سائل يقول: اشترينا خروفًا لنضحي به في عيد الأضحى، ويوم العيد وقبيل الذبح أمرنا الوالد بأن نقدم للأضحية الماء لتشرب، فقال له أخي الصغير: ما فائدة أن تشرب قبل الذبح؟ فأخبره الوالد بأن هذا من باب الرفق بالأضحية المستحب شرعًا، ثم طلب من الجزار أن يحد سكين الذبح بعيدًا عن أعين الأضحية، وطلب منا أن ننوي عند الذبح أن تكون تلك الأضحية لله، فهل ما يقوم به الوالد بالفعل يُعَدُّ سنة يثاب عليها المضحي؟
تقديم الماء للأضحية قبيل الذبح لتشرب، وإحداد السكين بعيدًا عنها، من الأمور المستحبة شرعًا؛ فالرفق والإحسان بالأضحية عند الذبح سنة نبوية يُثاب عليها المضحي، وكذا استحضار المضحي نية التقرب والإخلاص لله تعالى عند ذبح الأضحية، فإنه بذلك يُعَدُّ شكرًا لله سبحانه على ما أنعم به على عباده من الطيبات، وأدعى لقبول الأضحية، والفوز برضا المولى عزَّ وجلَّ.
المحتويات
المقرر شرعًا أن الأضحية شعيرة من الشعائر التي يتقرب بها إلى الله تعالى، حيث يقول سبحانه: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الحج: 36-37].
قال الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (5/ 431، ط. دار طيبة): [يقول تعالى: إنما شرع لكم نحر هذه الهدايا والضحايا؛ لتذكروه عند ذبحها، فإنه الخالق الرازق، لا أنه يناله شيء من لحومها ولا دمائها، فإنه تعالى هو الغني عما سواه... ﴿وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾؛ أي: يتقبل ذلك ويجزي عليه] اهـ.
لذا فإن العلماء قد ذكروا عدة أمور مستحبة عند ذبح الأضحية، منها:
1- أن يستحضر المضحي عند الذبح نية الأضحية، وأنه ما يذبح إلَّا للتقرب إلى الله تعالى، وامتثالًا لأمره سبحانه، وطمعًا في رضاه عزَّ وجلَّ؛ فالنية هي أساس كلِّ عملٍ يتقرب به إلى الله تعالى.
فقد أخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (13/ 54، ط. دار إحياء التراث العربي): [فتقدير هذا الحديث: أنَّ الأعمال تحسب بنية، ولا تحسب إذا كانت بلا نية] اهـ.
فيستحب أن يستحضر المضحي نية الأضحية والتقرب إلى الله تعالى عند الذبح، وإن كانت موجودة من قبل؛ ليأخذ ثواب استحضارها، لما أخرجه الإمام الترمذي في "جامعه" عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا».
2- أن يسرع الذابح بعملية الذبح، وأن يحد السكين الذي سيذبح به؛ فقد أخرج الإمام مسلم في "صحيحه"، عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ».
قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (13/ 107): [«وَلْيُحِدَّ» هو بضم الياء، يقال: أَحَدَّ السكين وَحَدَّدَهَا وَاسْتَحَدَّهَا بمعنًى، «وَلْيُرِحْ» ذبيحته بإحداد السكين وتعجيل إمرارها وغير ذلك] اهـ.
3- أن يُحِدَّ السكين بعيدًا عن أن تلحظ إليه الأضحية ببصرها، وألَّا يذبح أضحية أمام الأخرى، وألَّا يجرها بشدة بمكان الذبح، بل يستحب الرفق بها فيعرض عليها الماء لتشرب.
فقد أخرج الإمام الحاكم في "المستدرك" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ رجلًا أَضْجَعَ شاة يريد أن يذبحها وهو يُحِدُّ شفرته، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ؟ هَلَّا حَدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا».
قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (13/ 107): [ويستحب أن لا يُحِدَّ السكين بحضرة الذبيحة، وأن لا يذبح واحدة بحضرة أخرى، ولا يجرها إلى مذبحها] اهـ.
وقال أيضًا في "المجموع شرح المهذب" (9/ 81، ط. دار الفكر): [ونقل ابن المنذر أنه يكره أن يُحِدَّ السكين والشاة تنظر السكين، وأن يذبح الشاة والأخرى تنظر، وكذا قاله أصحابنا، قالوا: ويستحب أن تساق إلى المذبح برفق، وتضجع برفق، ويعرض عليها الماء قبل الذبح] اهـ.
وقال العلامة ابن الرفعة في "كفاية النبيه في شرح التنبيه" (8/ 164، ط. دار الكتب العلمية): [وقد عُدَّ مِن المستحبات في الذبح أن يساق ما يذبح إلى المذبح سوقًا رفيقًا، ويعرض عليها الماء قبل الذبح خوفًا من عطشها المعين على تلفها، وليكون ذلك أسهل عند سلخها وتقطيعها، ولا يعرض عليها العلف؛ لأنها لا تستمرئه إلى حين الذبح فيكثر به الفرث، وألَّا يحد الشفرة في وجهها، وألَّا يذبح بعضها في وجه بعض؛ لورود الأثر فيه] اهـ.
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن تقديم الماء للأضحية قبيل الذبح لتشرب، وإحداد السكين بعيدًا عنها، من الأمور المستحبة شرعًا؛ فالرفق والإحسان بالأضحية عند الذبح سنة نبوية يُثاب عليها المضحي، وكذا استحضار المضحي نية التقرب والإخلاص لله تعالى عند ذبح الأضحية، فإنه بذلك يُعَدُّ شكرًا لله سبحانه على ما أنعم به على عباده من الطيبات، وأدعى لقبول الأضحية، والفوز برضا المولى عزَّ وجلَّ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم بيع الأضحية بعد شرائها وقبل ذبحها؟ فرجلٌ اشترى شاةً للأضحية، إلا أنه احتاج إلى بيعِها قبل دخول وقت الأضحية، فهل يجوز له بيعها قبل ذبحها للحاجةِ إلى ثمنها؟ علمًا بأنه لم يَنذُرها ولم يوجبها على نفسه بأي لفظٍ أو نية.
ما حكم الذبح بطريقة تقي من الإصابة بأنفلونزا الطيور؟ فأنا أعمل في المعمل القومي للرقابة البيطرية على الإنتاج الداجني بوزارة الزراعة، وهو المعمل المسؤول عن تشخيص وبحوث مرض إنفلونزا الطيور، وهو مرض خطير يسبب خسائر اقتصادية فادحة ووفيات في البشر، ونسأل الله أن لا يتحول إلى جائحة عالمية.
ولقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الإنسان يمكن أن يصاب بالمرض عند التعرض لجرعة كبيرة كثيفة من الفيروس خاصة عند ذبح الطيور المصابة، وهو ما حدث في الحالات التي سُجِّلَت في مصر وتوفيت إلى رحمة الله من جراء ذبح الطيور.
ولقد كان لنا بالمشاركة مع الباحثين الأجانب بعض المحاولات العلمية الرامية إلى تقليل كمية الفيروس خلال عملية الذبح، مع الأخذ في الاعتبار أن تكون تلك الطرق يسيرة وسهلة، حيث تستطيع المرأة الريفية أن تقوم بها دون تكلفة أو إجراءات معقدة، وهدانا التفكير إلى أنه يمكن وضع الطائر في كيس بلاستيكي عادي -المتوافر بكثرة في البيوت- وإبراز رأس ورقبة الطائر دون خنقه أو تقييد حركته ثم ذبحه بالسكين، وأوضحت المشاهدة أن كمية الغبار المحمل بالدم وإفرازات الطائر قد انخفضت بشكل ملحوظ، مما شجع فريق العمل إلى الاتصال بمعمل مرجعي دولي في أنفلونزا الطيور في أمريكا لإجراء مزيد من الاختبارات المعملية التي تستطيع أن تقيس تركيز الفيروس في الهواء بصورة دقيقة، ودراسة مدى فاعلية استخدام طرق تقلل من تعرض المرأة الريفية للفيروس خلال عملية الذبح.
ولقد طلب الباحثون الأجانب فتوى عن طريقة الذبح الحلال طبقًا للشريعة الإسلامية حتى يتم تطبيقها خلال إجراء التجارب في أمريكا، ونهدف من الدراسة إلى أنه في حالة الوصول إلى نتائج إيجابية فإنه سوف يتم نشر نتائج هذه الأبحاث في المراجع العلمية والمؤتمرات الدولية المختصة والدوريات الإرشادية للتربية الريفية.
ما حكم استقبال مؤسسات العمل الخيري صكوك الأضاحي وتوزيعها على المستحقين لها؟
اطلعنا على الطلب الوراد إلينا ببيان إجابة اثنين وعشرين سؤالا في أحكام الأضحية وذلك ما يأتي:
السؤال الأول: ما الأضحية في اللغة والشرع؟
السؤال الثاني: ما الدليل على مشروعية الأضحية؟
السؤال الثالث: متى شرعت الأضحية على الأمة المحمدية؟
السؤال الرابع: ما الحكمة من مشروعية الأضحية؟
السؤال الخامس: ما حكم الأضحية؟
السؤال السادس: ما شروط صحة الأضحية؟
السؤال السابع: متى وقت التضحية؟
السؤال الثامن: هل يجوز التضحية في ليالي أيام النحر؟
السؤال التاسع: ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟
السؤال العاشر: ما هي مستحبات الأضحية؟
السؤال الحادي عشر: ما يستحب وما يكره بعد التضحية؟
السؤال الثاني عشر: ما حكم النيابة في الأضحية كصك الأضحية؟
السؤال الثالث عشر: هل يجوز أن تكون النيابة لغير المسلم؟
السؤال الرابع عشر: ما حكم التضحية عن الميت؟
السؤال الخامس عشر: هل يقوم غير الأضحية من الصدقات مقامها؟
السؤال السادس عشر: هل الأضحية أفضل أم الصدقة؟
السؤال السابع عشر: هل ذبح الرجل يجزئ عنه وعن أهل بيته؟
السؤال الثامن عشر: هل يجوز الاشتراك في الأضحية؟
السؤال التاسع عشر: هل تجزئ الأضحية عن العقيقة؟
السؤال العشرون: ما هو الأفضل في الأضحية من أنواع الأنعام؟
السؤال الحادي والعشرون: هل يجوز إعطاء غير المسلمين من الأضحية؟
السؤال الثاني والعشرون: ما حكم إعطاء جلد الأضحية للجزار على سبيل الأجر؟
ما حكم ذبح الأضاحي في الشوارع وترك مخلفاتها في الطرقات وعدم القيام بتنظيف هذا؟
ما حكم المشاركة في الأضحية بالسُّبع في بقرة بقصد طلب اللحم؟ وهل يؤثر على صحة الأضحية؟ فنحن سبعة أصدقاء نشترك كل عام في أضحية عبارة عن بقرة، وفي هذا العام اعتذر أحد الأصدقاء فقال الآخر: أنا سوف آخذ السُّبعَ لحمًا لأهل بيتي، فهل هذا يؤثر على صحة الأضحية.