هل يجوز الاعتماد على الساعات الذكية والتطبيقات الإلكترونية في تحديد أوقات الصلوات، وفي تحديد وقت الفطر خلال شهر رمضان؟ فأنا أسكن وأهلي في منزلٍ أعددته بجوار مزرعتي بعيدًا عن المدينة، وقد لا أسمع الأذان وأنا بداخله، وقد ظهرت ساعات ذكية وكذلك تطبيقات إلكترونية تساعد على معرفة مواقيت الصلاة.
يجوز الاعتماد على تلك التقنيات الحديثة متى أجيزت من قبل الُمختَصِّين، وكانت مضبوطة وفق توقيت بلد مستخدمها، وإلَّا فلا.
المحتويات:
من المقرَّرِ شرعًا أنَّ لكلِّ صلاةٍ وقتًا معلومًا ومحدَّدًا ضبطه الشرع الشريف؛ وأمر المسلم بأداء الصلاة فيه؛ ويدلُّ على ذلك قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].
قال الإمام النسفي في "مدارك التنزيل" (1/ 392، ط. دار الكلم الطيب): [مكتوبًا محدودًا بأوقاتٍ معلومة] اهـ.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنَّه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن وقت الصلوات، فقال: «وقت صلاة الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الأوَّل، ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس عن بطن السماء، ما لم يحضر العصر، ووقت صلاة العصر ما لم تَصْفَرَّ الشمس، ويسقط قرنها الأوَّل، ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس، ما لم يسقط الشَّفَق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل» أخرجه مسلم.
وقد نقل غير واحدٍ من العلماء اتِّفاق العلماء على ذلك، قال الإمام ابن رشد في "بداية المجتهد" (1/ 100، ط. دار الحديث): [اتَّفق المسلمون على أنَّ للصلوات الخمس أوقاتًا خمسًا هي شرط في صحَّة الصَّلاة، وأنَّ منها أوقات فضيلة وأوقات توسعة، واختلفوا في حدود أوقات التوسعة والفضيلة] اهـ.
يستدل على دخول وقت الصلوات من خلال الأمارات التي أناطها الشرع الشريف بحركة الشمس، وقد فهِمَها الفقهاء فعيَّنوها في كتبهم وفَصَّلوا القول في ذكرها.
ولا خلاف بين الفقهاء في أن دخول وقت صلاة الفجر بطلوع الفجر الثاني، ووقت الظهر بزوال الشمس، ووقت المغرب إذا غربت الشمس، ووقت العشاء بمغيب الشفق، والمراد بالشفق هو الشفق الأحمر على ما قرَّره جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وأبو يوسف ومحمد من الحنفية وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة. بينما يدخل وقت العصر عندما يكون ظل كل شيءٍ مثله، على ما قرره جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وأبو يوسف ومحمد من الحنفية وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة، خلافًا لمعتمد الحنفية في أن وقت العصر يدخل إذا بلغ ظل كل شيءٍ مثليه. ينظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (1/ 124، ط. دار الكتب العلمية)، و"الكافي" لابن عبد البر (1/ 190-191، ط. مكتبة الرياض)، و"المجموع" للنووي (3/ 38، 43، 48، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 299، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للبهوتي (1/ 297، 300، ط. دار الكتب العلمية)، و"الجوهرة النيرة" للحدادي (1/ 41، ط. المطبعة الخيرية)، و"الإجماع" لابن المنذر (ص: 38، ط. دار المسلم).
كما أنَّ وقت الإفطار في الصوم إنما يكونُ بغروب الشمس؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187].
قال الإمام البغوي الشافعي في "معالم التنزيل" (1/ 231، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾؛ فالصائم يحرم عليه الطعام والشراب بطلوع الفجر الصادق، ويمتد إلى غروب الشمس، فإذا غربت حصل الفطر] اهـ.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: «إذا أقبل اللَّيْلُ من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس: فقد أفطر الصائم» متفق عليه.
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (7/ 209، ط. دار إحياء التراث العربي): [معناه: انقضى صومه وتمَّ، ولا يوصف الآن بأنَّه صائم، فإنَّ بغروب الشمس خرج النهار ودخل الليل، والليل ليس محلًّا للصوم] اهـ.
وقد نقل الحافظ ابن عبد البر الإجماع على ذلك، فقال في "التمهيد" (10/ 62، ط. وزارة الأوقاف بالمغرب): [والنهار الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، على هذا إجماع علماء المسلمين؛ فلا وجه للكلام فيه] اهـ.
قد فَهِم علماء الفلك والمختصون في المواقيت هذه العلامات فَهمًا دقيقًا، ووضعوها في الاعتبار، وضبطوها بمعايير العصر الفلكية، ووقَّتوها به توقيتًا دقيقًا، وهي أبعد عن الخطأ وأدعى لاجتماع المسلمين، ومن المقرر شرعًا أنَّ كافة الأمور العلمية يُرجَع فيها إلى أهل العلم والاختصاص بها، وهم أهل الذكر الذين سمى الله تعالى في كتابه الكريم وأَمَر بالرجوع إليهم في قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].
والاعتماد على الهواتف الذكية والتطبيقات المذكورة في معرفة مواقيت الصلاة إنما هو وسيلة للكشف عن تلك المواقيت وفق ما حدده أهل الاختصاص في هذا الشأن.
فإذا تمَّ ضبط الساعات الذكية وكذلك الأجهزة الإلكترونية وَفق المواقيت المُحدَّدة سلفًا من قِبَل المختَصِّين كان الاعتماد عليها في معرفة دخول المواقيت جائزًا؛ إذ إنَّها حينئذٍ تُعدُّ كاشفة عن تلك المواقيت، مع مراعاة أن تكون مضبوطة وَفْق التوقيت الخاص ببلد مستخدم تلك التقنية.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز الاعتماد على تلك التقنيات الحديثة متى أجيزت من قبل الُمختَصِّين، وكانت مضبوطة وفق توقيت بلد مستخدمها، وإلَّا فلا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
يقول السائل: أنا في دولة بها أقلية مسلمة تقدر بمائتي مليون مسلم، وأكثرهم يتبعون الإمام أبا حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه، ونريد أن تجيبونا على مذهب الإمام أبي حنيفة:
1- هل تُخرِج المرأةُ رِجليها اليسرى واليمنى من الجانب الأيمن في جلسة ما قبل السلام وتُلصِق أَليتَها بالأرض؟ أو تكون رِجلاها تحت استها منصوبتَين منخفضتَين؟
2- مكتوب في كتب الفقه الحنفي أن المرأة تَضُمّ في ركوعها وسجودها؛ فلا تُبدِي عضديها. وفي موضع آخر أنها مع ذلك تفترش ذراعيها. فإذا كانت المرأة تضم عَضُدَيها لجَنبَيها فإنها لا تستطيع أن تفترش ذراعيها، فأيهما أولى؟
ما هي درجة الانحراف المسموح بها في القبلة؟ حيث إن الاتجاه الحالي للقبلة في المسجد الذي نصلي فيه تنحرف عن الاتجاه الدقيق لها بمقدار 13 درجةً جهة اليسار، والمسجد به أعمدةٌ تتناسب مع هذا الانحراف، وسيؤدي تصحيح الانحراف إلى إهدارِ مساحاتٍ كبيرة مِن المسجد.
هل الحُقَنُ العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية تُفسد الصيام؟ وكذلك السوائل والحُقَنُ المغذية؟
ما حكم استخدام حقنة صبغة الباريوم الشرجية لفحص القولون أثناء الصيام؟ حيث يعاني أحد الأشخاص من إمساك مزمن، وطلب منه الطبيب القيام بعمل أشعة سينية على القولون لمعرفة سبب الإمساك، وتتطلب هذه الأشعة الحقن بصبغة الباريوم عن طريق الشرج؛ فهل الحقن بها أثناء الصيام يؤثر في صحة الصوم؟
هل يجب الصيام على مريض الزهايمر، أو يجوز له أن يُفطر؟ وهل يجب عليه القضاء إذا أفاق؟
ما حكم قراءة القرآن قبل الجمعة والأذان الثاني؟ فقد اختلطت الأمور علينا بين ما تقوم به المساجد التابعة لإدارة الأوقاف والمساجد التي تتولاها الجماعات الإسلامية من إقامة الشعائر لصلاة الجمعة من تلاوة القرآن قبل الصلاة والأذان الثاني، وزاد الخلاف بين رواد المساجد ومن يمثل هذه الجماعات. أرجو من السادة علماء الدين والقائمين على الفتوى الفَصْلَ بشكل واضح بين الحلال والحرام في إقامة شعائر صلاة الجمعة والأذان الثاني حتى تتضحَ الأمورُ ونُنْهِيَ الخلاف.