حكم إضافة قيمة المصنعية على مشغولات الذهب والفضة

تاريخ الفتوى: 13 أكتوبر 2024 م
رقم الفتوى: 8458
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: اللباس والزينة
حكم إضافة قيمة المصنعية على مشغولات الذهب والفضة

ما حكم الشرع في إضافة ما يُعرف بـ"المصنعية" إلى الثمن عند بيع الذهب والفضة المَصُوغَين؟ حيث يُضِيفُ تُجَّار المشغولات الذهبية مبلغًا مُحدَّدًا نظير تلك المصنعية التي تختلف باختلاف شكلِ القطعة ونوعها.

إضافة ما يُعرَف بـ"المصنعية" إلى الثمن عند بيع الذهب والفضة المَصُوغَين أمرٌ جائزٌ شرعًا، شأنُهما في ذلك شأن سائر السِّلَع والمنتجات، إلا أنه يجب على التَّاجر شرعًا أن يَجتَنِب كلَّ ما مِن شأنه إلحاقُ الظلم أو الإجحاف بالمشتري -كأن يزيدَ في المصنعية زيادةً مبالَغًا فيها عن نظرائه مستغِلًّا بذلك جَهْلَ المشتري بالأسعار المتعارَف عليها-، كما يجب عليه أن يلتزم باللوائح والقوانين المُنَظِّمة لعَمَلِيَّة بيع المَصُوغاتِ الفِضِّيَّة والذَّهَبِيَّة، وألَّا يتحايل عليها بأيِّ شكلٍ من الأشكال.

المحتويات

 

بيان المراد بالصياغة والمصنعية

الصياغة: حِرْفَةُ الصائغ، وهو الذي يَصنَعُ الحُلِيَّ، وصاغَ الرجلُ الذهبَ يصوغُهُ صَوْغًا: جَعَله حُلِيًّا، فهو صائِغٌ وصَوَّاغٌ. ينظر: "العَيْن" للخليل بن أحمد الفَرَاهِيدِي (مادة: ص ي غ، 4/ 432، ط. دار الهلال)، و"المصباح المنير" لأبي العباس الفَيُّومِي (مادة: ص و غ، 1/ 352، ط. المكتبة العلمية).

والصَّنعةُ: ما يعمله الصانع، والصِّناعةُ: حِرْفَته، وتطلق على ملكةٍ يُقتَدَر بها على استعمال المصنوعات على وجه البصيرة لتحصيل غرضٍ من الأغراض بحسب الإمكان. ينظر: "الصحاح" للإمام أبي نَصْر الجَوْهَرِي (مادة: ص ن ع، 3/ 1245، ط. دار العلم للملايين)، و"الكليات" لأبي البَقَاء الكَفَوِي (ص: 544، ط. مؤسسة الرسالة).

والمراد بالمصنعية عند تجار المشغولات الذهبية والفضية -كما أفاده الخبراء-: القيمةُ المضافة لسعر جرام الذهب الأصلي، وذلك في مقابِل تكاليف الصِّناعة، وكُلْفَة التشغيل، وثمن الخدمات، وأجرة المرافق والمكان، ورسوم الضريبة والدمغة، وربحية كلٍّ من المصنع وتاجر الجملة وتاجر التجزئة، ويختلف تقديرُها من تاجرٍ لآخَر بحسب العلامة التجارية للذَّهب والفِضَّة ارتفاعًا وانخفاضًا، ومهارة الصياغة يدويًّا وآليًّا، بالإضافة إلى تفاوت التكاليف المذكورة.

حكم إضافة قيمة المصنعية على مشغولات الذهب والفضة

المختار للفتوى أن الصياغة تُخرِج الذهب والفضة عن كونهما أثمانًا وتُصَيِّرهما سِلَعًا؛ فيكون شأنُهما في ذلك كشأن أيِّ سلعةٍ تُباع وتُشترى، وأما أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث عُبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ» -فمحمولٌ "على الدراهم دون المُصاغ صياغة مباحة، فإنه بالصياغة خرج عن دخوله في إطلاق الذهب والفضة، وصار سلعة من السلع كالثياب ونحوها"، كما قال الإمام الحافظ ابن رَجَب في "أحكام الخواتيم" (ص: 123، ط. دار الكتب العلمية).

قال الشيخ ابن القَيِّم في "إعلام الموقعين" (2/ 108، ط. دار الكتب العلمية): [الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع، لا من جنس الأثمان] اهـ.

ولَمَّا صار الذهب والفضة المَصُوغَين كأيِّ سلعةٍ من السلع، فإنه يجري عليهما ما يجري على سائر السلع فيما يتعَلَّق بأحكام البيع والتجارة، ومِن ثَمَّ فيجوز تقويمُهما وبيعُهما بما قَامَا به على البائع بعد زيادة ما يُعرَف بـ"المصنعية" أو غيرها إلى أصلِ ثمنهما المتعارَف عليه في السُّوق العالمية أو المحلية تِبْرًا -أي: غير مَصُوغَين-، سواء كان هذا الثمن مِن جنسهما -أي: ذهبًا في مقابِل ذهب، وفضة في مقابِل فضة-، أو مِن غير جنسهما -كالمال الورقي (البنكنوت)-.

قال الشيخ ابن تَيْمِيَّة في "الفتاوى الكبرى" (5/ 391، ط. دار الكتب العلمية): [ويجوز بيع المصوغ من الذهب والفضة بجنسه من غير اشتراط التماثل، ويجعل الزائد في مقابلة الصيغة] اهـ.

وإذا تقرَّر هذا فإنَّ المَرْجِعَ في تقويم تلك المشغولات حينئذٍ إلى البائع -بما قامت به عليه ومقدار ربحه فيها- بصفته العاقد؛ لأن "الثَّمنُ حَقُّ العَاقِد، فإِليهِ تَقدِيرُه"، كما قال الإمام برهان الدين المَرْغِينَانِي في "الهداية" (4/ 377، ط. دار إحياء التراث العربي).

ومتى تراضَى الطَّرَفان بعد ذلك على تلك القيمة جاز العقد؛ إذ مدار الأمر في العقود على التراضي بين طَرَفَيْها؛ لقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29].

قال الإمام ناصر الدين البَيْضَاوِي في "أنوار التنزيل" (2/ 70، ط. دار إحياء التراث العربي) في تفسير هذه الآية الكريمة: [و﴿عَن تَرَاضٍ﴾ صفةٌ لتجارةٍ، أي: تجارة صادرة عن تراضي المتعاقدين] اهـ.

وعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» أخرجه الإمامان: ابن ماجه في "السنن"، وابن حبان في "الصحيح".

قال الإمام الشافعي في "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصلُ البيوع كلها مباحٌ إذا كانت برضا المتبايعين الجائِزَيِ الأمر فيما تبايعا إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها] اهـ.

وقال الإمام شهاب الدين الزَّنْجَانِي الشافعي في "تخريج الفروع على الأصول" (ص: 143، ط. مؤسسة الرسالة): [الأصل الذي تُبْنَى عليه العقود المالية من المعاملات الجارية بين العباد: اتِّباعُ التراضي] اهـ.

ومع أن المرجِعَ في تقييم مشغولات الذهب والفضة إلى تقدير البائِع، إلا أنه يجب عليه شرعًا أن يَجتَنِب كلَّ ما مِن شأنه إلحاقُ الظلم أو الإجحاف بالمشتري، كأن يوهمَه بنُدْرَةِ القطعة المصوغةِ من حيث التصميم والجودة، أو يزيدَ في مقابل المصنعية عن نظرائه زيادةً مبالَغًا فيها مستغِلًّا جهل المشتري بالأسعار المتعارَف عليها، أو نحو ذلك مما يُغْلِي به الثمن على المشتري بالمبالغة والتهويل مع أنَّ الحقيقة دون ذلك؛ إذ ينطوي ذلك على الغَبْن الفاحش، الذي هو عبارة عن بيع السلعة بأكثر مِن سِعرها مما جَرَت العادةُ أن الناس لا يَتَغَابَنُون بمِثله فلا يبيعون بتلك الزيادة المُبَالَغ فيها، كما في "مواهب الجليل" للإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي (4/ 468-469، ط. دار الفكر).

وقد حكى الإمامُ القاضي ابنُ العَرَبِي في "أحكام القرآن" (4/ 261، ط. دار الكتب العلمية) الإجماعَ على حرمة الغبن الفاحش، حتى ذكر أنه مُحرَّم في كلِّ مِلَّةٍ ودِينٍ، لا في شريعة المسلمين فحسب.

بيان وجوب تحلِّي البائع بأخلاق التاجر الصدوق

يجب على البائع أن يتحلَّى بأخلاق التاجر الصدوق، وأن يبتعد عن التغرير بالمبتاع، وأن يلتزم الصدق والأمانة في تجارته، فعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ» أخرجه الإمام التِّرْمِذِي في "سننه".

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

فسماحة التاجر، وعدم مجاوزته الربح المعتدل بالشَّطَطِ في طلب أكثر منه، واستعماله معالِيَ الأخلاق ومَكارمها، سببٌ لوجود البركة وحصولِ الأجر. ينظر: "شرح صحيح البخاري" للإمام ابن بَطَّال (6/ 210-211، ط. مكتبة الرشد)، و"المنتقى شرح الموطأ" للإمام أبي الوليد الباجي (5/ 109، ط. السعادة).

الالتزام بالقوانين المنظمة لهذا الأمر

مما ينبغي التَّنبيه عليه: ضرورةُ الالتزام باللوائح والقوانين المُنَظِّمة لعَمَلِيَّة بيع المَصُوغاتِ الفِضِّيَّة والذَّهَبِيَّة وعدم التحايل عليها، فالحاكم -بما منحه الله مِن السلطة وما يتبعها مِن القدرة على الاطِّلاع على خفايا الأمور وظواهرها، وما يصلح فيها وما يفسدها- أباح له الشرعُ سَنَّ القوانين ووضع الضوابط وإصدار القرارات، إلا أنه قيَّد ذلك كلَّه بالمصلحة، فالقاعدة العامة في تصرُّفات ولي الأمر "أنها منوطة بالمصلحة"، كما قال الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: 121، ط. دار الكتب العلمية).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإضافةُ ما يُعرَف بـ"المصنعية" إلى الثمن عند بيع الذهب والفضة المَصُوغَين أمرٌ جائزٌ شرعًا، شأنُهما في ذلك شأن سائر السِّلَع والمنتجات، إلا أنه يجب على التَّاجر شرعًا أن يَجتَنِب كلَّ ما مِن شأنه إلحاقُ الظلم أو الإجحاف بالمشتري -كأن يزيدَ في المصنعية زيادةً مبالَغًا فيها عن نظرائه مستغِلًّا بذلك جَهْلَ المشتري بالأسعار المتعارَف عليها-، كما يجب عليه أن يلتزم باللوائح والقوانين المُنَظِّمة لعَمَلِيَّة بيع المَصُوغاتِ الفِضِّيَّة والذَّهَبِيَّة، وألَّا يتحايل عليها بأيِّ شكلٍ من الأشكال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الشراكة بين شخصين أحدهما بالمال والآخر بمنصبه الوظيفي ونفوذه؟ فهناك رجلٌ ذو مال يَتَّجِرُ في مواد البناء، ويريد إبرام اتفاقِ شراكةٍ مع صَاحبٍ لا مال له، غير أن هذا الصاحب ذو مَنْصِبٍ وظيفيٍّ ومكانةٍ ونفوذ، مما يُمكِّنه مِن تسهيل وتيسير الصفقات وإسنادها بيعًا وشراءً، بالآجل أو نقدًا، في حين أن التاجر صاحب المال هو مَن يقوم بالتعاقد مع الجهات (بنفوذ هذا الصاحب ومَنصِبِه الوظيفي) ودفع الأثمان (لأجَلٍ كانت أو حالَّةً)، وما ينشأ بعد ذلك مِن مصاريفٍ ونحوها، وعلى هذا الاتفاق تكون الشراكةُ مِن أحدهما بالمال، ومِن الثاني بالمَنصِب الوظيفي والنفوذ وما يترتب على ذلك مِن تسهيل الصفقات وإسنادها إلى الأول (التاجر)، ثم بعد البيع وخصم المصروفات تقسم الأرباح بين الشريكين بالتساوي، فما الحكم في ذلك شرعًا؟


ما حكم إجراء عملية تجميل لإرجاع الأنف لشكلها الأول قبل تعرضها لحادث؟ فقد أُصبتُ بحادث أدى لبعض التشوهات في وجهي، وقمت بعمل عمليات جراحية وتعافيت بحمد الله، لكن أثرت العمليات على وجهي وبرزت الأنف بشكل مختلف أثر على جمالي، ونصحني الطبيب بإجراء عملية تجميلية لإرجاع الأنف لشكلها الأول قبل الحادث، وأريد ذلك بشدة ليعود جمال وجهي، لكن أخبرني زوجي أن هذا تغييرٌ لخلق الله وهو حرام، فهل يجوز لي عمل العملية؟ وهل يكون ذلك تغييرًا لخلق الله؟ أفيدوني أفادكم الله.


هل السمسرة حرام أم حلال لكي أنتهي؟ ولو كانت حلالًا فما هو النصاب الشرعي في ذلك؟ أي ما هي نسبة ما أتقاضاه نظير عمولتي على ذلك؟ لأنني أريد أن أتحرى الحلال في كل أعمالي وأموالي. ولأنني اختلفت مع العملاء في النسبة، فما هو نصيبي في بيع 60 مترًا بسعر المتر 400 جنيه بمبلغ إجمالي 24000 جنيه؟


ما حكم صلاة المرأة بالنقاب؟ فهناك طالبة في المرحلة الجامعية ترى بعض زميلاتها المنتقبات يصلين في مصلى السيدات بالجامعة وهن مُسدِلات النقاب على وجوههن، فما حكم ذلك شرعًا؟


سائل يقول: هل يجوز للرَّجُل أن يلبس سلسلة من الفضة أو الذهب في رقبته؟


ما حكم الإهمال في العمل؟ وهل يثاب الموظف على التفاني فيه وبذل الجُهْد من أجل تَقدُّمه وإنجاحه؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 أكتوبر 2025 م
الفجر
4 :40
الشروق
6 :8
الظهر
11 : 39
العصر
2:45
المغرب
5 : 9
العشاء
6 :27