الأربعاء 12 نوفمبر 2025م – 21 جُمادى الأولى 1447 هـ

شروط الاستطاعة في الحج للرجال

تاريخ الفتوى: 17 ديسمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8194
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
شروط الاستطاعة في الحج للرجال

ما هى شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟ فأنا أعلم أن الحج غير واجب إلا على المستطيع؛ فأرجو من فضيلتكم التكرم ببيان الشروط التي تلزم الرجل حتى يكون مستطيعًا لأداء هذه الفريضة العظيمة.

الشروط التي تلزم الإنسان ليكون مستطيعًا لأداء الحج؛ ومن ثم يكون واجبًا عليه محصورة في كونه مالكًا لنفقات الحج؛ ذهابًا، وإقامةً، وإيابًا، وأن تكون النفقات فائضةً عن حاجاته الأصلية التي لا بد منها في حياته، وأن يكون صحيح البدن قادرًا على أداء المناسك، وأن تكون ذمته خاليةً من الأمور الواجبة عليه؛ كنحو زكاة أو كفارة أو نذر، أو أيِّ نفقة من النفقات الواجبة شرعًا، وأن يُسمح له بأداء الفريضة من قِبل الجهات المختصة وبالشروط التنظيمية الْـمُتَّبعة.

المحتويات

 

مذهب السادة الحنفية في شروط الاستطاعة في الحج للرجال

فرض الله الحج على المستطيع من عباده؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، أي: أن الحج واجب شرعًا على مَن يستطيع أداءه من الناس.

قال العلامة أبو السعود العمادي في "تفسيره" (2/ 61، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ في محل الجرِّ على أنَّه بدلٌ من النَّاسِ، بدلَ بدلُ البعضِ من الكل مخصِّصٌ لعمومه؛ فالضميرُ العائد إلى المُبدَل منه محذوفٌ؛ أي: من استطاع منهم، وقيل: بدلَ الكلِّ، على أن المرادَ بالناس هو البعضُ المستطيعُ؛ فلا حاجةَ إلى الضمير] اهـ.

وللفقهاء تفصيل في بيان شروط الاستطاعة وضوابطها؛ فذهب الحنفية إلى أن شروط الاستطاعة هي: أن يملك الإنسان الزاد والراحلة؛ أي: أن تكون عنده المقدرة على النفقة ذهابًا وإيابًا، وهي الآن تكاليف السفر من تذكرة الطائرة، والتأشيرة، وغيرهما، وأن يكون ذلك فائضًا عن مسكنه، وعن كل شيء لا بد منه في حياته؛ كنحو ما يلزم البيت من أمتعة وغيرها، وأن يكون فاضلًا عن نفقة عياله، وأن يأمن الطريق؛ لأن الاستطاعة لا تثبت من دونه، وهو الآن يتحقق باتباع الإجراءات التي وضعتها السلطات المختصة.

قال العلامة بدر الدين العَيْني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (4/ 144-147، ط. دار الكتب العلمية): [ما تتحقق به الاستطاعة في الحج: م: (ولا بد من القدرة على الزاد والراحلة).. ثم فسر الزاد والراحلة بقوله: م: (وهو قدر ما يَكْتَرِي به شِقَّ مَحْمِلٍ) ش: بفتح الميم الأولى وكسر الثانية، أي جانبيه؛ لأن له جانبين، ويكفي للراكب أحد جانبيه، م: (أو رأس زَامِلَةٍ) ش: الزاملة البعير الذي يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه.. م: (وقدر النفقة) ش: أي: ولا بد من قدر النفقة حال كونه م: (ذاهبًا وجائيًا) ش: يعني ذاهبًا إلى مكة، وجائيًا إلى وطنه، حال كونه م: (راكبًا).. بنفقة وَسَطٍ بلا إسراف ولا تقتير.. (ويشترط أن يكون فاضلًا عن المسكن).. أي: يُشترط أن يكون ما قَدَروا به من الزاد والراحلة فاضلًا عن مسكنه الذي يسكن فيه.. م: (وعما لا بد منه) ش: أي: يشترط أيضًا أن يكون الزاد والراحلة فاضلتين عما لا بد منه م: (كالخادم، وأثاث البيت) ش: قال الجوهري: الأثاث متاع البيت كالفرش، والبسط، وآلات الطبخ، ونحو ذلك م: (وثيابه) ش: أي: الثياب التي يلبسها هو م: (لأن هذه الأشياء مشغولة بالحاجة الأصلية) ش: والمشغول بالحاجة الأصلية في حكم العدم.. م: (ويشترط أن يكون فاضلًا عن نفقة عياله).. م: (ولا بد من أمن الطريق؛ لأن الاستطاعة لا تثبت دونه)] اهـ.

مذهب السادة الشافعية في شروط الاستطاعة في الحج للرجال

قد وافق الشافعيةُ أيضًا الحنفيةَ فيما ذهبوا إليه، وزادوا أن يكون صحيح البدن قادرًا على أداء المناسك؛ فإن كان مريضًا تلحقُهُ مشقَّةٌ لم يكن معتادًا عليها لم يلزمه الحج.

قال العلامة العمراني الشافعي في "البيان في مذهب الإمام الشافعي" (4/ 25-26، ط. دار المنهاج): [والمستطيع اثنان: مستطيعٌ ببدنه، ومستطيعٌ بغيره: فأما المستطيع ببدنه فله شروط: أحدها: أن يكونَ صحيحَ البدنِ.. الخامس: أن تجتمعَ هذه الشروط وقد بقي من الوقت ما يتمكَّنُ فيه من الوصولِ إلى الحج، فإن كان مريضًا تلحقُهُ مشقَّةٌ غيرُ معتادةٍ في الركوب.. لم يلزمه الحج؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «من لم يمنَعْهُ من الحَجِّ حاجَةٌ ظاهرةٌ، أو مرَضٌ حابِسٌ، أو سُلطانٌ جائِرٌ، فمَاتَ ولم يحُجَّ.. فليمُتْ إن شاء يهوديًّا، وإن شاء نصرانيًّا»] اهـ.

مذهب السادة الحانبلة في شروط الاستطاعة في الحج للرجال

قد وافق الحنابلةُ أيضًا الحنفيةَ فيما ذهبوا إليه، وزادوا أن تكون ذمته خاليةً من أيِّ واجبٍ من الواجبات؛ كنحو زكاة أو كفارة أو نذر، أو أيِّ نفقة من النفقات الواجبة شرعًا.

قال الإمام البُهُوتي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 247-248، ط. دار المؤيد): [(والقادر) المراد فيما سبق (من أمكنه الركوب ووجد زادًا وراحلةً) بآلتهما (صالحين لمثله)؛ عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله عز وجل: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، قال: "قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ قال: «الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ»".. (بعد قضاء الواجبات) من الديون.. والزكاة والكفارات والنذور (و) بعد (النفقات الشرعية) له ولعياله.. (و) بعد (الحوائج الأصلية) من كتب ومسكن وخادم.. ونحوها] اهـ.

مذهب السادة المالكية في شروط الاستطاعة في الحج للرجال

بينما ذهب السادةُ المالكية إلى أن شروط الاستطاعة هي القدرة على الوصول إلى مكة من غير حصول مشقة، مع الأمن على النفس والمال، والقدرة على إقامة الفرائض، ولم يشترطوا في القدرة وجود الزاد حال إقامته بمكة؛ أي: المعتبر فقط هو القدرة على الذهاب، والظاهر في المذهب القدرة على الرجوع أيضًا.

قال الإمام الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (2/ 497، ط. دار الفكر): [وبيَّن العلماء أن الاستطاعة هي الوصول إلى البيت من غير مشقَّة، مع الأمن على النفس، والمال، وَالتَّمَكُّنِ من إقامة الفرائض] اهـ.

وقال العلامة المَوَّاق المالكي في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (3/ 474-475، ط. دار الكتب العلمية): [نصَّ اللَّخْمِي وغيره على أن المعتبر في الاستطاعة ما يُوَصِّلُ فقط، إلا أن يعلم أنه إن بقي هناك ضاع وخشي على نفسه؛ فيراعي ما يبلغه ويرجع به إلى أقرب المواضع مما يُمْكِنُهُ التَّمَعُّشُ فيه... ونقل ابن الْمُعَلَّى عن بعض المتأخرين اعتبار الذهاب والرجوع، وهو الظاهر] اهـ.

ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام: أن الإنسان إذا مُنع من دخول مكة من قِبل السلطات المعنية بسبب أمور تنظيمية، أو لم يَستطع الحصول على تأشيرة أصلًا، فهو في هذه الحالة غير مستطيع، ولو كان مالكًا لجميع النفقات اللازمة، ومُستوفيًا لجميع الشروط السابق ذكرها.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال وفق ما سبق من أقوال الفقهاء: فإن الشروط التي تلزم الإنسان ليكون مستطيعًا لأداء الحج؛ ومن ثم يكون واجبًا عليه محصورة في كونه مالكًا لنفقات الحج؛ ذهابًا، وإقامةً، وإيابًا، وأن تكون النفقات فائضةً عن حاجاته الأصلية التي لا بد منها في حياته، وأن يكون صحيح البدن قادرًا على أداء المناسك، وأن تكون ذمته خاليةً من الأمور الواجبة عليه؛ كنحو زكاة أو كفارة أو نذر، أو أيِّ نفقة من النفقات الواجبة شرعًا، وأن يُسمح له بأداء الفريضة من قِبل الجهات المختصة وبالشروط التنظيمية الْـمُتَّبعة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

الوالد رجلٌ كبيرٌ، ما مدى صحة طوافه وعنده تبوُّلٌ وتبرُّزٌ لا إرادي، هل طوافه وسعيه صحيحٌ؟ وهل يجوز له دخول الحرم المكي والحرم النبوي وهو يرتدي الحفاظة الخاصة بالتبول والتبرُّز اللاإرادي؟


نرجو مِن سيادتكم إصدار فتوى شرعية فيما يخص منتج (ملابس الإحرام) مع مراعاة أن النسيج مصنوعٌ على مَكَنٍ دائريٍّ ولا يوجد فيه أي نوع خياطةٍ يدويةٍ أو ميكانيكية؟


ما حكم صلاة ركعتي الطواف في غير مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؟ حيث يوجد رجلٌ أكرمه الله بالعمرة، وبعد أن انتهى مِن طوافه صلى ركعتي الطواف في مكانٍ مِن المسجد الحرام بعيدًا عن زحام الطائفين، وأكمل عمرته إلى أن انتهى منها، ثم أخبره أحد الأشخاص بأنه كان ينبغي عليه أن يصلي الركعتين في مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام. فهل تجزئ صلاة الركعتين في المسجد الحرام بعيدًا عن المقام؟


هل يختص ذبح دم الفدية بوقت معين؟ حيث عزم أحدُ الأشخاص على الحجِّ هذا العام، وسأل: إذا وجب عليه دمُ الفدية بسبب ارتكاب محظورٍ من محظورات الإحرام، أو تَرْكِ واجب من واجبات الحج؛ فهل يجب عليه ذبحه بمجرد ارتكابه للمحظور، أو تَرْكِه للواجب، أو له أن يذبحه حسبما تيسر له فيما بعد؟


ما حكم استعمال ماء زمزم في غير الشرب؟ فبعض الناس يستعمل ماء زمزم في غير الشرب كالوضوء والاغتسال، وما حكم استعماله في إزالة النجاسة؟


ما حكم حج المرأة بدون محرم؟ فقد ذهبت إلى الحج عن طريق قرعة جمعيات الشؤون الاجتماعية دون محرم لي؛ علمًا بأني تعديت سن خمسة وأربعين سنة، ولكن كان يرافقني زوج أختي، وهذا هو المتبع. فما حكم ذلك؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 12 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :48
الشروق
6 :18
الظهر
11 : 39
العصر
2:39
المغرب
5 : 0
العشاء
6 :20