الثلاثاء 16 ديسمبر 2025م – 25 جُمادى الآخرة 1447 هـ

حكم الحج والعمرة عن طريق المسابقات

تاريخ الفتوى: 22 فبراير 2024 م
رقم الفتوى: 8264
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم الحج والعمرة عن طريق المسابقات

ما حكم الحج والعمرة عن طريق المسابقات؟ فقد اشتركتُ وبعض أصدقائي في مسابقة ثقافية نظَّمتها إحدى الجهات الخيرية، وأعلنوا أنَّ جائزتها رحلةُ حَجٍّ أو عُمْرةٍ، فهل يجوز لي حال الفوز بهذه المسابقة أن أحجَّ أو أعتمر بهذه الكيفية؟

يجوز لكَ الحَجُّ أو العمرة حال فوزِك بهما أو بأحدهما مِن هذه المسابقات، ولا حَرَج في ذلك، على أن يكون ذلك كله بطرقٍ مشروعةٍ ووَفْق الإجراءات التنظيمية الخاصة بهذا الشأن.

المحتويات

 

حكم الحج والعمرة عن طريق المسابقات

اتَّفق فقهاء المذاهب الأربعة على أنَّ الاستطاعة شرطٌ لوجوب الحج؛ استدلالًا بقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97].

والاستطاعة المشروطة لوجوب الحج يتحقَّق معناها بقوَّةِ البدنِ وتحمُّلِ مشقة السَّفَر لأداء المناسك، وبأمن الطريق، وبأن يملك نفقة زاده من طعامٍ وشرابٍ ومبيتٍ ونفقةِ المواصلات التي توصله إلى البلاد المقدسة ذهابًا، وتَحْمِله إلى بلاده إيابًا دون تقتيرٍ أو إسرافٍ.

والاستطاعة في إحدى معانيها -وهي وجود المال- كما هي حاصلةٌ بالنَّفْس، وهي توفير المال من قِبل الشخص نفسه، تَحْصُل أيضًا بأي عقد من عقود التمليكات، والتي منها الإهداء من الغير، ومِن صور الإهداء: الحصول على نفقةِ الحجِّ عن طريق الفوز في المسابقات، خاصةً مع تَقدُّم صور وأنماط جَذْب العملاء لاستثمار الأموال، والتي أَفْرَزت التَّجارِب عَدَدًا مِن أشكال هذا الاستثمار، والتي منها: "عمل المسابقات"، حيث تكون فيها الجوائز مُشَجِّعة على المشاركة فيها.

و"المسابقات" في أصلها مشروعة؛ لأنها تـَهْدُف إلى تحفيز العَقْل والجُهْد، ولأنها إحدى الوسائل التي يَتوصَّل بها الإنسان إلى تحصيل المال وجمعه إن كانت بعوضٍ.

والدليل على مشروعيتها مِن حيث الأصل: قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ﴾ [يوسف: 17]، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [المطففين: 26].

وما ورد عن أُمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّها كانت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سَفَرٍ، قالت: "فسابَقتُه فسَبَقتُه على رِجلي، فلما حَمَلْتُ اللَّحْمَ ساَبقتُه فسَبَقني، فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلم: هذه بتلك السَّبقَة". أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو داود والنسائي في "سننهما".

والمسابقة إما أن تكون بعوضٍ، أي مُقَابِل يُعْطَى للمُتَسابِقِين، وإمَّا أن تكون بغير عوضٍ، فإن كانت بعوضٍ فإمَّا أن تكون بعوض من أحد المتسابقين أو كليهما، وإمَّا أن تكون من غير المتسابقين.

فإن كانت بغير عِوَضٍ، أو بعِوَضٍ مِن غير الـمُتَسابِقِين: فلا ريب في كونها مشروعة وجائزة، ولذلك يقول العَلَّامة القسطلاني في "إرشاد الساري" (5/ 80، ط. الأميرية): [واتفقوا على جواز المسابقة بغير عوضٍ وبعوض، لكن بشرط أن يكون العوض من غير المتسابقين، إِمَّا الإمام أو غيره من الرعية بأن يقول: مَنْ سَبَق منكما فله من بيت المال كذا أو عليَّ كذا؛ لما في ذلك من الحث على المسابقة وبذل مال في طاعة] اهـ.

أَمَّا إن كانت على عِوضٍ مِن أحد المتسابقين، أو بعوضٍ من كليهما: فجمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية على جواز الصورتين، بشرط دخول مُحَلِّلٍ -وهو طرف ثالث يَدخُل معهما في المسابقة فيأخذ المال إن سَبَق، ولا شيء عليه إن كان مسبوقًا- بينهما في الصورة الثانية خاصة. ينظر: "الدر المختار" للحصكفي (ص: 663، ط. دار الكتب العلمية)، و"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص: 105، ط. دار ابن حزم)، و"روضة الطالبين" للنووي (10/ 355، ط. المكتب الإسلامي)، و"الكافي" لابن قدامة (2/ 190، ط. دار الكتب العلمية).

بيان المقصود بقوله عليه السلام "لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر"

لا يُفْهَم من حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم: "لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ" -رواه الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو داود والنسائي وابن ماجه في "سننهم"-، لا يُفْهَم منه قَصْر المسابقة على هذه المنصوصات أي: "الخُفِّ"، والمقصود منه: الإبل، أو "النَّصْل"، والمقصود منه: السَّهْم، أو "الحافر"، والمقصود منه: الخيل-؛ وذلك لأنَّ هذه الأمور الثلاثة إنما كانت هي المعهودة في الحرب زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ولذلك نَصَّ الفقهاء على جواز المسابقة بغير هذه الأمور الثلاثة بما يتحقَّق منه القوة والاستعداد النفسي والجسدي.

يقول العَلَّامة برهان الدِّين ابن مَازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (5/ 325، ط. دار الكتب العلمية) بعد أن ذَكَر هذا الحديث: [وكذلك إذا قال واحد من المتفقهة لمثله: تعال حتى نطارح المسائل، فإذا أصبتَ وأخطأتُ أعطيك كذا، وإن أصبتُ وأخطأتَ، فلا آخذ منك شيئًا، يجب أن يجوز؛ لأنَّ في الأفراس إنما جُوِّز ذلك حَثًّا على تعلم الفروسية، فيجوز هَاهُنا أيضًا؛ حَثًّا على تعلم الفقه؛ لأنَّ كل ذلك يرجع إلى تقوية الدين وإعلاء كلمة الله تعالى، وبه أخذ الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله] اهـ.

وقال الإمام أبو حامد الغزالي الشافعي في "الوسيط" (7/ 175، ط. دار السلام): [والمعنى معقول من ذِكر هذه الأشياء الثلاثة، فيلحق به ما في معناه] اهـ. وعلى هذا التفصيل تجري المسابقات المسؤول عنها، فلو كانت جوائزها حجة أو عمرة، فالعِوض فيها وهو الجائزة- مُقدَّم من غير الـمُتَسَابِقِين، كما أنَّ المسابقات التي تكون بهذه الهيئة لا تخرج في مشمولها عَمَّا هو مطلوب شرعًا من إعداد القوة النفسية أو الذهنية أو هما معًا، والتي تَنْشُد تنشيط البيئة العلمية، وتحفيز العقل الإبداعي.

الخلاصة

بناء عليه وفي واقعة السؤال: فيجوز لكَ الحَجُّ أو العمرة حال فوزِك بهما أو بأحدهما مِن هذه المسابقات، ولا حَرَج في ذلك، على أن يكون ذلك كله بطرقٍ مشروعةٍ ووَفْق الإجراءات التنظيمية الخاصة بهذا الشأن.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم زيارة المزارات التاريخية الدينية بالمدينة المنورة؟ فإني قدِمتُ المدينة المنورة، وأريد زيارة بعض المزارات الدينية بها؛ كالمسجد النبوي، ومسجد قباء، وشهداء أُحد، والبقيع، وغير ذلك ممَّا بها من مزارات، فما حكم ذلك؟ علمًا بأن أحد أصدقائي أخبرني بأن هذا لا يجوز، وأنه بدعة.


ما حكم صيام من كان في بلد غير إسلامي برؤية بلد إسلامي مجاور؟ فأنا أعيش في بلد ذي أقلية مسلمة، ولا أعرف كيفية رؤية الهلال، ولا يوجد عندنا هيئة رسمية لذلك الشأن، لكن هناك بعض الناس يجتهدون في رؤية الهلال، وتختلف أقوالهم كل عام في ثبوت رؤية الهلال وعدم ثبوته، ويجاورنا بلد إسلامي، وبه مؤسسة إفتائية رسمية تقوم باستطلاع هلال شهر رمضان الكريم وتصدر بيانًا بذلك، فهل يجوز لمن يعيشون في مثل بلدنا أن يصوموا بناء على رؤية ذلك البلد الإسلامي المجاور حسمًا للخلاف الموجود في تلك البلد، أو يجب عليهم أن يصوموا برؤية بلدنا؟


يقول السائل: نرجو منكم بيانًا شافيًا في التحذير من تعاطي المخدرات وبيان حكم الاتجار فيها؟


هل يجوز لأصحاب الأعذار وكبار السن والأمراض المزمنة الإقامة بمكة المكرمة أيام المبيت بمنى (أيام التشريق)؟ ولكم خالص الشكر والتحية.


ما رأي الشرع في الحج بالنيابة عن شخص متوفى أو مريض عاجز عن تأدية هذا الركن؟ وما الشروط الواجب توافرها لذلك؟ وإذا كان الشرع يجيزه، فهل يجوز ذلك من مقيم بالمملكة السعودية، أو يجب أن يبدأ ذلك من مصر محلّ إقامة مَن وجب عليه الحج؟


هل يجبُ الحجُّ بمجرد وجود الاستطاعة، أم يجوزُ التأجيل؟ وما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :44
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20