حكم تحديد جنس الجنين ومدى اعتبار ذلك من قبيل الاعتراض على المشيئة الإلهية

تاريخ الفتوى: 01 سبتمبر 2025 م
رقم الفتوى: 8757
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الطب والتداوي
حكم تحديد جنس الجنين ومدى اعتبار ذلك من قبيل الاعتراض على المشيئة الإلهية

ما حكم تحديد جنس الجنين؟ وهل يُعدّ ذلك اعتراضًا على المشيئة الإلهية؟

لا مانع شرعًا من التدخل الطبي لتحديد جنس الجنين، إذا كانت هناك حاجة داعية إلى ذلك: كتجنب بعض الأمراض الوراثية في الذكور، أو الإناث، أو يكون غالب أولاد الرجل من نوع، فيحب أن يكون له ولد من النوع الآخر، شريطة أن يتم ذلك بصورة فردية، وليس دعوة جماعية، وأن يتم ذلك تحت إشراف أهل الاختصاص، مع عدم وقوع ضررٍ على المولود في قابل أيامه ومستقبله، وليس في ذلك اعتراض على إرادة الله ومشيئته، فهو سبب من الأسباب التي هي مِن جُملة خَلْقِه وإرادتِه، كما أنَّها في نَفْسها لا تَسْتَقِلُّ بالتأثيرِ، بل مُفْتَقِرَةٌ لأمرِ اللهِ تعالى.

المحتويات

 

حكم تحديد جنس الجنين

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسانَ خلقًا متوازنًا، فجعله زوجين ذكرًا وأنثى، وهذا التنوع في الخلق والتوازن في الطبيعة هو ما اقتضته حكمة الله تعالى العليم بكل شيء، قال تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ۝ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ [الشورى: 49-50].

ومع التطور الهائل في التقنيات الطبية الحديثة، أصبح بالإمكان التدخل لتحديد جنس الجنين قبل الحمل أو في مراحله الأولى؛ وذلك بناءً على رغبة الوالدين أو لدواعي طبية.

وتحديد جنس الجنين كان يتم بالطرق الطبيعية -غير الطبية- التي يُعتقد أنها تؤثر على جنس الجنين مثل اتباع نظام غذائي معين، أو توقيت الجماع بتحري وقت الإباضة. ينظر: "الموسوعة الطبية الفقهية" للدكتور أحمد محمد كنعان (ص: 307-308، ط. دار النفائس).

ومع الاكتشافات الطبيَّة الحديثة توصل الأطباء إلى إمكان تحديد جنس الجنين طبيًّا عن طريق فصل الحيوان المنوي المسئول عن الذكورة أو الأنوثة، ومن ثم يتم تلقيح البويضة به في مكانها داخل الجسد، أو يتم وضع لقاح الزوج والزوجة خارج الرحم في مختبر ثم بعد تفاعُلِهما وإخصابِهما في أنبوبٍ خارج رحم الزوجة، تُعاد البويضة مُلَقَّحة إلى رحم تلك الزوجة دون استبدالٍ أو خلطٍ بمنيِّ إنسانٍ آخَر. ينظر: "أحكام النوازل في الإنجاب" للدكتور محمد بن هائل بن غيلان المدحجي (ص: 989-991، ط. دار كنوز إشبيليا).

وهذه الطرق طبيعية كانت أو طبيَّة لا مانع منها شرعًا؛ لما تقرر من أَنَّ "الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم" ينظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص: 60، ط. دار الكتب العلمية).

مدى اعتبار تحديد جنس الجنين اعتراضًا على المشيئة الإلهية

تحديد جنس الجنين هو من باب الأخذ بالأسباب، وقد أذنت الشريعة الغراء في الأخذ بالأسباب، ما دامت لا تتعارض مع مقاصد الشريعة وقواعدها المرعيَّة، وذلك كالعزل الذي كان معمولًا به وجائزًا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان الصحابة يلجؤون إليه كسبب لمنع الحمل وضبط حصوله.

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَنْهَنَا» رواه مسلم.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن تحديد جنس الجنين في بعض الحالات قد يكون هو الحل الأمثل لتجنب بعض الأمراض التي قد تصيب أحد الجنسين، مثل وجود أمراض وراثية تصيب الإناث دون الذكور أو العكس، حيث يكون الهدف هو تجنب نقل هذه الأمراض إلى الأبناء؛ وذلك استنادًا إلى ما قرّره الشرع الشريف من وجوب رفع الضرر، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" رواه ابن ماجه في "سننه".

والتدخل الطبي لتحديد جنس الجنين لا ينافي الرضا بالقضاء والقدر، وليس فيه اعتراض على المشيئة الإلهية؛ لأنه لا يعدو كونه سببًا من الأسباب المباحة التي يتخذها المرءُ للوصول إلى مبتغاه أو لتجنب ما يضره، ما دام ذلك لا يخرج عن سياج الشرع وضوابطه.

ومِن المعلوم أنَّ الأخذَ بالأسباب لا يتنافى مع مشيئة الله سبحانه وتعالى مِن كَوْنِهِ ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾ [الشورى: 49]؛ لأنَّ الأسباب التي قضى اللهُ تعالى أنْ تكونَ سببًا لمُسَبَّبَاتِهَا لا تَخرُجُ عن تدبيرِهِ ومشيئتِهِ، بل هي مِن جُملة خَلْقِه وإرادتِه، كما أنَّها في نَفْسها لا تَسْتَقِلُّ بالتأثيرِ، بل هي مُفْتَقِرَةٌ لأمرِ اللهِ تعالى، إذ قال سبحانه: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان: 30]، وقال عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: 96]، وقال جَلَّ شأنُه: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الزمر: 62].

وقد أجاز النبي صلى الله عليه وآله وسلم العزل، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه  وآله وسلم قال: «اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ، فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» رواه مسلم.

فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أجاز العزل، وبيَّن أنه لا ينافي قدرة الله وإرادته، مع أن فيه منعًا للذكورة والأنوثـة معًا، فجواز ما فيه أحدهما جائزٌ من باب أولى.

ضوابط تحديد جنس الجنين

مع القول بجواز استخدام هذه التقنيات إلا أنه يشترط مراعاة الضوابط الشرعية الآتية:

أَوَّلًا: ألَّا يكون في تحديد جنس الجنين -بواحدة من هذه الطرق- ما يضرّ بالمولود في قابل أيّامه ومستقبله، وهذا مَرَدُّه لأهل الاختصاص، فلا يُقبَل أن يكون الإنسان محلًّا للتجارب، ومحطًّا للتلاعب.

ثانيًا: أن يتم ذلك تحت إشراف أهل الاختصاص من الأطباء الحاذقين.

ثالثًا: أن يكون ذلك على المستوى الفردي وليس على مستوى الأمة؛ لأنه سيؤدي حينئذٍ إلى اختلال التوازن الطبيعي الذي أوجده الله تعالى، وباضطراب التعادل العددي بين الذكور والإناث الذي سيؤثر بدوره على استمرار التناسل البشري.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن التدخل الطبي لتحديد جنس الجنين لا مانع منه شرعًا، إذا كانت هناك حاجة داعية إلى ذلك: كتجنب بعض الأمراض الوراثية في الذكور، أو الإناث، أو يكون غالب أولاد الرجل من نوع، فيحب أن يكون له ولد من النوع الآخر، شريطة أن يتم ذلك بصورة فردية، وليس دعوة جماعية، وأن يتم ذلك تحت إشراف أهل الاختصاص، مع عدم وقوع ضررٍ على المولود في قابل أيامه ومستقبله، وليس في ذلك اعتراض على إرادة الله ومشيئته، فهو سبب من الأسباب التي هي مِن جُملة خَلْقِه وإرادتِه، كما أنَّها في نَفْسها لا تَسْتَقِلُّ بالتأثيرِ، بل مُفْتَقِرَةٌ لأمرِ اللهِ تعالى.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم التجارة في المفرقعات واستعمالها؟ ففي هذه الأيام يكثر بين الشباب والأطفال استعمال المفرقعات والألعاب النارية في المواسم المختلفة في الشوارع وبين المحلات والمنازل، وتتوالى علينا من حين لآخر أخبار الحوادث والمصائب التي تصيبهم في أنفسهم، من نحو بتر أصبعٍ، أو إصابة عينٍ، وكذا الإصابة بالحروق المختلفة في الجسد، أو ما تتسبب به من الأذى البالغ للآخرين من المارَّةِ وأصحاب المحلات والمخازن، حيث تتسبب أحيانًا في اشتعال الحرائق وإتلاف الأموال والأنفس، وأقل كل هذا الضرر هو إحداث الضوضاء، وترويع الآمنين.


ما حكم القمار في الإسلام؟ وهل ورد في الشرع نصوص تبيح الرهان؛ كالرهان على سباق الخيل مثلًا؟


ما حكم تفويض المرأة في الطلاق الثلاث، وذلك بأن يفوضها زوجها في تطليق نفسها الثلاث طلقات متفرقات (واحدة بعد واحدة)؟ وهل يجوز لها أن تشترط ذلك في عقد الزواج؟


ما حكم عدة المرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول؟ فقد عقد رجل على امرأة، ومات عنها قبل الدخول بها، وقبل حصول خلوة شرعية معتبرة، فهل يجب عليها أن تعتد؟ وكيف تكون عدتها؟


ما ضابط التناجي المنهي عنه شرعًا؟ وهل الكلام الخاص مع شخصٍ ما في حضور ثالث يُعدُّ من التناجي الممنوع؟


ما حدود التعامل بين الرجل والمرأة؟ وما حكم العلاقة بين الأولاد والبنات سواء كانت صداقة أو غير ذلك؟ وما ضوابط الاختلاط، حتى لا نَفْتِن ولا نُفْتَن؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :30
الشروق
6 :56
الظهر
12 : 41
العصر
3:57
المغرب
6 : 25
العشاء
7 :42