شبهة حول مقدار الزكاة

تاريخ الفتوى: 15 يوليو 2024 م
رقم الفتوى: 8414
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
شبهة حول مقدار الزكاة

هل الزكاة في أموال الأغنياء حدَّدها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بنسبة 20%؟ حيث يدَّعي البعض أنَّ الله أوجب الزكاة في أموال الأغنياء وحدَّدها في القرآن الكريم بنسبة 20% من صافي أرباح الأغنياء، وليس 2.5% من المال البالغ النصاب، ووجوبها يكون فور حصول الأرباح دون انتظار أن يحول الحول على المال، مستدلًّا على رأيه بالآية الكريمة: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: 41]، فهل هذا صحيح؟

الزكاة ركن من أركان الإسلام، فرضها الله عز وجل على المسلمين في أموالهم إذا بلغت النصاب الشرعي، وحال عليها الحول، وكانت خاليةً من الدَّيْن فاضلة عن حاجة المزكِّي الأصلية وحاجة بيته وأولاده ومن تلزمه نفقته، والقدر الواجب إخراجه من المال حينئذٍ هو ربع العشر 2.5% اتِّفاقًا.

المحتويات

 

المقصود بالزكاة وبيان شروط وجوبها والأدلة على ذلك

الزكاة عبارةٌ عن إيجاب طائفةٍ من المال في مالٍ مخصوص لمالكٍ مخصوص، ومن أنواعها زكاة المال ويشترط لوجوبها: أن يبلغ المال نصابًا وأن يمضي عام هجري كامل عليه من بلوغه النصاب، وزاد بعض الفقهاء أن يكون فائضًا عن حاجة المزكي الأصلية وحاجة من تلزمه نفقته.

ودليل كون مضي الحول شرطًا لإيجاب الزكاة: ما روته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ فِي الْمَالِ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى".

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «مَنْ اسْتَفَادَ مَالًا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ عِنْدَ رَبِّهِ» أخرجه الترمذي في "سننه".

وكون بلوغ النصاب شرطًا لإيجاب الزكاة: ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ مِنَ الإِبِلِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» أخرجه الشيخان.

يقول العلامة ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (3/ 445، ط. مكتبة الرشد): [في قوله: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» فائدتان: إحداهما: نفى الزكاة عمَّا دون خمس أواق، والثانية: إيجابها في ذلك المقدار] اهـ.

ونصاب زكاة المال عشرون مثقالًا من الذهب، لما روي عن علي رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ -يَعْنِي- فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ، فَمَا زَادَ، فَبِحِسَابِ ذَلِكَ» أخرجه أبو داود في "سننه".

وهو بالتقدير المعاصر 85 جرامًا من الذهب عيار 21، إذ المثقال هو الدينار، ووزن الدينار اتِّفاقًا 4.25 جرامات، فالعشرون مثقالًا إذًا تساوي 85 جرامًا من الذهب. 

القدر الواجب إخراجه في زكاة المال

القدر الواجب إخراجه من المال حينئذٍ هو ربع العشر 2.5% اتِّفاقًا، لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه المتقدِّم. ينظر: "بدائع الصنائع" للعلامة الكاساني الحنفي (2/ 18، ط. دار الكتب العلمية)، و"شرح مختصر خليل" للعلامة الخرشي المالكي (2/ 177، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للعلامة النووي الشافعي (6/ 2، ط. دار الفكر)، و"الكافي في فقه الإمام أحمد" للعلامة ابن قدامة المقدسي الحنبلي (1/ 405، ط. دار الكتب العلمية).

الرد على من يدعي أن مقدار الزكاة محدد في القرآن الكريم بنسبة 20%

أمَّا الاستدلال بقوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: 41] على أنَّ القدر الواجب إخراجه من الزكاة 20%، وليس 2.5%، وأن وجوبها يكون على الفور من غير اشتراط الحول، فهو قول جانَبَ الصَّواب وباعَدَه، واستدلال بالنص في غير محله، وخلط بين الغنيمة والزكاة.

فالآية الكريمة إنَّما نزلت مبيِّنةً أحكام الغنيمة، من نحو بيان مستحقيها ومقدار ما يستحقونه. ينظر: "مفاتيح الغيب" للرازي (15/ 484، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"أنوار التنزيل وأسرار التأويل" للبيضاوي (3/ 60، ط. دار إحياء التراث العربي).

والغنيمة تفارق الزكاة؛ إذ هي ما كان يحصله المجاهدون من غيرهم أثناء محاربتهم، بينما الزكاة هي ما أوجبه الله تعالى في مال الأغنياء من حقٍّ للفقراء والمستحقين لها.

والمرجع في تقسيم الغنائم وخاصة في ظل الحروب المعاصرة والجيوش الحديثة التي تختلف عن الجيوش في العصور الغابرة- أنها من قبيل السياسات التي يتصرف فيها ولي الأمر بمقتضى المصلحة، وليس من قبيل الأنصبة المقدرة، وهو قول منسوب للإمام مالك، وقال به كثير من المالكية، وبعض الحنابلة.

قال الإمام المازري في "المعلم بفوائد مسلم" (3/ 35، ط. الدار التونسية للنشر): [الغنيمة لا يملكها الغانمون بنفس القِتال على قول كثير من أصحابنا، وللإمام أن يخرجها عن الغانمين، ويمنَّ على الأسرى بأنفسهم وحريمهم وأموالهم] اهـ.

وقال الإمام الماوردي في "الأحكام السلطانية" (ص: 219، ط. دار الحديث): [وقال الإمام مالك: مال الغنيمة موقوف على رأي الإمام، إن شاء قسمه بين الغانمين تسوية وتفضيلًا، وإن شاء أشرك معهم غيرهم ممن لم يشهد الوقعة] اهـ.

وقال العلامة شمس الدين السَّفّاريني الحنبلي في "كشف اللثام" (3/ 457، ط. أوقاف الكويت) بعد الحديث عن إعطاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمؤلفة قلوبهم من الغنائم: [وهذا يؤيد ما ذهب إليه مالك من أنّ خمس الركاز والغنائم والجزية... كل ذلك يجتهد الإمام في مصارفه على قدر ما يراه من المصلحة] اهـ. وينظر أيضًا: "زاد المعاد" للعلامة ابن القيم الحنبلي (3/ 425، 426، ط. مؤسسة الرسالة) اهـ.

وهو ما مال إليه الشيخ تاج الدين ابن الفركاح الشافعي في كتابه "الرخصة العميمة في أحكام الغنيمة" (ص: 78، ط. دار الفلاح) بقوله: [وإذا كان الأمر كذلك فقد حصل من مجموع ما ذكرناه أن الغنيمة كيفما قسمت في هذه الأزمان من الزيادة والنقصان، والإعطاء والحرمان حتى إنه لو أعطى السلطان الفرسان دون الرجالة، أو الرجالة دون الفرسان، أو خص بعض الجيش بالغنيمة، أو خص بعضهم بأكثرها. وبالجملة كيف فعل السلطان الواجب الطاعة لزمه فعله، ونفذ حكمه، وحل ذلك المال لآخذه، وملكه بتسلمه، ولولا ذلك ضاقت على الناس المذاهب، وتعذرت على أكثرهم وجوه المكاسب] اهـ.

هذا، وتجدر الإشارة هنا إلى عدة أمور:

أوَّلًا: ضرورة التفريق بين تشريع الزكاة وتشريع الغنيمة، فالآية المستدل بها على تلك الدعوى إنما هي في تشريعات الغنيمة، ولا علاقة لها بالزكاة.

ثانيًا: أن مرد الشروط والموانع والأسباب -وهي من الأحكام الوضعية- إلى تعيين الشارع لها، وبالتالي فاشتراط الحول والنصاب إنما يكون بتعيين الشارع ولا يكون بالهوى والتَّشهِّي.

ثالثًا: أنَّ اشتراط الشارع الحكيم للحول لا يخلو من حِكمٍ ومقاصد تحقق المصلحة للغني والفقير معًا؛ من نحو: أنَّ الحول مظنة نماء المال وازدياده، فينعم الغني بما ربحه من مال، ويزداد ما للفقير فيه، فلو كانت الزكاة متعلقة بالمال فور تحصيله لوقع الأغنياء في حرجٍ ومشقة وللحقهم الضرر.

وكذلك في اشتراط النصاب مراعاةٌ للغني والفقير، حتَّى لا يوجب الشرع الزكاة على من به عِوَز ولا يملك كفايته، وحتى لا يكون الأمر خاضعًا لهوى الأغنياء وتشهيهم.

قال العلامة ابن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (2/ 155، ط. دار الفكر): [المقصود من شرعية الزكاة مع المقصود الأصلي من الابتلاء مواساة الفقراء على وجهٍ لا يصير هو فقيرًا بأن يعطي من فَضْلِ ماله قليلًا من كثير، والإيجاب في المال الذي لا نماء له أصلًا يؤدي إلى خلاف ذلك عند تكرر السنين خصوصًا مع الحاجة إلى الإنفاق] اهـ. 

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 67، ط. مكتبة القاهرة): [يحقق هذا أن الزكاة إنما وجبت مواساة للفقراء، وشكرًا لنعمة الغنى... وليس من الحكمة تعطيل حاجة المالك لحاجة غيره] اهـ. 

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالزكاة ركن من أركان الإسلام، فرضها الله عز وجل على المسلمين في أموالهم إذا بلغت النصاب الشرعي، وحال عليها الحول، وكانت خاليةً من الدَّيْن فاضلة عن حاجة المزكِّي الأصلية وحاجة بيته وأولاده ومن تلزمه نفقته، والقدر الواجب إخراجه من المال حينئذٍ هو ربع العشر 2.5% اتِّفاقًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يجوز إخراج زكاة المال لصالح معهد الأورام؟ وهل يجوز التبرع بمالٍ لمعهد الأورام كصدقة جارية؟


هل على المال المودع في صندوق اتحاد العمارة زكاة؟ حيث نسكن في عمارة تمليك بها 131 شقة وقد سدَّد كلُّ مالك شقة ألف جنيه في حساب صندوق اتحاد العمارة، ويوضع في البنك وديعة يُصرف لها أرباح سنويًّا، ويتم سداد مبلغ ثلاثين جنيهًا شهريًّا عن كل شقة لتغطية مصاريف العمارة، ويضاف إليها الأرباح السنوية، وأصل المبلغ الآن حوالي مائة وخمسة وعشرين ألف جنيه تقريبًا يمر عليه الحول دون أن ينقص أصل المبلغ. فهل على هذا المبلغ الموقوف على هذا الغرض زكاة مال سنويًّا أم لا؟


جمعية لذوي الاحتياجات الخاصة مُشهَرة بمديرية التضامن الاجتماعي، ومجال عمل الجمعية يتلخص في رعاية الفئات الخاصة والمعاقين، وتقديم الخدمات الثقافية والعلمية والدِّينية.

وحيث إن الجمعية تهدف إلى ممارسة العديد من الأنشطة تتمثل في الآتي: إقامة مراكز التثقيف الفكري، وإقامة فصول تعليمية وتربوية وتدريسية، وإقامة معارض تعليمية وتسويقية بالاشتراك مع الجهات المعنية والتأهيل للاندماج في المجتمع، وتيسير رحلات الحج والعمرة للأعضاء، وإنشاء المكاتب التثقيفية والعلمية والدِّينية، وفتح فصول لتحفيظ القرآن الكريم، وإقامة الندوات والمحاضرات الثقافية والعلمية والدِّينية، وتنظيم الرحلات الثقافية والعلمية للأعضاء، وإصدار مجلة أو نشرة تعبر عن أنشطة الجمعية.

فما مدى شرعية قبول الجمعية زكاةَ المال من أهل الخير للصرف منها على أطفال الجمعية وأنشطتها المذكورة؟


يقول السائل: أعمل بالتجارة ولا أتمكن من عمل جرد كل سنة، ممَّا يترتب عليه تأخري في إخراج الزكاة؛ فهل يجوز إخراج زكاة مالي تقديريًّا؟ وهل يجوز خصم الضريبة السنوية التي تُدفَع للدولة من صافي الأرباح الناتجة عن الأعمال التجارية؟


ما حكم إخراج زكاة الفطر نقودًا؟ حيث ظهرت جماعة قي قريتنا تُحرّم إخراجها نقودًا.


زوجتي تعمل بإحدى الدول العربية وتقوم بادخار نقودها بغرض استكمال ما يمكننا من دفع مقدم لإيجار شقة أكبر من التي نقيم فيها، فهل تجب الزكاة في هذا المال المدخر؟ وهل يجوز لي إخراج الزكاة نيابة عنها؟ وهل يجوز لي دفع الزكاة لأختي المريضة الفقيرة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57