كانت فاطمة أحب أولاده وأحظاهن عنده، بل أحب الناس إليه مطلقًا؛ روى أبو داود والترمذي عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا - وَقَالَ الْحَسَنُ: حَدِيثًا، وَكَلَامًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَسَنُ السَّمْتَ، وَالْهَدْيَ، وَالدَّلَّ - بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا، كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا. (قال الترمذي عقبه: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ)، وروى الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة: قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ: أَنَا أَمْ فَاطِمَةُ؟ قَالَ: «فَاطِمَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْهَا، وَكَأَنِّي بِكَ وَأَنْتَ عَلَى حَوْضِي تَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَأَبَارِيقَ مِثْلَ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَإِنِّي وَأَنْتَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَفَاطِمَةُ وَعَقِيلٌ وَجَعْفَرٌ فِي الْجَنَّةِ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ، وَأَنْتَ مَعِي وشِيعَتُكَ فِي الْجَنَّةِ»، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «﴿إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ [الحجر: 47] لَا يَنْظُرُ أَحَدُهُمْ فِي قَفَا صَاحِبِهِ». (قال الطبراني عقبه: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ إِلَّا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، وَلَا رَوَاهُ عَنْ عِكْرِمَةَ إِلَّا سَلْمَى بْنُ عُقْبَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ الْحَسَنُ بْنُ كَثِيرٍ).
أحب الأهل: وعن أسامة بن زيد: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ أَهْلِ بَيْتِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «أَحَبُّ أَهْلِي إِلَيَّ فَاطِمَةُ». رواه أبو داود الطيالسي والطبراني في "الكبير" والحاكم والترمذي.
شهادة عائشة لها: وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت أفضل من فاطمة غير أبيها، قالت - وكان بينهما شيء: "يا رسول الله سلها؛ فإنها لا تكذب". رواه الطبراني في "الأوسط" وأبو يعلى لكنها قالت: "ما رأيت أحدًا قط أصدق من فاطمة" ورجاله رجال الصحيح.
منزلتها هي وزوجها عند الرسول صلى الله عليه وسلم: وعن النعمان بن بشير: "اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا، وَهِيَ تَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ أَبِي، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ، فَدَخَلَ، فَأَهْوَى إِلَيْهَا، فَقَالَ: يَا بِنْتَ فُلَانَةَ أَلَا أَسْمَعُكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". رواه الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح.
أيهما الأحب؟ وأيهما الأعز؟ وعن ابن عباس: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على علي وفاطمة وهما يضحكان، فلما رأياه سكتا، فقالا لهما النبي: «ما لكما كنتما تضحكان، فلما رأيتماني سكتما؟!» فبادرت فاطمة فقالت: بأبي أنت يا رسول الله قال هذا: أنا أحب إلى رسول الله منك! فقلت: بل أنا أحب إليه منك. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «يا بنية، لك رقة الولد، وعلي أعز على منك». رواه الطبراني بإسناد صحيح.
نجاتها هي وولدها: وعن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: «إن الله غير معذبك ولا ولدك بالنار». وعن علي أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أي شيء خير للمرأة؟» فسكتوا، فلما رجع، قال لفاطمة: أي شيء خير للنساء؟ قالت: لا يراهن الرجال! فذكر ذلك للمصطفى فقال: «إنما فاطمة بضعة مني». وفيه دليل على فرط ذكائها، وكمال فطنتها، وقوة فهمها، وعجيب إدراكها.
"إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل"، لزين الدين محمد المدعو بعبد الرءوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري، ت1031هـ (ص 26-30 ).