الإثنين 17 نوفمبر 2025م – 26 جُمادى الأولى 1447 هـ
17 نوفمبر 2025 م

خلال كلمة فضيلته بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا مفتي الجمهورية يؤكد: الوعي يمثل الركن الأصيل في حماية الشباب وصون هويتهم الدينية والوطنية.

خلال كلمة فضيلته بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا مفتي الجمهورية يؤكد:   الوعي يمثل الركن الأصيل في حماية الشباب وصون هويتهم الدينية والوطنية.

أكد فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الحديث عن الوعي ليس من الموضوعات الثانوية التي يمكن التغاضي عنها لأن الأزمة التي يواجهها العالم عامة والأمة الإسلامية خاصة هي أزمة وعي تترك آثارا سلبية على المجتمعات من خلال ما تنشره بعض المنصات الرقمية من أفكار مغلوطة ودعوات هدامة تستهدف الطعن في الدين أو النيل من اللغة أو التقليل من قيمة التاريخ أو تشويه الانتماء الوطني وهي مكونات الهوية التي تنطلق منها مسيرة البناء والعمران موضحًا أن الوعي الديني حين ينفصل عن مقاصده الحقيقية ويقع تحت تأثير تأويلات أصحاب الغلو تتولد ظواهر خطيرة منها الإسلاموفوبيا رغم أن الشرائع كافة أجمعت على حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وأضاف العلامة ابن عاشور إلى هذه الضرورات مقصد الوطن الذي يلتئم به كيان الإنسان واستقراره.

جاء ذلك خلال كلمة فضيلته بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا في محاضرة تحت عنوان: "عودة الوعي الإسلامي الصحيح لدى شباب الجامعات"

 حيث أشار فضيلته إلى أن التطرف بنوعيه الديني واللاديني يمثل خروجا عن الجادة الاجتماعية والأصول الدينية والدعوة إلى حرية منفلتة لا تضبطها القيم في حين أن القرآن الكريم أرسى قاعدة أصيلة بقوله:  (لا إكراه في الدين) لافتا إلى أن بعض المصطلحات التي تبدو في ظاهرها رحمة تخفي في باطنها خطرا شديدا مثل الدعوات الداعمة للشذوذ والإلحاد والمساكنة أو التشكيك في الثوابت الدينية أو النيل من الرموز مؤكدا أننا في حاجة إلى وعي يزاوج بين الروح والمادة وبين العقل والعلم بما يقود إلى النهضة والعمران والفوز في الآخرة.

وأشار فضيلة المفتي إلى أن من أبرز أسباب تزييف الوعي قلة القراءة  وعدم التثبت والاعتماد على نقل المعلومات من غير مصادرها وهو آفة العصر الرقمي حيث تنتشر الأخبار المضللة وتنعكس على اتجاهات الناس فتقود إما إلى الغلو والتشدد أو إلى الإباحة والانفلات وهما طرفا التطرف مشددا على ضرورة الرجوع إلى أهل العلم كما أمر الله تعالى ومحذرا من الاعتماد الكامل على العقول الصناعية لأنها تعكس ما يتم تغذيتها به ولهذا فكما يلجأ الناس إلى الأطباء والمهندسين في تخصصاتهم يجب الرجوع إلى أهل العلم فيما يتعلق بالدين

وأوضح فضيلته أن غياب الوعي يرتبط كذلك بالعوامل الاجتماعية التي يتشرب الإنسان منها الأفكار والعادات فقد ينشأ بعض الشباب في بيئة متشددة تغيب عنها القيم المتزنة وقد ينشأ آخرون في بيئة لا تقيم للدين وزنا بينما هناك من ينشأ في بيئة تراعي القيم والأعراف والوسطية وفي كل الأحوال يبقى الإنسان مسؤولا عن وعيه لأن المسلم كيس فطن قادر على التمييز وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بترك العصبية الجاهلية وألا يكون المسلم إمعة يقلد الناس في خيرهم وشرهم.

وأكد فضيلة المفتي أن الوعي أساس النهضة والتعمير لأنه يضع الدين في موضعه الصحيح ويمكّن الإنسان من مقاومة أوهام العرف والتقاليد وأوهام السوق واللغة التي تحدث عنها فرانسيس بيكون باعتبارها أبوابا واسعة لتزييف الوعي مشيرا إلى أن بعض الأفكار المتطرفة قسمت الناس إلى مؤمن وكافر وانطلقت من أيديولوجيات لا تقبل الرأي الآخر وتضع المخالف في قفص الاتهام رغم أن الشريعة جاءت لتهذيب العقل وإرشاد الإنسان إلى طريق الصلاح.

ولفت فضيلته إلى أن من أبرز التحديات التي يواجهها المجتمع اليوم كثرة الاتهامات المتبادلة وإصدار الأحكام على الآخرين ورميهم بالكفر دون علم مؤكدا أن الشباب هم الأمل المشرق وأن الرسالة العلمية والأخلاقية ستنتقل إليهم بما يحملونه من عقول نقية وفطر سوية تسهم في خدمة الوطن والدين من خلال الوعي الرشيد والقراءة المتأنية مبينا أن قراءة النصوص الدينية تحتاج إلى تدريب ومعرفة بعلوم اللغة والمنطق وأن الفتوى لا تبنى على العاطفة وإنما على منهج تخصصي منضبط.

وأضاف فضيلته أن هناك منظمات تسعى إلى النيل من الوعي الوطني من خلال الطعن في الوطن واللغة والدين وأن بعض الفتاوى المغلوطة ربطت بين الإنجازات الوطنية وبعض الشبهات بهدف التشكيك في المسيرة العامة للمجتمع رغم أن العقل السليم يدرك تهافت هذه الدعاوى مشيرا إلى أن أول ما نزل من القرآن دعوة صريحة إلى العلم كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أكد أن من سلك طريق العلم سهل الله له به طريقا إلى الجنة مبينا أن الدين ليس عائقا أمام التقدم بل هو أساس العلم والنهضة والكرامة الإنسانية

وبيّن فضيلته أن بعض الفئات استخدمت العلم بعيدا عن أخلاق العلم فظهرت ممارسات علمية تهدد الإنسانية مثل صناعة الفيروسات وتوجيه التقنية توجيها يفتقد القيم ولهذا جاءت الدعوة الدينية لربط العلم بالأخلاق  مضيفا أن الفلسفات النفعية التي تبرر الوسيلة بالغاية أدت إلى تدمير حضارات كثيرة بينما دعا الإسلام إلى احترام الإنسانية وصيانة الكرامة

وأشار فضيلته إلى أن الأخلاق في الإسلام ثابتة لا تتغير فهي لا تميز بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا وأكد أن أكرم الناس عند الله أتقاهم وأن هذا الثبات الأخلاقي يمثل سياجا يحفظ هوية المجتمع ووعيه ويحميه من الانجراف وراء دعاوى التطرف أو الانفلات

وفي سياق متصل أوضح فضيلته أن الوعي يمثل الركن الأصيل في بناء شخصية الشباب وفي حمايتهم من التيارات التي تسعى لاختطاف عقولهم مشيرا إلى أن الجماعات المتطرفة اعتمدت عبر تاريخها على تشويه المفاهيم الدينية واستغلال عاطفة الشباب الدينية لتسويق أفكار الغلو والتكفير وأن حماية العقول لا تكون بالشعارات بل بتأسيس منهج علمي راسخ يعيد ربط الشباب بدينهم في صورته الصحيحة وينمي قدرتهم على التمييز بين الخطاب الرشيد والخطاب المنحرف موضحا أن استعادة الوعي ضرورة حضارية ترتبط بسلامة المجتمع واستقراره

وشدد فضيلة المفتي على أن الشباب يمتلكون طاقة كبيرة إذا لم توجه التوجيه السليم تحولت إلى فرصة للاختراق من قبل الجماعات الفكرية المتشددة أو التيارات اللادينية التي تتخفى خلف دعاوى الحرية موضحا أن العقل حين ينفصل عن الإيمان والقيم يفقد بوصلته وأن التربية الواعية هي وحدها القادرة على صناعة جيل قوي يدرك مقاصد الدين ويعي تحولات العصر ويتعامل معها بميزان الحكمة والاعتدال مؤكدا أن الغلو حين يواجه بغلو مضاد تتضاعف الانقسامات بينما الوسطية المستنيرة هي القادرة على إعادة التوازن الفكري وبناء إدراك يقوم على البحث والحوار والفهم العميق

وتناول فضيلته في محاضرته أبرز التحديات الفكرية التي تواجه الشباب في ظل الواقع الرقمي المفتوح ومنها فوضى الفتاوى وضعف الارتباط بالهوية وانتشار التأويلات العابرة للنصوص الدينية وتحولات الخطاب العالمي تجاه الدين موضحا أن مواجهة هذه التحديات تتطلب خطابا مؤسسيا منضبطا يعزز الثقة بالمصادر الشرعية ويعيد الشاب إلى الفضاء المتوازن الذي يجمع بين المعرفة الدينية الصحيحة والرؤية الواقعية

وبين فضيلته أن قضايا مثل الغلو في التكفير أو التفريط في الإيمان كانت انعكاسا لغياب المنهج العلمي القائم على فهم النصوص في ضوء مقاصدها وأن الرد العلمي الرشيد كان دائما بداية الإصلاح مؤكدا أن ضبط العقل بضوابط الأخلاق يمثل صمام أمان حقيقيا يمنع انحراف التفكير ويعيد للعقل قدرته على الحكم المتوازن

وأوضح فضيلته أن الوعي لا ينفصل عن الأسرة وأن الشاب الواعي قادر على صناعة بيئة أسرية مستقرة تسهم في حماية المجتمع من التفكك موضحا أن القيم الأخلاقية حين تترسخ في وعي الشباب تنعكس على سلوكهم وتمنحهم القدرة على البناء والمشاركة الإيجابية في خدمة الوطن وأن التجارب أكدت أن الأسرة الواعية هي خط الدفاع الأول ضد أي محاولة للتأثير السلبي على عقول الأبناء

كما أكد فضيلته أن استعادة الوعي ترتبط ببناء علاقة متوازنة بين العقل والوحي وأن العقل الصحيح هو الذي يفهم النص ويستوعب مقاصده ويتفاعل مع الواقع بما يحقق المصلحة مشيرا إلى أن الشاب الذي يمتلك إيمانا راسخا ووعيا فكريا يصبح قادرا على مواجهة تحديات العصر مثل العولمة الثقافية وتداعيات الذكاء الاصطناعي وتغير أنماط المعرفة مؤكدا أن المؤسسات الدينية في مصر وفي مقدمتها الأزهر الشريف ودار الإفتاء تقوم بدور مهم في تقديم خطاب رصين يسهم في تأهيل الشباب

وخاطب فضيلة المفتي طلاب الجامعة قائلا: إنكم رصيد الأمة ومحل أملها وإن الإيمان حين يسكن قلوب الشباب يفتح لهم آفاق القوة والعزيمة ويجعلهم نماذج مضيئة في المجتمع، مبينا أن التاريخ الإسلامي حافل بنماذج الشباب الذين حملوا رايات الوعي والثبات وأن شباب اليوم قادرون على صناعة مستقبل أقوى إذا امتلكوا الوعي الصحيح وتسلحوا بالقيم والعلم

واختتمت الندوة بالتأكيد على ضرورة استمرار اللقاءات العلمية والفكرية التي تعزز وعي الشباب وتفتح لهم مسارات أعمق لفهم الدين والحياة وأن جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وجامعة مصر الدولية تواصلان أداء دورهما في دعم الحوار العلمي الرصين الذي يؤهل الطلاب لقراءة الواقع وتحليل تحدياته بمنهج يجمع بين المعرفة والإيمان والمسؤولية

شهدت الندوة حضور الأستاذة الدكتورة هالة المنوفي رئيس الجامعة والأستاذ الدكتور أنس الفقي نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب ومدير مركز تحقيق التراث العربي والأستاذ الدكتور عماد خليل نائب رئيس الجامعة لخدمة المجتمع والبيئة والأستاذ الدكتور كمال درويش عميد الأنشطة الطلابية بالجامعة والأستاذ الدكتور مجدي عبد القادر نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث واللواء الدكتور طارق عطية الأمين العام المساعد ومدير العلاقات العامة والأستاذ خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء ورؤساء الجامعة السابقين وعمداء ووكلاء الكليات وأعضاء هيئة التدريس والطلاب

وفي لفتة تقدير وعرفان، قدّمت الأستاذة الدكتورة هالة المنوفي رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا درع الجامعة لفضيلة المفتي تقديرًا لدور فضيلته العلمي والدعوي وإسهاماته في ترسيخ وسطية الخطاب الديني وتعزيز وعي الشباب، مؤكدة أن حضور فضيلته ومشاركته الفكرية تمثل إضافة حقيقية لمسار التثقيف الجامعي ودعم التواصل بين المؤسسات العلمية والدينية.

واصلت دار الإفتاء المصرية عقد مجالسها الإفتائية في عدد من المساجد بمختلف محافظات الجمهورية بالتعاون والتنسيق مع وزارة الأوقاف، في إطار دورها التوعوي لنشر الفكر الوسطي وتصحيح المفاهيم ومواجهة الظواهر السلبية في المجتمع.


أكد فضيلة أ.د. نظير محمد عياد مفتي جمهورية مصر العربية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم أن الدعوة الإسلامية تواجه في العصر الحديث تحديات فكرية جسيمة تتنوع بين الفكر الاستشراقي المتعصب الذي يسعى إلى تشويه صورة الإسلام والفكر اللاديني الذي يدفع إلى الإلحاد والطعن في الوحي والرسالات


وصل فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم الثلاثاء إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور، في مستهل زيارة رسمية تستغرق عدة أيام؛ تلبيةً لدعوة كريمة من فضيلة الشيخ أحمد فواز بن علي فاضل، المفتي الفيدرالي لدولة ماليزيا.


أكد فضيلة أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن العمل المؤسسي يمثل الركيزة الأساسية لبناء الدول ونهضتها، موضحًا أن المؤسسات التي تقوم على الفكر الجماعي والتنظيم المنضبط تحقق تقدمًا واستقرارًا يفوق ما تحققه المؤسسات التي تدار بعقل الفرد الواحد


استقبل فضيلة أ.د. نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم الخميس، السيد المهندس، حاتم نبيل، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، والوفد المرافق له، بمقر دار الإفتاء المصرية.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :52
الشروق
6 :22
الظهر
11 : 40
العصر
2:37
المغرب
4 : 58
العشاء
6 :18