الأربعاء 17 ديسمبر 2025م – 26 جُمادى الآخرة 1447 هـ
16 ديسمبر 2025 م

الفتوى والقضية الفلسطينية.. الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين "التهجير القسري" وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية

الفتوى والقضية الفلسطينية.. الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين "التهجير القسري" وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية

بحضور واسع من علماء الشريعة والخبراء والمختصين من مختلف دول العالم، تواصل الندوة الدولية الثانية للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم فعالياتها لليوم الثاني على التوالي، تحت عنوان "الفتوى وقضايا الواقع الإنساني: نحو اجتهاد رشيد يواكب التحديات المعاصرة"، برعاية كريمة من فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
وفي الجلسة العلمية الخامسة التي عُقدت تحت عنوان: "الفتوى والقضية الفلسطينية: بين البيان الشرعي والواجب الإنساني"، أكد الدكتور نجاح عثمان أبو العينين إسماعيل، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة دمياط، أن التهجير القسري يعد من أخطر الجرائم الدولية في واقعنا المعاصر؛ واصفًا إياه بأنه نوع من أنواع التطهير العِرقي؛ الذي يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية لأهل البلاد الأصليين.
وعبر بحثه المعنون بـ "دَور الفتوى في مواجهة التهجير القسري والالتزام بواجبات حب الوطن"، شدَّد إسماعيل على أن الدولة المصرية بكافة مؤسساتها السياسية والشعبية والدينية، وعلى رأسها فخامة رئيس الجمهورية ومؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء، تسعى بكافة السُّبل، وبالتعاون مع المؤسسات الدولية لمواجهة جريمة التهجير التي تمسُّ العقائد الدينية، ليس العقيدة الإسلامية فحسب، بل كل الشرائع السماوية. 
وأوصى البحث بإبراز دَور المؤسسات الدينية في توعية الشعوب والتماسك في مواجهة القضايا المصيرية، وغرس روح التعاون والتضحية في نفوس الشعوب في سبيل حصولهم على الحقوق المشروعة واسترجاعها من المعتدين، وتأصيل حب الأوطان في التاريخ الإسلامي، باعتبارها من الشرع والدين.
من جانبه، وصف الدكتور إبراهيم أحمد محمود محمد، مدرس الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية أصول الدين بالزقازيق، العلاقة بين الفتوى والدعوة بأنها ليست علاقة موازية، بل هي علاقة تساند وتكامل، حيث إنَّ الفتوى تمنح الشرعيةَ، بينما الدعوة تمنح الفاعلية؛ أي إن الأولى تُحدد الحكم، والثانية تبني الوعي وتحرك السلوك، لافتًا الانتباه إلى أن هذا التلازم من شأنه أن يُحقق خطابًا شاملًا يخدم القضية الفلسطينية برؤية شرعية راشدة وبُعدٍ إنساني متزن.
وتناول الدكتور إبراهيم، من خلال بحثه "العلاقة بين الدعوة والفتوى في بيان الواجب الشرعي والواجب الإنساني تجاه القضية الفلسطينية"، العلاقة التكاملية بين الدعوة والفتوى في معالجة القضية الفلسطينية، من حيث بيان الواجب الشرعي والواجب الإنساني تجاهها. 
ويرى الدكتور إبراهيم أن الفتوى تمثل الإطار الشرعي الذي يحدد الأحكام والمواقف المطلوبة من المسلمين تجاه ما يقع في فلسطين من أحداث وعدوان، بينما تأتي الدعوة لتقوم بدَور التفسير والبيان والتوجيه، فتُقرِّب الفتوى إلى الجمهور، وتُفعِّل مضامينها عبر خطاب مؤثر يعزز الوعي والمسؤولية.
وفي هذا السياق العلمي، تناول الدكتور أحمد عبد الباسط أحمد بدراوي، مدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف دقهلية، سُبل نُصرة القضية الفلسطينية بالمال عن طريق الزكاة على أساس أنه يجوز دفعها لإغاثة المنكوبين في غزة بناءً على القول الراجح المجيز لنقل الزكاة وإجزائها إذا نقلت، وذلك من سهمَي الفقراء وابن السبيل، فضلًا عن جواز تحرير الأسرى من أموال الزكاة من سهم "في الرقاب".
كما لفت الدكتور بدراوي النظر إلى أهمية دعم القضية الفلسطينية بلحوم الأضاحي، حيث يجوز توزيعها داخل القطاع المحاصر؛ لأنها حالة ضرورة تجيز نقل الأضاحي إليهم، وأن ما قيل في الأضاحي يقال في العقيقة، حيث إن لها نفس الحكم، فيجوز نقل لحوم العقيقة إليهم، أو ذبحها وتوزيعها هناك.
ومن خلال بحثه: "بين البيان الشرعي والواجب الإنساني"، أشار بدراوي، إلى النصرة البدنية للقضية الفلسطينية عن طريق إدخال المساعدات، وإعادة الإعمار.

قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إنَّ الفتوى تمثل حلقة الوصل بين النص الشرعي والواقع الإنساني المتغير، وتُعد من أهم الآليات الشرعية في خدمة الإنسان وترسيخ قيم السلم المجتمعي، لما لها من قدرة على توجيه السلوك، وبناء الوعي على أساس من الرحمةِ والعدلِ والمسؤوليةِ، وعلى نحو يحقق مقاصد الشريعة ويُراعي أحوالَ الناسِ.


أكَّد سماحة الشيخ فواز أحمد فاضل، مفتي ماليزيا، أن الفتوى في حقيقتها ليست ممارسة فقهية جزئية أو حكمًا نظريًّا منفصلًا عن غايته، بل تمثل خطابًا شرعيًّا حضاريًّا وأداة توجيهية تسهم في بناء الإنسان والمجتمع والدولة، من خلال الموازنة بين نصوص الوحي ومقاصد الشريعة، وتنزيل الأحكام على واقع متغير.


تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، انطلقت صباح اليوم الإثنين، فعاليات الندوة الدولية الثانية التي تنظمها الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، بعنوان: "الفتوى وقضايا الواقع الإنساني: نحو اجتهاد رشيد يواكب التحديات المعاصرة"، وتُعقد الندوة على مدار يومَي 15 و16 ديسمبر الجاري، بمشاركة واسعة من العلماء والمفتين من مختلف دول العالم، إلى جانب نخبة من الوزراء وكبار رجال الدولة المصرية، بالإضافة إلى عدد من علماء الأزهر الشريف.


استطلعَت دارُ الإفتاءِ المصريةُ هلالَ شهرِ جمادى الآخرة لعام ألفٍ وأربعمائةٍ وسبعة وأربعين هجريًّا بعد غروب شمس يوم الخميس التاسع والعشرين من شهر جمادى الأولى لعام ألفٍ وأربعمائةٍ وسبعة وأربعين هجريًّا، الموافق العشرين من شهر نوفمبر لعام ألفين وخمسة وعشرين ميلاديًّا بواسطة اللِّجان الشرعيةِ والعلميةِ المنتشرةِ في أنحاء الجمهورية.


أكد معالي الأستاذ الدكتور محمد البشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، أن الفتوى في العصر الحديث لم تعد محصورة في حدود جغرافية أو سياقات محلية، بل أصبحت "مسافرة بلا تأشيرة"، تدخل كل بيت وتؤثر في التوجهات والسلوكيات، ما يستدعي – بحسب تعبيره – إحكام ميزانها، وإتقان صناعتها، وتأهيل الفقيه بأدوات النظر والاجتهاد الرشيد.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :12
الشروق
6 :45
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 58
العشاء
6 :21