ما حكم عدم التتابع في صيام كفارة اليمين؟ فقد وجبت على رجل كفارة يمين، ولم يتمكن من الإطعام والكسوة لعدم القدرة، ويريد صيام ثلاثة أيام، فهل يجزئه أن يصومها متفرقة، أو يجب عليه التتابع؟
يجوز لمن عجَز في كفارة اليمين عن إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فانتقل إلى صيام ثلاثة أيام -أن يصوم تلك الأيام الثلاثة متتابعةً أو متفرقةً، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
المحتويات
من المقرر شرعًا أن من حنث في يمينه فإنه تلزمه الكفارة، وهي بحسب ما استقر عليه العمل في زماننا -لانتهاء الرِّق وتعذُّر العتق-: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمن عجز عن ذلك وجب عليه صيام ثلاثة أيام؛ لقول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ [المائدة: 89].
قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (9/ 554، ط. مكتبة القاهرة): [إن لم يجد إطعامًا، ولا كسوةً، ولا عتقًا، انتقل إلى صيام ثلاثة أيامٍ... وهذا لا خلاف فيه] اهـ.
إذا صام الحالف تلك الأيام الثلاثة متتابعة، أجزأت عنه باتفاق الفقهاء، وقد نقل الاتفاق على ذلك غير واحد من الأئمة.
قال الإمام ابن القَطان في "الإقناع" (1/ 373، ط. الفاروق الحديثة): [واتفقوا أن من عجز عن رقبة أو كسوة أو إطعام (فصام ثلاثة أيام يجوز صيامها) مِن.. ذكر أو أنثى في حين حنثه، فكفَّر حينئذٍ ولم يؤخِّر إلى تبدُّل حاله، فصام ثلاثة أيام متتابعات، أجزأه] اهـ.
وأمَّا إذا صامها متفرقةً، فإنها تُجزئه كذلك، ولا يُشترط فيها التتابع، كما هو مذهب المالكية، والشافعية في الأظهر، والإمام أحمد في رواية؛ للإطلاق في قول الله تعالى: ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾، والقاعدة: أن الخطاب إذا ورد مطلقًا لا مُقَيِّدَ له حُمِل على إطلاقه حتى يأتي ما يخصصه أو يُقيِّده، كما في "البحر المحيط" للإمام الزَّركَشي (5/ 8، ط. دار الكتبي)، ولأن "التَّتابع صفةٌ لا تجب إلا بنصٍّ أو قياسٍ على منصوصٍ، وقد عُدمَا في المسألة"، كما في "أحكام القرآن" للإمام ابن العربي (2/ 162، ط. دار الكتب العلمية).
قال الإمام الخَرَشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (3/ 60، ط. دار الفكر) عند تعديد خصال الكفارة: [(ص) ثم صوم ثلاثة أيامٍ (ش).. وتتابُع الثلاثةِ مستحبٌّ] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 327، ط. دار الفكر): [فإن عجزَ عن الثلاثةِ -عتق رقبة وإطعام عشرة مساكين وكسوتهم- لزمهُ صوم ثلاثة أيامٍ، ولا يجب تتابُعها في الأظهر] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشِّربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (6/ 192، ط. دار الكتب العلمية): [والتكفير بالمال له بدلٌ وهو الصوم (ولا يجب تتابُعها في الأظهر) لإطلاق الآية] اهـ.
وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (9/ 555): [وحكى ابنُ أبي موسى عن أحمد روايةً أخرى: أنه يجوز تفريقها.. لأن الأمر بالصوم مطلق، فلا يجوز تقييده إلا بدليل، ولأنه صام الأيام الثلاثة، فلم يجب التتابع فيه، كصيام المتمتع ثلاثة أيام في الحج] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز لمن عجَز في كفارة اليمين عن إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فانتقل إلى صيام ثلاثة أيام -أن يصوم تلك الأيام الثلاثة متتابعةً أو متفرقةً، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
شخص أقام مدة عشر سنين لم يصم فيها رمضان؛ لأنه كان يعتقد أنه لا يستطيع الصوم، وأن الصوم يضر بصحته، ولم ينوِ صومًا في يوم من أيام رمضان في العشر سنين، ولا في ليلة من لياليه، وقد أوصى قبل وفاته بأن يعمل إسقاط بدلًا عما فاته من الصوم في المدة المذكورة من ماله الذي يموت عنه، وقد مات وترك ترِكة يسع ثلثها تنفيذ وصيته مهما بلغت قيمة هذا الإسقاط، وبما أن الوصي يرغب في تنفيذ هذه الوصية ويريد أن يعلم مقدار ما يخرجه عن كل يوم بدلًا عن صومه مقدرًا ذلك بالمكاييل المصرية أو القيمة، وهل تبرأ ذمة المتوفى من الصوم أو لا؟ فنرجو من فضيلتكم الجواب عن ذلك.
ما حكم صوم من أخذت دواء لمنع الحيض حتى تتمكن مِن صيام شهر رمضان كلِّه دون انقطاع؟
ما حكم الصيام بالنسبة لمسلمة جديدة تصوم سرًّا؟ فأنا أعيش في إحدى الدول الغربية وقبل حلول شهر رمضان بفترة زمنية قصيرة أسلمتُ جديدًا ولم أعلن إسلامي لوالديَّ، ويحتاج الأمر إلى فترة زمنية حتى أُمهد لهم خبر إسلامي؛ فهل عليَّ حرج إن صمتُ سرًّا؟ وهل يصح صومي في حال قمتُ بذلك؟
ما مدى جواز العمل بالأحاديث الواردة في صيام شهر رجب؟ حيث يقول بعض الناس إن الفقهاء الذين استحبوا الصيام في شهر رجب قد جانبهم الصواب، وإنهم استندوا في قولهم هذا على أحاديث ضعيفة وموضوعة، ومنهم فقهاء الشافعية، فهل هذا صحيح؟
هل يجوز للمسافر الذي وصل إلى مكة صائما أن يفطر ليتقوى على أداء العمرة؟ فهناك رجلٌ سافر في رمضان قبل الفجر لأداءِ العمرةِ، على أن يمكُثَ في مكَّة ثلاثةَ أيامٍ وفي المدينة مثلَها، ثمَّ إنه نوى الصيام وهو في الطائرةِ وشَرَع فيه، ولمَّا وصل إلى مكَّة أراد أن يتقوى على أداءِ العمرةِ بالفطر، فهل يجوز له ذلك شرعًا؟
ما حكم الاعتكاف: فرضٌ أمْ سنة؟ وهل يجوز لأحد أن يعتكف لشهرٍ كامل؟ أم لبعض الأيام؟ هل يعتكف في المسجد الجامع أم في المسجد الذي بجوار البيت، ويصلي مع ذلك صلاة الجمعة في هذا المسجد الذي في جانب البيت؟