فضل اتباع الجنائز عند نزول المطر

تاريخ الفتوى: 25 يونيو 2025 م
رقم الفتوى: 8695
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الجنائز
فضل اتباع الجنائز عند نزول المطر

ما حكم الصلاة على الميت واتباعه حتى الدفن حال نزول المطر والوحل الشديد؟ وهل يعظم الأجر والثواب حال ذلك؟

الصلاة على الميت واتباع جنازته حقٌّ من حقوق المسلم على أخيه المسلم، وفرض من فروض الكفاية، فإذا فعلها البعض سقط الإثم عن الباقين.

ويزداد أجر وثواب اتباع الجنائز حال نزول المطر الشديد بزيادة المشقة المترتبة على نزوله، كحدوث طين ووحل وغيره مما يؤدي لصعوبة في الحركة والانتقال، فالأجر والثواب الحاصل من العبادات والقربات يزداد في حال المشقة أكثر منه في حال التيسير، مما يحمل المسلم على أن يكون حريصًا على فعلها.

المحتويات

 

فضل الصلاة على الجنائز واتباعها

رغَّب الشرع الشريف في الصلاة على الجنائز واتباعها، ورتَّب على ذلك جزيل الأجر وعظيم الثواب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ»، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» متفق عليه.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 195، ط. دار المعرفة) في بيان معنى «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ»: [قال الزين بن المنير: أراد تعظيم الثواب؛ فَمَثَّلَهُ لِلْعَيَان بأعظم الجبال خَلقًا وأكثرها إلى النفوس المؤمنة حُبًّا؛ لأنَّه الذي قال في حقه: إنَّه جبل يحبنا ونحبه] اهـ.

حكم الصلاة على الجنائز واتباعها

قد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك حقًّا للمسلم على أخيه المسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ» متفق عليه.

وكان صلى الله عليه وآله وسلم يأمر من تبعها بمرافقتها حتى توضع في القبر؛ أداءً لحق المتوفَّى، وجبرًا لخاطر أهله؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ» متفق عليه.

وقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيَّة والمالكيَّة -في المشهور- والشافعيَّة والحنابلة إلى أنَّ الصلاة على الميت فرض كفاية:

قال الإمام ابن مودود الموصلي الحنفي في "المختار" (1/ 92، ط. الحلبي): [الصلاة على الميت فرض كفاية] اهـ.

وقال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي في "التوضيح" (2/ 146، ط. مركز نجيبويه): [والصلاة على الميت المسلم غير الشهيد واجبة على الأصح، أي: واجبة على الكفاية] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (5 / 212، ط. دار الفكر): [الصلاة على الميت فرض كفاية بلا خلاف عندنا] اهـ.

وقال الإمام موفق الدين بن قدامة الحنبلي في "الكافي في فقه الإمام أحمد" (1/ 362، ط. دار الكتب العلمية): [بابٌ: الصلاة على الميت وهي: فرض على الكفاية] اهـ.

ومعنى أنَّها فرض كفاية: أي: أنَّ الشارع طلب فعلها طلبًا جازمًا من مجموع المكلفين، لكن إذا فعلها البعض سقط الإثم عن الباقين، وإذا تركها الجميع أثموا جميعًا، إذ المقصود منها تحصيل مصلحتها من غير نظر إلى فاعلها. ينظر: "الإبهاج في شرح المنهاج" لتقي الدين السبكي (1/ 100، ط. دار الكتب العلمية).

فضل اتباع الجنائز عند نزول المطر

أما بخصوص ما قد يطرأ من زيادة المشقة عند الصلاة على الميت أو اتباع الجنازة كنزول مطرٍ شديدٍ أو وجود طينٍ أو وحلٍ ونحوه، مما يؤدي إلى صعوبة الحركة والانتقال، سواء كان في الاجتماع للصلاة على الجنازة أو اتباعها حتى الانتهاء من دفنها؛ فلا شك أن ذلك كله يستدعي زيادة الفضل والأجر والثواب من الله عز وجل؛ إذ المعلوم أنَّه عند زيادة المشقة في عبادة من العبادات أو قربة من القربات فإنَّه يزداد معها الأجر والثواب؛ لقول النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها في العمرة: «وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أَوْ نَصَبِكِ» متفق عليه.

قال الإمام ابن بطال في "شرحه على صحيح البخارى" (4/ 445، ط. مكتبة الرشد): [أفعال البر كلها الأجر فيها على قدر المشقة والنفقة] اهـ.

وقال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (8/ 152-153، ط. دار إحياء التراث العربي): [هذا ظاهر في أنَّ الثواب والفضل في العبادة يكثر بكثرة النصب والنفقة، والمراد: النصب الذي لا يذمه الشرع وكذا النفقة] اهـ.

وقد تواترت نصوص الفقهاء على أنَّ من القواعد المقررة أنَّ: "ما كان أكثر فعلًا كان أكثر فضلًا".

قال الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص: 143، ط. دار الكتب العلمية): [(القاعدة التاسعة عشرة: ما كان أكثر فعلًا كان أكثر فضلًا)، أصله قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها: «أجرك على قدر نصَبك»] اهـ.

وقال الإمام بدر الدين الزركشي في "المنثور في القواعد الفقهية" (2/ 413، ط. وزارة الأوقاف الكويتية): [كلما كثر وشق -أي: العمل- كان أفضل مما ليس كذلك، وفي حديث عائشة رضي الله عنها: «أجرك على قدر نصبك»] اهـ.

وعليه: فإنَّ مع ما للصلاة على الميت ومن تبعها من ثواب عظيم وأجر جزيل إلَّا أنَّ شأنها شأن كل عبادة يزداد فيها الأجر والثواب بزيادة المشقة وهي حاصلة عند نزول المطر، لما يسببه المطر من وحل وطين وغيره مما يحصل في كل بيئة بحسبها، مما يحمل المسلم على أن يكون حريصًا على فعلها.

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي السؤال: فإنَّ الصلاة على الميت واتباع جنازته حقٌّ من حقوق المسلم على أخيه المسلم، وفرض من فروض الكفاية، فإذا فعلها البعض سقط الإثم عن الباقين.

ويزداد أجر وثواب اتباع الجنائز حال نزول المطر الشديد بزيادة المشقة المترتبة على نزوله، كحدوث طين ووحل وغيره مما يؤدي لصعوبة في الحركة والانتقال، فالأجر والثواب الحاصل من العبادات والقربات يزداد في حال المشقة أكثر منه في حال التيسير، مما يحمل المسلم على أن يكون حريصًا على فعلها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم زيارة شهداء أحد وأهل البقيع ووادي العقيق؟ حيث أرى بعض الناس عندما يأتون لزيارة المدينة المنورة يحرصون على زيارة شهداء أحد وأهل البقيع ووادي العقيق. فما حكم الشرع في ذلك؟


ما حكم ما يوزعه أهل الميت بعد مرور خمسة عشر يومًا على وفاته من خبز وفاكهة وهي التي تسمى بالرحمة؟


ما الحكم لو أوصى رجلٌ أن يُدفَن مع زوجته، بالرغم من وجود مقابر خاصة بالرجال؛ فهل تُنفَّذ وصيته؟


ما حكم كتابة بعض الآيات والأذكار على الكفن؟ فقد توفي رجلٌ، وبعد تكفينه اقترح بعضُ الحاضرين أن يُكتب شيءٌ من آيات القرآن الكريم والذكر على الكفن بغرض أن يكون ذلك نافعًا وشفيعًا له في القبر، ومع أننا لم نفعل ذلك، لكننا نسأل: هل هذا جائزٌ شرعًا؟


تُوفيت والدتي بفيروس كورونا المستجد، وقام العاملون بمستشفى العزل بتجهيزها والصلاة عليها، ثم تسليمها لنا لدفنها، فأخذناها وصلينا عليها مرة ثانية، فما حكم هذه الصلاة الثانية؟


ما حكم إخراج جثة الميت بعد دفنه؟ فقد سأل رجلٌ في أُنَاسٍ بنوا حوشًا لدفن موتاهم في قرافة الإمام الليث على أرض موقوفة لدفن الموتى، وقد أذن بعضهم لآخر بأن يدفن في تربة عملت له في ذلك الحوش من مال ذلك الآخر، وفعلًا دفن فيها منذ ثلاث سنوات، فهل للبعض الذي لم يأذن بذلك إخراج الجثة بعد دفنها متعللًا بعدم الإذن منه أم كيف الحال؟ أفيدونا الجواب، ولكم الثواب.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 18 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :12
الشروق
6 :45
الظهر
11 : 52
العصر
2:39
المغرب
4 : 58
العشاء
6 :21