه والنظائر" للعلامة ابن نُجيم الحنفي (ص: 84، ط. دار الكتب العلمية).

أَمَّا إذا لم يجرِ عرفٌ بإلزام المالكِ بتسليم الأسمدة للمستأجر، فإن حسنَ المعاملةِ يقتضي أن يُسلِّم المالك هذه الأسمدة للمستأجر؛ لأنها دَعْمٌ مِن الجمعيات الزراعية لزراعة الأرض، والمستأجر هو القائم بزراعتها، فكان هو المستحق لهذا الدَّعْم، وذلك كله مالم يكن هناك اتفاق في العقد على خلاف ذلك، أو كان سعر الأسمدة مراعي في القيمة الإيجارية.

أما قيام المالك بأخذ الأسمدة المستحقة للأرض المزروعة وبيعها فهو ترويجٌ للسوق الموازية الذي هو ضَررٌ كبير وخَطَر جسيمٌ على الاقتصاد في الوقت الذي تشتد الحاجة فيه إلى مساندة المزارع الحقيقي ودعم منظومة الزراعة؛ إذ إنَّ صَرْف هذه الأسمدة مرهون بالفلاح القائم على الزراعة، بحيث يكون المصروف للأرض والمحصول، وهذا هو المعنى المفهوم مِن قرار وزارة الزراعة رقم 590 لسنة 1948م بشأن "المخصبات الزراعية"، حيث نَصَّ القرار المشار إليه في المادة (4) على أنه: [لا يجوز تصنيع أيٍّ من المخصبات الزراعية أو تجهيزها لغَرَضِ الاتجار بغير ترخيصٍ من وزارة الزراعة] اهـ.

وإمعانًا في خدمة الرُّقْعة الزراعية في كلِّ مكانٍ، فقد حظر هذا القرار -في المادة التاسعة منه- نقل الأسمدة المدعمة من الدولة وغيرها من الأسمدة المقصور توزيعها على البنك الرئيس وفروعه من محافظة لأخرى أو داخل المحافظة إلَّا بعد الحصول على ترخيص بذلك من البنك الرئيس للتنمية والائتمان.

ويضاف للضرر الحاصل من هذه الفِعْلة أنَّ فيها قَصْد إغلاء الأسعار، وهو داخلٌ تحت الوعيد الشديد الوارد في حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَقْذِفَهُ فِي مُعْظَمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى".

الخلاصة

بناءً على ما سبق: فعلى المالك أن يقوم بإعطاء المستأجر الأسمدة الزراعية المصروفة للأرض المؤجَّرة، وحال إعطائه له الأسمدة ينبغي أن تكون بالسعر المصروفة به من الجمعية دون تَرَبُّحٍ من ذلك، إلَّا إذا اتفقا في العقد على غير ذلك، فعليهما حينئذٍ الالتزام بما اتفقا عليه مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لذلك.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم رجوع الوالد عن عقد بيع لأولاده، حيث أنه قد اشترى رجل قطعة أرض وسجلها بعد أن اشتراها بعشرة أعوام، فكتب لنفسه ثمانية قراريط، ولكل من أولاده القصر أربعة قراريط، وأقام عليها عمارة، وبعد اثنين وعشرين عامًا من تسجيل الأرض تعدى عليه أولاده بالسب والضرب والادعاءات الكاذبة، وكان هذا التعدي والجحود نكرانًا للجميل؛ ولذلك يريد الرجوع فيما وهبه -كتبه- لأولاده، فهل من حقه ذلك أم لا؟ فما الحكم الشرعي في ذلك.


ما حكم الاحتكار بقصد زيادة الأسعار؟ فوالدي تاجر، ويشتري بعض السلع ويقوم بتخزينها إلى حين أن يرتفع سعرها في السوق؛ ليحقق ربحًا أكثر، فما حكم ما يفعله والدي؟


ما مدى إلزام الأم بإرضاع ولدها حال قيام الزوجية؟ حيث إن هناك رجلًا رزقه الله بمولود، وزوجته ترضع ولده هذا، ويخاف من الوقوع في الظلم في حال عدم إعطائها أجر على الرضاعة؛ فهل تستحق الزوجة الأجرة على ذلك؟ وهل لها الحق في المطالبة بالأجرة؟


ما حكم شراء شقة بالتمويل العقاري بفائدة متناقصة؟ فقد تقدمنا لحجز شقة في مشروع الإسكان الاجتماعي في مصر، وكان النظام المتبع أن ندفع 5 آلاف جنيه جدية حجز، وبعد قيام وزارة الإسكان بفرز الأوراق والاستعلام تقوم بتحويل الأوراق لأحد البنوك التابعة للبنك المركزي في إطار مبادرة التمويل العقاري، حيث يقوم البنك بسداد قيمة الوحدة، ثم يقوم بتحصيلها من المواطن بفائدة متناقصة 7 بالمائة سنويًّا، مع منع العميل من التصرف في الشقة بالبيع أو الهبة حتى يتم الانتهاء من السداد. فما حكم ذلك شرعًا؟


ما حكم الاستفادة من نقاط الخصم التي تهديها إحدى المحلات التجارية للمشتري عند قيامه بعملية الشراء ؟ فهناك رجلٌ حصل على مجموعةٍ مِن نقاط الخصم مِن أحد المتاجر، مما يُتيح له شراء السِّلع مِن ذلك المتجر بتخفيض يكافئ تلك النقاط عند الطلب، فما حكم الشراء بهذه النقاط؟


ما حكم الشراكة بين شخصين أحدهما بالمال والآخر بمنصبه الوظيفي ونفوذه؟ فهناك رجلٌ ذو مال يَتَّجِرُ في مواد البناء، ويريد إبرام اتفاقِ شراكةٍ مع صَاحبٍ لا مال له، غير أن هذا الصاحب ذو مَنْصِبٍ وظيفيٍّ ومكانةٍ ونفوذ، مما يُمكِّنه مِن تسهيل وتيسير الصفقات وإسنادها بيعًا وشراءً، بالآجل أو نقدًا، في حين أن التاجر صاحب المال هو مَن يقوم بالتعاقد مع الجهات (بنفوذ هذا الصاحب ومَنصِبِه الوظيفي) ودفع الأثمان (لأجَلٍ كانت أو حالَّةً)، وما ينشأ بعد ذلك مِن مصاريفٍ ونحوها، وعلى هذا الاتفاق تكون الشراكةُ مِن أحدهما بالمال، ومِن الثاني بالمَنصِب الوظيفي والنفوذ وما يترتب على ذلك مِن تسهيل الصفقات وإسنادها إلى الأول (التاجر)، ثم بعد البيع وخصم المصروفات تقسم الأرباح بين الشريكين بالتساوي، فما الحكم في ذلك شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :10
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 56
العشاء
6 :19